أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - عودة الفلسطيني















المزيد.....


عودة الفلسطيني


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع بدايات صباح اليوم، الاثنين في السابع والعشرون من شهر جانفي لسنة 2025، بدأ سرب من سكان شمال قطاع غزة الفلسطينيين العودة الى شمال القطاع. العودة بعدما اقـترفت إسرائيل جريمة اجتـثاثهم من أرضهم لتحويل طوفان الأقصى الى نكبة ثانية بمثل ما قالت حكومتها، والى غاية اللحظات الأخيرة قبل الاستسلام أمام المقاومة الفلسطينية، كانت تطلق صيحات الاجـتـثاث للشعب الفلسطيني وأخيرا وقعت على صك استسلامها وليس غفرانها. الغفران قد بدأ داخل المجتمع الإسرائيلي أمام المرآة العاكسة لما بدأت ترى فيها فضائع جرائمها بفضل صمود الشعب والمقاومة الفلسطينية، مفتكين بالقوة الاعتراف بوجودهم الإنساني وما يفرضه ذلك من اعتراف بكرامتهم وحريتهم.
وبدأت العودة لتعلن أن اللحظة التاريخية الحالية هي لحظة طوفان الأقصى الذي هو بصدد جرف النكبة الفلسطينية التي حاولت حكومة "نتانياهو" استعادتها عبثا. الصراع كان إذن بين جرس المنعطف التاريخي بما هو ثورة وانقلاب وتحويل وجهة والذي جسده طوفان الأقصى، وبين القوى الرجعية العائشة على أوهام الثبات التاريخي متغذية بعقلية المحافظة في أقصى تجلياتها لما تـتراكم عناصر التـقدم والتغيير حتى وإن بدى بعضها ظاهرا بشكل معكوس بمثل ما كانت الأمور تتجه في خط التطبيع السياسي بين الكيان الصهيوني و النظام السعودي والذي كان سيجر بقية الأنظمة العربية الى مثل خط الوئد لحق الشعب الفلسطيني والعروبة والعالم الحر في فلسطين حرة .. الحركة الثورية المعبر عنها بطوفان الأقصى كثورة إنسانية تشمل العالم في تماس مع الميتافيزيقي وفي إعادة الله بتجليه القرآني الواضح الى العالم برمته وراء شعار "فلسطين حرة" الذي يرقص مرحا في عقر دار الامبريالية الصهيونية.
عودة الفلسطيني بداية من جنوب قطاع غزة الى شمالها، هي ليست بعودة مادية فمنازلهم مدمرة بل شوارعهم انمحى أغلبها فمعالم غزة قبل الطوفان تـقريـبا ممحوة بفعل القنابل الامريكية الفتاكة التي تم تصنيعها لدك الحصون الروسية أو الصينية وإذ بها تدك غزة الصغيرة حجما قياسيا فيزيائيا والكبيرة لـتـشمل العالم البشري تـقريـبا برمته روحيا. انها وعلى ما يبدو عودة الحق الفلسطيني/ وهي بالفعل عودة الحق الإنساني بذاته في الكرامة والحرية، المتماثل بدوره في عودة الحق بما هو حق في تجلي طوفاني رهيب ماحق ساحق وبسرعة مهولة وقـفت أمامه التكنولوجية المتـقدمة التي يتباهى بها صانعوها بكل غرور وتكبر بشري ساذج، عاجزة.. انها عودة الروح الى العالم. عودة الله بعدما مات مثلما أعلن نيتشه في آخر القرن 19. وطبعا فالمقصود ليس الله في ذاته وانما الله في الوعي الإنساني. الله في الوعي الذي يوجه العالم ويملك القوة لتوجيه العالم والوعي المتحفز لصناعة التاريخ. الله الذي مات قصد به نيتشه التفكير المادي الوضعي المتحرر من سلطة الكنيسة ومن الالتزام الديني والإلحاد وبالتالي تحرر البشري الغرائزي الشيطاني. عودة الله هي ارتـفاع البشري الى الإنساني الراقي السعيد بحياة روحية منـتعشة في تواصلها مع الأبدية وانقـشاع الأسوار الحديدية التي ابتـناها الوعي الوضعي المادوي لتسجن الانسان في دائرة القلق و العبثية، بقدر دفعه الى الفعل الملموس بأقصى ما يمكن و تـتـناحر المصالح المتـناقضة بأرفع ما يمكن من همجية وبربرية ودموية عرفناها في الاستعمار الغربي الامبريالي وفي الحربين العالميتين وفي الثورات الشيوعية التي بترت نفسها لأنها بترت جانب روحيتها المتعالية والمفترض أن تشهرها وتعليها وتضمنها مفاهيم تقدمية، وبالتالي فشلت في صراعها مع الرأسمالية لأنها تماهت معها جوهريا في تشييء الانسان بمحوه كروح متصل بالأبدية.
هكذا التاريخ يتقدم، ويحتفظ بجزء من ماركس في توصيفه الرائع لعدمية الرأسمالية برغم إنجازاتها
الكبرى المترافقة بالضرورة مع الحرب وتشييء الانسان. الانسان يعود اذن في تباشير صباح جديد ترمز اليه تلك الخطوات الفلسطينية إلى شمال قطاع غزة..
انها بمثابة خطوات تحفر نفسها بعمق في طريق العودة لترسخ على الأرض مقولة الجهاد الإسلامية الصلبة التي لا تقف فهي ذاهبة الى الله في الطريق الذي هداها الله للسير فيه. السير في طريق الحق والاقبال على الشهادة فيه. الشهادة المزدوجة ولكنها بمثابة الوجهين للعملة الواحدة. الشهادة أمام الله في الجهاد في سبيله بما هو جهاد في سبيل اعلاء اسمه الواحد الأحد الذي هو الحق في ذاته. انها أرضيا الشهادة بما هي تجسيد للحق على الأرض. الحق بما هو حق في الأرض وبما هو فلسطينيا حق في العودة هو حق انساني في الحرية والكرامة. الفكرة واحدة ذات وجهين انساني وإلاهي، وهي شهادة ان العالم الحقيقي جوهريا هو الله والانسان من الله في ارتقائه روحيا، وبما هو كذلك فهو كائن حر بما هو مرتفع الى الله في كيانيته الإنسانية. اذن نجح الفلسطيني أخيرا في قهر العدو الصهيوني حين ارتـفع الى مقولة الجهاد المقدس في سبيل الله، وليس الركون الى قدرية ساذجة باعتبارها أمر من الله. وربما هي كذلك تعبير حقيقي في لحظة تاريخية ما كانت تستوجب انتصارا للصهيونية كأقصى ما يمكن لانتصار الهمجية الامبريالية الغربية ليتم بعدها الانتصار عليها، ليتبين وجه الحق الأبدي في صلب التـقدم البشري المتواصل في عالم يتأرجح بين الليل والنهار. وبمثل تقدمية الشر تاريخيا تكون تقدمية الخير إنسانيا..
تقدمية الخير التي تجلت بشكل رائع جدا في المشهدية الاحتفالية في غزة عند تسليم الاسرى الاسرائيليات الجميلات. الحميمية بين الأعداء وكأن القول الحسم كان أن لا عداوة فعلية بين البشر فكلنا انسان، وانما وجودنا الذي يفرض الصراع لأجل تجلي الحقيقة في التاريخ الإنساني. تقدمية مرتفعة بأميال نحو السماء بما لم تـشهده أي حالة بشرية في ان يكون الأسير ضيفا مبجلا مكرما بما هي الضيافة تبادل كلام وليس مجرد تخصيص مكان. تبادل الكلام بما هو توقد الروح وتوقد الروح بما هو سعادة فعلية عميقة. تلك السعادة وجدناها عند الاسيرات الفاتحات لتواصل قادم على مستوى فلسطين برمتها. فلسطين بوصفها أرض التمحور لتجليات المقدس الماورائي التي ستـنـتـقـل من ثبوتيتها القرائية الماضوية وفق مراحل تاريخية تجاوزتها البشرية اليوم. هذا التجاوز الذي يعيد القراءات لتجليات المقدس من الثبوتية الصراعية العدوانية الى الحركية التواصلية الحميمية بين البشر في اتجاه كشف متقارب تقدمي لروح العالم، والسعي البشري في التمثل به..
انه السعي الذي حققه المقاوم الفلسطيني في تعامله مع الأسرى. انه السعي في اتجاه الله بمثل ما هو في القرآن وليس بما كان إسلاميا تاريخيا. القراءة القرآنية للآيات المحكمات بما هي تعبير عن المطلق وليس الآيات المتشابهات بما هي تعبير عن النسبي البشري. فالقرآن إلاهي انساني. لا إلاه إلا الله محمد رسول الله. التقدمية في التعلق بالمطلق، والمحكمة في القرآن أن الله كرم بني الانسان، وبالتالي فاتباع هدى الله وطريقه يكون بعمل الانسان على اكرام أخيه الانسان. احترام الانسان للإنسان. حفظ كرامته وما الأسر إذن إلا ارتفاع البشري الى الإنساني الأرقى، فالعلاقة ليست بين سجان وأسير وانما علاقة فرضتها اللحظة التاريخية لإعلاء كرامة الانسان والتي تـنمحي فيها صفة الاستعباد من الجانبين، وهكذا تكون لحظة 5- 01- 25 بمثل ما عبرت احدى الاسيرات الاسرائيليات بمرح طافح في العيون والحركات التي تعبر عن إقامة ممتعة بين الفلسطينيين.. تلك هي متعة التواصل الإنساني الرباني الخير.. يا لها من عودة مفعمة بتوهج الروح. عودة السلام. عودة المقدس. عودة السلام المقدس، المقدس السلام. عودة الفلسطيني..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين لوس انجلس وغزة
- معضلة الحكم
- أفق تجاوز الصراع الحضاري
- سقوط الأسد
- النشوة الحارقة للذاتية المتعالية
- بين الغربين
- طوفان الأقصى
- خرافية - اسحاق نيوتن-
- المُثقف المقيت
- جمالية القوة السياسية
- لماذا خُـلق الإنـسـان في القرآن؟
- الإنسان المتحول صرصارا
- في الثورة الإيرانية
- مشروع دسترة الثورة التونسية
- في تهنئة رئيس الجمهورية - قيس سعيد- بعيد الفطر
- في تأصيل فكرة الإشتراكية
- أي اشتراكية نريد؟
- الشمس
- البوط
- الصورة


المزيد.....




- العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
- بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4 ...
- احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر ...
- العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة ...
- رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
- مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا ...
- انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
- إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
- رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا ...
- مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - عودة الفلسطيني