ظاهرة عبدالاله عيسو

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نعم سميتها ظاهرة لأنه اول ضابط خريج الاكاديمية العسكرية بمكناس يتمرد على النظام بطريقته الخاصة ، بضرب جيش النظام عندما قبل ان يتعاون مع مصالح الاستخبارات الاسبانية ، ولم ينظم انقلابا او مارس عملا مسلحا بلانكيا ، أي حاول الانقضاض على الحكم من فوق .. السؤال . هل ما قام به عبدالاله عيسو حقا خيانة لجيش الملك ، واي ملك الحسن الثاني ، سيما وانه كان بالصحراء ، وخبر كل حروبها كضابط وليس كجندي . فهل حقا يعتبر عبد الاله عيسو خائنا ؟
أولا يجب التنبيه الى ان للخيانة اشكالا وتعابير كثيرة ، وابرزها خيانة الوطن وليس " خيانة " النظام ب " خيانة جيشه " .. فاكبر خائن عندي هو من يتنكر لمغربي الصحراء ، للوحدة الترابية للمغرب ولوحدة الشعب .. وكم الخونة الذين جسدوا الخيانة في ابشع صورها عندما " هرْطقوا " في وسائل اعلام جزائرية ضد وحدة المغرب ، ورفعوا شعار الصحراء ليست مغربية ، بل لم يكفيهم هذا ولا اكتفوا بهذه الخيانة ، بل ذهبوا بعيدا في خياناتهم عندما ناصروا انفصال الريف بحجة دعم الجمهورية الريفية ، بل كم رددوا وبدون حياء " اسبانية في سبتتها ومليليتها ، وسبتة ومليلية في اسبانيتها " .. بل حين سيتم الإشادة بالجيش الجزائري ، وذم جيش النظام المغربي ، معتبرين ان في اول مواجهة بين الجيش الجزائري وبين الجيش المخزني السلطاني ، سيفر هذا من امام الجيش الجزائري الذي سيلحق هزيمة نكراء بجيش السلطان المخزني .. فماذا نسمي هذه المواقف . هل هي مواقف وطنية ام هي تجسد قمة الخيانة في ابشع صورها .. و ما لحضناه كملاحظين ومهتمين ومتتبعين ، ان النظام الجزائري تخلى عن كل هذه الأصوات الناعقة ، لأنه اكتشف انها خرتوشات فارغة .. فمستوى التكوين لهؤلاء كشخص من أمريكا اللاتينية ، وشكله ، جسمه مطلي بالصباغة ، غني عن معرفة نوعية الأشخاص التي توظفها المخابرات الجزائرية ، لإنجاز شيء صعب إنجازه على هذه العينات وما اكثرها .. ومن خلال القاء نظرة عن هؤلاء ، نخلص انهم كمهرجين بعيدين عن العمل السياسي المسؤول ، وكان ابرزهم ،عوض تضييع الوقت في السب والشتم والتشخيص ، اخذ العبرة من سلوك والمستوى الثقافي للمعارضة العراقية والسورية والليبية ، المتواجدة بدول المهجر . وهي تحظى بالاحترام التام من جميع الطبقة السياسية بالبلاد التي يوجدون فيها ، ومن الدولة المضيفة .. فما معنى ان تمثل سياسيا ومعارضا ، وتنزل للتهجم على شخص بسبب التشخيص ، وليس بسبب الأفكار .. والأجهزة المخابراتية للبلاد التي يتواجد فيها هؤلاء ، تتابع الصغيرة والكبيرة عما يصدر عنهم ، وتترجم الترجمة العالية لكل اقوالهم وهجوماتهم .. وطبعا سيكون لكل طالب لجوء او لاجئ خلية بوليسية تتابع من بعيد أنفاسه ، لان قرار منح اللجوء السياسي بالنسبة للعديد من الدول ، يتخذ بعد التأكد من قرارات الأجهزة المهتمة والمكلفة .. وطبعا باعتبار انهم يعيشون في دول ديمقراطية غربية ، سيرفضون هذه الانزلاقات التي لا معنى لأصحابها منها ..
اذن . هل كان عبدالاله عيسو الذي انشق كضابط عن النظام ، خائنا للنظام ام خائنا لجيش النظام ؟ وما الفرق بالنسبة لمن يتهمه بالخيانة ، بين خيانة ( معارضة ) النظام ، والولاء لجيش النظام ، من دون الولاء للنظام .. ؟
وقبل الشرح ، لأننا نناقش ، وكمحللين نفكك الالغاز .. فمشكل عبدالاله عيسو بدأ من اليوم الأول الذي حاول فيه تأسيس خلية للضباط . لكن مشكلته كضابط ، وجد نفسه بين نماذج ما اتى بها زمان ، لا علاقة لها بالجيش ، ولا بالسياسة . طبعا نموذج المخزني هشام بوشتي ، والمسمى فريد بوكاس ، وهذا ليس هو اسمه الحقيقي ، مليء بالكذب ، خاصة وانه يجزم بقتل سلمى بناني زوجة محمد السادس سابقا ، وام الاميرين ولي العهد الحسن ، واخته خديجة .. ويجزم انها مدفونه بقصر Le golf ، كما يقدم نفسه عميلا للبوليس ، وهولم يكن كذلك ، لان البوليس لن تسقط الدرك الأسفل بقبولها التعامل مثل هذه العينات .. وهو شخص امي لا شواهد له .. ويقدم نفسه كصحفي باحث ، ويكفي ربط باحث بالمهنة حتى نصل سريعا الى غرق الشخص في مستنقع الامية ..
