|
اقرأ عن تاريخ الثورات قبل أن تتكلم وإياك أن تخلط حابلا بنابل فتندم !
احمد الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 13:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يختلف إثنان،ولا يتناطح كبشان حول حقيقة دامغة كالشمس لاتحجب بغربال مفادها بأن العدل هو قارب نجاة الثورات الجماهيرية الناجحة،وأن البطانة الأمينة الصالحة ذات الكفاءة العالية والخبرة الطويلة في مجال تخصصها هي دفتها،وأن الشعب المتآخي والمجتمع المتحد شراعها،بينما الدستور الرصين نهرها،والقوانين المعتبرة مجدافها، والقضاء النزيه عمودها وذورة سنامها ، بغير ذلك وعلى قول المثل الدارج"كأنك يا أبو زيد ما غزيت" وكأن ثورة شعبية ما أزاحت مستبدا، ولا انتفاضة جماهيرية أزالت طاغية، وكأن انقلابا عسكريا ما قلب نظاما حاكما ليأتي بآخر ويجلسه على كرسي الحكم ، وبمعنى أدق" تيتي،تيتي ياخايبة مثل ما رحت جيتي" أو وعلى قول المثل البغدادي الدارج"يول يا مصخم بعدك بالطولة !!" . وما أروع ما قاله الإمام علي عليه السلام ، وكما جاء في نهج البلاغة "عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء" ومثل هذا البخيل وبالقياس عليه هو حال الحاكم الظالم الذي يطالب شعبه بوجوب الطاعة ولا يحكم فيهم بالعدل ليأمرهم ويسوسهم بكل ما هو فوق قدرتهم واستطاعتهم مع أن الحكمة تقول "إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع " فلا تكن أيها الحاكم كالبخيل الذي يُعَيشُ شعبه عيشة الفقراء، ليعيش هو وبطانته وحاشيته وخدمه وحشمه وعسسه عيشة الأغنياء ليحاسبوا في الدنيا في أعقاب ثورة الشعب الجائع ضدهم على أساس ذلك ، وفي الآخرة حين يطول أمام ملك الملوك وقاهر الجبابرة وقوفهم وحسابهم . قبل ثلاثة أشهر فقط كان بشار الأسد رئيسا للجمهورية العربية السورية،يحضر القمم العربية ، يستقبل الوفود الرسمية ، يودع الهيئات الدبلوماسية ، يصدر القرارات القطرية والقومية المصيرية ، يترأس الاجتماعات الحكومية ، يشرف على تعيين الوزراء والقادة والسفراء والمدراء ، يوقع على الاتفاقات الاقليمية والدولية ، وهلم جرا ، في ذات الوقت الذي كان فيه أحمد الشرع ،مطاردا وملاحقا ومطلوبا في الداخل والخارج ، وثمن رأسه مكافأة وقدرها 10 ملايين دولار لمن يلقي عليه القبض حيا أو ميتا ،ولكن وعلى حين غرة تغير كل شيء لينقلب رأسا على عقب ،فصار بشار الاسد هو المطارد والملاحق والمطلوب رقم واحد للحكومة السورية الجديدة، بينما تولى الشرع ، رئاستها وصار يصدر القرارات ويستقبل الوفود ويتلقى التهاني والتبريكات ،يلتقي الملوك والامراء والرؤساء في الداخل والخارج ، فمن أمير قطر، الى ولي عهد السعودية ،الى الرئيس التركي ، والحبل على الجرار وبما يلخصه قوله تعالى في سورة آل عمران : " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير"، كذلك الآية الكريمة من سورة القصص " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" ، ومثلها الآية الكريمة من سورة الدخان " كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ،وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَٰلك وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ" ،آيات مباركات تخبرنا بمصير الأمم والشعوب التي يكثر فيها الظلم ، ويستفحل بين جنباتها الاستبداد والطغيان ،وأن مصير الملك فيهم سيؤول للمستضعفين لينظر كيف يصنعون ،وهل سيسيرون على خطى من سبقهم حذو القذة بالقذة،أم أنهم سيغيرون من واقعهم ومن أوضاعهم ومجمل أحوالهم نحو الأفضل ؟! ولا جديد تحت الشمس يُروى، ولا قديم على سطح الكوكب الأزرق يُعاد ، فهذا هو حال الدنيا وديدنها على مر التاريخ وهي المعروفة بتقلبها بين إقبال وإدبار ،ولله در الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي ،القائل في رائعته النونية: أَينَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ مِن يَمَنٍ..وَأَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَتيجَانُ وَأَينَ ما شادَهُ شَدّادُ في إِرَمٍ ..وَأينَ ما ساسَه في الفُرسِ ساسانُ وَأَينَ ما حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ...وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ ...حَتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا
وبما أن العدل هو أساس الملك ،وبما أن بطانة الحاكم النزيهة الكفوءة الأمينة الصالحة هي قارب نجاة للحاكم والمحكوم على سواء، فإن ثورة جماهيرية لن تنجح قط بغير عدل ولا بطانة صادقة أمينة خبيرة صالحة، أما البطانات الفاسدة والمفسدة في الأرض التي تصر على حكم الدولة بعقلية اللادولة، حكم الدولة العريضة بعقلية المعارضة الطريدة، حكم الدولة المدنية المنفتحة المتسامحة ،بعقلية الثورة العقائدية المنغلقة المسلحة ، ولاسيما إذا كان شعارهم هو"المال العام سائب لا مالك له ولا سلطان عليه وهو حلال زلال لكل من يقدر عليه ويتمكن من الوصول اليه بشتى الوسائل والسبل ليأخذ منه ما يشاء شريطة أن يدفع ضريبته " فهذه دول ولا شك لن تستقيم أمورها ، ولن تتحسن أوضاعها ، ولن يسعد شعبها البتة ، ولاسيما مع ممارسة أحابيل التقية السياسية التي تظهر للجماهير المتطلعة للاصلاح والتغيير وجها حسنا وصدرا رحبا ولسانا معسولا ، فيما تضمر خلف الكواليس وجها قبيحا كالحا وقلبا ثأريا حاقدا ولسانا سليطا شاتما على النقيض من سابقه تماما ، لتأتي طامة جواز الكذب والبهتان لتشويه صورة كل من يظن به سوءا بزعم أنه يضمر العدوان مع تحميله تبعات ووزر كل ما مضى من التاريخ الغابر وكان والاصل هو أن لاتزر وازرة وزر أخرى ، وأن لايؤخذ البريء بجريرة المذنب ، ولا الصالح بذنب الطالح ، مقابل الافتراء وتزوير الحقائق بهدف إعلاء شأن كل من يظن به خيرا من وجهة نظرهم والعمل على تسويقه وتحسين صورته واضفاء كل حسنة عليه ، واضافة كل فضيلة إليه وإن لم تكن فيه لتشكل ثالثة الاثافي في دمار البلاد وهلاك العباد بعد خلط الحابل بالنابل " ،وما أروع النصيحة الخالدة التي طرحها الإمام الغزالي في كتابه ذائع الصيت" التبر المسبوك في نصيحة الملوك "والتي يقول فيها : اعلم أن السلطان يرتفع ذكره ويعلو قدره بالوزير إذا كان صالحاً كافياً عادلاً لأنه لا يمكن لأحد من الملوك أن يصرف زمانه ويدير سلطانه بغير وزير ومن انفرد برأيه زل من غير شك، وإذا لم يستغن الأنبياء عليهم السلام عن الوزراء واحتاجوا اليهم كان غيرهم من الناس أحوج. وبالعودة الى الشأن السوري الذي أفرح زوال نظامه البعثي الاستبدادي المقبور بعد أن سام شعبه سوء العذاب وأذاقهم ألوان العقاب ولأكثر من خمسة عقود ، وأسعد أقواما وشفا صدورهم، بينما أزعج هذا التغيير ليقض مضاجع آخرين حتى أن بعضهم لم يتمكن من اخفاء امتعاضه ليحتفظ بمشاعره لنفسه، بل جاهر بها على الملأ ولا أدري أحزين هو على نظام بعثي هَجَّرَ 12 مليون سوري وتسبب بمقتل وجرح واعاقة وسجن ونزوح وفقدان واعدام واختفاء وتعذيب الملايين ،حيث المقابر الجماعية وأحواض التيزاب وصناديق الملح والافران البشرية والمكابس الحديدية والزنازين الانفرادية ، علاوة على مجازر يندى لها جبين الانسانية جمعاء واشهرها مجزرة سجن تدمر ومجزرة حماه اضافة الى مجزرة مخيم تل الزعتر ، كذلك القاء البراميل المتفجرة وغاز الأعصاب والسارين أطنانا على مدن وقرى وبلدات سورية لاحول لها ولاقوة تباعا من أجل كرسي الحكم ، أم تراه حزن وكالة ومجاملة ومحاباة يأتي متماهيا مع حزن دول ما بعيدة أو قريبة قد أفقدتها الثورة السورية صوابها ومصالحها وتوازنها وبددت خططها وشتت شمل حلفائها هناك؟! وأضيف بأن كل من يحزن لزوال نظام مستبد فاسد ،فإنه ولاريب إما أنه مستفيد من هذا النظام الزائل ، أو أنه متضرر من زواله غير مأسوف عليه ، وإما أنه لم يستوعب بعد ولم يع أبدا ما قد قيل عن دنيا ملوك الزائلة التي لم تدم لأحد قط ، ولو دامت لغيرهم لما وصلت الى من بعدهم، دنيا إذا أقبلت كادت أن تقاد بشعرة، وإذا أدبرت كادت تقد السلاسلا ، دنيا فانية لطالما كرر الشيخ عبد الحميد كشك ،رحمه الله تعالى ، مقولته الخالدة من منابر القاهرة في وصفها"الدنيا إذا حلت،أوحلت.. وإذا كست،أوكست.. وإذا أينعت ،نعت .. وكم من ملك رُفعت له علامات،فلما علا.. مات !" ، دنيا تعطيك إذا أقبلت من شهدها حلوا، ولكنها إن أدبرت قلبت لك ظهر المِجَنّ لتعطيك من حنظلها وتسقيك من كأسها الذي يعلوه الصدأ مرا، ولله در القائل : وكل ملك إلى زوال ..لا يعتري ذا اليقين شكه إن لم يزل بانتقال حال ..