أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحزن .














المزيد.....


مقامة الحزن .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


مقامة الحزن :

كتب صاحبنا الثمانيني : ((شعرت بالحاجة الى التلذذ بقول الشاعر : دولاب فرني الوكت وخميت الولايات, الغربة صارواهلي وخلاني الشمات )) , وعندما نستذكر باقي ألأغنية فهي تقول : (( ومابين شوق وصبر خلصن سنين العمر , يكولون غني بفرح احرق خطوط العتب وانثرها ويه الريح , واذكر محاجي العشق يابو شعر تسريح , والعمر شمعه انطفت وكل السوالف قضت , يكولون غني بفرح )) .

لماذا لا يزال المثقفون شعراء وكتاب , لايشيعوا بنتاجاتهم الأدبية البهجة والسرور لدى المتلقي ؟ ولماذا حالة الصراع النفسي الداخلي للإنسان العراقي حصراً ؟ ولماذا هذا الحزن المتجذر الذي ما أنفكَ ملازماً للعراقيين إلا ما ندر , أللهواء الملوث بالحقد والضغينة والاستئثار بكل شئ له علاقة بذلك ؟ وهل أن الماء الذي نشربه وتستقيه جداولنا يحال لحزن وألم دائمين ؟ أم أن التربة العراقية تنتج الهموم لنحصدها كما الحنطة والشعير ؟

يروي التاريخ أن الشاعر (الفرزدق) ذهب حاجاً لبيت الله الحرام , وهناك التقى الأمام (الصادق ع ) فقال له أنشدني يا ( فرزدق ) ما قلته بجدي (الحسين ع) , فبدأ (الفرزدق) يقرأ أشعاره للأمام , فأستوقفه الأمام قائلاً : لا يا ( فرزدق ) بل أتلوها عليّ كما يتلوها العراقيون وبطريقتهم , وكان له ما أراد وجرت عيونه حزناً لجده (الحسين ع) متأثراً بالطريقة التي تليت به القصيدة إياها كما يزعمون , ومنهم من يقول أن الحادثة إياها جرت مع الأمام زين العابدين (ع) , وأخر يقول أنها مع الأمام الرضا (ع) والشاعر دعبل الخزاعي , ولتكن الحادثة مع أي منهم فهذا يؤكد أن الحزن العراقي متأصل حد النخاع , وأشيع عنا هكذا في كل البلدان العربية ولم نستمع لأغنية تطربنا إلا إذا كانت حزينة.

أعتقد أن الآلات المستعملة بالغناء العراقي أكثر إيلاماً وحزناً من الآلات الموسيقية الأخرى , ومثل ذلك (الناي والربابة) اللتان لهما ذلك الإيحاء الخفي لاختراق شغاف القلوب , كما إن جسم العود على شكل كمثرى وأوتاره العميقة الرنانة هي العمود الفقري للموسيقى العراقية , تستحضر نغماتها الحزينة وجرسها الغني صورًا للتجمعات القديمة حيث تُروى القصص تحت السماء المضاءة بالنجوم , وبالرغم من تعرض العراق طوال تاريخه إلى غزوات وحروب , فإن الغناء لم يتراجع , بل بقي صوتا معبرا عن معاناة الناس وهمومهم وأشجانهم , ولهذا اتسمت الأغنية العراقية بالحزن العميق الذي أصبح سمة تميزه عن غناء البلدان العربية الأخرى , ويبدو أنه حزن ورثه العراقيون من أجدادهم السومريين , لاسيما سكان جنوبي العراق الذين تميزوا بالنواح .

بينما يرتبط الحزن عموما في حياتنا اليومية بالمشاعر السلبية , فان الحزن الناتج عن الموسيقى ليس كذلك , مما يبرر السؤال لماذا عدد كبير من الناس يستمتع للموسيقى الحزينة , بل ويستمتعون بشعور الحزن الناتج عنها , وما الذي يجعل الأغنية تبدو حزينة؟ وهذه فرضية راسخة , حيث تبين أن السمات الصوتية المماثلة الإيقاع البطيء , ومستوى الصوت المنخفض , والجرس الداكن , والنغمة المنخفضة , والنغمة الصغيرة , وتنوع مستوى الصوت , وهجمات النغمة البطيئة تُستخدم بالفعل في كل من الموسيقى والكلام للتعبير عن الحزن.
ترى لماذا لا يغادر الشعراء العراقيون القصائد الحزينه واستعاضتها بقصائد مبهجة ؟ هذا عريان سيد خلف يقول : (( ضمني أبليل ثاني وحل حلال الخل شحيحه أفراحنه ودكانها أمعزل , البسمه أنبوكها من الآه والياويل وصياد الهموم أبدفتره أيسجل , مشكلتي الفرح ماعرف بابه أمنين وبثوب الحزن من زغر متمشكل , ناورني الدمع بأول مدب عالكاع وناغمني الحزن وّي رنة الجنجل)) , وهذا الشاعر رياض النعماني الذي كان في الغربة مستبشرا يكتب قصائد فرح الا انه عندما عاد للعراق مستقراً به ثانية كتب ما نصه (أتباوع على بغداد تبجي ويبجي ليها البجي / بيها الليل حفره والبيوت أكبور / واحد على واحد ميت ومنتجي / كابوس راكس غارك أبكابوس / ياناس وين الناس / وين الهوى وذاك العمر / جنيت يابغداد أدور بيج عنج / تمشي الكهاوي أتدور أبكل درب / أتريد واحد يكعد ومالكت / وحدج وحيده والأحزاب أشكثر) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة العذل .
- مقامة التدفق .
- مقامة التستخج .
- مقامة حق الكسل ( الأوبلوموفية ) .
- مقامة اللي مضيع وطن .
- مقامة الخوخ الزردالي .
- مقامة انكسارات الروح .
- مقامة الوجع الطيب .
- مقامة النديم .
- المقامة العجلية .
- مقامة سجن الحب .
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .
- مقامة الغناء بالهمس .
- مقامة القهوة والحب .
- مقامة دمشق .
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .


المزيد.....




- مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ- ...
- أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21 ...
- السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني ...
- مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع ...
- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحزن .