|
هل من الممكن تفادي نشوب حرب عالمية؟ - النزعة الشيوعية الأممية
شبكة اليسار الشيوعي
مترجم
(Communist Left Network)
الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 12:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك ما لا يقل عن خمسين حربًا مشتعلة حول العالم. وكل هذه الحروب، بطريقة أو بأخرى، هي نتيجة للتناقضات في النظام الرأسمالي التي تؤدي مباشرة إلى الإمبريالية والحرب. تقدم الحربان الأكبر - تلك في أوكرانيا وغزة - رؤية شاملة للمجازر الهمجية والوحشية على نطاق لا يمكن لحكّامنا إخفاؤه. إن كل الحديث عن ”حقوق الإنسان“، و ”النظام العالمي المبني على القواعد“ و ”معركة الديمقراطية ضد الديكتاتورية“ ليس إلا هراء و منافقة. كل يوم تظهر لنا وسائل التواصل الاجتماعي حقيقة ما يجري. إن الوجه الحقيقي للنظام الرأسمالي الحالي يظهر بهيئة الموت والمعاناة اليومية في أوكرانيا وغزة، ولكن على الرغم من فظاعة هذه الحروب، إلا أنه من المرجح أن الأسوأ قادم. قد تؤدي بنا حروب أوكرانيا وغزة و غيرهما إلى حرب عالمية جديدة. وإن حدث ذلك فإن الحروب المذكورة ستبدو كمناوشات بالمقارنة مع ما سيأتي. إن الأخبار التي تفيد بأن الأسلحة النووية التكتيكية يتم تجهيزها من قبل كل من روسيا والناتو وأن فرنسا اقترحت إرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا تظهر كيف يتم تصعيد الموقف. يتم لعب "الروليت الروسي" بالأسلحة النووية.
وراء هذه الحروب هناك صراع أكثر جوهرية وخطورة، وهو صراع القوة المهيمنة الحالية، وهي الولايات المتحدة مع حلفائها، الذين يحاولون الحفاظ على هيمنتهم العالمية التي منحتهم إياها التسوية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية - ضد الصين، وهي قوة صاعدة. إن الهيمنة الغربية اقتصادية وعسكرية على حد سواء، وتهدد الصين الآن بتقويض كليهما. ما لم تتدخل الطبقة العاملة وتطيح بالرأسمالية، فإن هذا الصراع سيؤدي حتمًا إلى نشوب حرب.
تجري استعدادات أمريكا للحرب في وضح النهار أمام أعين الجميع. وتساعد اتفاقية أوكوس - وهي اتفاقية شراكة عسكرية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة - أستراليا في بناء غواصات نووية. كما تنفق الولايات المتحدة حوالي خمسمائة مليون دولار لتعزيز جيش الفلبين، وقد تم توقيع اتفاقيات تعاون أمني مع الهند واليابان وكوريا الجنوبية. وتحاول الولايات المتحدة إحاطة الصين بالأنظمة المتحالفة معها عسكرياً والمعارضة للحكومة الصينية، بينما تقوم بتسليح تايوان وتحاول إثارة النزعة الانفصالية كذريعة للحرب. كما أنها تحاول تخريب مبادرة الحزام والطريق الصينية. وفي الوقت نفسه، فإن إنشاء نظام موالٍ للولايات المتحدة في أوكرانيا من خلال انقلاب الميدان، وبناء جيش أوكراني حديث، واحتمال انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، قد أغرى الجيش الروسي بالتوغل في البلاد. إن الحرب بالوكالة الدائرة في أوكرانيا تقرب روسيا من الصين في تحالف معادٍ للولايات المتحدة.
