|
غزة: من الإبادة الجماعية الى التهجير!
فارس محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 18:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
)حول خطة ترامب لإخلاء غزة( لم تمضي سوى أيام قلال على تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، وبخلاف إدعائاته حول أمنيته بأن يتم ذكره كـ"رجل سلام" وليس حرب، كشف ترامب عن وجهه القبيح والفاشي. إذ في غضون إسبوع واحد، تحدث مرتين عن خطته او مقترحه تجاه غزة، وتحدث عن مكالمته لملك الأردن ونيته الحديث مع الرئيس المصري، السيسي، ومطالبتهما بضرورة ان تستقبل الأردن ومصر أكثر من مليون ونصف مواطن فلسطيني من غزة!! وقد نال هذا الموضوع، كما هو متوقع، إستحسان القادة الفاشيين الصهيونيين في إسرائيل الغارقة أياديهم بدماء مئات الآلاف من الأبرياء. وبالأخص بعد ان عرفوا بحجم الرفض لهذا الأمر، رجعت الإدارة الأمريكية والصحافة الموالية لادارة ترامب وإسرائيل لتبرر هذه الخطة عبر التباكي الكاذب على جماهير غزة وفلسطين. إذ تحدثا عن "المنطقة ليست صالحة للسكنى" وعن ضرورة توفير "مكان أفضل للعيش" و"بوسعهم الرجوع الى غزة ما ان ينتهي الإعمار" وعن "الاستثمار" في بناء غزة و"تنمية إقتصاد" غزة وتحويلها الى "جنة" لمن يقطنها و..الخ. ولكن، من يقول هذا؟! ترامب والادارة الامريكية؟! من الواضح إنهم لايحترمون عقول وذكاء المليارات من البشر، واولهم جماهير فلسطين نفسها. إن دور وتاريخ أمريكا هو أكثر بشاعة من إسرائيل نفسها بهذا الخصوص. في غزة، أمريكا شريكة مباشرة وساهمت بالابادة الجماعية بقدر لايقل عن الحكومة الاسرائيلية الفاشية نفسها. في الحقيقة لم يكن بالمستطاع فصل ممارسات امريكا في هذه المجزرة عن اسرائيل نفسها! ولا يمكن فصل بايدن وترامب وبلينكن عن نتناياهو وبن غفير وغالانت وغيرهم من مجرمين! من الواضح انه لم يكفيهم ما قاموا به من جنون دموي على إمتداد (15) شهرا، وحين بدأت جماهير غزة وفلسطين بتنفس الصعداء بوقف إطلاق النار الهش، حتى شرعوا بالترويج لاجرام آخر يزيد الآف المرات عن ما قاموا به في غزة لحد الان، اي الحديث عن إخلاء غزة! وفوق هذا يتغابون لهذا الحد ويصورون الأمر على انه من أجل عيون "اهل غزة"! على من يريدوا ان يمرروا هذا الكلام؟! جربته جماهير فلسطين والمنطقة منذ 1948 وراته بأم عينيها، ليس هذا وحسب، بل جربته بهجرات وتشرد وعمليات تطهير عرقي قل نظيرها في تاريخ المجتمع المعاصر! إنهم ببساطة يريدون منطقة بدون فلسطين. ولهذا يسعون عبر هذا الطرح الى تدمير طرح حل الدولتين الذي أقرته الكثير من الهيئات والمؤتمرات الدولية والإقليمية. انهم ينشدون إزاحة فلسطين من خارطة المنطقة. يوأدون هذه القضية مرة وللابد. أرادوا ممارسة تطهير عرقي في غزة، والآن ينشدون محو فلسطينيي غزة من الوجود أساساً. ان سياسات أمريكا واسرائيل بشعة ودموية على إمتدار ما يقارب 80 عاماً، نعم، بيد إن هذه هي أبشع خطة في كل تاريخ هذه القضية. ليست هذه الخطة جديدة، بل وضع نتنياهو في الامم المتحدة قبل اشهر قليلة خارطة شرق أوسط جديد خالية من فلسطين. وطلبت إسرائيل وامريكا نقل وإخلاء فلسطينيي غزة الى سيناء من الأيام الأولى لما بعد 7 اكتوبر. ولم يكتفوا عند هذا، بل سعت بعض دول الاتحاد الاوربي الى رشوة مصر بالقبول بهذا الطرح، مقابل ذلك إطفاء 163 مليار يورو من ديون مصر! وهو الأمر الذي جوبه برفض قاطع من مصر! ولهذا لم يبقى سبيلاً سوى القصف والتدمير الجنوني وتحويلها الى ركام بحيث يضعوا فلسطينيي غزة أمام واقع لا مفر منه، اي منطقة "غير صالحة للسكن"! وبرايي، ان هذا يفسر هذا الحد غير المفهوم من التدمير والدمار والقتل الذي قامت به إسرائيل وشركائها العالميين، حيث لم تكن هناك أية ضرورة عسكرية أو سياسية لذلك! يتضح الآن للبشرية سر هذا الجنون الاجرامي الذي قامت به إسرائيل: إجبار سكان غزة على الهجرة المليونية. لكن مساعيهم فشلت. وها هم ياتون اليوم للحديث الصريح والسافر عن "إخلاء غزة"!! ولكي نفهم اللوحة أكثر، يرافق هذا المسعى، مسعى حثيث أخر، الا وهو القضم التدريجي للضفة الغربية وابتلاعها المتسارع عبر بناء المستوطنات السريع حيث يتواجد هناك الان بحدود 727 الف مستوطن، يمثلون 14% من السكان، ويسيطروا على 42% من الاراضي و82% من الثروات الموجودة في الضفة، والارقام تتصاعد بشكل تدريجي وحثيث! في عرف ترامب، ليس قطاع