كذلك من الأشخاص الذين تم الاتصال بهم ، شكل من الاشكال الخاصة ، كان باليونان ويوجد اليوم بألمانية وباسم ليس اسمه الحقيقي " بيتير شمراخ " ... الخ . المهم ونظرا لمستوى تكوين هؤلاء ، انفضت تجربة انشاء خلية للضباط الاحرار ، مكونه من " الحراگة " ومن الاميين الذين لا علاقة لهم بالجيش ..
وبعد اكثر من عشر سنوات غياب ، وعندما أراد الضابط المنشق عن النظام ، وليس على الجيش الذي هو جيش النظام ، ارتكب نفس خطأ انشاء خلية للضباط الاحرار ، فطرق أبواب اشخاص لا يختلفون عن السابقين الا بالأسماء واللباس . فهل يمكن انشاء خلية ثورية مع " جيروم Jérôme " . وهل يمكن انشاءها مع إسلامي متعصب بألمانيا ، وهل يمكن إنشاءها مع شخص يحمل الجنسية الفرنسية وهاجر لاجئا بكندا .. او يمكن إنشاءها مع شخص ب Mulhouse يناضل وحيدا .. وهل يمكن انشاءها مع رشيد عزوز ، وطارق ياسين ، اثنان فقط يمثلان تنظيما ، بعد انفصال شخص كمال الفحصي الذي يسمي نفسه مثقف الثورة .. واية ثورة ..
فالعناوين التي طرقها الضابط المنشق عن النظام ، وليس عن الجيش الذي هو جيش النظام ، كلها ومن دون استثناء عناوين مغلوطة تبني خرجاتها على الشائعات والتقول في الناس والكذب ..
ان ما غاب عن ذهن الضابط المنشق عن النظام وليس عن الجيش الذي هو جيش النظام ، ان ما يسمى بمعارضة المهجر غير موجودة أصلا .. واتحدى من يقول العكس ، ان يعطيني اسم تنظيم ، او حزب ، او منظمة تنشط خارج المغرب ، لإسقاط النظام القائم ، وإقامة النظام الجمهوري .. والسؤال . هل يستطيع شخص او شخصين او ثلاثة اشخاص اسقاط النظام القائم ، وإقامة النظام الجمهوري .. فهل المغرب موزة الى هذا الحد ؟ . ولو كان كذلك لاحتلتنا الجزائر فقط بفتياتها ، لا بجيشها .. وهنا هل يستطيع الجيش الجزائري احتلال المغرب ؟ . ان فقط طرح مثل هذا السؤال فيه إهانة للمغرب ، فأحرى التآمر على وحدة الأرض ووحدة الشعب ... وكان المغرب ليس له رجاله ...
ما يسمى بمعارضة الخارج ، امّا انه يكونها شخص واحد ك Mulhouse مثلا ، او شخص يتحامل على مغربية الصحراء بالأمم المتحدة ، وهو بأمريكا ، او تجد ثلاثة اشخاص لكن المصيبة ، ان كل واحد يرفع راية خاصة به ، بعد ان احرقوا راية المغرب بدعوى انها راية Le général Lyautey ، وقد تجد شخصين بعد فرار الثالث ( كمال الفحصي ) رشارد عزوز وطارق ياسين سابقا .. وقد تجد الشخص وحيدا بعد ان كان محاطا بجمع ، بمجرد ان اسودت سماء الشخص ، حتى فر منه الجميع .. الخ .. فهل هذه هي المعارضة التي ستقلب نظام الحكم في المغرب ، وتقيم على انقاض النظام الملكي المطلق ، النظام الجمهوري ؟ ..
اذن . هل ما قام به الضابط المنشق عن النظام وليس عن الجيش لأنه جيش النظام ، يعتبر خيانة كما ذهبت هذه الكائنات المختلفة في الوصف ؟
اذا كان عبدالاله عيسو ، حقا ضد النظام ، ويفكر في الإيقاع به ، فان ضرب ادرع النظام التي هي الجيش والدرك يصبح جائزا في نظر صاحبها .. فهل الجيش واي جيش في العالم ، خاصة في الدول المتخلفة ، هو جيش النظام ام انه جيش لشعب .. فاذا كان الجيش بجيش النظام ، فان التذرع برفض خيانة جيش النظام ، وخيانة النظام وجهان لهم نفس العملة .. فالنظام واي نظام في العالم يقوم على أساس الجيش القوي ، وضرب الجيش هو ضرب للنظام في الصميم .. وهنا وكمحلل للأحداث وكمثقف سياسي . بماذا كان النظام يثبت وجوده ، ويستقوي على الشعب ؟ هل بالجيش ام بالوقاية المدنية ؟ .
