أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني














المزيد.....

الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 00:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن فهم الصورة المشوهة للكورد لا يكتمل دون الغوص في الأسباب العميقة التي أدت إلى هذا التشويه، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسات الإقصائية التي تبنتها الأنظمة الحاكمة في سوريا على مدى عقود، إلى جانب دور الخطاب الإعلامي والثقافي، الذي عمل على تثبيت هذه الصورة ضمن الوعي الجمعي للسوريين.



المرحلة الأولى لهذا التشويه كانت مع انطلاق مشروع “الوطن الواحد”، الذي صاغته السلطة بشكل يتجاهل التعددية القومية والثقافية، مكرساً مركزية أحادية تنظر إلى التنوع كتهديد للوحدة. هذا المشروع، رغم شعاراته البراقة، لم يكن سوى وسيلة لإلغاء الآخر وطمس هويته، وكان الكورد أول من تحملوا عواقبه. القوانين المجحفة، مثل الإحصاء الاستثنائي في عام 1962 الذي حرم عشرات الآلاف من الكورد من الجنسية السورية، ليست سوى مثال صارخ على السياسات التي سعت إلى تقليص حضورهم في الفضاء العام.



لكن تشويه الصورة لم يتوقف عند حدود القوانين والسياسات. بل تجاوزها إلى الخطاب الثقافي والإعلامي الذي مارس عملية ممنهجة لإقصاء الكورد، وتصويرهم كغرباء أو حتى كأعداء داخليين. في السينما، في الأدب، وفي المناهج التعليمية، تم تصوير الكوردي كشخصية هامشية أو كعنصر طارئ لا ينتمي إلى نسيج المجتمع. هذا النوع من الخطاب لم يكن عشوائياً، بل كان جزءاً من استراتيجية مدروسة تهدف إلى تعزيز صورة نمطية عن الكورد كتهديد لوحدة سوريا واستقرارها.



ومع ذلك، لا يمكن إلقاء اللوم فقط على الأنظمة الحاكمة. هناك مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق القوى المعارضة والمجتمع المدني، التي لم تقدم بديلاً مقنعاً يعترف بالتنوع كقوة إيجابية. بدلاً من ذلك، تبنت بعض هذه القوى ذات النظرة الإقصائية، حيث تعاملت مع الكورد كمكون ثانوي، يمكن التنازل عن حقوقه في سبيل تحقيق أهداف سياسية أكبر. هذا النهج ساهم في ترسيخ حالة العزلة التي يعيشها الكورد، وحرمهم من فرصة تقديم أنفسهم كشركاء حقيقيين في صياغة مستقبل سوريا.



في ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري الحديث عن الدور الذي لعبه الكورد أنفسهم في مواجهة هذا التشويه. لقد أظهر الكورد قدرة هائلة على الصمود في وجه محاولات التهميش والإلغاء، ونجحوا في الحفاظ على هويتهم الثقافية واللغوية رغم كل الضغوط. لكن هذا الصمود كان مكلفاً، حيث اضطر الكورد في كثير من الأحيان إلى العيش في حالة من النضال المزدوج: نضال من أجل حقوقهم القومية، ونضال من أجل إثبات أنهم ليسوا أعداء للوطن، بل جزء أساسي منه.



إن الحديث عن الكورد كضحايا فقط دون الاعتراف بدورهم في صياغة المستقبل، هو اختزال غير منصف. الكورد، رغم كل ما تعرضوا له، لم يتخلوا عن دورهم الوطني، بل كانوا في مقدمة الصفوف في مواجهة الاستبداد، وقدموا تضحيات كبيرة من أجل الحرية والكرامة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه التضحيات إلى مكاسب سياسية واجتماعية تعيد صياغة العلاقة بين الكورد وبقية مكونات المجتمع السوري، على أسس من الشراكة والاعتراف المتبادل.



لا يمكن فصل الحديث عن الكورد عن السياق الأوسع للأزمة السورية. إن استمرار الصورة المشوهة للكورد لا يخدم إلا أولئك الذين يستفيدون من الانقسامات لإطالة أمد الصراع. لذلك، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع—منظمات المجتمع المدني، القوى السياسية، والمثقفين—للعمل على تفكيك هذه الصورة، والاعتراف بأن الكورد جزء أصيل من النسيج السوري، وبأن حقوقهم ليست فضلاً أو منة، بل هي جزء من العدالة التي لا يمكن بناء سوريا الجديدة بدونها.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول
- تحرير الأرض أم اغتصابها؟ زيف الشعارات وسقوط الأقنعة


المزيد.....




- يوم دامٍ في أوكرانيا.. لحظة انفجار ضخم في سومي بعد قصفها بصو ...
- مصدر لـCNN: ويتكوف أطلع مسؤولا مقربا من نتنياهو على محادثات ...
- -الكرش- الهندي: من رمز للمكانة الاجتماعية إلى قاتل صامت
- الحوثيون يطلقون صاروخيْن باليستييْن على تل أبيب وغارة أمريكي ...
- رغم القصف والدمار.. فلسطينيون يحيون أحد الشعانين في غزة
- قرقاش يعلق على لقاء محمد بن زايد مع الشرع
- الأمن الروسي يعتقل عميلين جندتهما استخبارات كييف في مولدوفا ...
- أكبر مزاد لملابس الأميرة ديانا
- ترامب سيطلب من الدول العربية أن تختار بين المعسكرين الأمريكي ...
- زيلينسكي يتعهد باستعادة -الأراضي المحتلة- لكنه يجهل الطريقة ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني