أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - قال ابن المقفع:














المزيد.....


قال ابن المقفع:


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 23:48
المحور: الادب والفن
    


أَمّا بعد، فإنّ لكلّ مخلوق حاجة، ولكلّ حاجة غاية، ولكل غاية سبيلا. والله وقّت للأمور أقدارها، وهيّأ إلى الغايات سبُلها، وسبَّبَ الحاجات ببلاغها.
فغاية الناس وحاجاتهم صلاح المعاش والمعاد والسبيل الى دركها العقل الصحيح. وأمارةُ صحّة العقل اختيار الأمور بالبصر، وتنفيذ البصر بالعزم.
وللعقول سجيات وغرائز بها تقبل الأدب. وبالأدب تنمى العقول تزكو.
فكما أنّ الحبّة المدفونة في الارض لاتقدر أن تخلع يبسها وتظهر قوّتها وتطلع فوق الأرض بزهرتها وريعها ونضرتها ونمائها إلا بمعونة الماء الذي يغور إليها في مستودعها فيذهب عنها أذى اليبس والموت ويحدث لها بإذن الله القوّة والحياة، فكذلك سليقةُ العقل مكنونة في مغرزها من القلب: لاقوّة لها ولاحياة بها ولا منفعة عندها حتى يعتملها الأدب الذي هو ثمارُها وحياتها ولقاحها.
وجلُّ الادب بالمنطق، وجلّ المنطق بالتّعلُم. ليس منه حرف من حروف معجمه، ولااسمٌ من أنواع أسمائه إلا وهو مرويٌ، متعلمٌ، مأخوذٌ عن إمام سابق: من كلام أو كتاب.
وذلك دليل على انّ الناس لم يبتدعوا أصولها ولم يأتهم علمُها إلاّ من قبل العليم الحكيم.
فإذا خرج الناس من أن يكون لهم عملٌ أصيلٌ وأنّ يقولو قولاً بدِيعاً، فليَعلم الواصفون المخبرون أنّ أحدهم- وإن أحسن وأبلغ- ليس زائداً على أن يكون كصاحب فصوصٍ وجد ياقوتاً وزبرجداً ومرجاناً، فنظمهُ قلائد وسموطاً وأكاليل ، ووضع كلّ فصّ موضعه، وجمع إلى كل لون شبههُ وما يزيدهُ بذلك حُسناً. فسُمّي بذلك صانعاً رفيقاً. وكصاغة الذّهب والفضّة: صنَعُوا منها مايُعجبُ النّاس من الحُلّي والآنية. وكالنّحل وجدت ثمرات أخرجها الله طيّبة، وسلَكت سُبلاً جعلها الله ذُللاً: فصارَ ذلك شِفاءً وطعاماً وشراباً منسوباً إليها، مذكوراً به أمرُها وصنعتُها.
فمن جرى على لسانه كلام يستحسنهُ او يُستَحسنُ منه، فلا يعجبنّ إعجاب المخترع المبتدع. فإنّه إنّما اجتناهُ كما وصفَنَا.
ومن أخذ كلاماً حسناً عن غيرِه فتكلّم به في موضعه وعلى وجهه، فلا ترينَّ عليه في ذلك ضُؤُولةً. فإنّهُ مَنْ اعينَ على حفظ كلام المصيبين وهُدى للاقتداءِ بالصّالِحينَ ووفّقَ للأخذ عن الحكماءِ- ولاعليه أن لايزداد- فقد بلغ الغاية. وليس بناقصه في رايه ولاغامطِهِ من حقِّهِ أن لايكون هو استحدث ذلك وسبق إليه. فإنّما إحياء العقل الذي يتم به ويستحكم خصالٌ سبعٌ: الإيثارُ بالمحبة، والمبالغة في الطلب، والتثبّت في الاختيار، والاعتياد للخير، وحسن الرّعي، والتعهد لما اختير واعتُقد، ووضع ذلك موضعه قولاً وعملاً.
أمّا المحبّة، فإنّها تبلغُ المرءَ مبلَغَ الفضلِ في كلّ شئٍ من أمر الدنيا والآخرة حين يؤثر بمحبته. فلا يكون شئٌ أمرأَ ولا أحلىَ عندهُ منهُ.
وأما الطلبُ، فإن الناس لايُغنيهم حبُّهم مايحبُّون وهواهم مايهوون عن طلبهِ وابتغائهِ. لاتُدرك لهُمْ بُغيَتُهُم ونفاستُها في أنفسِهِم، دُونَ الجدّ والعمل.
وأمّا التثبُّتُ والتَّخيُّر، فإنّ الطّلبَ لاينفَعُ إلا معه وبه. فكم من طالب رُشدٍ وجدهُ والغيَّ معاً. فاصطفى منهما الذي منه هرب، وألغى الذي إليه سعى. فإذا كان الطّالبُ يحوي غيرَ مايُريدُ -وهو لايشك في الظَّفر- فما احقَّهُ بشدّة التَّبيين وحسن الابتغاء!
وأما اعتقادُ الشّئ بعد استبانته، فهو ما يُطلبُ من إحراز الفضل بعد معرفته.
وأما الحفظ والتعهد، فهو تمام الدّرك. لأنّ الانسان موكّل به النسيانُ والغفلة. فلا بدّ لهُ، إذا اجتبى صوَابَ قول أو فعل، من أن يحفظهُ عليه ذهنُه لأوانِ حاجَتِهِ.
وأما البصر بالموضع، فإنّما تصير المنافع كلها إلى وضع الأشياء مواضعها. وبنا الى هذا كلّه حاجةٌ شديدةُ. فإنّا لم نوع في الدّنيا موضع غنىً وخفضٍ، ولكن بموضع فاقةٍ وكدٍّ، ولسنا إلى مايمسك أرماقنا من المأكل والمشرب بأحوج منّا إلى مايُثّبتُ عقُولنا من الأدب الّذي به تفاوتُ العقول. وليس غذاءُ الطّعام بأَسرعَ في نباتِ الجسد من غذاء الأدبِ في نبات العقل. ولسنا بالكدِّ في طلبِ المتاعِ الّذي يُلتَمَسُ بهِ دفعُ الضَّرر والغلبةُ بأحقُّ مِنّا بالكدِّ في طلب العلمِ الذي يُلتمسُ به صلاحُ الدّين والدّنيا.



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيانو جميلي 2025
- الإنسانية في قانون الإسلام
- مسات بلا روح
- ابداع 2025
- قصة مبكية حقيقة
- كتاباتي في التٱخي عام 2024م
- خصائص القانون الاسلامي وفلسفتها
- نوروز و سباق الخيل في مندلي
- كتابات في الميزان /2025
- تباريح ملونة للشاعر
- كشكول حسين 2025/2
- كيكول علي جمال 2025/3
- نسيم العراق
- الترجمة الشعرية للغة الكوردية
- قرأت لكم..101
- استاذ ظاهر مندلاوي
- لمحات اجتماعية من قزانية / 14
- المؤرخ ملا و مكتبته الأرشيفية
- المؤرخ ملا جميل روزبياني و مكتبته الأرشيفية
- المبدعون في العالم


المزيد.....




- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - قال ابن المقفع: