أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟














المزيد.....

إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المعروف أن "إسقاط أي نظام" يعني إسقاط نهجه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي كان يتبعه، ولكن ما حدث ويحدث حتى الآن في سوريا، هو مجرد استبدال سلطة بأخرى، مع الحفاظ على النهج نفسه.
هذا الواقع المرير يعكس استمرار سياسات العهد البائد، على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب السوري من دماء ودمار وتشرد وفقر وإذلال.
وبدلاً من أن تحمل السلطة الجديدة تغييراً حقيقياً، فإنها تواصل السير على الطريق ذاته الذي قاد البلاد إلى ما هي عليه اليوم.

ففي المجال الاقتصادي، تشير التصريحات التي أصدرتها وتصدرها حكومة تصريف الأعمال حتى الآن، إلى أنها ستتّبع نهجاً مشابهاً لما كان عليه الوضع في العهد البائد، بل لا نبالغ إذا قلنا إنها تبدو أكثر قسوة وشراسة. فإلغاء الدعم، وبيع القطاع العام، والتسريح التعسفي للعمال والموظفين، كلها خطوات تكشف عن غياب أي رؤية استراتيجية مفيدة لمستقبل البلاد، بل إن هذه السياسات تعكس بشكل صارخ تراجعاً عن أي محاولة حقيقية لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وتعكس استمرارية النهج الذي يضع مصالح القلة في أولويته على حساب الغالبية العظمى من الشعب.

أما على الصعيد السياسي، فلا يزال من غير الواضح، ما إذا كانت السلطة الجديدة ستستمر في النهج ذاته الذي اتبعته السلطة السابقة. هل ستعيد سياسة قمع الآراء وتكميم الأفواه، أم تتبنّى نهجاً يعترف بالتنوع السياسي؟ بالطبع، ستحتاج السلطة الجديدة إلى وقت لفهم الاتجاهات والميول السياسية للمواطنين، خاصة بعد إتلاف التقارير الأمنية التي كانت قد سُطّرت بحق جميع السوريين أثناء اقتحام مقرات الأجهزة الأمنية وتحطيم وإحراق محتوياتها يوم سقوط سلطة الأسد. إلا إذا زُّوِّدت السلطة الجديدة بنسخة طبق الأصل، من الأرشيف الأمني للنظام الساقط عبر جهات دولية، وهو أمر غير مستبعد.

وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن معظم القرارات التي اتخذتها حكومة تصريف الأعمال جاءت مخيّبة للآمال، ولم تصبّ في مصلحة غالبية السوريين، بل بدت هذه القرارات بعيدة عن الواقع، ولم تلامس احتياجات الناس الأساسية، ما زاد من معاناتهم وأدى إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية التي كانت أصلاً في حالة حرجة. فالصف الأول والثاني والثالث وربما الرابع، من مسؤولي النظام السابق لم يُلقَ القبض عليهم ومحاسبتهم والاستيلاء على أموالهم المنقولة وغير المنقولة التي نهبوها من الشعب، لا بل أجرى البعض منهم "تسوية وضع"، وعاد مغسولاً من جميع التهم المنسوبة له عن ارتكاباته الفظيعة، وتم الاكتفاء بالانتقام من صغار المخبرين والفاسدين، إلا ما ندر.

وعلى صعيد حقوق المرأة، فإن ما شهدناه وقرأناه منذ استلام هيئة تحرير الشام زمام السلطة وحتى الآن، يشير إلى نوايا مبيّتة تهدف إلى تراجع مخيف في وضع المرأة، بعيداً عن الطموحات التي ناضلت من أجلها على مدار عقود، والأمثلة على هذا التراجع كثيرة ومتعددة، وتعكس خطر الابتعاد عن المكتسبات التي تحققت بشقّ الأنفس.

أما فيما يتعلق بما يُسمى بـ "الممارسات الفردية" التي تستهدف طائفة معينة، فإن هذا يمثل تهديداً حقيقياً لاستقرار البلاد، لأنها قد تؤدي إلى اشتعال النعرات الطائفية في بلد يتمتع بتنوع كبير في الإثنيات والأديان والمذاهب. وفي حال تفاقم الوضع، قد نواجه حرباً أهلية لا تبقي ولا تذر، ما يعمّق الانقسامات ويزيد من معاناة الجميع.

في النهاية، نحن الآن في مرحلة مليئة بالغموض، حيث لا تزال الوعود بالتغيير الحقيقي غائبة عن الواقع. وما نعرفه يقيناً هو أن الطريق نحو التغيير يحتاج إلى رؤية جديدة، وإصرار، وعمل جماعي لا يستثني أحداً لتحقيق ما حلم به السوريون.
وما علينا إلا الانتظار والمراقبة بحذرٍ شديد، إذ لم يبقَ على رحيل هذه الحكومة المؤقتة سوى 40 يوماً. وسيعقد خلال هذه الفترة، مؤتمر للحوار الوطني؛ يتناول مستقبل سوريا من جميع النواحي. بعد ذلك، ستُشكّل حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات - هذا إذا صدقت إدارة هيئة تحرير الشام في وعدها - تضم القوى والمكونات السياسية والاجتماعية الفاعلة. حينها، ستتضح الصورة بشكل كامل، وستكشف الأيام المقبلة عن حقيقة النوايا والتوجهات.
ويبقى الأمل في غدٍ أفضل قائماً.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب وفلسطين.. صراع مفتوح وأمل لا يموت
- دعوة للعيش المشترك واحترام التعدد الديني والطائفي
- لماذا لم يلقِ قائد إدارة هيئة تحرير الشام خطاباً حتى الآن؟
- التضامن الأممي.. سلاحنا ضد الظلم والتعتيم الإعلامي
- مستقبل غامض لملايين السوريين تحت حكم هيئة تحرير الشام
- وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة
- دعوة لبناء الدولة المدنية والعيش المشترك
- مستقبل الأحزاب الموالية بعد سقوط البعث.. هل يغفر الشعب السور ...
- هيئة تحرير الشام.. مساعي الهيمنة في خضم الفصائل السورية المت ...
- عودة اللاجئين السوريين أم هجرة المقيمين إلى الخارج؟
- ثورة بلا عدالة اقتصادية.. كسرابٍ في صحراء
- أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي ...
- حوار وطني أم استعراض رقمي؟ أسئلة حول مستقبل سوريا
- هل يحق لحكومة تسيير الأعمال بقيادة أحمد الشرع ما قامت به حتى ...
- حين يصبح نشر الغسيل تهمة
- هل ستعيد حكومة تصريف الأعمال عجلة الزمن إلى الوراء؟
- مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية
- عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟
- صبيحة سقوط الأسد
- «صام صام وفطر على بصلة».. هل هذا قدرنا؟


المزيد.....




- بعد رفضها الامتثال للأوامر... ترامب يجمّد منحًا بأكثر من 2.2 ...
- أوكرانيا تعلن القبض عن أسرى صينيين جُنّدوا للقتال في صفوف ال ...
- خبير نووي مصري: طهران لا تعتمد على عقل واحد ولديها أوراق لمو ...
- الرئيس اللبناني يجري زيارة رسمية إلى قطر
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف
- الرئيس اللبناني: 2025 سيكون عام حصر السلاح بيد الدولة ولن نس ...
- ابنة شقيقة مارين لوبان تدعو وزير الخارجية الفرنسي لتقديم است ...
- نتنياهو يوضح لماكرون سبب معارضته إقامة دولة فلسطين
- في حدث مليوني مثير للجدل.. إطلاق أول سباق عالمي للحيوانات ال ...
- بيان وزارة الدفاع الروسية عن سير العمليات في كورسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