|
سوريا: الهمجية الإمبريالية تشتعل من جديد - النزعة الشيوعية الأممية
شبكة اليسار الشيوعي
مترجم
(Communist Left Network)
الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 23:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما يشير تاريخ المقال أدناه، فقد كتبه رفاقنا الإيطاليون قبل سقوط نظام الأسد، ولكن تم تحديثه بعد ذلك. وهو يعطي بعض الدلائل على ما قد تعنيه هذه القطعة الأخيرة من الأحجية الإمبريالية للمستقبل.
سوريا: الهمجية الإمبريالية تشتعل من جديد
لقد استؤنفت الحرب الأهلية المدمرة في سوريا. وينتمي القائمون على هذه الحرب ضد الأسد إلى عالم الجهاد في الشرق الأوسط، مثل أعضاء تنظيم القاعدة السابقين بقيادة هيئة تحرير الشام وأبو محمد الجولاني - ”تلميذ“ الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في الأراضي العراقية وأبو بكر البغدادي الخليفة الذي أعلن نفسه سليل الرسول وزعيم الدولة الإسلامية قبل أن يلقى حتفه. هؤلاء هم من يقودون التحالف العسكري الذي يضم جماعات مثل أولئك الموالين لتركيا، ومختلف المسلحين الجهاديين من مناطق القوقاز، والميليشيات الأوزبكية، وبقايا تنظيم داعش، وحتى المسلمين (الإيغور) من شينجيانغ الصينية.
هذا التحالف الجهادية الذي بدأ هجومه على حكومة الأسد احتل الآن حلب ومساحة شاسعة من الأراضي في وقت ضئيل، ليثبت نفسه فعليًا كجيش متين قادر على شن حرب أهلية ضد حكومة مركزية تابعة للإمبريالية الروسية. من الواضح أن قوة الجيش الجهادي والسرعة التي احتل بها حلب لم تكن بالضبط مفاجأة. نحن في البداية فقط، ولكن إعادة التنظيم العسكري والسهولة الواضحة التي تقدم بها رجال الميليشيات الجهادية تعتمد على عاملين مهمين لولاهما لما نجحت هذه العملية العسكرية.
أولاً، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الوضع الداخلي في سوريا. فالحرب الأهلية الطويلة المستمرة منذ عام 2011 جعلت الأوضاع المادية أسوأ في السنوات الأخيرة. وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية الخطيرة للغاية بسبب عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي جعل من سوريا أرضًا سهلة للغزو.
ثانيًا، لم يعد التحالف مع الإمبريالية الروسية الذي أبقى نظام بشار الأسد على رأس السلطة قائمًا في الوقت الراهن. ليس لأن سوريا فقدت دورها الاستراتيجي كبيدق مهم في البحر الأبيض المتوسط بمينائي طرطوس واللاذقية - وهما مقران لا غنى عنهما للأسطول الروسي - ولكن لأن موسكو منخرطة بشدة في ”الحملة“ الأوكرانية ولا يمكنها تخصيص موارد أقل للدفاع عن حليفها التاريخي. بالرغم من أنها ستواصل تقديم بعض الدعم، طالما أنها تملك القوة وطالما سمح لها مسار الأمور بذلك.
بالإضافة إلى ذلك، استفادت إعادة التنظيم العسكرية للجهاديين المناهضين للأسد وروسيا بشكل كبير من المساعدات المالية والعسكرية والسياسية، وإن كان ذلك من ذوي المصالح الإمبريالية المختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا. وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإن سبب دعمها للجهاديين واضح. بايدن، قبل أن يترك الرئاسة أخيرًا لترامب، يريد أن يخلق وضعًا في سوريا ستكون له تداعيات على الشرق الأوسط بأكمله. فدعم الإسلاميين - الذين كان يُنظر إليهم في السابق على أنهم سفاحون ملعونون وأعيد تأهيلهم اليوم في دور المقاتلين ”الديمقراطيين“ ضد استبداد الأسد والغازي الروسي - يعني إضعاف موسكو وحليفتها إيران التي فوجئت بسرعة تقدم الجهاديين ولم ترسل على الفور وحدات من الحرس الثوري للدفاع عن حلب كما وعدت. وبالتالي، نجح ذلك في إرسال إشارة قوية إلى الطرف الثالث، الصين، التي هي جزء من هذه المجموعة الإمبريالية والتي تمثل العدو رقم واحد الذي سيتعين على الولايات المتحدة التعامل معه عاجلاً أم آجلاً في سيناريو أزمة أكبر وأخطر بكثير. في غضون ذلك، تريد الولايات المتحدة الأمريكية الاحتفاظ بنقطة عسكرية على الأراضي السورية للسيطرة على بعض آبار النفط التابعة لشركاتها، وهو أمر مفيد دائماً في أي طارئ حربي.
إن دعم الجهادية السنية في صفوف ” الثوار“ السوريين، الذين لا يخفون حقيقة أنهم يواجهون القوات الشيعية التابعة لحزب الله وإيران بالإضافة إلى نظام الأسد، فرصة عظيمة لإسرائيل و سيتم استغلالها بالكامل - رغم بعض التحفظات. حتى قبل الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار في لبنان بين بيروت وتل أبيب - الذي لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي - كان نتنياهو قد بدأ بالفعل مشروعه لزعزعة استقرار المنطقة بأسرها، بما في ذلك سوريا. الهدف النهائي، بعد أن قام بتدمير غزة وإبادة حماس وحزب الله والتخلص من التهديد السوري، هو التركيز على عدوه الرئيسي: إيران بزعامة الخميني، من أجل خلق نظام إمبريالي جديد تهدف فيه إسرائيل إلى أن تكون محور الارتكاز الجديد. وفي الوقت نفسه، ضمان استمرار الاستحواذ على مرتفعات الجولان الاستراتيجية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.
كما أن تقدم الجهاديين في سوريا يصب في صالح تركيا. فمنذ عام 2022، كانت هناك بالفعل اتفاقات سرية بين الحكومة التركية وهيئة تحرير الشام تتضمن توفير الحماية المالية والعسكرية والسياسية لهذه العصابات الجهادية. ليس هذا فحسب، بل عندما تم اعتقال أعضائها ممن نظموا هجمات في سوريا ثم لجأوا إلى تركيا، تم إطلاق سراحهم على الفور. كانت سياسة الحكومة التركية هذه موضوع تحقيق برلماني أيضاً، ولكن كالعادة، تم التستر على كل شيء. كان من مصلحة الحكومة التركية دعم تقدم الجهاديين لعدة أسباب. أولها رفض الأسد المتكرر لتطبيع العلاقات مع أنقرة. ثم تطور العداوة بسبب عدم تسليم دمشق الأراضي الكردية السورية إلى السيطرة التركية خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية التابعة لأبي بكر البغدادي. وعلاوة على ذلك، لطالما اتُّهم الأسد بتقديم الضيافة للجماعات المسلحة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وأخيراً، لطالما نظرت أنقرة إلى بعض المناطق السورية التي يقطنها الأكراد على أنها بؤرة للإرهابيين يجب استيطانها لمواجهة الأهداف ”القومية“ لحزب العمال الكردستاني بشكل أفضل. إذن، فهل هناك فرصة أفضل من هذه لمحاولة الاستفادة من الأزمة في دمشق الناجمة عن تقدم الجهاديين؟ وبالتالي، أطلق أردوغان العنان للجهاديين بهدف السيطرة على الأراضي السورية، وإبقاء أعدائه الأكراد تحت الرقابة المشددة والتخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين لجأوا إلى تركيا منذ عام 2011، وبالتالي تأكيد الوجود التركي فوق البحر الأبيض المتوسط.