من كان يقتل وبدم بارد الشعب في انتفاضة 23 مارس 1965 ، وانتفاضة الدارالبيضاء في يونيو 1981 ، وانتفاضة يناير 1984 ، ودسمبر 1990 ... هل الوقاية المدنية ، ام الدرك والجيش .. ؟
هل كان الجيش والدرك ، وهما يطلقان النار على الشعب المفقر الذي يطالب بحقوقه وبالعيش الكريم ، يطلقان النار على الشعب ، ام يطلقان النار على الاشباح ؟
اذن . هل الجيش والدرك يعتبران الدراع الأساسي للنظام ، او يعتبران الدراع الأساسي للشعب الذي لم يترددوا في اطلاق النار عليه بدم بارد ؟
هل يمكن قلب نظام من دون الحسم مع جيش النظام .. وهل يتصور وجود نظام من دون وجود دراعه الذي هو الجيش .. ؟
فحسب قناعة الضابط المنشق عن النظام وليس عن الجيش الذي هو جيش النظام ، فما قام به عبدالاله عيسو ، يؤمن به في قرارة انفسهم ، العديد من العناصر التي حاول الضابط المنشق الاتصال بهم ، ورفضوا بدعوى خيانة الجيش .. وكأن الجيش هو جيش الموزنبيق وليس بجيش النظام ، الذي يدعي هؤلاء محاربته ، فهل يمكن هزيمة النظام قبل تفكيك جيشه الدراع القوي لحفظه والدفاع عنه ؟
وهنا اشير . الى ان النظام السلطاني المخزني ، كنظام بتريمونيالي بتريركي ، رعوي ثيوقراطي طقوسي .. يقوم أولا على الجيش الذي استعمله عند الاغارة على القبائل البربرية لجلب الضريبة ، ونهب المحاصيل .. ويقوم على بيعة الرعية التي تجعل منه نظاما اميريا ورعويا ، ويقوم على الطقوس المخزنية السلطانية التي تجعل الدولة هي السلطان والسلطان هوالدولة .. وبين الرعايا والسلطان هناك طبعا الحاشية التي تتبع شخص السلطان .. يعني ان اسقاط النظام ودعم النظام هي مأمورية الجيش وليس بمأمورية " لمْخازنية والبونْبية " Les pompiers .. لذا فضرب الجيش هو الخطوة الأولى لإسقاط النظام ، وكما قلت ان كل من يدعي المعارضة يؤمن بهذه الحقيقة التي تبطل ادعاءات خيانة النظام ولا خيانة الجيش .. وكأن الجيش ليس بجيش النظام ..
وللحقيقة لا وجود لشيء يسمى معارضة الخارج ، لان المعارضة لا يكونها شخص او شخصان او ثلاثة .. ، فالمعارضة هي تنظيم او تنظيمات تتنافس .. وبساحة الخارج لا معارضة باستثناء جماعات الإسلام السياسي الكهنوتي التي تنظر لنظام الخلافة الراشدة ، التي لم تكن ابدا راشدة .. وهناك جماعات الريف بقيادة 18 شتنبر ، وقيادات أخرى خارجة عن 18 شتنبر ..
وكما ان معارضة الخارج ميتة ، فلا وجود في الداخل لمعارضة الداخل .. هناك النظام ويشتغل بالبوليس الفاشي المريض ، لكن الدراع الذي يراقب الكبيرة والصغيرة ، يبقى الجيش والدرك ، وغدا ان امر ولي العهد الأمير الحسن كملك ، باعتقال مجرمي البوليس ووزارة الداخلية ( المدعو فؤاد الهمة ، و المدعو عبداللطيف الحموشي ، وعبد الوافي لفتيت ، والخسيس الشرقي ضريس .. ) ، سيتحرك الجيش والدرك اكثر من سرعة البرق .. ولنا عبرة مع ادريس البصري بعد موت الحسن الثاني ..
لن تكون هناك لا هبة ولا انتفاضة فأحرى ثورة .. مادام جيش النظام هو من يحافظ على النظام وليس الوقاية المدنية ..
سيحكم الحسن الثالث بكل سهولة ، وسيسفق له الجميع ، وستستمر الدولة على عهدها وبطقوسها ، وستخبو ( معارضة ) الخارج ، كما خبت معارضة الداخل ، واصبح تعيش برعاية الدولة لا خارجها ..
نقاش ثقافي سياسي ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات