شبكة اليسار الشيوعي
مترجم
(Communist Left Network)
الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 00:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، اجتاح الجيش الإسرائيلي لبنان بهدف وحشي يتمثل في إنشاء حزام أمني جنوب نهر الليطاني. ومع بعض النيران المتبادلة انسحب الجيش اللبناني من ”الخط الأزرق“، وبعد ساعات شنت إيران هجمات صاروخية انتقامية اخترق بعضها مختلف الأنظمة الإسرائيلية المضادة للصواريخ. بالنسبة لإيران، كان مقتل حسن نصر الله بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران والعديد من جنرالات الحرس الثوري الإيراني. خلال الأسابيع السابقة، قامت وكالة الاستخبارات السرية الإسرائيلية ”الموساد“ بتخريب أجهزة الاتصالات، واغتيال مقاتلي حزب الله، وقتل وإصابة المئات من المدنيين في هذه العمليات، لإحداث فوضى في سلسلة قيادة حزب الله. وتشمل حصيلة القتلى اللبنانيين حتى الآن أكثر من ألفي مدني، وخسرت إسرائيل عشرات الجنود، ولكن مما لا شك فيه أن إحدى أكبر الكوارث تكمن بنزوح أكثر من 1.2 مليون شخص داخل لبنان.
منذ الحرب في أوكرانيا، شهد العالم تصاعدًا حادًا في التوتر الإمبريالي في جميع أنحاء العالم، مما يشير إلى وجود دافع نحو الحرب الشاملة. ويحظى لبنان بأهمية ملحوظة في هذا التطور. تمتد جذور هذا الاشتباك إلى ما يقرب من قرن من الزمان، على الرغم من أن السبب المنهجي يبقى الإمبريالية كشرط من شروط الرأسمالية. في أعقاب الصراعات السياسية داخل لبنان في السبعينيات، اجتاحت إسرائيل لبنان في عام 1982، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، لتفكيك الجماعات الفلسطينية والموالين لها. واجه الجيش الإسرائيلي خيبة أمل وهزيمة في نهاية المطاف. وبقيت إسرائيل في جنوب لبنان حتى عام 2000، بعد أن أدى هجوم حزب الله إلى حالة من الفوضى وفشل الاحتلال الإسرائيلي في وقف الصواريخ التي كانت تُطلق على إسرائيل. والآن، فإن اندماج حزب الله في السياسة اللبنانية السائدة كنتيجة لهذا الدور التاريخي قد أدى إلى نتائج عكسية في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المتزايدة، حيث يتراكم اللوم على عاتقه. فالاقتصاد مجزّأ، شأنه شأن النظام السياسي في لبنان، والأحزاب الطائفية تطوّق العمال وما تبقى من بقايا رأس المال الذي يمكن إنقاذه كالنسور التي تلاحق الجيف. وبعيدًا عن أي بديل للطبقة العاملة، يطالب حزب الله البروليتاريا بالسير باسم سياسة السلطة البرجوازية.
منذ انسحابها من لبنان، حافظت إسرائيل على حزب الله كأحد أكبر فزاعاتها، إلى جانب إيران وحماس. لقد أصبح الحزب أداةً ملائمة للطبقة الحاكمة لمواصلة فرض "عقلية الحصار" على عمالها. يمكن استدعاء هذا البعبع مرارًا وتكرارًا لإبعاد الأزمات الدائمة وأعراضها. على سبيل المثال، الفساد الفاحش الذي يمارسه نتنياهو وأزمة السكن المتفاقمة هما مشكلتان رئيسيتان يمكن للرأسماليين ”حلهما“ من خلال توجيه أصابع الاتهام إلى هؤلاء الخصوم وإجبار العمال على التوجه إلى الصفوف الأمامية لقتال غيرهم من العمال. هكذا يمكن للطبقة الحاكمة أن تبرر حصارها اللامتناهي على غزة، وهكذا يمكن لها أن تستمر في تبرير آلاف القتلى المتراكمين في الشوارع. ومع ذلك، فإن المشاكل التي تهدف الحرب المعممة إلى حلها هي مشاكل منهجية بطبيعتها؛ فمع أو بدون حماس أو حزب الله، ستشعر الطبقة الحاكمة الإسرائيلية (مثل أي قوة إمبريالية أخرى) دائمًا بضغوط اللجوء إلى الحرب عندما تبدأ تناقضات رأس المال في التصاعد.
وفي حين ينشغل العديد من العمال حول العالم بدعوات وقف إطلاق النار، فإن الأساس التاريخي لهذا الصراع يستبعد أي سلام طويل الأمد، لأنه يكمن في جذور الرأسمالية. وطالما أن تراكم رأس المال هو الضرورة القصوى، فإنه يخلق الوسيلة السياسية القصوى لإرسال العمال إلى جبهات القتال، مع كل الفظائع التي يمكن أن توجد هناك، بما في ذلك الإبادة الجماعية. ولذلك، فإن الهزيمة التامة للرأسمالية على يد الطبقة العاملة العالمية هي وحدها القادرة على إنهاء الفظائع التي تقع أمام أعيننا. بالنسبة لإسرائيل وحزب الله على حد سواء، فإن العمال ليسوا إلا متغيرات في الميزانية، وسواء في وقت السلم أو الحرب، يتم إبقاء العمال دائماً تحت السيطرة للحفاظ على النظام البرجوازي، سواءً كان ذلك هجومياً أو دفاعياً.
كما أن ما يحدث أكبر بكثير من مجرد صراع محلي، إذ أنه يحدث في تقاطع الكتل الإمبريالية. على سبيل المثال، تعتمد الولايات المتحدة على المساعدات التقنية الإسرائيلية لشن الحرب في الشرق الأوسط؛ وترى إسرائيل في ذلك وفي ضعف إيران الحالي فرصة ذهبية لتوجيه ضربة قاضية ضد ”محور المقاومة“ الإيراني. ونتيجة لذلك، ليس أمام الولايات المتحدة خيار آخر سوى دعم العدوان الإسرائيلي لضمان المزيد من الفوضى وإراقة دماء الطبقة العاملة حول العالم. ولا ينبغي أن ننسى أيضًا، أنه وعلى الرغم من تراجع إيران في الوقت الراهن، إلا أن خيار الحرب الشاملة قد يبدو مفضلاً للطبقة الحاكمة بدلاً عن الموت بألف ضربة جراء سقوط وكلائها واحدًا تلو الآخر. وبالتالي فإن مثل هذا التطور من شأنه أن يفتح الباب لمواجهة كبرى ثانية بين كتلة تقودها الولايات المتحدة، وتحالف المصالح بين روسيا وإيران؛ وبالنظر إلى أن أي صراع من هذا القبيل سيحدث عبر دولة وسيطة مثل العراق، فلن تجلس أي ”قوة عظمى“ مكتوفة الأيدي بينما تندلع الفوضى.
إنه في أوقات الأزمة كهذه، تقدم الشيوعية (عالم بلا حدود ولا دول ولا استغلال) الترياق المضاد للحرب. وللكفاح من أجلها يجب على العمال في جميع أنحاء العالم أن يتحدوا على منصة دولية ويحتشدوا من أجل هزيمة جميع الدول كجزء من هدفهم الثوري للإطاحة بالرأسمالية مرة واحدة وإلى الأبد. يجب على العمال أن يناضلوا ضد جهود الحرب المحلية من خلال استراتيجية مشتركة من الإضرابات والتوقف عن العمل والتباطؤ بالعمل على أساس سياسي. يمكن للعمال في إسرائيل وفلسطين ولبنان وإيران وأوروبا وأمريكا وغيرها أن يوقفوا الجحيم الهاطل على إخواننا وأخواتنا من العمال بهذه الوسائل، ولكن فقط إذا ما تحول ذلك إلى هجوم ثوري ضد الدولة البرجوازية يمكن إنهاء الهمجية الرأسمالية إلى الأبد. وكما أظهرت لنا الموجة الثورية العالمية التي اندلعت شرارتها في روسيا في الفترة 1917-1921، فإن التنظيم الجماهيري للطبقة العاملة العالمية ليس فقط بإمكانه أن يوفر معارضة فعالة للحرب بل يمكنه أن يركلها إلى مزبلة التاريخ.
لا حرب إلا حرب الطبقات! يا عمال العالم اتحدوا!
النزعة الشيوعية الأممية
29 تشرين الأول/أكتوبر 2024
#شبكة_اليسار_الشيوعي (هاشتاغ)
Communist_Left_Network#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