غزة منطقة مكتظة بالفلسطينيين الذين ينشدون الحرية والعيش كسائر البشر ولديهم دولتهم المستقلة. بالنسبة لترامب، ليس موضوع بشر سكنوا هناك قرون وقرون بقضية لديه. ولهذا يمكن بسهولة تهجيرهم الى مكان آخر لا صلة لهم به. انه أعلن الطواريء بحق كل من أتي ويأتي بصورة غير رسمية الى الاراضي الامريكية، وأطلق ايادي الشرطة والجيش في قمعهم وإرجاعهم الى بلدانهم التي فرّوا منها جراء الفقر والجوع والبطالة. بيد انه وبجرة قلم ينوي تهجير شعب من ملايين الناس عن ارضهم التي عاش فيها أبائهم وأجدادهم عقود وقرون!! انه يمنع هجرة لبلده، ويجبر فلسطيني غزة على هجرة مليونية!! أي إنصاف هذا واي كيل بمكيالين هذا؟! في الحقيقة انه في خطابه تنصيبه الرئاسي إستنكف عن ذكرهم من الأساس. إذ تحدث فقط عن "عودة الرهائن في الشرق الأوسط الى ديارهم وعوائلهم" فقط، ولا كأن إبادة جماعية وتطهير عرقي حدثا ومقتل وجرح ودفن ما يقارب 200 الف إنسان معظمهم من الأطفال! انه يتعامل مع غزة كسمسار عقارات، لا أكثر. إذ لا تعد غزة أكثر من منطقة للاستثمار، "ستكون جنة"، "سواحلها قبلة للسياح"، "ستكون شرم شيخ أخرى" والخ. ولكن بالرغم من كل القتل والتدمير والتهديد التي قامت به اسرائيل بدعم من الغرب، لم تتمكن من تحقيق اي من اهدافها. فلازالت حماس تسيطر على غزة، وقامت باستعراض قوتها في عملية تبادل الاسرى. وبخلاف الرواية الإسرائيلية، كان المختطفين الذين تم الافراج عنهم بصحة جيدة. كما قام مئات الالاف من الفلسطيينين بالرجوع الى شمال قطاع غزة المدمر وباصرار وصمود ومعنويات عالية نوعاً ما رغم كل ما جرى لهم. في المقابل، اسرائيل في تخبط. فاقصى اليمين غير راض عن الصفقة وهناك احتمال حدوث تصدعات في الحكومة. كما إنها اصبحت دولة منبوذة. إنها دولة مارقة بمعنى الكلمة. كما قد تصبح اسرائيل عبأ على الغرب، لذا لا يمكن ضمان تاييد امريكا لكل جرائم اسرائيل الى النهاية. لذا فان فرصة نجاح هذا المخطط ضئيلة جدا وخاصة اذا استمر وتصاعد الرفض العالمي لهذا المشروع وكل ممارسات اسرائيل في المنطقة. إن التصدي لهذه الخطة لهو من القوة والسعة على صعيد عالمي، وآخرها حلفائها في الاتحاد الأوربي نفسه، وفي مقدمتهم جماهير فلسطين والمنطقة. يجب إحباط هذا المسعى الذي لا يقل إجراماً عن حملة الإبادة الجماعية التي جرت في غزة.
#فارس_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-وقف إطلاق النار- أم وقفة في التطهير العرقي في غزة؟!
-
إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟! الجزء الثاني
-
إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟!
-
منصور حكمت وقضية فلسطين
-
كذبة -الأغلبية-
-
القومية عار على البشرية فعلاً!
-
أيام تنذر بالخطر!
-
فلسطين: حلّ -الدولة- أم -الدولتين-؟!
-
من قال انها حرباً على حماس؟!
-
هل -التقصير- فعلاً هو -المذنب- في فاجعة الحمدانية؟!
-
ثمة مصلحة للنظام الراسمالي في بقاء النزعة الذكورية!
-
لن يفيدكم الخلط المغرض للقضايا!
-
منصور حكمت ومنهجية الحرب (القسم الثاني والاخير)
-
(حول حرق القرآن في السويد)! حرية التعبير بدون أي قيد وشرط!
-
منصور حكمت ومنهجية الحرب: (الجزء الاول)
-
انتخابات تركيا: صراع فاشيتين إسلامية-قومية وقومية-أتاتوركية!
-
بقاء (8) من اذار يعني ان الظلم ضد المراة والنضال ضد هذا الظل
...
-
حول العشائرية.... وحمامات الدم في مدن العراق!
-
مكاسب انتفاضة جماهير ايران!
-
حول سمات هبّة جماهير ايران
المزيد.....
-
الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن تطورًا جديدًا بعد اتصال مع رئيس
...
-
الشرع يتحدث لـ-تلفزيون سوريا- عن معركة إسقاط النظام: خطط لها
...
-
ترامب يفرض رسوماً جمركية إضافية.. فمن الدول المتأثرة وكيف رد
...
-
أحمد الشرع يبدأ أولى زياراته الخارجية إلى السعودية ويؤدي منا
...
-
تبون يتحدث عن شرطه الوحيد للتطبيع مع إسرائيل، ما هو؟
-
نور عريضة تتحدث لترندينغ عن حملتها مع هيفاء وهبي ضد التحرش ا
...
-
-مخاطرة بأمننا-.. شولتس يهاجم المحافظين بسبب تشديد الهجرة
-
حكومة غزة: الاحتلال الإسرائيلي يماطل في تنفيذ البروتوكول الإ
...
-
رئيس الوزراء الكرواتي يعلق على فكرة ترامب حول فرض رسوم على ا
...
-
على خلفية تصريحات ترامب.. غرينلاند تخطط لتشديد قيود التبرعات
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|