كانت الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط، وهي المنطقة الرئيسية المنتجة للنفط في العالم، مستمرة منذ الحرب العالمية الثانية. فبينما كانت الولايات المتحدة المستورد الرئيسي لنفط الشرق الأوسط حتى عام 2005 تقريبًا، حلت الصين الآن محلها، مما أدى إلى تهديد الصين للهيمنة الأمريكية على المنطقة. فقد قامت بتصميم التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران وضمت كلا البلدين إلى مجموعة البريكس. وعلى النقيض ذلك، كانت سياسة الولايات المتحدة قائمة على استمرار الصراع السعودي/الإيراني، ما يبرر وجود قواعدها العسكرية وهيمنتها العسكرية على المنطقة. وتدخلت الصين أيضًا في الصراع في غزة، حيث توسطت للتوصل إلى اتفاق بين الفصائل الفلسطينية من أجل رسم رؤية لغزة ما بعد الصراع، وبالتالي كسب موطئ قدم في الرقعة الأمريكية. وفي المجال الاقتصادي، عارضت الصين تجارة النفط بالدولار حصراً. وهو الأمر الذي وافقت المملكة العربية السعودية على تطبيقه لمدة 50 عامًا في عام 1974، ولكن لم يتم تجديد هذا الاتفاق عندما انتهت صلاحيته في يونيو. وقد يؤدي ذلك إلى إنهاء هيمنة البترودولار وإضعاف الدور الدولي للدولار الذي يعد ركيزة أساسية في الهيمنة الاقتصادية الأمريكية. وفي حال فقدان الهيمنة العالمية للدولار ستفقد الولايات المتحدة قدرتها على فرض عقوبات على الدول الأخرى، وكذلك قدرتها على مصادرة ودائع منافسيها. فقد تم تطبيق مثل هذه العقوبات ضد روسيا والصين وإيران وغيرها بهدف قطع قدرتهم على التجارة من خلال استبعادهم من نظام سويفت، وهو نظام التحويلات بين البنوك، وقد تم الاستيلاء على 330 مليار دولار من الأرصدة الروسية ومصادرة فوائدها. كل هذا ممكن بسبب دور الدولار كعملة التجارة الدولية. والنتيجة هي أن روسيا وشركاءها في مجموعة البريكس بدأوا في التداول بالعملات المحلية ويستعدون لإطلاق نظام تحويل بديل لنظام سويفت وعُملة جديدة لمجموعة البريكس. كل هذه التحركات العسكرية والاقتصادية هي تحضيرات للحرب. الحرب الطبقية هي الطريق لمنع وإنهاء الحرب العالمية
إن تدخل الطبقة العاملة، كقوة سياسية على نطاق دولي، هو وحده القادر على منع الحرب ووضع حد للنزاعات حال اندلاعها. وذلك لأن عملنا ينتج كل القيمة التي تدعم المجتمع الرأسمالي. إذا أزلنا هذا العمل سينهار الهيكل الرأسمالي بأكمله. ” يجب أن يكون شعارنا “لا حرب إلا حرب الطبقات“. لا تنازلات لبرنامج الحرب الرأسمالية؛ لا تنازلات للاقتصاد الوطني.
إن الصراع الطبقي الثوري - وليس الدعم لأعداء أسيادنا (الصين، روسيا، إيران، إلخ) كما يعلن الكثيرون من اليسار ”المناهض للإمبريالية“ المزعوم - هو الحل الوحيد للحروب المستقبلية التي يعد لها حكامنا. وهذا يتطلب إضرابات، ليس فقط في صناعات الأسلحة، بل إضرابات واسعة يصعب قمعها من قبل الطبقة الرأسمالية ويمكن أن تتسع لتشمل المزيد والمزيد من العمال في النضال. وهذا يعني التآخي على أساس التضامن الطبقي بين الجنود وأعدائهم المفترضين. إنه يعني الإشارة إلى أن الأعداء الحقيقيين للعمال والجنود هم طبقة الرأسماليين الذين قاموا بتجنيدهم لمحاربة إخوانهم من الطبقة العاملة. إنه يعني دعم الفرار من الخدمة على نطاق واسع والذي يمكن أن يتحول إلى تمردات لها قوة حقيقية لإنهاء الحرب.
هكذا كان الرد الثوري على الحرب العالمية الأولى. فقد أدت أولاً إلى الثورة في روسيا ثم في ألمانيا اللتان وضعتا حدًا للحرب. في ألمانيا ،عام 1918، رفض البحارة في فيلهلمسهافن ولاحقًا في كيل الإبحار ضد الأسطول البريطاني. وبدلاً من ذلك، استولوا على كيل، وأقاموا مجالس للعمال والبحارة وخلال أيام انهارت الإمبراطورية الألمانية وانتهت الحرب. ولكن هذا لم يحدث إلا بعد 4 سنوات من الحرب التي كانت آنذاك أبشع الحروب في التاريخ البشري. ولسوء الحظ، هُزمت الموجة الثورية الناجمة عن هذه الانتفاضات ولم يتمكن تدخل الطبقة العاملة من إنهاء الحرب العالمية الثانية. وكانت النتيجة سقوط ملايين لا حصر لها من القتلى.
يجب أن يكون الصراع الطبقي الثوري هو الاستراتيجية المتبعة في جميع أطراف الحرب. وهذا يتطلب وجود منظمة سياسية دولية تتواجد على نطاق عالمي وتناضل من أجل هذه الاستراتيجية في أوساط الطبقة العاملة. إن بناء مثل هذا الحزب الأممي هو المهمة الرئيسية لثوار اليوم.
المقالة أعلاه مأخوذة من العدد الحالي (رقم 68) من مجلة أورورا، نشرة منظمة العمال الشيوعية.
#شبكة_اليسار_الشيوعي (هاشتاغ)
Communist_Left_Network#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمال لا وطن لهم: قاوموا الحرب بالوحدة والنضال الطبقي! - ال
...
-
الحرب في لبنان: مذبحة أخرى للطبقة العاملة - النزعة الشيوعية
...
-
لن يُسكتونا. سنتكلم باسم أمواتنا! - مجموعة بارباريا
-
سوريا: الهمجية الإمبريالية تشتعل من جديد - النزعة الشيوعية ا
...
-
أطروحات حول دور الحزب في الثورة البروليتارية - الحزب الشيوعي
...
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|