|
امير الحلاج ....... كف تلوح لكلمات في الدخان تحولات المعنى وبساطة اللغة
سمير عبد الرحيم اغا
الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 21:09
المحور:
الادب والفن
امير الحلاج ....... كف تلوح لكلمات في الدخان تحولات المعنى وبساطة اللغة سمير اغا
منذ بداياته الشعرية ( مواجيد الحلاج 1989) يختط الحلاج نهجا شعريا خاصا به ، وخاصة اهتمامه بقصيدة النثر، ليكون شعره .شكلا اصيلا لا ينفصل عن جذوره الضاربة في اعماق ارث الشاعر الثقافي ، ... ومن هذا التعريف بمنجز الحلاج نستطيع الدخول الى صفحاته الشعرية الخاصة به التي تحمل بصمتة الابداعية ، ومن خلال الخط البياني بمسيرته الشعرية المتفردة والمتنوعة ، هذا الشاعر النحات المغامر .. الذي يرى الشعر " مفردات تحملها الفراشات " ولغة ذات بناء قوي ودلالة ملائمة للسياق الذي ترد في ثناياه . الحلاج مازال يحمل كتلة دلالية متوهجة ، بدا من ديوانه الاول ( مواجيد الحلاج 1989 ) وصولا الى منجزه الاخير ( كف تلوح لكلمات في الدخان 2024) والذي وجدنا فيه تجربة شعرية عكست عن وعي عميق بتفاصيل الازمة الانسانية بين الانسان وذاته او بين محيطه ، وما يترتب على هذه الازمة من معاناة والالام ، وكذلك وجدنا صياغة جديدة للنص الشعري ، فمن اللوحة الاولى يدهشنا الحلاج باختزال حجم كتلة نحتية من خلال دمج تراكيب شعرية وتشذيبها وازالة الزوائد اللفظية من خلال جعل المشهد المألوف متفجرا بفيض دلالي ، عندما تغادر المفردة الحياتية ... لتتحول قصيدة الشاعر الى رمز متوهج مكثف ، كلمات في الدخان ... ص 5 اتركي اهواءك على اهوائها تشرق سيرتها وتفعل ما تشاء اتركيها بأنفاسها الساخنة تذيب ما يكبلها من الاطواق فنموها لا يتكرر دعي شمس قلبك ترضعها ورموش عينيك تمنحها الحنو. في المقطع الاول قدرة هائلة على اعادة صياغة صورة شعرية متواشجة العلاقة وبناء منظومة لغوية جديدة لكل مفردة ليجعل القارئ الواعي متفاعلا مع النص الشعري وهذه اول مرة يكون قاموس الحلاج الشعري حاملا بالألفاظ التي تصور الواقع بصورة مبسطة ولغة ابسط .. ليخرج من الشكل الذاتي ، وهي ذات وظيفة ترتبط بها القصيدة من خلال قاموسها اللغوي ويتطابق مع مغزاها الدلالي . نظارة ......ص 12 نظارتك الطبية المنتقاة بجهد طول الوقت جميلة بإطارها وجميلة بلون العدسات مثيرة تستقطب المحيطين جرا كحبل بيدي طفل يلاطف لعبته وكاطار اللوحة مزين بالنقوش صورة سردية جميلة ولغة اجمل يختزلها بجمل ممنتجة بدقة عالة ومشحونة ببساطة ( جميلة بإطارها ) وجميلة بلون التوهج .. تجعل القارئ الواعي يشكل نصا متخيلا موازيا بهذا النص وهو يحمل معاني عميقة مثيرة تستقطب المحيطين ، " تغني كطفل يلاطف لعبته " ، كامبرات الليل ص 15 في الليل اتمعن دائما في شاشات الكاميرات لاشي فيها يتوجب التمعن غير الضوء والظل والهدوء المخيم بانطفاء الاصوات ونباح كلاب قد تمرق منشغلة في شجار على عظمة في القمامة وصوت دراجة الحارس الليلي مسجل الحضور اتمعن دائما في هذا التكرار في اللوحة الاولى ... يشرح الحلاج تراكيب جملة ويختزلها بجمل شعرية بسيطة ومنتقاة بدفة عالية ومشحونة بمعنى اسهل ( اتمعن دائما في شاشات الكاميرات ) لا يوجد هنا تركيز مكثف وغموض غارق في الذاتية ، بل لغة متوهجة بالوصف السردي القصصي واسلوب شعري بقوم على فعل الحركة وتنتهي بالنوم من تفاصيل هذه الحركة والترقب الدائم على الشاشة ، هذه السردية التقطها الحلاج من مفاصل حياته اليومية .بأسلوب شفيف وبمضامين هادفة وتراكيب موجزة وتوفر له الفرصة للتأويل وهذا ما جعل شعره عالما فسيحا من الفكر يسبح في الخيال . لقد جعل الحلاج من الجملة الشعرية الجديدة في " كف تلوح لكلمات في الدخان " دالة ناقلة لكم هائل من الكلمات السهلة كما في لوحة طفل ..... نجد اللغة قريبة الى مفردات الحياة اليومية بدء من عتبات عنونة قصائده " نفترق طرق / كف مساوية / نظارة / نقش / كاميرات / منزل / الكلب الذي كان ينبح / وكان تفكيره ينصب على شكل شعري متعدد المعاني وردة على الصدر ص 32 الوردة التي كانت تلامس قلبي وهي تزين سترتي كان عطرها الفواح يحيا من حنو دقاته كانت تتلقى القبل الحر ى وكلمات الاطراء وامنيات احتوائها لم تذبل من الظمأ ان ما يقدمه الحلاج من جمل شعرية ، تثير الدهشة وتشدنا الى حالة من عطر المعنى الفواح " هذه الوردة / ملت ايقاعي اليومي / فاقتنت جواز سفر " وتخيل وامنيات لم تذبل من الظمأ ، اللغة الشعرية لدى امير الحلاج اداة حاثة لمعان جديدة حبيسة .... تتراءى من وراء المعاني الظاهرة ... ليتشكل من خلال نسيجه الشعري لوحات نابضة بالمعاني وليس مجرد وعاء فارغ ، هذه الوردة ملت ايقاعي اليومي فاقتنت جوار السفر نص يهيمن عليه السرد .. تصلح ان تكون قصة قصيرة جدا او ومضة امتزج فيها الشعر والنثر .الحلاج بمنجزه الابداعي الجديد اعاد صياغة لغة ومعنى فاتج صورة شعرية جديدة ، صورة لها شكل ومضمون ، ربما لم تكن وليدة اللحظة وربما كان " اعدادها ممزوجا بالنبض " ولم تكن نزوة مرقت ولم تكن هاجسا فاضت به الروح . صورة جديدة ... ص 48 هذه هي الصورة الجديدة لم تكن وليدة اللحظة اعدادها كان ممزوجا بالنبض وبعدد ذرات الزفير الذي ضافت منه طبقة الاوزون لم تكن نزوة مرقت لم تكن هاجسا فاضت به الروح هذه الصورة الجديدة ما يستخدمه امير من مساحات متوهجة واضفاء حركة في النص الشعري بعيدا عن الشرح والتقرير ـ وهذه المفردات المختلفة الالوان مفردات كالفراشات لا تستقر على موضع او مكان .... بل تزرع الابتسامة فيه وكذاك تجليات الفراشات وهي تفتح فضاءات ايحائية تتجاوز المجال الدلالي للنص الشعري . لقد صنع الحلاج " الابداع " في هذا الديون من خزين ذاكرته الشعرية واعاد صياغة موادها الاولية النثرية في صور الجمال التي تعكس انية الحدث مع المتلقي وكانه كسر حالة انفعاله الغامضة والاغراق في الذاتية . فم يطلق الفراشات .. ص 83 اصرخ في هذا الفضاء الرحب ويث الشكوى كن مطمئنا في شروعك ان تتم الفعل لتصل الرسالة الى بيئة حسم المراد ان لا ريح تحور المسار اصرخ ليس من حرج عليك صورة الفراشات تحلق في نص الشعري ... يضاق الى منجز الحلاج بما فيه من امكانية عالية في نسيج الجملة الشعرية ، وجعلها هياة متغيرة لمعان كثيرة ، صورة الفراشات صورة مرئية لا يحتاج القارئ لأي قاموس ليعيد تفسير نص الحلاج ، بل هناك دلالات ارشادية في الشكل والمضمون ، فالنص ظاهر المعنى بإشاراته فلا غموض بل نوافذ مفتوحة لصوت الفراشات . بحدث ان .. ص 112 يحدث ان يجرح قلبه يحدث ان يجرح قلبك يحدث ان تجرحا قلوي المحيطين يحدث .. يحدث كل هذا دون ان يحضر القصد في شروعه ليرى اخضرار الفعل او تشهر وسيلتها الغابة ....... يحدث يحدث ما يشل الطريق ..... هنا تتجسد هذه البنية النصية .. ايقاع التكرار وكأن الحلاج يقول ( يحدث ان يخرج قلوب المحيطين ) بحدث ....كل هذا عتبة نصية ابتدأ به نصه الشعري لتكون بمثابة عنوانات دلالية تحمل ايحاءات ومرافئ تلوح في فضاء النص ، فلقد ابتدأ الشاعر .. النص بالفعل "يحدث " هي دعوة حدوث لكل شيء وهذا التكرار انسيابيا بل يسقي المتلقي ويمتعه عن طريق الصراع . ان امير الحلاج في اهتمامه الشعري هذه يوظف تقنيات اسلوبية متنوعة في كل قصيدة بصمة منفردة من ابداعه فيها ، اخير فان الحلاج صوت متميز بعيش وحده ، مخلصا لشاعريته ، حريصا على تجويد ادواته ، واضافة الجديد دوما الى نصه ، ولسان حاله يقول : للكلمات التي من عينيك تورق الورود وتدخل في فم الغريق قبلة الحياة .............................................................................................. كف تلوح لكلمات في الدخان / لمير الحلاج / منشورات دار الشؤون الثقافية ، بغداد 2024
#سمير_عبد_الرحيم_اغا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في وهج (جدار مر )
-
مرويات جابر السوداني الشعرية
-
قراءة في مرويات جابر السوداني الشعرية
-
فضاء المكان ورمزية اللون تجليات المشهد الشعري في - ليل سمين
...
-
قصص اطفال / الجزء الثاني
-
قصص اطفال / الجزء الاول
-
لاتدع الاطفال يرقدون
-
لاتسبق ريح الحب
-
لاتغلق الهاتف
-
حزينة
-
قصص بطعم البرتقال
-
لاتبتعد كثيرا
-
لاتسرع في سيرك
-
طبية وعامل
-
ازهار جامعية بيضاء
-
انا ونبيل وسؤدد
-
سيرة ذاتية
-
صور حب جامعية
-
( أرواق عنب ندى فوزي ...................رسائل امرأة من زمن آ
...
-
فراشات جامعية
المزيد.....
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
-
الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
-
عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|