أزال ذلك الملك عنه هلكه ولكن يبقى السؤال الحائر الذي تردد في الآفاق منذ الثامن من ديسمبر / 2024 والى كتابة السطور وسيظل يتردد الى ما شاء ربك"هل نجحت الثورة السورية فعلا ، أم أن أمامها من التحديات والعقبات والعراقيل والمشاكل الهائلة ما سيغير من وجهتها، ويحرف بوصلتها،ويفت في عضدها، ويزلزل أركانها ،ويضعضع كيانها ، ويطعن في عدالتها ،لتصبح بمرور الوقت نسخة طبق الأصل للنظام الحاكم الذي أسقطته ؟ّ". وأقول"حتى اللحظة يبدو بأن الثورة السورية ناجحة إذا ما قيست بمقاييس الثورات الشعبوية ووضعت في ميزانها، وقد يستمر هذا النجاح وعلى مختلف الصعد بوتيرة متصاعدة، وقد يهوي ويذوي ويضمحل بمرور الوقت، كل ذلك يعتمد على أمور عدة سنمر على أهمها سريعا في السطور التالية" . الحقيقة هناك عبارة رائعة للأديب المصري الدكتور أحمد خالد توفيق،يقول فيها : "المرء لا يرى أكثر من ثورة شعبية واحدة في حياته لو كان محظوظا" وكم كنت أتمنى على توفيق لو أنه وضع عبارة " ثورة ناجحة واحدة " بدلا من " ثورة شعبية واحدة" في سياق النص لكانت المقولة أعمق وأقرب للصواب وبمراحل ، لأننا قد رأينا وشاهدنا وسمعنا في حياتنا بعشرات الثورات الفاشلة،والتي قيل في أمثالها " قبل الثورة كانت الكلاب تنبح ليلا فقط ، بعدها أصبحت تنبح ليلا ونهارا ، و" كل ثورة ترتدى فيما بعد نفس ثوب الطاغية الذى أطاحت به" و" مشكلتنا في الثورات أننا نطيح الحاكم ونبقي من صنعوا ديكتاتوريته لهذا لا تنجح أغلب الثورات, لأننا نغير الظالم ولا نغير الظلم" هكذا وصفت الثورات الفاشلة من خلال تجارب شتى مرت بها شعوب الارض حول العالم عبر التاريخ ، وبناء عليه فلابد من الافادة من كل هذه التجارب لتفادي السقوط المدوي في شراك مماثلة من شأنها أن تهلك حرث الأمة ونسلها في قابل الأيام . ولا غرو بأننا لم نقرأ ولم نسمع ولم نر الناجح والموفق من الثورات الشعبوية إلا لماما،ولعل الثورة السورية الأخيرة تعد واحدة من النماذج الناجحة والموفقة حتى كتابة السطور وقد لا تكون كذلك لاحقا لتلحق بسابقاتها الفاشلة مستقبلا ،وأتمنى من شغاف القلب أن تظل الأمور طيبة على حالها ليعيش الشعب السوري حياته حرا أبيا بعيدا عن مآسي الحروب الاهلية التي عانى منها طويلا ،ومن جور الاستبداد والطغيان ، وليتنفس الصعداء ،وأن لا تأكل الثورة كالقطة أبناءها تباعا، وأن لا يتنافس قادتها مغانم ومغريات الحكم والدنيا الزائلة كما تنافسها من سبقهم فتناحروا وفشلوا وتلاشوا ، وعلى الحكومة السورية المؤقتة الحذر كل الحذر من الآتي : – محاولة تشويه الثورة من قبل أبواق الأصنام الحاكمة في شتى بقاع العالم للنيل منها ومن سمعتها وبث الشائعات حولها عبر إعلاميي الاصنام ودويلاتهم العميقة وقواهم الناعمة ومن خلال جواسيسهم ومندسيهم ومخبريهم ومحلليهم وناطقيهم وناشطيهم الرسميين وشبه الرسميين . –الحذر من بروز – المكوعين - وهو مصطلح أطلقه السوريون على كل من يحاول أن يمتطي صهوة الثورة،أن ينافقها، أن يركب موجتها، أن يجاملها ، وكثير منهم لم يكن يؤمن بالثورة أساسا ،ولا يعترف بشعاراتها إطلاقا ليقف بالضد منها ويحرض عليها ويتشفى بتضحياتها طوال 13 عاما ظنا منه بأنها – مجرد فورة – سرعان ما سيخبو إوارها وتنطفئ جذوتها إن عاجلا أو آجلا ، وقد أعجبني جدا تعليل الباحث السوري علاء طرقجي ، في تصريح له لموقع " العربي القديم " وشعاره " أجمل التاريخ كان غدا " وقد عزا طرقجي مصطلح "تكويع "الى نظام الأنابيب الهندسي المستخدم لتغيير اتجاهاتها،مبينا بأن التكويع على أنواع ثلاثة فهناك "كوع 45 درجة"و"كوع 90 درجة"و"كوع 180 درجة" بحسب الحاجة لتغيير زاوية الاتجاه وكذلك هو حال معظم منافقي الثوارت وهم على أصناف ثلاثة . وأقول شكرا للعربي القديم وللباحث طرقجي وأضيف بأن" أجمل حصاد الحاضر ،وقطاف ثمار المستقبل ، هو ما تم زرع أشجاره،ونثر بذورة بالأمس" وأجمل الثورات على وصف العقلاء والحكماء " هي تلك التي تسعى الى تحرير الإنسان، وليس الى تفسير أو تطبيق بعض الأيديولوجيات المتطرفة". – محاولة – الشبيحة - ومدمني ظاهرة التشبيح حرف بوصلة الثورة ، وتغيير مسارها السلمي ، وتشويه صورتها ، كلما طال أمدها ولمصطلح التشبيح معنى مأخوذ من " شبح رأسه "أي شجه وشقه ، وهذا المصطلح يستعمله السوريون بكثرة . – محاولة جهات سياسية – سابقة ولاحقة – موالية للنظام النصيري المقبور تضررت مصالحها بشكل كبير، وسعيها المحموم لتوظيف الثورة لخدمة مصالحها الدولية والمحلية والإقليمية مع محاولة إدعاء قيادة الثورة والتأثير في قراراتها والتوسط لرفع العقوبات الدولية السابقة عنها زورا وبهتانا . – دخول الرعاع والسوقة ( الزعار ، الشطار، العيارون ، الشقاوات ، الفتوات) بين صفوفها لاثارة النعرات الطائفية والعرقية والقومية ولتحقيق مآربهم الدنيئة في السرقة والاغتيال والنشل والحرق والتخريب ونحو ذلك وعلى الحكومة المؤقتة التنصل من هؤلاء وتشخيصهم تمهيدا لعزلهم ومحاسبتهم فورا . – محاولة اشعال فتيل الصدام والخصام بين الشعب من جهة وبين الثائرين من جهة أخرى عن طريق مندسين لاشغالهم وضرب بعضهم ببعض تسقيطا وتصفية وإحترابا . – محاولة سحب القائمين على الثورة الى ساحات ومساحات لم تكن ضمن حساباتهم ودفعها لمطالبات لم تكن ضمن مطالبهم لإجهاض ثورتهم وتسقيطها . – دخول تيارات راديكالية – يمينية - يسارية على الخط لا تؤمن أساسا بما يطالب لها أجندتها الخاصة ولا يعنيها البتة فشل أو نجاح الثورة . -الحذر من استنساخ ظاهرة – بيت خالتي – وهي كناية سورية برزت بشكل كبير مع الثورة السورية كتورية للمعتقلات والسجون البشعة والاقسام الأمنية السرية منها والعلنية التي كان النظام النصيري البعثي الطائفي الساقط يعتمد عليها لاخراس الشعب واستعباده واذلاله ، وقد ذاع صيت هذا المصطلح أكثر بعد صدور رواية " بيت خالتي " للروائي العراقي المعروف الدكتور احمد خيري العمري.
ارهاصات ومعطيات أما عن ارهاصات وحيثيات ومعطيات نجاح الثورة السورية حتى الآن فيرجع ومن وجهة نظري المتواضعة الى جملة أسباب ،دعوني أوجزها بالآتي : *أول سر من أسرار نجاح الثورة السورية،أنها لم تأت على ظهر الدبابة الأجنبية الغازية بزعم " جئناكم محررين لا فاتحين" ، كما أنها لم تنتصر بفرض منطقة حظر جوي أمريكيا وأوروبيا على طيران عائلة الوحش" الملقب بالاسد " لمساعدة الثوار كما فعلت ذلك من قبل في العراق وليبيا ، بل على النقيض من ذلك تماما حيث كان الطيران الروسي اضافة الى طيران الوحش يواصل دك معسكرات ومستودعات وتجمعات الثوار بالقنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة ليلا ونهارا ...بل ولم تستعن لا بـ بلاك ووتر أمريكية ، ولا بفاغنر روسية ولا غيرها من البنادق المرتزقة والمستأجرة التي تقاتل بالوكالة مقابل المال فقط لاغير حيث لا مبادىء ولا قيم ولا أخلاق ولاضمير . *ثاني سر من أسرار نجاحها أنها قامت ضد نظام دكتاتوري مركزي شمولي كان قد فقد الحد الأدنى من مصداقيته وشعبويته وسمعته واتزانه بين شعبه ومحيطه على سواء . *ثالث سر يرجع الى أنها "ثورة ليست حزبية" بمعنى أن حزبا سياسيا واحدا لم يقدها لا سابقا ولا لاحقا وإلا لقلت فيها"إنها عورة وليست ثورة يناطح خلالها حزب صائل ضده الحزبي الزائل بهدف الاستيلاء على كرسي الحكم ، وكرسي الحكم ، وكرسي الحكم فقط لا غير " . *رابع سر أنها "ثورة ليست قومية"وإلا لقيل فيها"إنها ثورة قومية ذات لون وطعم ورائحة واحدة، أزاحت نظاما ساقطا مناقضا أعلى من شأن الاقلية الطائفية والقومية السورية التي لا تشكل بمجموعها سوى 17% فقط لاغير ، وذلك على حساب الأغلبية العربية المسلمة والتي تشكل ما نسبته 80% من الشعب السوري ، بمقتضى مبدأ الإحلال والإستبدال ، أو التخلية والتحلية " . *خامس سر أنها قد رفعت ومنذ اليوم الأول شعارا مضادا لتصدير الثورة العابرة للحدود والتي أرسى دعائمها المفكر البلشفي ليون تروتسكي ،في عشرينات القرن الماضي ، ليطلق عليها اسم " نظرية الثورة الدائمة " إذ سرعان ما أعلنت الادارة السورية الجديدة بأنها لن تصدر ثورتها الى أي مكان خارج سورية على الاطلاق فكان إعلانها هذا بمثابة رسائل طمأنة جدية الى كل الجيران جغرافيا ، كل الاشقاء اقليميا، كل الأصدقاء دوليا ، ولو أن أحد قادة الثورة قد جعجع بخلاف ذلك لحدث ما لا يحمد عقباه . *سادس سر أنها ليست ثورة طبقية بمعنى" ليست ثورة فقراء ضد أغنياء " لأنها لو كانت كذلك لما رأيت دائرة ولا شركة ولا مؤسسة حكومية واحدة قط إلا وقد نهبت أسوة بالمصارف والبنوك والممتلكات العامة والخاصة عن بكرة أبيها في غضون أيام قليلة . *سادس سر أنها ثورة ليست انتقامية وبالتالي فهي لم تستحضر التاريخ نوستالجياً لتسقطه على الواقع ثأريا ،برغم إجرام النظام السوري السابق ، بل على النقيض من ذلك تماما فقد أعطت الثورة الأمان لكل من يسلم سلاحه ، لكل من يدخل بيته ، لكل من يسوي أموره مع السلطة الجديدة ، لكل من يغلق عليه بابه ، لكل من يلتزم بالقانون والنظام العام . *سابع سر أنها قد أعطت الأمان لكل المكونات السورية "القومية والدينية والعرقية والمذهبية والسياسية والعشائرية " ولو أن مخلوقا واحدا من قادتها قال سنفعل كذا وكذا بالقومية الفلانية أو أتباع الديانة العلانية لوقعت الفوضى واندلعت الحرب الاهلية منذ الساعات الاولى للثورة . *ثامن سر أنها لم تأت بقيادات – ثنائية أو ثلاثية أو رباعية الولاء والتبعية والجنسية –تعيش في الخارج ولم تشارك في الثورة ميدانيا لتسلمها زمام الأمور على الاطلاق بزعم كفاءتها وخبرتها وعلاقاتها الدولية ،ولو أنها فعلت ذلك لأجهضت الثورة في أسبوعها الأول ..لماذا ؟ لأن ثنائيي وثلاثيي ورباعيي الولاء والتبعية والجنسية والجواز والهوية ،معظمهم سينفذون لا محالة وإلا ما رحم ربك اجندات الدول التي جاؤوا منها وكانوا يعيشون بكنفها لعقود وما تزال عوائلهم وأحفادهم وشركاتهم ومصالحهم وعقاراتهم هناك . *تاسع سر انفتاحها على الأنظمة والدول والشعوب ومد يدها للجميع ولو أنها قبضت يدها أو لوحت بقبضها لأجهضت، لقد قلب الاعلام الاوربي الدنيا لأن رئيس الحكومة الانتقالية لم يصافح وزيرة الخارجية الالمانية من باب الاحترام والحياء، فما بالك لو أن الرجل قد أعلن عن قبض يد حكومته الجديدة عن مصافحة حكومة ألمانيا؟ *عاشر سر" لقد استوعبت القيادة السورية الجديدة حجم التغيرات والتحولات – الجيو سياسية العالمية الهائلة والمتسارعة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب على أنقاض عالم القطب الواحد ،وأدركت بفطنتها حجم الصراع الدولي الى درجة كسر العظم على الأرض السورية بين المصالح الأمريكية وبين نظيرتها الأوربية،بين الراديكالية والاوتوقراطية والدوغماتية والديكتاتورية الصينية والروسية من جهة ، وبين الرأسمالية والليبرالية والبراغماتية الامريكية والاوروبية من جهة أخرى ، الصراع الظاهر والمستتر بين الكاثوليكية الغربية الطامعة بإستعادة أمجادها في المنطقة ، وبين الارثوذكسية الشرقية التي تريد اظهار نفسها واثبات وجودها، الصراع بين القومية العربية التي تريد استرداد سوريا وضمها الى الحضن العربي مجددا ، وبين النزعتين القوميتين الفارسية والتركية وكل واحد منها يطمح باعادة سوريا جغرافيا وسياسيا وطائفيا وتاريخيا لامبراطوريته الغابرة ، لتمسك الثورة السورية العصا من الوسط وهي تلاعب الجميع في آن واحد ، ولو أنها مالت الى جانب دونا عن الآخر لغرقت سفينتها ولتمزق شراعها ولكسر مجدافها ولتحطمت دفتها ما دفع الجميع ومن دون استثناء للمسارعة بخطب ودها والتودد اليها بعيدا عن لغة التهديد والوعيد والمقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية طمعا بموطىء قدم في سوريا الحاضر والمستقبل ، والكل يدرك بأن لغة القوة الصادرة عن أي منهم للضغط على الحكومة الجديدة لن تنجح ، وستخسر موقعها ومصالحها ونفوذها وفرصها بوجود المنافسين المتربصين الشرسين وكل واحد منهم يريد أن يحقق مصالحه ولكن ليس على حساب الشعب السوري المتلف حول ثورته الممسكة بالعصا يمينها لتحقيق التوازن داخليا وخارجيا ومن المنتصف . *السر الحادي عشر أنها ثورة قد لوحت مرارا وتكرارا ومنذ الأيام الأولى بأنها ستحل الفصائل المسلحة كافة – وهذا ما فعلته اليوم - لدمجها بجيش وطني موحد ولاؤه الى سوريا أولا وآخرا ، لأن الميليشيات المسلحة في كل زمان ومكان عادة ما تؤسس وتثقف لمفهوم اللادولة والعمل على تأسيس دويلة موازية داخل الدولة ، لتطلق العنان للسلاح المنفلت والمؤدلج والمستأجر والموازي، أما الثورة السورية فقد أكدت بأن لا سلاح باليد غير سلاح الدولة فقط ، وأن عقلية الثورة هي غير عقلية الدولة، وأن من يروم العيش مذبذبا بين عقليتين " عقلية ثورة وعقلية دولة " في زمكان واحد فهذا عبارة عن توأم سيامي كل واحد من طرفيه يعيش مرغما مع من لا يوافقه ولا يفارقه أبدا، وبما لا يلبث أن يمرض ويموت سريعا ولن يعمر أبدا . * السر الثاني عشر أن الثورة السورية نجحت في اطلاق سراح مئات الالوف من سجناء الرأي والمعارضين السياسيين والأبرياء المظلومين من داخل السجون والمعتقلات والاقسام الامنية البشعة ومعظمهم قد اعتقلوا بالوشايات الكيدية ، أو بتقارير الرفيق الحزبي الذي يجيد لعب دور المخبر السر..