زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 23:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا –
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
1) بوتين وبيزشكيان يوقعان على معاهدة شراكة استراتيجية شاملة بين روسيا وإيران
د. أليكسي ماكاركين
استاذ في مدرسة الاقتصاد العليا، نائب رئيس مركز التقنيات السياسية
مؤرخ، كاتب صحفي ومحلل سياسي
19 يناير 2025
كان من المقرر توقيع المعاهدة في أكتوبر من العام الماضي أثناء قمة البريكس في قازان ، لكن ذلك لم يتم حينها. يبدو أن الإصلاحيين الإيرانيين في السلطة كانوا ينتظرون نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. أرادوا فوز كامالا هاريس، حيث كان للديمقراطيين خبرة في إبرام إتفاق مع إيران بشأن القضايا النووية في عهد باراك أوباما. لكن دونالد ترامب مزق تلك الصفقة - بالإضافة إلى ذلك، تم فرض عقوبات أمريكية على المهندس الرئيسي للاتفاق "النووي"، وزير الخارجية آنذاك محمد ظريف.
الآن يشغل ظريف منصب نائب الرئيس في إدارة بيزشكيان، على أمل التوصل إلى تسوية جديدة مع الولايات المتحدة. لكن فوز ترامب أدى إلى انخفاض فرص مثل هذا الاحتمال بشكل حاد – فالرئيس الأمريكي الجديد ليس ميالاً إلى تصنيف الطبقة السياسية الإيرانية إلى إصلاحيين يمكن التعامل معهم، ومحافظين غير مقبولين.
في هذا الشهر، زار الجنرال المتقاعد كيث كيلوغ، الذي عينه ترامب ممثلاً خاصاً لأوكرانيا، أوروبا، حيث لم يتناول القضية الأوكرانية، بل تناول القضية الإيرانية. والتقى بمهاجرين من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ــ وهو الاسم الذي يستخدمه المجاهدون الإيرانيون (مجاهدو خلق)، الذين نظموا في أوائل الثمانينيات سلسلة من الهجمات الإرهابية ضد قادة الثورة الإسلامية (قتلوا الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس المحكمة العليا)، وتعاونوا أثناء الحرب الإيرانية العراقية مع صدام حسين. وقال كيلوغ إنه من الضروري الاستفادة من "ضعف" إيران، والضغط عليها: عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً، من أجل تغيير البلاد "للأفضل". ومن الواضح أن هذا لا يثير أي تفاؤل في طهران.
وخلال رئاسة جو بايدن، بدأ "محور المقاومة" الذي بنته إيران لعقود من الزمن (بما في ذلك من خلال جهود الجنرال قاسم سليماني الذي قُتل خلال رئاسة ترامب) في الانهيار. وتمت الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، ووجهت أقوى الضربات لحزب الله، ولم يعد الرئيس ورئيس الوزراء الجديدان في لبنان مرتبطين بهذه المنظمة. وتتزايد المشاكل الاقتصادية داخل إيران، والتي لم تتمكن حكومة إبراهيم رئيسي من حلها. ومن الصعب على بيزيشكيان التعامل معها، لأنه على عكس رئيسي، لا يعتمد على الأغلبية البرلمانية.
لذلك ذهب بيزيشكيان إلى موسكو. على الرغم من أن مواقف الأطراف بشأن القضية السورية مختلفة حاليًا. بالنسبة للسلطات الحالية في دمشق، فإن إيران غير مقبولة تمامًا، وموسكو مستعدة للتحدث معهم. لكن بيزيشكيان ليس لديه الكثير من الخيارات - طهران لديها عدد أقل من الشركاء، ولا يمكنها دفع روسيا بعيدًا، خاصة في ظل ترقب رئاسة ترامب. وتثبت طهران للولايات المتحدة أنها تستطيع أن تقترب من موسكو أكثر إذا حاول ترامب "الضغط" على إيران.
إن توقيع المعاهدة لا يعني إبرام تحالف بين روسيا وإيران - فهي لا تحتوي على بند ينص على أن الطرفين يقدمان المساعدة لبعضهما البعض في حالة وقوع عمل عسكري. هناك المادة الثالثة التي تنص على أنه إذا تعرض أحد الطرفين للعدوان، فلا يجوز للطرف الآخر "تقديم أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي تساهم في استمرار العدوان". أي أن هذه المادة لا تخلق نوعية جديدة من العلاقات، بل تسجل فقط الواقع القائم. وتتحدث المادة الخامسة بالتفصيل عن أشكال التعاون العسكري بين البلدين – وهذا هو تبادل الوفود العسكرية والخبراء، وزيارات السفن الحربية والسفن إلى موانئ الطرفين، وتدريب العسكريين، وما إلى ذلك. ولعل أهم شيء هنا هو إجراء مناورات عسكرية مشتركة. وتشير المادة السادسة إلى "الالتزام بتطوير التعاون العسكري التقني".
تنص المادة 11 على أن أي محاولات "لتقييد الحق السيادي في تنظيم وضمان أمن القطاعات الوطنية" للإنترنت غير مقبولة. المادة 20 – حول التفاعل لغرض إنشاء بنية تحتية للدفع مستقلة عن البلدان الثالثة، والانتقال إلى التسويات النقدية الثنائية بالعملات الوطنية.
وبالتالي، فإن الطرفين يظهران التقارب مع بعضهما البعض، وسوف يتضح حجمه الحقيقي من خلال الإجراءات العملية اللاحقة.
*****
2) ما الفرق بين إتفاقية روسيا – إيران وإتفاقية روسيا – كوريا الشمالية؟
د. غيفورغ ميرزيان
أستاذ مشارك، قسم العلوم السياسية، جامعة العلوم المالية التابعة لحكومة الإتحاد الروسي
باحث في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية
19 يناير 2025
إنهما متشابهتان في بعض النواحي، ومختلفتان في نواح أخرى – بسبب الاختلاف في طبيعة الشركاء والمكان (الجغرافي والسياسي) الذي يقعان فيه.
وبالتالي، فإن الاتفاقيتين تعنيان تطوير التعاون الشامل في كل من المجالين العسكري والتقني والمدني.
نعم، الاتفاق مع إيران أكثر شمولاً - فهناك 47 مادة (مقابل 23 مع جمهورية كوريا الشمالية). ولكن هذا لا يمكن تفسيره إلا بحقيقة أن إيران لديها اقتصاد أقوى بكثير، مع مكونات عسكرية وتقنية وعلمية. وبناءً على ذلك، يصبح كل مجال تغطيه الاتفاقيات أساسًا لتطوير وتبني الاتفاقيات على مستوى الفرع – على سبيل المثال، بين الوزارات أو الشركات الكبرى.
لا تعني المعاهدتان مجرد تصريحات وتعاون في مجال الأمن، بل تتضمنان أيضاً خطوات محددة لحماية السيادة المتبادلة من التهديدات الخارجية. على سبيل المثال، التهديدات الاقتصادية. وهنا، تستحق المادة 19 من المعاهدة الإيرانية والمادة 16 من المعاهدة الكورية، فيما يتعلق بالطبيعة غير القانونية للعقوبات، ذكراً خاصاً.
وفقاً لهما، لا تدين الأطراف هذه العقوبات فحسب، بل وأيضاً، إذا تم فرض عقوبات على أحد الطرفين، فإن الطرف الآخر يبذل "جهوداً عملية للحد من المخاطر، والقضاء على أو تقليل التأثير المباشر وغير المباشر لمثل هذه التدابير". وهذا يعني ببساطة، المساعدة في الالتفاف على هذه العقوبات.
لا تتمتع روسيا بمثل هذا المستوى من التعاون مع الدول الأخرى - بما في ذلك تلك التي تشكل جزءاً من هياكل التكامل الروسية في الإتحاد الإقتصادي الأوراسي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي (باستثناء بيلاروسيا). وفي أفضل الأحوال، يشارك شركاء روسيا سراً في التصدير والاستيراد، ولكنهم في الوقت نفسه يقولون إنهم يمتثلون للعقوبات الغربية.
مع جمهورية كوريا الشمالية وإيران، تتحدى روسيا بشكل أساسي المؤسسات الغربية للسيطرة العولمية.
إذا تحدثنا عن الاختلافات، فهذه هي النقاط المتعلقة بالهجوم المباشر من قبل طرف ثالث. في المعاهدة الكورية، كل شيء واضح ومفهوم. "في حالة تعرض أحد الطرفين لهجوم مسلح من قبل أي دولة أو عدة دول وبالتالي تجد نفسها في حالة حرب، فإن الطرف الآخر ملزم بتقديم المساعدة العسكرية وغيرها من المساعدات على الفور بكل الوسائل المتاحة له وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ووفقًا لتشريعات الاتحاد الروسي وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية". بعبارة أخرى، نحن نتحدث عن تحالف دفاعي كامل.
في الوثيقة الإيرانية، كل شيء ليس بهذه البساطة. "في حالة تعرض أحد الطرفين المتعاقدين للعدوان، لا يقدم الطرف المتعاقد الآخر أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي تساهم في استمرار العدوان، ويسهل تسوية أي خلافات تنشأ على أساس ميثاق الأمم المتحدة وغيره من قواعد القانون الدولي المعمول بها"، كما تقول الوثيقة. بعبارة أخرى، هذا ليس تحالفًا دفاعيًا، بل اتفاق على الحياد الودي.
في الوقت نفسه، لا يعني الاختلاف في الصياغة أن موسكو تقيم علاقاتها مع بيونغ يانغ بدرجة أقل من طهران. النقطة هي أين تقع هذه الدول وماذا تريد هي نفسها.
لقد حدث أن جميع أعداء جمهورية كوريا الشمالية – الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان – دول غير صديقة لروسيا. لقد فرضت جميعها عقوبات على روسيا وتدعم نظام كييف. وفي الواقع، تشارك بالفعل في الحرب ضد روسيا. لذلك، إذا هاجمت كوريا الشمالية لأي سبب من الأسباب، فلن يكون لدى روسيا أي سبب لعدم دعم رفاقها الكوريين ماديًا. علاوة على ذلك، فإن حقيقة الإشارة إلى هذا الدعم من شأنه أن يبرد الرؤوس الحامية في سيول وطوكيو. وسوف تجبرهم على الامتناع عن الحرب – وبالتالي منع بدء صراع نووي بالقرب من فلاديفوستوك.
ولا توجد لدى جمهورية كوريا الشمالية نفسها أوهام أو تبعيات فيما يتعلق بالغرب. وهي مستعدة تمامًا لمساعدة روسيا في محاربة حلف الناتو.
مع إيران، الأمور أكثر تعقيدًا. إن أحد الخصمين الرئيسيين لطهران (إلى جانب الولايات المتحدة) ـ إسرائيل ـ على الرغم من كونها دولة غير صديقة لروسيا، إلا أنها لا تزال غير معادية.
إن الدول الأخرى التي تعقدت علاقاتها مع الإيرانيين ـ على سبيل المثال، السعودية ـ هي في العموم شريكة وفي بعض القضايا حليفة لموسكو. وإذا تصاعدت خلافاتها مع إيران إلى حرب، فسيكون من المفيد لروسيا ألا تقاتل السعوديين، بل كما هو مكتوب في الاتفاق، "عدم مساعدتهم" وفي الوقت نفسه "تسهيل حل الخلافات التي نشأت".
بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران نفسها، على سبيل المثال، ليست مستعدة للدفاع عن روسيا بالسلاح في حالة نشوب حرب بين الأخيرة والغرب. والمجتمع الإيراني (على عكس كوريا الشمالية) منقسم. وقد أظهرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة أن هناك ما يكفي من المؤيدين لفكرة تطبيع العلاقات مع أوروبا وحتى مع الولايات المتحدة في إيران. وأظهر سلوك طهران خلال المرحلة الأخيرة من الصراع السوري أن الإيرانيين لديهم تصميم أقل على الصراع مع الغرب مما كان عليه في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. نعم، من الممكن أن يتوافق البند المتعلق بالدفاع الجماعي في العلاقات مع إيران في مرحلة ما مع البند الخاص بكوريا الشمالية. وقد ألمح الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى هذا. ولكن في الوقت الحالي، كل شيء على ما هو عليه كما تم التوقيع عليه ــ وكل الأطراف راضية عن هذه الصياغة.
*****
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