أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بندر نوري - الاقتصاد السياسي لحرب السودان















المزيد.....



الاقتصاد السياسي لحرب السودان


بندر نوري
كاتب وباحث من السودان

(Bandar Noory)


الحوار المتمدن-العدد: 8240 - 2025 / 2 / 1 - 18:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تمر البلاد منذ 15 نيسان/ أبريل 2023 بصراع مسلّح بين ميليشيا الدعم السريع والقوات المسلحة، ما أدى إلى وقوع آلاف القتلى والجرحى، ونزوح ما لا يقل عن 12 ملايين نازح خارجي وداخلي (قبل أحداث ولاية الجزيرة ) (UNHCR, 2023). لا يمكن النقاش حول رؤية للحرب من منظور الاقتصاد السياسي دون البحث الجاد حول الروابط الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية بين الحرب الحالية والتاريخ الطويل لبلادنا في الحروب والنزاعات المسلحة.
توجد اهمية بالغة لديناميكيات الصراع الطبقي التاريخية في صياغة معالم الواقع الاجتماعي. فقد ارسيت هياكل التبعية الهيكلية للبلاد عن طريق تشكيل طبقة برجوازية تجارية وزراعية من إعادة توزيع الأراضي، وإدماج التكوينات الاجتماعية التقليدية (من قبائل وعشائر وطرق صوفية) في الجهاز الإداري الخاص بجهاز الدولة التابع (Qaddal, 2018). كما أن نمط الإنتاج التابع، بتشكيله هياكل جهاز الدولة والمجتمع لتلبية حاجات التراكم الرأسمالي، عمل على تعميق التفاوتات الاجتماعية، الطبقية، الجغرافية والاثنية والتفاوت بين الريف والمدينة.
الاتجاه الاستعماري لدمج البلاد في اقتصاد السوق الحر تم عبر تسليع الاقتصاد المعيشي وربطه بقوى السوق، وذلك عبر تسليع الأرض وتحويل أنماط الملكية المجتمعية والقبلية إلى ملكية خاصة، بواسطة نزع الأراضي أو ما سماه ماركس بالتراكم بالنزع (Marx, 1976 Qaddal, 2018). كانت النتيجة المباشرة للتراكم البدائي تراكم فائض أو جيش احتياطي من العاطلين عن العمل، وازدياد البطالة والفقر والهجرة من الريف إلى أطراف المدن، وتشكيل القطاع غير المنظم. كما أن الإشكالات البيئية التي لازمت الرسملة الزراعية من إزالة للغابات والغطاء النباتي والاستخدام الزائد للمبيدات والمواد الكيميائية عموما، ودور الزراعة الأحادية الذي يعتمد على زراعة محصول نقدي واحد… كل ذلك فاقم من الإشكالات البيئية مثل الجفاف والتصحر ما فاقم بدوره الوضع الاجتماعي والتقسيم الطبقي في الريف.
تمت إعادة التبعية البنيوية بواسطة البرجوازية التابعة عبر ما سمّي بـ"السودنة"، وهي في جوهرها كانت إعادة انتاج للبنية الاجتماعية وهياكل جهاز الدولة الاستعماري مع استبدال بيروقراطي جهاز الدولة البريطانيين والمصريين بالسودانيين. وحتى تسكين البيروقراطية في مواقع الخدمة المدنية كان خاضعا للامتيازات الاستعمارية والحفاظ على التفاوت الجغرافي الذي خلقه الاستعمار، ما تسبب في نواة أول عمل عسكري مسلح مع بدايات الترتيبات لإعلان الاستقلال. من ضمن مؤسسات جهاز الدولة التي خضعت للسودنة هي أجهزة الدولة الطبقية، وتحديدا القوات المسلحة، التي تشكلت كقوة دفاع السودان بواسطة الاستعمار، ولم تخضع لإعادة هيكلة أو إعادة تكوين بما يتوافق مع طبيعة المرحلة الجديدة شانها شأن بقية أجهزة الدولة التي احتفظت بجوهرها الاستعماري، وهذا لا يعني أن تاريخ القوات المسلحة كان ساكنا ومتجانسا ولم يتأثر بمحاولات التحويل الثوري وقطع طريق التبعية البنيوية كما حدث في تموز/ يوليو 1971 .
كما سارت كل الحكومات المتعاقبة على ذات النهج الاستعماري مع اختلاف الاليات والتكتيكات حسب المراحل المختلفة التي مر بها النظام الرأسمالي العالمي.

الحرب كتعبير مباشر عن أزمة الهيمنة الطبقية
لا يمكن تجاوز حراك كانون الاول/ ديسمبر 2018 الثوري عند تحليل أسباب حرب الخامس عشر من نيسان/ أبريل 2023. لان هذه الحرب هي تعبير مباشر عن أزمة الهيمنة الطبقية داخل الطبقة المسيطرة التي نجحت، عبر حلفائها الدوليين من الامبريالية العالمية وحلفائها الاقليميين، في قطع طريق التغيير الثوري عبر الانقلاب الأول، الذي استنسخ التجربة المصرية عبر تكوين المجلس العسكري وإعادة إنتاج هياكل جهاز الدولة الاستعماري مع تغيير غير جوهري في طبيعة التحالف الطبقي المسيطر، وقد ضم بالإضافة إلي كبار الجنرالات من اللجنة الأمنية والبرجوازية التجارية المتمثلة في قيادات أحزاب قوى الحرية والتغيير، صعود القوي الاجتماعية التي تمثل المشروع الأميركي في البلاد من القوي النيوليبرالية العولمية الجديدة، التي صعدت كقيادات في المنظمات الممولة دوليا والشركات العابرة للقارات والمؤسسات المالية الدولية، وتم تسويقهم كقيادات محايدة أيديولوجيا (تكنوقراط) . ويجب ألا ننسي أن العامل الحاسم في تغيير مجري الصراع الاجتماعي والطبقي في اتجاهات إعادة إنتاج جهاز الدولة القديم هو القبول بمبدأ التفاوض بدلا عن التغيير الجذري.
الألية الثانية التي ساهمت في تشكيل وإعادة انتاج التحالف الطبقي المسيطر في السلطة هي مجزرة القيادة العامة ، التي أدت إلى تقويض ألية الرقابة الشعبية المباشرة (نواة الديمقراطية المباشرة) على التحالف الطبقي الذي كان يقود الحراك الثوري حتى لا ينحرف عن مطالب الشارع الثوري.
الألية الثالثة تمثلت في التوقيع على الوثيقة الدستورية ومن قبلها الإعلان السياسي الذي شكل هياكل السلطة الانتقالية، وشكلت عمليا إعادة انتاج النظام التابع وتحول التحالف الطبقي المسيطر إلى تحالف يعمل على إعادة انتاج السيطرة الطبقية تحت هيمنة كبار الجنرالات عبر سيطرتهم على الأجهزة الايديولوجية وسيطرتهم على 80% من اقتصاد البلاد. لذا عبرت الوثيقة الدستورية على هيمنة كبار الجنرالات على السلطة ما أدي لتفاقم السخط والمقاومة من التنظيمات القاعدية. مع زيادة الحراك المقاوم للشارع الثوري وعدم قدرة قوى الحرية والتغيير من احتواء حراك الشارع عبر أليات الهيمنة التي كانت تمارسها ابان قيادتها للحراك الثوري، ما زاد من مطامع كبار الجنرالات في الانفراد بالهيمنة على السلطة مع الاحتفاظ بالغطاء المدني الذي يرضي المجتمع الدولي ويحفظ المصالح الاميركية بالبلاد عبر وكلائها المباشرين، ما أدي إلى انقلاب 25 تشرين الاول/ أكتوبر 2021 . في المقابل، أدي هذا الانقلاب إلى اكتمال تشكل لجان المقاومة كمقاومة قاعدية (المواثيق) وتوحدها حول إسقاط الانقلاب واعتباره قطع لطريق الحراك الثوري.
لتوضيح أزمة الهيمنة الطبقية، التي أدت لقيام الحرب، لا بد من تحليل التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتاريخية التي أدت لتشكل كبار الجنرالات كفئة مهيمنة على التحالف الطبقي المسيطر، وارتباطات هذه القوي والمؤسسات بالإمبريالية الإقليمية والعالمية.
من المعروف أن السودان بدأ تطبيق المشروع النيوليبرالي منذ عام 1978، أي بعد عام من المصالحة الوطنية ، التي كانت شرط من شروط تطبيق المشروع بعد المعارضة السياسية التي واجهها في بلدان عدّة (Ali, 1990) . على الرغم من أن نتائج تطبيق سياسات التكيف الهيكلي هي التي قادت إلي انتفاضة شعبية بين شهري اذار/ مارس ونيسان/ أبريل 1985 على خلفية رفع الأسعار وآطاحت بالرئيس السوداني جعفر النميري بعد 16 سنة على حكمه، الا ان الحكومة الانتقالية للانتفاضة تبنت المشروع النيوليبرالي تحت الاشراف المباشر لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي (Ali, 1990). لتاتي المحاولة الثالثة لتطبيق المشروع النيوليبرالي بعد انقلاب الجبهة الإسلامية مباشرة، وتجلت في بروز الدولة النيوليبرالية او الدولة غير المسؤولة، وذلك بانسحاب الدولة من إدارة الاقتصاد وتقديم الخدمات الاجتماعية، التخلص من أصول الدولة، وتقليص العمالة في القطاع العام وميزانية القطاع العام، بالإضافة إلى انسحاب الدولة من تنظيم سوق العمل، الخ. ما يعني توسع أليات السوق ويد السوق الخفية في إدارة هذه القطاعات، وتتمحور وظيفة الدولة في تهيئة الأجواء للاستثمار، أي في تهيئة الظروف الملائمة لآيات السوق لكي تعمل لمراكمة الأرباح وانتزاع الفوائض (Harvey, 2005).
لكي تتمكن الدولة من فرض الأصولية الرأسمالية كان لابد من الحفاظ على نزعة التجييش الملازمة لهذا النظام على الدوام (Lovering, 1987). فمثلا نجد ان الولايات المتحدة الأميركية انفقت على منظومتها الدفاعية نحو 734.34 مليار دولار في عام 2019، و778.4 مليارا في عام 2020، و806.2 مليارا في عام 2021، و876.94 مليار دولار في عام 2022، أي بزيادة نسبتها 6% في عام 2020، و3.6% في عام 2021، و9% في عام 2022. وعندما نقارن الصرف علي التجييش بين عام 2019 وعام 2022 نجد ان ميزانية التجييش قد زادت بنسبة 19% (Bank, 2023). لذا كان نظام الجبهة الإسلامية يوجه 80% من موازنة البلاد للقطاعات الأمنية، التي كانت تشمل القطاعات الأمنية الرسمية وغير الرسمية، مثل مليشيا الدفاع الشعبي، وكتائب الظل، والأمن الشعبي وغيرها. بل عملت الجبهة الإسلامية على تحويل حتى الأجهزة الايديولوجية الرسمية لأجهزة شبه رسمية عبر سياسة التمكين، والتي حولتها لمؤسسات أقرب للميلشيات الإسلامية منها لمؤسسات قومية. وكجزء من سياسات الخصخصة والمشروع النيوليبرالي قامت بتجيير جزء من واجبات أجهزة الدولة الايديولوجية للميليشيات الإسلامية. كما أن العامل السياسي كان حاضرا في تكوين الميليشيات وهو حماية النظام من أمكانية استخدام الأجهزة الايدولوجية الرسمية ضد الإسلاميين عبر انقلاب عسكري. تم توجيه الميزانيات الضخمة التي خصصت للمؤسسات الايدولوجية من أجل بناء الإمبراطورية الاقتصادية للمؤسسات الأمنية (شركة جياد، زادنا..الخ) حتى أصبحت تسيطر على 80% من اقتصاد البلاد. قبل بداية الحرب كان يسيطر الجيش علي بعض مناجم تعدين الذهب ويشرف على بيع حقوق التنقيب فيها للشركات المختلفة (صلاح, 2023).