سري طوال حياته مقابل ترقيته وتكريمه حزبيا الى منصب أعلى ، بل وأصدرت الثورة عفوا عاما عن كل المعارضين خارج الاراضي السورية، كما وأنصفت كل من فقد أثره أو قضى نحبه في سجون النظام المقبور، لتعيد إليهم كرامتهم واعتبارهم وممتلكاتهم التي وضع أزلام النظام النصيري الساقط يده عليها بغير وجه حق . *السر الثالث عشر هو أن الثورة السورية قد أعلنت جهارا نهارا ، عيانا بيانا ، اطلاقها حملة كبرى للبحث عن مصير جميع المفقودين والمختطفين والمختفين قسرا في طول البلاد وعرضها ، اضافة الى ترحيبها التام واستقبالها بصدر رحب لكل النازحين السوريين خارج البلاد وبما يربو على 5 ملايين نازح يعيشون في مشارق الارض ومغاربها، كذلك الحال مع النازحين داخل سوريا وأعدادهم تفوق حاجز الـ 7 ملايين والسماح لهم بالعودة سالمين غانمين،معززين مكرمين، بصرف النظر عن انتمائهم الى أية قومية أو طائفة أو دين ، الى مناطق سكناهم الأصلية التي كانوا قد هجروا منها عنوة– وفقا لمخطط التغيير الطائفي والديموغرافي والاقليمي على يد أزلام النظام النصيري وتأسيسا على ماتقدم فقد طمأنت وأسعدت قرارات الثورة السورية الفورية تلك معظم شرائح المجتمع السوري وأقلياته وهدأت من روعهم وإن كانوا ممن يختلفون مع قياداتها قوميا ومذهبيا ودينيا وسياسيا وبما يؤشر الى حكمة القيادة السورية الجديدة وحلمها وذكائها ، وعدم تخبطها كحاطب ليل أحمق يخبط خبط عشواء في كل أو جل ما يصدر عنه من مقررات وقرارات ليخرج من يمثله بين الفينة والاخرى في تصريحات صحفية يهز خلالها برأسه كأفعى الكوبرا يمنة ويسرة وهو يطلق التحذيرات ويوزع التهديدات المجانية يمينا وشمالا . *السر الرابع عشر يتمثل في أن الثورة السورية لم تدنس ولم تعتد ولم تتجاوز ولم تهدم مقامات ومزارات ومعابد الاقليات والاديان الاخرى بهذه الذريعة أو تلك ولم تصادر ممتلكاتها ولا وقفياتها بل على النقيض من ذلك تماما فلقد تولت حمايتها ما ترك انطباعا حسنا عميق التأثير ، بعيد الاثر في نفوس الاقليات والمكونات وبما أكد للجميع بأن الثورة السورية الحالية هي ثورة لكل الشعب ، وليست طائفية ، ولا تتبنى أي نوع من المشاريع والخطابات والمخططات الطائفية على الاطلاق . *السر الخامس عشر أن الثورة السورية قد تمكنت وخلال أسابيع قليلة من القضاء على ثلاثة أنواع من المخدرات المدمرة " الطبيعية والصناعية والفكرية " وبما أشاع حالة من الارتياح الكبير في عامة الدول العربية والأوروبية ، فأما الطبيعية منها فتمت من خلال قطع دابر مهربي وكارتلات المخدرات ، وقطع طرق امداد حشيشة الكيف والماريجوانا والكوكايين والهيرويين،وأما الصناعية منها فتجسدت باجتثاث شأفة جمهورية الكبتاغون " حبة صفر- واحد " الفتاكة التي كان النظام السابق يصنعها ويغلفها ويروجها ويصدرها لتمويل خزائنه أولا ، ولإثراء جيوب أزلامه ثانيا ، ولتدمير شباب العالم العربي والاسلامي ثالثا ، وللتعجيل بظهور المخلص وفقا لمعتقداته الباطنية وذلك من خلال نشر الفساد والافساد في الأرض وبما يمثل مخدرات فكرية قائمة على التجهيل والجهالة ، وآخر ما طالعتنا به وسائل الإعلام وما خفي كان أعظم هو خبر مصادرة شحنة مرعبة قوامها (100) مليون حبة كبتاغون كان النظام المقبور يروم تهريبها داخل لعب الاطفال ومولدات الكهرباء الصغيرة وبما كان يكفي لتخدير شباب المنطقة العربية بأسرها من المحيط الى الخليج ، وألا لعنة الله تعالى على الظالمين والدجالين والمستبدين والمشعوذين الى يوم الدين . *السر السادس عشر أن حرافيش الثورة وبلطجيتها ولكل ثورة زعرانها وهذا ما أكده عالم الاجتماع الكبير الدكتور علي الوردي حين قال " الغوغاء هم الغوغاء في كل مكان وزمان ، ولكن أفعالهم الوحشية الفظيعة لا يجوز أن تحجب عنا ما في الثورات التي يشاركون فيها من جوانب حميدة أو مبادئ صالحة"، لم يقتحموا منازل الطيارين والضباط ولا عيادات الأطباء والعلماء والخبراء وأصحاب الشهادات وخيرة الكفاءات السورية من المحسوبين على النظام السابق لتغتالهم أو تعنفهم أو تعتقلهم بل العكس من ذلك فلقد أبقت القيادة السورية الجديدة عليهم للافادة من خبراتهم المتراكمة لبناء سوريا حديثة لاحقا ولأن كثيرا منهم وإن كانوا من المحسوبين على النظام المقبور في دولة لن تمنحك منصبا وظيفيا لائقا، ولا شهادة جامعية مرموقة ، ولن تشارك في بعثة علمية معتبرة ، ولا في زمالة جامعية رصينة ،إلا إذا انتسبت الى حزبها الأوحد ولو شكليا ، وأكثر هؤلاء المنتمين الى البعث السوري قد ارغموا على هذا الانتماء فيما لم يتورطوا بدماء ولا بمعاناة السوريين وبالتالي فإن تصفيتهم أو اعتقالهم أو دفعهم الى الهجرة الى غير عودة بزعم الانتماء للبعث السوري إنما غايته الحقيقية في حال وقوعه هو إفراغ سوريا من كفاءاتها وعلمائها وخبراتها إمعانا في تخريب البلاد وتدميرها وليس العكس . *السر السابع عشر هو أن الثورة السورية قد زامنت وبحرص شديد وذكاء عال يحسب لها ،قرار حل حزب البعث السوري كذلك الجيش السوري والغاء الدستور السوري وهي قرارات خطيرة لن تمر في أي بلد مرور الكرام من دون هزات وزلازل داخلية وخارجية،إلا أن القيادة السورية قد زامنتها مع قرار حل جميع الفصائل المسلحة ، وتعيين رئيس انتقالي للجمهورية ، والاعلان عن الانتقال من سورية الثورة الى سورية الدولة،ما دفع حكومات الدول الى بعث رسائل تهنئة الى الحكومة الجديدة بدلا من اصدارات بيانات شجب وادانة وتخوين واستنكار بحقها ، ليكون أمير قطر في طليعة الواصلين الى دمشق بعد سويعات قليلة من هذه القرارات ، وذلك اقرارا منهم بأن دولة جديدة تتشكل في بلاد الياسمين بالفعل على أنقاض دولة متصدعة زائلة ، ولابد من احترام ارادة وخيارات الشعب السوري بدلا من الجعجعة ضده وضد قياداته الجديدة وكم وددت لو كانت قرارات ما بعد 2003 في العراق على هذا النحو الهادىء والمتزن لكانت قد جنبتنا دخان الطائفية ، والحرب الاهلية ، ولحالت دون وقوع تسونامي من بحار الدماء المصانة التي أسيلت ظلما وعدوانا وبغير وجه حق إلا أن الاحتلال الأمريكي البغيض كان له رأي آخر وشعاره في ما اسماه بالفوضى الخلاقة هو" فرق تسد " و" مزق تَرُق " و " أجع وأفقر تُطَع" . *السر الثامن عشر لنجاح الثورة السورية يتمثل بغرق روسيا وهي الحليف الاقوى للنظام السوري المقبور في المستنقع الاوكراني وعلى مدار 3 أعوام ، حيث خسرت 369 طائرة، و331 مروحية، و23456 طائرة بدون طيار ، و9886 دبابة، و1264 نظام إطلاق صواريخ ، وغواصة واحدة ،علاوة على 834670 قتيلا اضافة الى خسائر وعقوبات اقتصادية مدمرة فرضت عليها منذ بدء الحرب في 24 شباط 2022، وبما لم يشجعها على المضي قدما في الدفاع عن النظام السوري المنهار ، لتجنح بدلا من ذلك الى التفاوض مع القيادة السورية الجديدة على الاقل للحفاظ على ما تبقى من نفوذها المتمثل بقاعدتها الجوية في حميميم ، وقاعدتها البحرية في طرطوس وكلاهما يعد موطىء قدمها ومتنفس رئتها الوحيد على البحر الابيض المتوسط مقابل عدم التدخل في الشأن السوري مستقبلا ، وتسليم الاسد بمعية أركان نظامه ممن لجئوا الى روسيا للمحاكم السورية المختصة * السر التاسع عشر يكمن في التفاف الشعب السوري العربي وبمختلف مكوناته وأطيافه حول الثورة السورية وإن كان هناك الكثير من غير الواثقين بقيادتها أو بقادتها، للتخلص الفوري من الفصائل الطائفية والاجنبية المسلحة التي تسللت الى سوريا بدعم خارجي وكل مواطن سوري كان يسأل سؤالا منطقيا مفاده " أيعقل أن يعيش أكثر من 12 ملايين سوري نازحا داخل بلاده أو مشردا في المنافي والمهاجر والكامبات والمخيمات في دول عدة قريبة وبعيدة ، تحت حر الصيف القائظ ، وبرد الشتاء القارسي ، وكلهم يعاني الأمرين فيما يسيطر وينعم بخيرات وثروات بلادنا الأجانب بزعم دعم النظام الميت سريريا والعمل على انعاشه وابقائه على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة ، إذا كان الأمر كذلك فليذهب النظام البعثي النصيري الى الجحيم ،والى حيث ألقت رحلها أم قشعم، وبما يؤيده المنطق العقلي، والدليل النقلي ، والشريعة الغراء ،والقانون الوضعي،والعرف الحسن في كل زمان ومكان . *السر العشرون هو استهداف الكيان الصهيوني اللقيط لكل مستودعات ومخازن وطائرات ودبابات ومدافع وترسانات و مختبرات ومصانع ورادارات ومنظومات دفاع الجيش السوري عن بكرة أبيها بعيد أيام من سقوط النظام خشية وقوعها بيد الحكومة الجديدة وبما يخبرك بأن الكيان اللقيط لم يكن يخشى من هذه الترسانة العسكرية الكبيرة بوجود النظام البعثي المقبور الذي لم يتحرك يوما قط لاسترداد الجولان ولا مزارع شبعا وهي بالاصل أراض سورية في الاصل وليست لبنانية كما يتوهم كثيرون بل ولم يطالب النظام بها أساسا ، ولكن وبمجرد سقوط النظام فقد أصبح الامر مختلفا وبما يستدعي تدميرها قبل أن تصوب نحو الكيان وتهدد أمنه ووجوده . *السر الحادي والعشرون يتمثل بالتحرك الفوري بكافة الاتجاهات وعلى مختلف الصعد لتقوية الليرة السورية ودعمها أمام العملات الصعبة ،اعادة الثقة بجواز السفر السوري ، ابرام مذكرات التفاهم وتوقيع الاتفاقات للبدء بعمليات اعادة البناء والاعمار على وجه السرعة ، تأهيل الصناعة الوطنية، احياء الزراعة المحلية ، اعادة النازحين والمهجرين طواعية ، تحسين الواقع الخدمي والصحي ، الأمر الذي أعطى انطباعا بأن الحكومة السورية الجديدة على علم تام وعلى وعي كامل بالتجارب الثورية الفاشلة التي سبقتها هنا أو هناك ،وبالتالي فإنها حريصة أشد الحرص على عدم الوقوع في شراكها ، وعدم ارتكاب خطاياها ولا تدوير اخطائها مطلقا كل هذه الأسباب وغيرها تؤكد بأن الثورة السورية ناجحة حتى اللحظة ولا ندري فيما إذا كانت ستحافظ على نجاحاتها مستقبلا ، أم أن للحاقدين والمنتفعين والانتهازيين والطائفيين ولأزلام وشبيحة دولة الوحش العميقة وفلوله وذيوله وكل المتضررين بانتصار الثورة رأي آخر ؟ *السر الثاني والعشرون هو أن صولة الثورة السورية الأخيرة كانت شبه بيضاء لم تسل فيها الدماء انهارا ، ولم تنتهك خلالها الأعراض ، لم تهتك فيها الحرمات ، لم تسرق خلالها البنوك والمصارف ، لم تنهب فيها مؤسسات الدولة كذلك الممتلكات العامة والخاصة كافة ، ما خلا بعض الحوادث الفردية هنا أو هناك ، وبما منحها شيئا من الثقة وأضفى عليها هالة من التقدير والاحترام وبالأخص عند مقاربتها ومقارنتها بتجارب مماثلة سابقة ، قريبة وبعيدة .أودعناكم اغاتي
#احمد_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقترحات وعتب لا يخلو من الصراحة بمناسبة اختيار بغداد عاصمة ل
...
-
زلزال-ديب سيك-يهز عرش ترامبو وشركائه !
-
رسائل للمثقفين الواعين ابتداء وللمرجفين والذباب الالكتروني ا
...
-
زكاتك وصدقاتك وأعمالك الخيرية والتطوعية في عصر-التراماسكية A
...
-
فرعون ترامب..قارون ماسك..هامان الذكاء الاصطناعي= حكم ال -ترا
...
-
الى الكاوبوي ترامب الحاكم بأمر شريعة الغاب وقانون المخلب وال
...
-
تحذير سيبراني من محاضرات ومواعظ الجانب المظلم في التاريخ !
-
يا أحفاد الأنجلو ساكسون .. ميزان عدالتكم اللا موزون يعفو عن
...
-
مأساة ياعرب مأساة !
-
الشرق الأوسط الجديد ومستقبل الفصائل السورية والعراقية المسلح
...
-
انطق يا اللسان المكمم واصرخ يا الضمير النائم !
-
الباستيل السوري الذي فضح معتقلات الشرق الأوسط المظلمة برمتها
-
ما هكذا يا -فيصل بول مارا- تورد الإبل !
-
لا تشغلك -صاد عن صاد- فكلها سهام ثاقبة وخناجر مصوبة الى القل
...
-
لا تلوموا الشعوب إذا ثارت ولوموا حكامها وحكوماتها إذا ظلمت و
...
-
بعض الترتيب المكتبي والتنقيب يكشف عن كل نفيس وعجيب!
-
مقصرون ولكن ما يزال أمامنا فسحة !
-
حديث الذكريات..كتاب جديد عن سيرة الدكتور صالح مهدي السامرائي
-
لفت الأنظار الى فوائد الذكاء الاصطناعي وكم المخاطر والأضرار
-
يا ذيول بمبة كشر اقتحموا أو افتحوا المعبر !
المزيد.....
-
أصالة تعلق على حفلي محمد عبده في الرياض: -المطرب الأول والأه
...
-
فستان عاري يخطف الأنظار في حفل جوائز الغرامي.. هل انتهكت بيا
...
-
200 زلزال خلال 4 أيام.. الزلازل تضرب -جزيرة إنستغرام- في الي
...
-
الكويت.. مرسوم أميري بتعيين الشيخ عبدالله السالم وزيرا للدفا
...
-
-هجوم ترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية اعتداء على
...
-
مصادر سورية: الجيش الإسرائيلي يتوغل داخل بلدة المعلقة بريف ا
...
-
ما هي الثمار التي سيقطفها نتنياهو من زيارته إلى واشنطن؟
-
ردا على واشنطن.. الصين تعلن فرض رسوم جديدة على المنتجات الأم
...
-
فريق طبي سعودي يصل إلى دمشق لدعم القطاع الصحي وإجراء العمليا
...
-
سوريا..الجيش الإسرائيلي يتحدى وجود الوفد الأممي ويفتش منازل
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|