وفي الختام، فإن زعزعة الاستقرار أمر مفيد للكثير من الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي تعمل من وراء الستار كما هو الحال دائماً. لدى محور واشنطن و تل أبيب الإمبريالي الآن إمكانية حقيقية لإنزال أشد العقوبات على إيران، وإنشاء حصن إمبريالي غربي قوي في الشرق الأوسط. كان التصريح الكاذب بأنهم ”لا يعرفون شيئًا عن“ 7 أكتوبر بمثابة مقدمة لهذا المشروع الذي طال أمده الآن. لقد ذكرنا الحقائق الأساسية حول تركيا. لم يبدو أن هناك أي رد فعل قوي من موسكو وطهران وبكين، ولكن في الواقع، عملت روسيا بالتوازي مع جيش الأسد السوري بقصف الميليشيات الجهادية المتقدمة ولكن دون قناعة كبيرة ودون أي نجاح يذكر. وكانت طهران قد وعدت بإرسال قوات عسكرية لمساعدة الأسد. الصين صامتة في الوقت الراهن، لكنها لا تستطيع إلا أن ترفع صوتها، ولو فقط لأن حلفاءها من موردي الغاز والنفط (روسيا، وإيران الذين يخصصان 95% من مخزون الطاقة للصين) باتوا تحت مرمى نيران الإمبريالية الغربية. ولكن، كما قلنا في بداية هذا المقال، ”نحن في البداية فقط“. يتسع خط التصادم بين القوى الإمبريالية العالمية أكثر فأكثر. سقوط دمشق
كما هو متوقع، بعد حلب وإدلب وحماة وحمص، سقطت دمشق أيضًا في أيدي القوات الجهادية. لقد سقط نظام الأسد مثلما حدث في العراق مع تقدم تنظيم داعش. لقد هرب الرئيس إلى موسكو، تاركًا شعبه تحت رحمة ”السفاحين“ المسلحين، الممولين و المدعومين سياسيًا من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وإسرائيل، لكل الأسباب التي ذكرناها سابقًا. لقد رعت تلك الدول انتصارًا جهاديًا يضع روسيا وإيران -حليفا نظام الأسد ورعاته حتى الأمس- في مأزق كبير. يتعين الآن على بوتين أن يتعامل ليس فقط مع الحكومة السورية الجديدة، بل مع واشنطن وتل أبيب وأنقرة - هذا إن أراد الحفاظ على الوجود البحري في مَوَانٍ اللاذقية وطرطوس السوريين، وهما أساسيان لوجود روسيا في البحر المتوسط. إيران بدورها ستخسر كل أذرعها، من حماس و”حزب الله“ إلى القوات الشيعية في العراق، وستضطر إلى تقليص طموحاتها في لعب دور حاسم في الشرق الأوسط. وهو وضع تستفيد منه العديد من الأطراف الداخلية والخارجية الفاعلة في المنطقة، ولكن دعونا لا ننسى أيضاً أنه وضع معادٍ للصين، لأن بكين تبقى العدو الحقيقي للولايات المتحدة. إن الأحداث السورية ستوجه ضربة قاسية لروسيا، سواء في البحر الأبيض المتوسط أو في أوروبا، في الحرب ضد أوكرانيا، ولإيران التابعة لخامنئي، كما أن يتم استشعار الخطر في بكين. كخلاصة أولية يمكننا القول أنه في الصراع بين المعسكرين الإمبرياليين، يقود المعسكر الغربي (الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي) المعركة بينما يترقب المعسكر الشرقي (روسيا وإيران والصين) اللحظة المناسبة. ف.د. مجموعة المعركة الشيوعية ("Battaglia Comunista") 3 كانون الأول/ديسمبر 2024 ( تم تحديثه في 8 كانون الأول/ديسمبر)
#شبكة_اليسار_الشيوعي (هاشتاغ)
Communist_Left_Network#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أطروحات حول دور الحزب في الثورة البروليتارية - الحزب الشيوعي
...
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|