تاريخ "الدعم السريع"
يرجع تاريخ الدعم السريع إلى بدايات الألفية مع تصاعد الصراع في دارفور، حيث تم تكوين قوة حرس الحدود، ومن ثم الجنجويد، عبر تسليح القبائل العربية حتى تساند قوات الجبهة الإسلامية في حرب دارفور، كنموذج حي لخصخصة احتكار الدولة للعنف لتنظيمات اجتماعية أخري (Carey & Mitchell, 2017). قامت ميليشيا الجنجويد بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور وقامت بتغيير التركيبة السكانية في دارفور. في عام 2013 تم تغيير اسم الجنجويد إلى قوات الدعم السريع. في عام 2017 تمت إجازة قانون الدعم السريع بواسطة برلمان الجبهة الإسلامية لتصبح قوة مستقلة تتبع للقوات المسلحة (الجزيرة, 2023). في عام 2019 شرعنت الوثيقة الدستورية مليشيا الدعم السريع كقوات نظامية مستقلة عن أجهزة الدولة الأيدولوجية الأخرى.
شاركت قوات الدعم السريع في عمليات الخرطوم، التي نظمها الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تلقت تدريب من قبل الاتحاد الأوروبي فضلا عن تمويل بقيمة 1.8 مليار دولار (الجزيرة, 2023). بالاضافة الى الدعم السياسي، والمالي من قبل الجبهة الإسلامية، تم امتصاص فائض العمالة من جيش احتياطي العاطلين عن العمل نتيجة انتزاع الأراضي من صغار المزارعين في تشكيل ميليشيا الدعم السريع. كما أن التدريب والتمويل الذي تلقاه كجزء من عملية الخرطوم ساهم في رفع أسهم ميليشيا الدعم السريع على المستوي الإقليمي.
من العوامل التي ساهمت في تشكيل الإمبراطورية المالية للدعم السريع وقائده لورد الحرب محمد حمدان دقلو (حميدتي) سيطرته على مناجم الذهب في دارفور مثل جبل عامر وثلاثة مواقع تعدينية أخري، وتشكيل شبكات تهريب موازية للذهب (محمد صلاح، 2023). حيث سيطر أيضا على منح حقوق الامتياز للشركات العاملة في التنقيب علي الذهب. كما كون شركة الجنيد والتي يديرها أحد اشقاء حميدتي وتنشط هذه الشركة في التنقيب علي الذهب وفي التجارة وتحديدا في قطاع الصادرات مثل الماشية وغيرها. كما أن السلطة الانتقالية قامت بتعويض شركة الجنيد ب 200 مليون دولار و33% من الأسهم في شركة سودامين الحكومية مقابل التنازل عن جبل عامر للحكومة (محمد صلاح، 2023). كذلك شارك الدعم السريع في عهد الجبهة الإسلامية في حرب اليمن مقابل الدعم المالي السخي من الامارات والمملكة العربية السعودية، اذ تم إيداع مليار دولار في حساب بنك السودان مقابل مشاركة هذه القوات في حرب اليمن (تودمان, 2018).
استفادت أرستقراطية أل دقلو من شرعنة وضعية ميليشيا الدعم السريع في الفترة الانتقالية في بناء الإمبراطورية العسكرية والاقتصادية. توضح مجريات الصراع العسكري منذ 15 نيسان/ أبريل أن الميليشيا كانت تستعد وتعمل بجد من خلال بناء أسطولها العسكري علي مستوي التسليح المتقدم والتجهيزات الاستخباراتية. بتاريخ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 نشرت وسائل إعلامية عدّة نقلا عن صحيفة هارتس الإسرائيلية حصول ميلشيا الدعم السريع على أجهزة تجسس متطورة من شركة إسرائيلية (دبنقا, 2022).
يمكن الاستخلاص مما سبق أن الصراع حول السيطرة على الموارد وفي مقدمها الذهب، السيطرة على الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه، الصراع الجيوسياسي للسيطرة على التجارة والموانئ، يعتبر من الأسباب الأساسية لاندلاع حرب 15 نيسان/ أبريل، وفي تفاقم ازمة الهيمنة الطبقية، التي تجلت في الموقف من دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة كأحد مطلوبات إعادة هيكلة القوات النظامية كقوات قومية ومهنية. والدليل على ذلك أن الدعم السريع قام بالسيطرة على كل مناجم الذهب بالبلاد وعلى مصفاة الذهب بعد اندلاع الحرب مباشرة (محمد صلاح، 2023).

حرب الخامس من أبريل كتعبير عن الصراع الطبقي على المستوي الإقليمي والعالمي
يحتدم الصراع الطبقي على المستويين الإقليمي والدولي للسيطرة على الموارد في السودان، حيث كان يمثل أطراف التحالف الطبقي المسيطر من المدنيين والعسكريين في السلطة الانتقالية قبل أن تنهار مصالح إقليمية ودولية متناقضة، اذ يرتبط الدعم السريع بالمصالح الإماراتية والسعودية ومطامعهما بالسيطرة على منطقة القرن الافريقي، واستنزاف الفوائض الاقتصادية لهذه المنطقة عبر السيطرة على ثلاث قطاعات هامة:
1. الصراع حول السيطرة على مناجم الذهب،
2. الصراع حول السيطرة على التجارة والموانئ،
3. الصراع حول السيطرة على الأراضي الخصبة (قضية الأمن الغذائي).
كما ترتبط الأمارات والسعودية بالتحالف الامبريالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، حيث تعمل مؤسسات عابرة للقوميات على توحيد الامبريالية العالمية حول مصالحها الإقليمية والدولية وإدارة التناقضات الثانوية، ومن ضمن هذه المؤسسات المجلس الاطلنطي الذي تعتبر الامارات من أبرز الممولين له (ويكيبديا, 2023).
عملت الإمارات العربية المتحدة على توفير الدعم العسكري المباشر لميلشيا الدعم السريع كما أشار لذلك تقرير صادر في صحيفة وول ستريت الأميركية (Nicholas Bariyo, 2023). كما أن التعاون العسكري المشترك بين الإمارات وتشاد والذي شهد تدريبات عسكرية مشتركة سميت بالسيف القاطع من المرجح أن يكون تغطية لإمدادات السلاح والإمداد اللوجستي للميليشيا عبر الحدود الغربية (الخليج, 2023).
في الجانب الاخر، يوجد التحالف التركي والقطري الذي ينطلق من تنظيم الاخوان المسلمين العالمي ويعمل على التنسيق مع روسيا في صراع المصالح في القرن الافريقي. أيضا تعتبر الصين وإيران من الدول التي لها وجود مهم في أفريقيا وتنسّق فيما بينها ضد المصالح الاميركية والخليجية على الترتيب. يرتبط كبار الجنرالات بالقوات المسلحة والحركات المسلحة المتحالفة معهم بالمحور التركي والقطري. بالإضافة إلى ذلك فإن جمهورية مصر لها أيضا ارتباطات مؤثرة بالجيش السوادني.
ارتباط المصالح يعبر عنه بتبعية التبعية حيث تعمل القوي الامبريالية الإقليمية على السيطرة على بلدان العالم الثالث، وتحديدا بلدان أفريقيا، سياسيا واقتصاديا عبر إخضاع بنياتها الاجتماعية وهياكلها لمتطلبات التراكم الرأسمالي عند برجوازية هذه الدول. والتي بدورها تخضع لمتطلبات التراكم الرأسمالي على الصعيد العالمي. وتخضع هذه التراتبية للتقسيم العالمي للعمل الذي يحكم العالم بعد صعود النيوليبرالية، حيث تعمل دول الجنوب على تصدير المواد الخام، بينما تتخصص دول العالم الثاني كمراكز صناعية، وتحول العالم الأول الى مراكز مالية تعمل على امتصاص الفوائض التي يتم إنتاجها في بلدان الجنوب والمراكز الصناعية (Harvey, 2005) .هذا التقسيم لا ينفي وجود استقلالية لهذه الدول في التحرك وفقا لمصالحها، والتي قد تتضارب أحيانا مع مصالح دول العالم الأول، وفقا للتناقضات الثانوية التي تحكم هذه التحالفات والارتباطات. وأحيانا تتأرجح المراكز الامبريالية الإقليمية بين المراكز الإمبريالية العالمية المختلفة.

1. الصراع حول الذهب (الامبريالية الاستخراجية)
معظم انتاج الذهب في القارة الافريقية يتم عبر القطاع التقليدي، ويتم تهريب الذهب عبر شبكة من التجار يمثلون مسار موازي يربط ما بين المصافي المحلية والمعابر الحدودية إلى أن يتم تأمين وصول الكميات المهربة إلى مركز تجميع الذهب المهرب في دبي في الأمارات العربية المتحدة، ومن هناك تتم إعادة تصفيته وخلطه بأنواع مختلفة من الذهب الخام وتصديره للسوق العالمية (Smith, 2020). مثلا في مقاطعة كيفو، وهي إحدى المقاطعات التعدينية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يتم تهريب 300 كجم من الذهب شهريا عبر شبكات التهريب، بينما الأرقام الرسمية التي تعكس الناتج الشهري من الذهب في المقاطعة تقول بان الناتج الشهري 5 كجم فقط (Smith, 2020) . في يوليو 2023 تم الكشف عن اتفاق بين الإمارات العربية المتحدة وحكومة الكونغو الديمقراطية بإنشاء 4 مصانع تعدينية في مقاطعتي كيفو ومانيما بقيمة 1.9 بليون دولار. وسبق توقيع هذا الاتفاق حصول الإمارات علي الحق الحصري (احتكار) تصدير المعادن التي يتم استخراجها من التعدين الأهلي بالكونغو الديمقراطية لمدة 25 عاما (Aljazeera, 2023). بالإضافة إلى ذلك توجد مصفاة الذهب الأفريقية (AGR) بسعة 219 طنا في العام في يوغندا، ومصفاة الدانجو في رواندا والتي تعالج 73 طنا من الذهب في السنة، والمصفاتان مملوكتان لعائلة بلجيكية متخصصة بتجارة الذهب وينتهي المطاف بواردات الذهب من المصفاتان بشركة PGR Gold Trading المملوكة للاسرة نفسها ومقرها في دبي في الإمارات العربية المتحدة (Smith, 2020) .
في عام 2018، حسب تصريح وزير المعادن، انتج السودان 93 طنا من الذهب، ما جعله ثالث أكبر دولة منتجة للذهب في أفريقيا بعد غانا وجنوب أفريقيا. بين عامي 2014 و2018 تم تسجيل إيرادات بقيمة 8.6 مليار دولار، في حين ان واردات الذهب الى الأمارات في الفترة نفسها سجلت 12.7 مليار دولار، أي أن ما قيمته 4.1 مليار دولار من الذهب تم تهريبه للإمارات في هذه الفترة (Smith, 2020) . في عام 2017، أوضحت السجلات الرسمية للدولة إنتاج 104 اطنان من الذهب، بينما أكد وزير الصناعة والتجارة ان إنتاج الذهب في العام نفسه قد بلغ 250 طنا، ما يعني أن 146 طنا من الذهب في عام 2017 فقط تم تهريبه للخارج (محمد صلاح، 2023).
تعدّ روسيا من الدول التي لها وجود في صراع الذهب في السودان، اذ باتت تسيطر علي مناطق تعدين في جبل عامر عبر شركة (M. Invest)، وتحديدا عبر فرعها الذي ينشط في السودان باسم مروي غولد (Euronews, 2022) (محمد صلاح، 2023). كما تنشط مصر في النشاط الاستخراجي للذهب في السودان، وتسيطر هي الأخرى على شبكات تهريب تديرها القوات المسلحة ومنسوبيها، ما أدّى إلي زيادة احتياطي مصر من الذهب ب 44 طنا من بداية عام 2022 وزيادة الاحتياطي عند البنك المركزي بنسبة 54% (محمد صلاح، 2023).
أيضا تم تهريب الذهب من غانا، جنوب أفريقيا وساحل العاج والنيجر، ما أدي إلى ارتفاع معدل الذهب الأفريقي من مجمل الذهب الذي يصل الى دبي من 16% إلى 50% في الفترة من 2006 إلى 2016. وبالتالي ارتفعت حصيلة التجارة غير النفطية بين أفريقيا والامارات العربية إلى 252 بليون دولار في الفترة من 2011 وحتى 2018، ما يعني أن إيرادات تجارة الذهب أصبحت تمثل 20% من مجمل إيرادات الاقتصاد الاماراتي (Smith, 2020). في عام 2018، كانت الامارات العربية المتحدة رابع أكبر دولة من ناحية صافي واردات الذهب في العالم، وتشير التقارير إلى أن كمية الذهب المهرب من أدغال افريقيا وتمت إعادة تدويره وتصديره للأسواق العالمية في عام 2018 بلغ 208075 كجم .(Whitehouse, 2020)
يتم تأمين شبكات تهريب الذهب عبر الميليشيات المتعددة التي تشرف على تكوينها وإدارتها الامارات العربية المتحدة، وفي مقدمتها الدعم السريع الذي سيلعب دورا محوريا في رعاية المصالح الجيواستراتيجية للأمارات العربية المتحدة في أفريقيا. والألية الثانية لضمان وصول الذهب المهرب إلي دبي هي رشوة القيادات السياسية لهذه البلدان، خاصة في البلدان التي ليس بها حروب أو لا توجد بها ميليشيات مسلحة. والنتيجة أن إيرادات الذهب لا تدخل الخزينة المركزية لهذه الدول ولا يتم تحصيل الضرائب ولا الجمارك مما يؤدي إلى خفض تكلفة الذهب الخام بنسبة كبيرة، وبالتالي تتمكن الامارات من انتزاع فوائض ضخمة من خلال الامبريالية الاستخراجية التي تتم على دماء وجماجم الشعوب الافريقية.

2. الصراع حول السيطرة على التجارة والموانئ
يعدّ الاستثمار في الموانئ من الاستثمارات المحورية، اذ يشمل الاستثمار في رفع القدرات اللوجستية للدول الامبريالية، تمكّنها من بناء شبكات تجارية تربط أماكن نفوذها الامبريالي في السوق العالمية، وبالتالي خفض تكلفة انتزاع الفوائض الاقتصادية وتعظيم الأرباح.
يمثل الوجود الصيني في السودان مصدر قلق للولايات المتحدة، ليس بسبب سيطرة الصين على قطاع النفط فحسب، بل بسبب الموقع الاستراتيجي للسودان، الذي يمكّن الصين من التوغل والسيطرة على أفريقيا بأكملها (كوريبو, 2018). وكان الديكتاتور المعزول عمر البشير قد عقد اتفاقا مع الرئيس الروسي لبناء قاعدة عسكرية علي البحر الأحمر لمدة 25 عاما مع إمكانية التجديد لمدة 10 أعوام. كما قدم الدعوة لروسيا في عام 2017 لبناء سكك حديدية تربط السودان ببقية أفريقيا، وبالتالي إحكام القبضة الروسية على الموارد والتجارة الأفريقية. بعد تشكيل السلطة الانتقالية، تم الاعلان عن تجميد الاتفاق الذي عقدته الجبهة الإسلامية مع روسيا، حتي تبعث رسائل اطمئنان لحلفائها من الامبريالية الاميركية والامبرياليات الإقليمية (Euronews, 2022). أمتد الوجود الروسي في أفريقيا إلي عدد من الدول عبر توقيع الاتفاقات الدفاعية مثل ليبيا، أفريقيا الوسطي، مالي، وموزمبيق (Euronews, 2022). شاركت روسيا في تدريب القوات المسلحة في أفريقيا الوسطي، وفي إعادة بناء الجيش هناك عبر وساطة حكومة السودان في عهد الجبهة الإسلامية (كوريبو, 2018).
وتعتبر تركيا من الدول التي تصارع من أجل السيطرة على السواحل السودانية الممتدة لأكثر من 700 كيلومتر علي البحر الأحمر، حيث قامت حكومة أردوغان بتوقيع أتفاق مع حكومة الجبهة الإسلامية في عام 2017 قضي بسيطرتها على ميناء سواكن (كوريبو, 2018). وقامت قطر المتحالفة مع تركيا بالتوقيع على اتفاق مع حكومة الجبهة الإسلامية قبل بداية الحراك الثوري قضي بتملكها حقوق إدارة ميناء علي البحر الأحمر بقيمة 4 مليارات دولار (تودمان, 2018).
في المقابل، يستخدم التحالف الاماراتي السعودي في قيادة مجلس التعاون الخليجي ثلاث وسائل أساسية للتدخل في أفريقيا من أجل حماية مصالحهم الاقتصادية المتنامية، وهي التدخل الدبلوماسي عبر جهود الوساطة التي تقودها الدولتان لإنهاء الصراعات الدامية في الدول الأفريقية، والتي تندلع أصلا بسبب السياسات الامبريالية التي تنتهجها دول المركز الامبريالي وحلفائها الإقليمين. حيث وجدت الدولتان موطئ قدم لهما في أثيوبيا وأرتيريا عبر التوسط لإنهاء الصراع الاثيوبي الارتيري والذي بدا في عام 1998. تم ذلك في المملكة العربية السعودية فيما عرف باتفاق سلام جدة (تودمان, 2018). أما الوسيلة الثانية فهي بناء القواعد العسكرية ودعم وإنشاء الميليشيات والمجموعات المسلحة التي تحافظ على استقرار الأنظمة التي تدعم المصالح والسياسات الخليجية، بينما تطيح الأنظمة التي تعرض هذه المصالح، وبالتالي تحافظ على استمرارية البيئة السياسية والأمنية المواتية لاستمرار النشاطات الامبريالية لهاتين الدولتين في أفريقيا. تعتبر الوسيلة الثالثة مهمة للغاية في تمكين الامبريالية الخليجية من التوغل في أفريقيا، وهي العمل الخيري والتبشيري عبر المنظمات الإسلامية مثل هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية (السعودية) ووكالة المسلمين الأفارقة (الكويتية) والتي تعتمد على الإرث الثقافي المشترك مع الشعوب المسلمة في أفريقيا لخلق سمعة وارث ثقافي للإمبريالية الخليجية (تودمان, 2018).
بلغت الاستثمارات الإماراتية في أفريقيا حوالي 11 مليار دولار، بينما بلغت الاستثمارات السعودية 16 مليار دولار في عام 2018. المدخل الأساسي للأمارات والسعودية للسيطرة على الموانئ والمنافذ البحرية وبالتالي حركة التجارة عبر شركة موانئ دبي العالمية، والتي قامت بتوقيع عقد لإنشاء محطة شحن داخلية للحاويات في دولة مالي بقيمة 50 مليون دولار في عام 2018 (تودمان, 2018). أدت الاستثمارات اللوجستية والسيطرة على الموانئ لزيادات كبيرة في تدفقات الواردات الافريقية إلى الامارات من 5 مليارات دولار في الفترة من 2010 – 2015 إلى 23.9 مليار دولار في 2016 وتضاعفت هذه القيمة أربع مرات في الفترة 2016 – 2022 (تودمان, 2018).
اتجهت الدول الخليجية وفي مقدمتها الامارات والسعودية لإنشاء القواعد العسكرية لحماية استثماراتها ومصالحها الاقتصادية في أفريقيا. وفي تجربة شبيهة بتجربة مليشيا الدعم السريع قامت الامارات بدعم مرتزقة في بورتلاند بقيمة 50 مليون دولار، وهي مرتزقة تطالب بانفصال منطقة بورتلاند التي تقع شمال شرق الصومال (تودمان, 2018). كما بدأت دول مجلس التعاون الخليجي في إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي لاستخدامها كمنصة انطلاق جوية في حرب اليمن قبل أن يؤدي الخلاف السياسي مع حكومة جيبوتي إلى إنهاء العمل في القاعدة والانسحاب منها. لكن الامارات لم تستغرق وقتا طويلا لإيجاد البديل المناسب في ارتيريا وهو ميناء عصب والذي تستخدمه الامارات كقاعدة عسكرية، وفي المقابل قامت بصيانة الميناء للحكومة الارتيرية للاستخدام التجاري (تودمان, 2018). ومن ثم توجهت الامارات إلى أرض الصومال (صومال لاند)، وهي إحدي المقاطعات بالصومال، التي أعلنت استقلالها ولم يتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي، لبناء قاعدة عسكرية تسمي قاعدة بربرة بصفقة بلغت 442 مليون دولار، وذلك عقب انهيار الحكومة الصومالية المركزية إلي مجموعة دويلات. في عام 2017، قامت المملكة العربية السعودية ببناء أول قاعدة عسكرية لها في جيبوتي لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة، وإيجاد موطئ قدم لها في حرب السيطرة على التجارة الدولية عبر البحر الأحمر (تودمان, 2018).
كما شملت التدخلات العسكرية لدول الخليج بناء الشراكات العسكرية، مثلا الشراكة بين الامارات وحكومة الصومال لتدريب القوات الصومالية في الفترة من 2014 وحتى 2018، وكانت الشراكة برعاية الاتحاد الافريقي لإنهاء التطرف الإسلامي في الصومال (تودمان, 2018). في عام 2016 تم تكوين التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب والذي تم تكوينه بمبادرة من المملكة العربية السعودية بغرض التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أكثر من 20 دولة أفريقية في جنوب الصحراء (تودمان, 2018).
علي صعيد التدخلات الدبلوماسية لحماية المصالح الاقتصادية، قامت كل من قطر، الامارات، السعودية والكويت بافتتاح عدد من السفارات في أفريقيا في الفترة من 2010 وحتى 2018: 11 سفارة قطرية، 9 امارتية، 6 سفارات سعودية، سفارتين كويتيتين (تودمان, 2018). وللتدليل على العلاقة الوثيقة بين التدخلات الدبلوماسية وتعزيز وحماية المصالح الاقتصادية، قامت قطر بشراء أراضي زراعية في السودان (طبعا بثمن بخس وبضمانات كبيرة) لتأمين أمنها الغذائي، وذلك عقب توسطها بين الحكومة السودانية في عهد الجبهة الإسلامية وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، واسفرت الوساطة عن توقيع اتفاقية الدوحة للسلام( تودمان, 2018). أيضا ترافقت جهود توقيع اتفاق جدة للسلام بين أثيوبيا وارتيريا بتقديم مساعدات مالية وإغراءات اقتصادية، بلغت قيمتها 3 مليارات دولار. وسرعان ما ظهرت الدوافع الحقيقية للمجهودات الدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية التي تمثلت في بناء خط أنابيب نفط بين أثيوبيا وإرتيريا لإيجاد منافذ إضافية للنفط الاماراتي على السوق العالمية (تودمان, 2018). استخدمت السعودية التكتيك الدبلوماسي نفسه المصحوب بالرشوة السياسية السخية من أجل التوسط بين الحكومتين السودانية والتشادية وضمهما للنفوذ الخليجي الاماراتي السعودي في المنطقة منذ عام 2007. واصلت المملكة العربية السعودية في جهودها الاقتصادية تجاه السودان وقامت بإيداع مبلغ مليار دولار في حسابات بنك السودان المركزي لمساعدة حكومة الجبهة الاسلامية لمواجهة أزمتها الاقتصادية مقابل أن تقوم الحكومة بتجفيف علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بإيران (تودمان, 2018).
في عام 2017 عندما حدث الصراع القطري- السعودي- الاماراتي بسبب صراع الهيمنة داخل مجلس التعاون الخليجي، اعلنت دول جزر القمر، موريتانيا، موريشيوس، السنغال، وأريتريا مساندتها للامارات والسعودية، وتسلمت مساعدات مالية واستثمارية مباشرة مقابل قطع كامل لعلاقاتها الدبلوماسية مع قطر. كما قامت دول جيبوتي، النيجر، وتشاد بتخفيض مستوي علاقاتها الدبلوماسية مع قطر (تودمان, 2018). علي الفور قامت وكالة سلمان للإغاثة بإرسال مساعدات للاجئين في جيبوتي بلغت 250 مليون دولار في عام 2017. ووقعت حكومة المملكة العربية السعودية اتفاقات لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري مع موريشيوس. كما قدم صندوق أبو ظبي للتنمية مساعدات لتشاد وجزر القمر بلغت 50 مليون و10 مليون دولار لدعم الاستثمار والكهرباء على التوالي (تودمان, 2018).
كما يحاول التحالف السعودي الاماراتي مواجهة النفوذ التركي في أفريقيا، فتركيا مثلا زادت تجارتها مع افريقيا منذ 2003 وحتى 2022 ستة أضعاف لتصل الى 17.9 مليار دولار، كما توسع نفوذها السياسي والدبلوماسي والأمني الضروري لحماية مصالحها الاقتصادية بافتتاح 29 سفارة جديدة في الفترة نفسها وإنشاء أول قاعدة عسكرية لها في الصومال (تودمان, 2018).

3. الصراع للسيطرة على الأراضي الخصبة (Land grabbing):
أقبلت السعودية والإمارات على استئجار الأراضي الخصبة لفترات زمنية طويلة وبأثمان بخسة، وذلك عبر الرشوة السياسية لقيادات البلدان المستهدفة، بهدف خفض تكلفة الاستيراد العالية للمواد الغذائية، اذ تستورد دول التعاون الخليجي 90% من احتياجاتها الغذائية (Henderson, 2021). تنطوي عملية السيطرة على الأراضي الزراعية علي فصل المنتجات الزراعية عن سلاسل السلع المحلية Commodity chain وإلحاقها بسلاسل سلع البلدان الامبريالية، وتمكن هذه العملية ليس من انتزاع الفوائض الاقتصادية فقط، بل انتزاع مخزون هذه الشعوب من المياه الصالحة للزراعة ومغذيات التربة (Soil nutrients)، مما يؤدي إلى تبادل ايكولوجي غير متكافئ يتجاوز مجرد انتزاع الفوائض الاقتصادية إلى استنزاف الموارد الطبيعية التي لا يمكن تعويضها بوسائل وأليات راس المال عبر التغيير التكنولوجي وتكثيف العمل (Henderson, 2021). وتؤدي عمليات انتزاع الأراضي إلى اغتراب سكان الريف عن وسائل إنتاجهم وعن الطبيعة وإلى تغييرات كبيرة في طرق إنتاج الغذاء، كما فطن لذلك ماركس مبكرا في راس المال (Marx, 1976).
اتجهت المملكة العربية السعودية والامارات إلى إنتاج الغذاء في الثمانينيات عبر المشاريع الزراعية التي تعتمد علي راس المال المكثف وأحدث التقنيات، وبإشراف متخصصين من الولايات المتحدة الاميركية. في الفترة من 1980 وحتى 1993 ارتفع إنتاج المملكة العربية السعودية من القمح من 267 ألف طن إلى 5 مليون طن (Henderson, 2021). وكذلك زاد إنتاج السعودية للبرسيم في نفس الفترة من 388 ألف طن إلى 2.4 مليون طن. لكن تكلفة هذه المشاريع كانت عالية جدا، فقد استهلكت ثلثي مخزون السعودية من المياه الجوفية (Henderson, 2021). التجربة نفسها تكررت في الإمارات التي بدأت منذ السبعينات من القرن الماضي في إنتاج الغذاء بالتركيز على الخضروات، التمر وعلف الماشية. في بداية الألفيات توقفت هذه التجربة بسبب التكلفة العالية واستهلاك مخزون البلدين من المياه الجوفية.
استفادت الدولتان من القدرات اللوجستية والأمنية والسياسية الواسعة التي تم بنائها في أفريقيا، من خلال إنشاء القواعد العسكرية، التدخلات السياسية والأمنية عبر إنشاء أو تمويل المليشيات، وتغيير الأنظمة، والتدخلات الدبلوماسية للحصول على الأراضي الزراعية الخصبة بميزات استثمارية ساعدت في تخفيض تكلفة الاستثمار ونقل المنتجات وربطها بسلاسل السلع الخاصة بالدولتين بحيث تمكنهما من انتزاع فوائض مهولة.
اتجهت الدولتان للاستيلاء على الأراضي الخصبة في أفريقيا تحديدا لأنها تحتوي على 60% من الأراضي الخصبة في العالم (تودمان, 2018). تستهدف المملكة العربية السعودية من الاستيلاء على الأراضي الخصبة توفير العلف وخصوصا البرسيم تلبية لحاجات إمبراطوريتها الضخمة لصناعات منتجات الألبان. حيث تساهم صناعة منتجات الألبان في المملكة ب 12% في الناتج الإجمالي القومي (GDP). كما أن استهلاك منتجات الألبان قد زادت بنسبة 50% في دول الخليج في الفترة من 2007 – 2012 (Henderson, 2021).
تشير التقديرات إلي أن الامارات العربية المتحدة تعتبر رابع دولة في العالم من حيث السيطرة علي الأراضي الخصبة حول العالم بعد المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، الصين، وقبل إسرائيل التي تعتبر خامس دولة من حيث السيطرة علي الأراضي الخصبة .(OAKLAND, 2013) تسيطر الامارات العربية على حوالي 6.5 مليون فدان من الأراضي الخصبة حول العالم .(OAKLAND, 2013)
يتركز النشاط الاستخراجي في القطاع الزراعي للسعودية والامارات في أفريقيا، أسيا وأمريكا اللاتينية. وفي أفريقيا تتركز هذه النشاطات بشكل أكبر في السودان، أثيوبيا، مصر (Henderson, 2021) .كما تنشط الدولتان أيضا في السيطرة على الأراضي الخصبة خارج هذه الدول المذكورة في أفريقيا، فمثلا قامت بشراء مليون و235 ألف فدان من الأراضي الخصبة في تنزانيا في عام 2009 (تودمان, 2018). كما قامت قطر بمحاولة استئجار حوالي 100 ألف فدان من الأراضي الخصبة في دلتا تانا في كينيا في العام نفسه، ولكنها واجهت مقاومة شرسة من قبل المجتمعات المحلية (تودمان, 2018).
تشير بعض التقديرات إلى أن السودان يحتل المرتبة الثامنة في العالم من حيث حجم الأراضي المزروعة التي تمت السيطرة عليها من قبل راس المال الأجنبي. يسيطر راس المال الأجنبي على أكثر من 20% من جملة الأراضي المزروعة .(OAKLAND, 2013) الا أن تقديراتنا تشير إلي أن جملة الأراضي التي يسيطر عليها راس المال الأجنبي أكبر بكثير من الأرقام التي تظهر في الإحصائيات والدراسات بسبب الطبيعة السرية لهذه الصفقات التي تتم بطرق غير مشروعة وعبر الرشوة السياسية.
بالإضافة إلى السعودية والأمارات، تنشط دول عدّة للسيطرة علي الأراضي الزراعية في السودان، مثل قطر، تركيا، الصين، كوريا الجنوبية، الأردن، مصر، المغرب وصربيا (Yasin Elhadary, 2016). من الأرقام التي حصلنا عليها والتي لا تعكس بالضرورة كل الواقع فإن الشركات الزراعية الإماراتية العملاقة (Agribusiness) تسيطر علي 2.388 مليون فدان، وتسيطر شركة أمطار الإماراتية لوحدها علي أكثر من 1.400.000 فدان (Yasin Elhadary, 2016). بينما تسيطر الشركات السعودية على 745.339 ألف فدان، ومن أبرز هذه الشركات شركة الراجحي الزراعية (Yasin Elhadary, 2016).
من الرأسماليين الذين لهم شراكات مع الشركات والمؤسسات الإماراتية والسعودية أسامة داؤود، الذي ذكر في اللقاء السري الذي عقده مع القنصل الأميركي وتم تسريبه ضمن تسريبات ويكليلكس، اذ وقع اتفاقا مع مستثمر سعودي لزراعة 100 ألف فدان في شمال السودان، بالإضافة إلى شراكاته مع الهيئة العربية للاستثمار والتنمية والتي تتخذ من الإمارات مقرا لها. كما ذكر بأن شركته قد تحولت للتعاملات المالية مع بنك أبو ظبي الوطني بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية علي السودان (ويكليكس, 2007).
تعتبر الشركات الزراعية المصرية أيضا من الدول التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ومن أبرز هذه الشركات شركة سيتادل (Citadel) التي تعمل في السودان عبر شركة تسمى وفرة أنشأت في عام 2007 (Dixon, 2014). تضم شركة الوفرة ثلاث شركات زراعية مثل شركة سابينا الزراعية التي تمتلك عقد إيجار لمدة 30 عاما لـ254 ألف فدان من الأراضي المروية قرب مدينة كوستي، بالإضافة إلى شركة النهضة الزراعية التي تمتلك أيضا عقد للإيجار لمدة 30 عاما لـ60 ألف فدان قرب مدينة الدويم بالنيل الأبيض (Dixon, 2014). تقوم هذه المشاريع بزراعة المحاصيل النقدية مثل القمح، الأرز، الذرة والحبوب الزيتية (Dixon, 2014). تقوم شركة سيتادل أيضا بنشاطات اقتصادية أخرى في قطاع التعدين (الذهب)، صناعة الأسمنت. كما تنشط أيضا في دولة جنوب السودان وأثيوبيا (Bush, 2011) .
تساعد التحولات الاقتصادية نحو النيوليبرالية وأصولية السوق الحرة التي تنفذ في السودان منذ 1978 على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، لما توفره الدولة النيوليبرالية من ضمانات وتسهيلات تبدأ من انتزاع الأراضي باستخدام قوة الأجهزة الايدولوجية وتمليكها أو ايجارها بأسعار رمزية (مع ضمان مبالغ طائلة في شكل رشاوي سياسية)، بالإضافة إلى التسهيلات الأخرى مثل الإعفاءات الجمركية، والإعفاءات الضريبية وغيرها. كما أن قانون تشجيع الاستثمار لعام 2013 وقانون الاستثمار لعام 2019 في عهد السلطة الانتقالية ذهبت في نفس الاتجاهات التي تجعل من دور الدولة ينحصر فقط في تهيئة الأجواء للاستثمار وضمان حرية حركة رؤوس الأموال والحركة العكسية للفوائض الاقتصادية.
الا أن هذه التوجهات لها تكلفة اجتماعية باهظة تمثلت في زيادة نسبة الفقر وتمركز الثروات والسيطرة على الأراضي في يد البرجوازية، مع زيادة نسبة البطالة والهجرة من الريف للمدن. حسب تقديرات الفاو في عام 2022 فإن 11.7 مليون من سكان السودان مهددين بالجوع الحاد، بالإضافة إلى معاناة أكثر من 3 ملايين طفل من سوء التغذية الحاد (FAO, 2022) (Unicef, 2023)).
تسببت هذه السياسات التي تجعل الأراضي الخصبة في البلاد في يد رأس المال الأجنبي وتربط منتوج هذه المشاريع بسلاسل السلع الأجنبية التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي لشعوبها وتلبية حاجات السوق العالمية. بالإضافة إلى ربط القطاع الزراعي بالبلاد بمجمله بالسوق العالمي عبر فرض زراعة المحاصيل النقدية بدلا عن المحاصيل التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية في الغذاء إلى إغراق البلاد ومجمل بلدان الجنوب في أزمات نقص حاد للغذاء (Mbilinyi, 2016) (Weis, 2019).

الدور الاقتصادي للحرب
كما أن الحرب يمكن أن تندلع بسبب أسباب اقتصادية تتمحور حول الصراع الطبقي والتنافس بين فئات البرجوازية المختلفة داخل الحدود الوطنية أو في مرحلة الاستعمار والإمبريالية بين البرجوازيات المختلفة بحثا عن الأسواق والمواد الخام الرخيصة (Jonathan Nitzan, 2006) . فإن للحروب تبعات اقتصادية في غاية الأهمية، لتوضيح ذلك سنتحدث قليلا عن نظرية فائض القيمة التي أرسي دعائمها كارل ماركس. تستولي الطبقة البرجوازية على فائض القيمة من خلال نظام العمل المأجور الذي يتكون من يوم العمل. حيث ينقسم يوم العمل حسب افتراض ماركس إلى زمن العمل الضروري وهو الزمن اللازم لإنتاج ما يوازي القيمة الضرورية لإعادة إنتاج قوة العمل (ضروريات الحياة التي تتمثل في الأجر)، بالإضافة إلى زمن العمل الفائض أو فائض العمل وهو الزمن الذي يقوم فيه العامل بعمل إضافي بعد أن استوفي شروط التعاقد الذي تم بينه وبين الرأسمالي أي يعمل بالمجان لصالح الرأسمالي، ما يؤدي لإنتاج الفائض الذي ينتزعه الرأسمالي (Tendency, 2006) (Marx, 1976). كما أوضح ماركس أنه في دورة الإنتاج يتم إنتاج فائض القيمة باستخدام راس المال الثابت (المباني، الألات، الخ)، وراس المال المتغير والذي يتمثل في قوة العمل من أجل تحقيق الأرباح (غاية النظام الرأسمالي). ويمكن حساب معدل الربح بالمعادلة الأتية:
معدل الربح= فائض القيمة ÷ راس المال الثابت + راس المال المتغير
من التناقضات الأساسية، أي القوانين التي تتحكم في حركة النظام الرأسمالي وتطوره، قانون الميل الدائم لمعدل الربح للهبوط. بمعني أن معدل الربح في النظام الرأسمالي نتيجة التنافس بين فئات الرسمالية لانتزاع أكبر قدر من الأرباح، فإن الرأسماليين يلجأون إلى الزيادة المستمرة في إنتاجية العمل عبر التطوير التكنولوجي والتحديث المستمر للتكنولوجيا مما يؤدي بالمقابل إلى التقليص المستمر في الطبقة العاملة. بمعني أن معدل راس المال الثابت الى المتغير سوف يرتفع باستمرار مع زيادة إنتاجية العمل والتحديث التكنولوجي، وهو ما سماه ماركس بالتغيير في التركيب العضوي لراس المال (Organic composition of capital) (Roberts, 2016) . عندما يرتفع معدل راس المال الثابت-راس المال المتغير مع ثبات معدل فائض القيمة بالنسبة لراس المال الثابت فان ذلك يؤدي إلى انخفاض معدل الربح (Roberts, 2016) .مع هبوط معدل الربح فإن التثمين المستمر لراس المال مع كل دورة إنتاجية أيضا يهبط، بمعني الجزء الذي يتحول من الفائض المنتج إلي راس مال يتقلص أيضا مما يؤدي إلى انخفاض التراكم الرأسمالي والدخول في أزمة، وهي عملية مستمرة تتكرر باستمرار في ظل النظام الرأسمالي (Roberts, 2016). تلعب الأزمات التي تمر بها الرأسمالية والتدخل الذي يتم في حل مأزق التراكم الرأسمالي من خلال إما تخفيض قيمة راس المال الثابت أو زيادة معدل فائض القيمة (Tendency, 2006). يتم الحل الأول عبر حالات الإفلاس الواسعة التي يتم فيها شطب قيم راس المال وتخفيض قيمة الأصول بشكل كبير، أما الحل الثاني فيتم عبر تخفيض العمالة وتقليصها وتخفيض الأجور والتنازل عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة (التامين الاجتماعي، الصحة المهنية. الخ). كما تلعب عملية التجييش المصاحبة للرأسمالية عبر الزيادات المستمرة في الصرف على المنظومة الأمنية علي توفير منافذ لاستمرار عملية التراكم الرأسمالي وتأخير انفجار أزمة ميل معدل الربح للهبوط (Coulomb & Bellais, 2008).
في حالة فشل الأزمة (Crisis) في استعادة وتيرة التراكم الرأسمالي تتدخل الحروب في إحداث تغيير في التركيبة العضوية لرأس المال، بحيث يؤدي إلى استعادة الارتفاع في معدل الربح وذلك عبر تدمير راس المال الثابت وتخفيض قيمته بشكل كبير مما يؤدي إلى تمركز الربح في يد راس المال المتبقي، وبالتالي زيادة الربحية وارتفاع معدل الربح. بالإضافة إلى ذلك فإن التطور التقني الذي يعقب الحروب تحت بند إعادة التأهيل (Reconstruction) يؤدي إلى استعادة وتيرة عالية للتراكم الرأسمالي لان الحروب أيضا تؤدي إلى تخفيض غير مسبوق لقيمة قوة العمل بسبب البطالة الكبيرة التي تحدث أثناء الحروب. وهذا ما يفسر الإقدام المستمر لميليشيا الدعم السريع على إتلاف المصانع والمؤسسات ورؤوس الأموال بعد نهب محتوياتها، وذلك بالإضافة إلى التدمير الهائل الذي تم لرؤوس الأموال بفعل الحرب بشكل مباشر. بالإضافة إلى ازدهار اقتصاديات الحرب الكلاسيكية من تجارة السلاح والخدمات اللوجستية التي تسهل حركة السلاح ورؤوس الأموال.






الشكل (1): دور الحرب في تجاوز أزمة التراكم الرأسمالي

تعتبر عملية إعادة التأهيل من مداخل التغيير الأساسية لتغيير تركيبة الطبقة الرأسمالية وتغيير التركيبة الاقتصادية برمتها. من المتوقع أن تسيطر رؤوس الأموال الإماراتية والخليجية عبر التحالف مع إمبراطورية ال دقلو على مفاصل الاقتصاد، بالإضافة إلى استمرار حلفاء الإمارات وأميركا من الرأسماليين القدامى مثل أسامة داؤود ودخول قوى عولمية جديدة الملعب من أمثال مو إبراهيم وغيرهم الذين طال انتظارهم لفتح أسواق البلاد بالكامل للقوي النيو ليبرالية العولمية. سيتم ذلك عبر الشروط التي يتم وضعها لعملية إعادة التأهيل وهي في مجملها تطبيق ما تبقي من حزم التكيف الهيكلي على المستوي الاقتصادي والتطبيع مع إسرائيل على المستوي السياسي. فمثال لبنان حاضر ويوضح كيف أن إعادة التأهيل ما بعد الحرب بعد توقيع اتفاقية الطائف في السعودية أدت الى تعزيز الاقتصاد الريعي وتراجع التصنيع وتعزيز التوجهات النيوليبرالية في البلاد (Daher, 2022).
تعتبر التبعات الاقتصادية والاجتماعية للحرب كارثية بكل المقاييس، فحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في أغسطس 2023 فقد تضاعف عدد السودانيين الذين يعانون من الجوع الحاد ليصل 20.3 مليون، أي ما يعادل 42% من سكان السودان (FAO, 2023). كما اضافت منظمة اليونيسف أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد قد أزداد بعد اندلاع الحرب من 3 مليون إلى 3.400 مليون (Unicef, 2023).
تشير تقديرات المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية لفقدان السودان لما يعادل 15 بليون دولار بحلول نهاية عام 2023، أي ما يعادل 48% من الناتج الإجمالي القومي بسبب الحرب. مما يعني تقلص مساهمة قطاعات الصناعة، الخدمات، والزراعة في الناتج الإجمالي القومي بما يعادل 70%، 49%، و21% على التوالي. بالإضافة إلى فقدان نصف القوي العاملة بالبلاد (5.2 مليون) وظائفهم، حيث يتوزع فقدان الوظائف بين قطاع الخدمات، الصناعة والزراعة بمعدل 2.700 مليون، 2 مليون و400 ألف على التوالي. بالإضافة إلى ذلك سيصل انخفاض دخل الأسر الحضرية الى نسبة 51%، بينما سينخفض دخل الأسر الريفية بنسبة 44%. وسينخفض الدخل بشكل عام بنسبة 48.3% بالمقارنة مع عام 2021. كما سيرتفع معدل الفقر من 61.1% عام 2021 أي ما يعادل 26.4 مليون إلي 65.6% في نهاية 2023 مما يعني دخول 2 مليون شخص لدائرة الفقر وارتفاع العدد الكلي إلي 28.4 مليون (Siddig Khalid Raouf, 2023).
أما التبعات السياسية فتتمثل في مصادرة العمل السياسي والثوري وإعلاء صوت السلاح والدمار، مع الاستهداف الممنهج للقوي الثورية عبر الاعتقالات والمطاردات الأمنية. لأن من أهداف الحرب تجفيف منابع العمل الثوري القاعدية وضربها بالكامل بعد أن فشلت كل محالات العنف والتنكيل في المواكب، فض الاعتصام ومجزرة الاغتيالات السياسية والإخفاء القسري عن إخماد جذوة الحراك الثوري.
ما العمل؟
تحقق دراسة الأبعاد الاقتصادية والسياسية للحرب إمكانية امتلاك معرفة موسعة وعميقة لكل الجوانب المحيطة بالحرب والتصنيف الطبقي لأطرافها، الأسباب الاقتصادية والتاريخية التي أدت إلى نشوبها، كما يمكن التنبوء بتبعاتها الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية حتى تتمكن القوي الثورية من وضع التكتيكات والإستراتيجيات المناسبة للتعامل معها (Lenin, 1964). كما يمكننا الأن فهم أسباب ودوافع القوى المختلفة (إيقاد ، الإتحاد الأفريقي والوساطة الأثيوبية) التي تدخلت في مسار حراك كانون الاول/ ديسمبر الثوري، وعملت على فرض التفاوض على قوي الحراك الثوري، بل فرض شروط التحالف الطبقي المعادي للحراك الثوري ضمن بنود الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية، حتى تتمكن من إعادة إنتاج التبعية البنيوية وقطع طريق التغيير الثوري. كما يتضح بكل وضوح الدور الذي تقوم به منظمة إيقاد تحت رئاسة دولة جيبوتي من جهود لاستئناف التفاوض وعقد اجتماع للمنظمة بحضور ممثل للإمارات العربية المتحدة!
أيضا يقوم المجتمع الدولي والقوي الإمبريالية عبر الواجهات الإمبريالية والأمنية مثل المجلس الأطلسي الذي تقوده القيادات الأمنية للولايات المتحدة الأميركية (قيادات الCIA والمستشارين الأمنيين لرؤساء الولايات المتحدة في الحقب المختلفة)، بالإضافة إلي شاتام هاوس وغيرها من المؤسسات التي تعمل علي توحيد الإمبريالية الأميركية والأطلسية مع الإمارات، والسعودية والتحالف المعادي للتغيير الثوري (كبار الجنرالات والبرجوازية التجارية وممثلي القوي العولمية الجديدة) على وضع التكتيكات المناسبة وتحديد السياسات لمرحلة ما بعد الحرب.
تعتبر شاتام هاوس من مراكز البحوث التي أنشات بعد الحرب العالمية الأولى، في زمن شهد تصاعد حركة الطبقة العاملة والمد الديمقراطي والاشتراكي حول العالم. (Inderjeet Parmar, 2020) كان الزعم أن الغرض من تكوين المركز إضفاء الطابع الديمقراطي علي صنع السياسات الخارجية للمملكة المتحدة، لكنه عمل على تكريس التدخلات الإمبريالية عبر إدارة الحراكات الثورية والسخط الشعبي في اتجاهات إعادة إنتاج النظام الرأسمالي والنموذج النيولبيرالي (Inderjeet Parmar, 2020). يعمل شتام هاوس على التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق الأهداف الإمبريالية بعد تراجع الدور الإمبريالي المنفصل للمملكة المتحدة، حتى انه تحول الى فرع بريطاني لمعهد أنجلو أميركي للشؤون الدولية (Inderjeet Parmar, 2020). مما يعني أن شاتام هاوس والمجلس الأطلنطي يعملان على توحيد الإمبريالية الأميركية والأوروبية لتحقيق أهداف الاستعمار الحديث والسيطرة على الحراكات الثورية وتوجيها بما يحقق أهداف الاستعمار الحديث. حيث تلعب هذه المراكز دورا محوريا في صياغة السياسات التدخلية للقوي الإمبريالية لإعادة هيكلة الاقتصاديات والسيطرة على الموارد. والدليل على ذلك الدور الكبير الذي لعبه شاتام هاوس والمجلس الأطلنطي في عقد الورش التي صاغت التوجهات السياسية النيوليبرالية للسلطة الانتقالية وصياغة خطة التعامل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة إنتاج التبعية البنيوية.
قبل شهر، عُقد اجتماع سري بين شاتام هاوس وممثلين من تنسيقية القوي المدنية الديمقراطية (تقدم) بنيروبي، وكان من ضمن المشاركين في الاجتماع كل من الأستاذ خالد عمر (سلك)، الدكتور عبد الله حمدوك (رئيس الوزراء السابق)، والدكتور إبراهيم البدوي (وزير الإقتصاد في الحكومة الإنتقالية الأولي). ناقش الاجتماع ترتيبات ما بعد الحرب في السودان، وكالعادة تكفل شاتام هاوس بصياغة الأوراق ومقترحات خارطة الطريق، التي سوف تتبناها تقدم لقيادة مرحلة وقف الحرب وتأسيس مرحلة ما بعد الحرب التي سوف تتركز على إعادة إنتاج التبعية البنيوية.
سيواصل المركزان وعبر النفوذ الإماراتي على مجلس إيقاد والإتحاد الأفريقي ودول الجوار على هندسة مرحلة ما بعد الحرب في السودان. حيث تعتمد الخطة الإمبريالية على التفاوض كمدخل للوصول لصيغة شراكة جديدة، تشرعن النفوذ السياسي للتحالف السياسي للميليشيا (الحرية والتغيير/ تقدم) وسيطرته على السلطة الانتقالية بشكل مباشر أو عبر تكتيك التكنوقراط المعاد، وتحقق أطماع المركز الإمبريالي في فتح السودان للشركات العابرة للقوميات كسوق جديد زاخر بالمواد الخام والمعادن والأراضي. وتدافع عن المصالح الإماراتية والخليجية بالبلاد والمنطقة باسرها عبر شرعنة الوجود المستقل للميليشيا كإمبراطورية عسكرية تحرس المصالح الاستخراجية للإمارات في المنطقة بأسرها. من ناحية أخري ما يتم من تحشيد وتجييش قبلي باسم المقاومة الشعبية التي تعمل على إفراغ المقاومة من محتواها ستتجه إما في اتجاه تعزيز الموقف التفاوضي لكبار الجنرالات، أو توسيع دائرة الحرب وتحويلها لحرب أهلية شاملة.
في المقابل، يتوجب على قوي الحراك الثوري البناء على العمل القاعدي الذي تم وما زال حول إحياء قيم التكاتف والتعاضد المجتمعي مع مزيد من التنظيم لهذه المبادرات التي أثبتت فعاليتها في المشاركة المجتمعية وتخفيف تأثيرات الحرب مثل مبادرة شمبات ومبادرة سنار بيتك وغيرها من المبادرات. بالإضافة إلى المبادرات التي انتظمت لتبادل المعلومات وتوفير الاحتياجات من أدوية وطعام وغيرها من المعينات. والأهم من كل ما ذكرته العمل القاعدي الذي تم بواسطة لجان الطوارئ في حماية المواطنين وعلاج الجرحى وتوفير الخدمات والاحتياجات المختلفة.
يتوجب على كل القوي الثورية العمل على استعادة الثقة في العمل الثوري وأليات التغيير الثوري التي تعمل الحرب على مصادرتها ومصادرة قناعة الجماهير بمدي فعالية هذه الأليات، ولا يمكن أن يتم ذلك دون التصدي لحملات التسليح التي تعم البلاد في اتجاه إشعال نيران الحرب الأهلية الواسعة النطاق.
أن الواجب الثوري المقدم الان هو حماية حياة الثوار والشعب السوداني عبر أليات التعاضد والدعم الاجتماعي المنظم، بالإضافة إلى خلق المسار الثوري المنظم لوقف الحرب الذي يربط الحرب بالتغيير الثوري للبني الاجتماعية وقطع علاقة التبعية وبناء سلطة الشعب عبر العمل الثوري المنظم في المناطق التي لم تصلها الحرب. بالإضافة إلي التنسيق مع القوي والتكتلات الثورية بالخارج لتنظيم الوقفات الاحتجاجية والمواكب ومخاطبة المنظمات الثورية في الدول المختلفة لمساندة حق الشعب السوداني في فرض إرادته الثورية والمطالبة بوقف التدخلات الإقليمية والدولية في شؤون البلاد.
من الدروس المريرة والمهمة التي تعلمناها من تجربة حراك ديسمبر الثوري أن التغيير غير المكتمل هو الذي يحفر قبر الثورة والثوار عبر إتاحة الفرصة لتحالف القوي المعادية للثورة المحليين والدوليين من التوحد والتكالب على الحراك الثوري بمختلف الأليات والتكتيكات، من انقلاب عسكري وصولا لإشعال الصراعات المسلحة. لذا لا بد من العمل الصبور لإعادة ترتيب وتنظيم التنظيمات القاعدية من لجان المقاومة وتنظيمات العمل على أساس طبقي مثل العمال والعمال الزراعيين، صغار المزارعين، الحرفيين، والعاملين بالقطاعات غير المنظمة والاستعداد لجولات قادمة من حراك ثوري يصارع لحين ولادة التنظيم الجديد للمجتمع وجهاز الدولة، الذي يحقق مصالح القوي الثورية من أحشاء القديم ويقطع علاقة التبعية البنيوية والدائرة الشريرة التي تعيد نفسها بسبب الثورات غير المتكملة التي تشكل مجمل تاريخ السودان الحديث.
المراجع
Ali, A. G. (1990). From dependency to dependency: the International Monetary Fund and the Sudanese economy, Arabic version
Aljazeera. (2023). UAE signs deal to develop mines in eastern DR Congo. Available at: https://www.aljazeera.com/news.
Bank, W. (2023). Military expenditure (current USD) - United States. Available at: https://data.worldbank.org/indicator/MS.MIL.XPND.CD?locations=US. Accessed last time in 30th of December 2023.
Bush, R. (2011). Coalitions for Dispossession and Networks of Resistance? Land, Politics and Agrarian Reform in
Egypt. British Journal of Middle Eastern Studies. https://doi.org/10.1080/13530194.2011.621700
Carey, S. C., & Mitchell, N. J. (2017). Progovernment Militias. Annual Review of Political Science, 20(1), 127-147. https://doi.org/10.1146/annurev-polisci-051915-045433
Coulomb, F., & Bellais, R. (2008). THE MARXIST ANALYSIS OF WAR AND MILITARY EXPENDITURES, BETWEEN CERTAINTY AND UNCERTAINTY. Defence and Peace Economics, 19(5), 351-359. https://doi.org/10.1080/10242690802354345
Daher, J. (2022). Lebanon: How the post war’s political economy led to the current economic and social crisis. Research Project Report. Available at: https://cadmus.eui.eu/bitstream/handle.
Dixon, M. (2014). The land grab, finance capital, and food regime restructuring: the case of Egypt. Review of African Political Economy, 41(140), 232-248. https://doi.org/10.1080/03056244.2013.831342
Euronews. (2022). قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر.. التقارب بين الخرطوم وموسكو يثير القلق الأمريكي. يمكن الإطلاع علي الخبر علي الرابط التالي: https://arabic.euronews.com/
FAO. (2022). PC ACUTE FOOD INSECURITY ANALYSIS in Sudan
https://www.ipcinfo.org/fileadmin/user_upload/ipcinfo/docs/IPC_Sudan_AcuteFoodInsecurity_2022Apr2023Feb_report.pdf
Harvey, D. (2005). A Brief History of Neoliberalism. A book published by Oxford University Press
Henderson, C. (2021). Land grabs reexamined: Gulf Arab agro-commodity chains and spaces of extraction. Environment and Planning A: Economy and Space, 53(2), 261-279. https://doi.org/10.1177/0308518x20956657
Inderjeet Parmar, S. Y. (2020). 100 Years of Chatham House: A Century in the Service of Empire. Available at: https://thewire.in/. Accessed last time in 31th of December 2023.
Jonathan Nitzan, S. B. (2006). Capitalism and War. Available at: https://www.globalresearch.ca/capitalism-and-war/3890.
Lenin. (1964). COLLECTED WORKS: volume 24. TRANSLATED FROM THE RUSSIAN EDITED BY B E R N A R D PROGRESS PUBLISHERS I S A A C S
Lovering, J. (1987). Militarism, Capitalism, and the Nation-State: Towards a Realist Synthesis. Environment and Planning D: Society and Space, 5(3), 283-302. https://doi.org/10.1068/d050283
Marx, K. (1976). Capital: A Critique of Political Economy. Volume one. Introduced by Ernest Mandel. Translated by Ben Fowkes. Published by Penguin Books in association withN ew Left Review




