وليد مسكور
الحوار المتمدن-العدد: 8240 - 2025 / 2 / 1 - 18:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لقد اُرهِقَ الجسد بالقواعد و التوصيات العلاجية في المستشفيات، كما خضع لشتى أنماط التلطيف و التهذيب داخل السجون لكي يصير جسدا طَيِّعا، أضف إلى ذلك دور المؤسسات التربوية في صناعة أجساد لديها من الاستعداد ما يجعلها قابلة للترويض. و بالنظر إلى كون علاقة الأفراد بأجسادهم هو ما به تتحدد طبيعة حياتهم الجنسية، فإن الجنسانية لا تُتَنَاوَلُ حسب فوكو إلا داخل هذا السياق الذي أوجدته السلطة، و المتمثل في الحظر، و الرقابة، و استثمار الأجساد و تأسيس اقتصاد جنسي.
قلنا إن الجسد يخضع لمجوعة من التقنيات التقويمية التي تظهره في صورة الجسد الطيع و المروَّضِ، و هنا لا ينبغي نسيان اتجاه المنظومة الاقتصادية البرجوازية نحو استغلال طبقي للجسد، تصبح فيه الدوافع و الأفعال الجنسية عند الفئات الكادحة مُنهَكَّة، بفعل اقتصار هؤلاء على قوة العمل، و حينما نتأمل مستوى حضور الجنس في مثل هذا السياق، نجد بأنه قد وُضِع اقتصاد جنسي يُتَّخَد بمثابة مبدإ رقابي شامل، يؤطر العلاقات الجنسية و يوجهها وفق ما يخدم هذا النسق القانوني البرجوازي، و إذا كان الجسد اكتشافاً جديداً في ذلك الإبّان يُخول للسلطة إمكانية العمل على توظيفه لخدمة استثمارات اقتصادية و سياسية، فإن أفعال الناس الجنسية تُحَلَّلُ كذلك من حيث ما هي سلطة قائمة بذاتها.
من البيّن، أن علاقة الناس بأجسادهم، كانت تتوسطها جملة من التركيبات و التعقيدات، تتجلى في الحشمة أحيانا، وفي الخوف من اقتراف المذموم أحيانا أخرى، و لو شئنا توضيح الأمر أكثر، لَقُنا إن قوانين الجنس تسري على التفاصيل الصغيرة التي لها ارتباط بالجسد، و مع ذلك يزعم فوكو أن لحظات الصمت هذه، إنما تقابلها أشكال معينة من المقوامة، و التي تناضل من أجل إخراج الجنس من السر و الخفاء إلى الظهور و العلن. فكيف أمكن للجنس أن يُعبّر عن هويته وسط كل هذه المضايقات؟ وهل يعني الكلام عن الجنس علنا، إزاحةً للسلطة من مكانها؟
#وليد_مسكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