Mbilinyi, M. (2016). Analysing the history of agrarian struggles in Tanzania from a feminist perspective. Review of African Political Economy, 43(sup1), 115-129. https://doi.org/10.1080/03056244.2016.1219036
Nicholas Bariyo, B. F. (2023). A U.S. Ally Promised to Send Aid to Sudan. It Sent Weapons Instead. Available at: https://www.wsj.com/articles/a-u-s-ally-promised-to-send-aid-to-sudan...
OAKLAND. (2013). CHARTS: The Top 5 Land-Grabbing Countries. https://www.oaklandinstitute.org/charts-top-5-land-grabbing-countries.
Qaddal, M. S. A. (2018). Modern History Of Sudan (1820 - 1955). Arabic version book. Khartoum University Press. Khartoum, Sudan.
Roberts, M. (2016). The Long Depression: How It Happened, Why It Happened, and What Happens Next
Haymarket Books
Siddig Khalid Raouf, M. a. A., Mosab O. M. (2023). The economy-wide impact of Sudan’s ongoing conflict: Implications on economic activity, agrifood system and poverty. Sudan SSP Working Paper 12. Khartoum, Sudan: International Food Policy Research Institute (IFPRI). https://doi.org/10.2499/p15738coll2.136843.
Smith, P. (2020). Mining in Africa and beyond: Tracking the great gold rush: Available at: https://www.theafricareport.com/.
Tendency, I. C. (2006). The Economic Role of War in Capitalism s Decadent Phase. Available at: https://www.leftcom.org/en/articles/2005.
UNHCR. (2023). Sudan situation report. Available at: https://data.unhcr.org/en/situations/sudansituation.
Unicef. (2023). Conflict in Sudan deepens malnutrition crisis. https://www.unicef.org/sudan/stories/conflict-sudan-deepens-malnutrition-crisis
Weis, T. (2019). Agriculture from Imperialism to Neoliberalism. In The Palgrave Encyclopedia of Imperialism and Anti-Imperialism (pp. 1-15). https://doi.org/10.1007/978-3-319-91206-6_57-1
Whitehouse, D. (2020). Illicit DRC gold: London Bullion Market must do more to stop it. Available at: https://www.theafricareport.com/.
Yasin Elhadary, H. A. (2016). The Implication of Land Grabbing on Pastoral Economy in Sudan. World Environment, 2016, 6(2): 25-33. https://doi.org/10.5923/j.env.20160602.01
الجزيرة. (2023). قوات الدعم السريع في السودان. متوفر علي الرابط التالي https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/5/15/قوات-الدعم-السريع-في...
الخليج. (2023). التعاون العسكري بين الإمارات وتشاد: تعزيز الشراكة الاستراتيجية للأمن والاستقرار. يمكن الإطلاع علي الخبر علي الخليج أونلاين علي الرابط التالي: alkhaleejonline.net
تودمان, و. (2018). التدافع الخليجي نحو إفريقيا: مختبر السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي. نشر هذا التقرير بواسطة مركز الدراسات االستراتيجية والدولية. ترجمة عاصم زين العابدين. يمكن الإطلاع علي التقرير باللغة الإنجليزية علي الرابط التالي: https://www.csis.org/analysis/gulf
scramble-africa-gcc-states-foreign-policy-laboratory.
دبنقا. (2022). صحيفة اسرائيلية تكشف عن حصول الدعم السريع على تقنية خطيرة للتجسس.. والدعم السريع يصف الأمر بالإفتراءات الكاذبة. يمكن الإطلاع علي الخبر علي الرابط التالي: www.dabangasudan.org/ar/all-news/article/
صلاح, م. (2023). https://sudanile.com/حرب-السودان-الأخرى-موقع-الذهب-في... حرب السودان الأخري: موقع الذهب في إقتصاديات الحرب. سلسلة األثر االقتصادي للحرب، ورقة رقم 2

كوريبو, أ. (2018). قد يكون السودان الضحية الجيو سياسية التالية في الحرب الباردة الجديدة. يمكن الإطلاع علي المقال باللغة الإنجليزية علي الرابط التالي: https://www.globalresearch.ca/sudan-might-be-the-:next-geopolitical-victim-of-the-new-cold-war/5663940.
ويكليكس. (2007). لقاء القنصل الأمريكي ألبرتو فرنانديز مع أسامة داوؤد. يمكن الاطلاع علي التقرير علي الرابط التالي: https://wikileaks.org/plusd/cables/08KHARTOUM98_a.html
ويكيبديا. (2023). ماهي خلفية المجلس الأطلسي؟: يمكن الإطلاع علي التقرير علي الرابط التالي: :https://en.wikipedia.org/wiki/Atlantic_Council
* تم نشر هذه الورقة من قبل بموقع مجلة صفر الالكترونية.



#بندر_نوري (هاشتاغ)       Bandar_Noory#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ...
- مخلص لدراسة: عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: رؤية ...
- الصراع حول توحيد مواثيق لجان المقاومة.. كتعبير عن احتدام الص ...
- ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب- الجزء الثالث والأخير
- ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب (2)
- ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب (1)
- لامركزية الخدمات الصحية والخصخصة.. بحث عن تجربة السودان
- التبعية وأثرها علي القطاع الصحي
- إقتصاد سياسي جائحة فيروس كورونا المستجد
- إقتصاد سياسي الصحة المهنية أو نظام الصحة المهنية كخلاصة مركز ...
- راهنية أفكار لينين.. كتابة أولية حول الثورة
- من نقد الموازنة إلي نقد السياسات الإقتصادية والإجتماعية أو إ ...
- منهجية وموجهات موازنة 2020: الليبرالية الجديدة من بوابة إنتف ...
- قضايا القطاع غير المنظم
- مفهوم العمل الديمقراطي وسط الشباب


المزيد.....




- بعد 45 عاما.. العراق يعتقل قتلة رجل الدين الشيعي محمد باقر ا ...
- إمدادات الغاز الروسي عبر -السيل التركي- إلى أوروبا تصل لأعلى ...
- شاهد كيف كان رد فعل أسرة الأسير الإسرائيلي الفرنسي عوفر كالد ...
- -كلفتنا دموعا ودماء-: تهديد ترامب لقناة بنما يثير ذكريات الم ...
- الموت يغيّب أسامة الخليفي، أيقونة -الربيع العربي- في المغرب ...
- تفاقم العنف والاختطاف في اليمن يعصف بالمساعدات الإنسانية
- دراسة تكشف علاقة الذكريات الغذائية بالإفراط بالسمنة
- الصحة السودانية: مقتل العشرات في هجوم الدعم السريع على سوق ب ...
- الحرس الثوري الإيراني يعلن أنه سيكشف عن انظمة صاروخية ودفاعي ...
- برلماني مصري يطالب الدول العربية بالتوجه إلى مجلس الأمن ردا ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بندر نوري - الاقتصاد السياسي لحرب السودان