أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بهجت العبيدي البيبة - مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجتماعية














المزيد.....


مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجتماعية


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 14:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شهدت الساحة الرياضية المصرية أمس لحظة فارقة عندما لعب النجم المصري عمر مرموش أول مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو الحدث الذي تفاعل معه الشعب المصري بشكل غير عادي، مؤكدًا التلاحم الوطني خلف أي نجاح يحمل اسم مصر. إن هذا الدعم اللافت للنظر يعكس طبيعة فريدة لدى المصريين، وهي احتضانهم لكل من يمثل بلدهم في المحافل العالمية، سواء في الرياضة أو في المجالات العلمية والثقافية.
ما قدمه المصريون من دعم لمرموش ليس مجرد احتفاء بنجاح رياضي، بل هو صورة أعمق تحمل معانٍ وطنية، تعكس حاجة المصريين إلى النماذج المضيئة التي تبعث فيهم الأمل، خاصة في ظل الإخفاقات المتكررة على عدة أصعدة. فهذه الظاهرة تتكرر مع كل مصري يحقق نجاحًا عالميًا، مثلما رأينا في دعمهم لمحمد صلاح، ومثلما احتفوا بعلماء عظماء كأحمد زويل ومجدي يعقوب وفاروق الباز. إن المصريين يدركون أن نجاح هؤلاء هو برهان على قدرتهم كأمة على الإبداع والتفوق، حينما يجدون بيئات داعمة ومناخًا محفزًا.
وفي تلك اللحظات التي خفق فيها قلب كل مصري دعماً لعمر مرموش، قفزت إلى الذاكرة مشاهد قديمة، يوم أُعلن فوز الأديب المصري العظيم نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب. حينها، عمت الفرحة أرجاء البلاد، وارتفعت أصوات التهليل والزغاريد من شرفات البيوت، حتى من أولئك الذين ربما لم يقرأوا كلمة واحدة من أدبه. لقد كان ذلك اليوم تجسيدًا لوحدة مشاعر المصريين أمام أي إنجاز يرفع اسم بلدهم عاليًا. إن فرحة الفوز لم تكن ثقافية فقط، بل كانت وطنية شاملة، تتخطى حدود القراءة والأدب لتصبح احتفاءً جماعيًا بالهوية والانتماء. هذا ما يفعله النجاح المصري، في كل زمان ومجال.
وفي الوقت الذي خاض فيه عمر مرموش أولى لحظاته بزي المان سيتي، كان المصريون يعيشون حالة من القلق الممزوج بالأمل. كانت قلوبهم تخفق، كما لو كانوا ينتظرون نجاح ابنهم في اختبار الثانوية العامة، وهو الاختبار الذي طالما اعتبروه في مصر نقطة فاصلة بين الحلم والواقع، وبين الطموح والمصير. إن هذا الشعور ليس غريبًا، فهو يعكس مدى التعلق العاطفي لدى الشعب المصري بالنجاحات الفردية التي تمثلهم، ومدى ارتباطهم العميق بكل من يرفع اسم مصر عاليًا. فبالنسبة للكثيرين، كانت لحظة انطلاق مرموش أشبه بلحظة امتحان مصيرية، فيها ترقب وخوف، ولكنها كانت مليئة بالإيمان بقدرة هذا النجم الشاب على تحقيق الأفضل.
ولكن على الجانب الآخر، تظهر الفئة المؤدلجة للإسلام السياسي، التي لا تدعم سوى من ينتمي إلى تيارها أو يعبر عن توجهاتها. هؤلاء غابوا تمامًا عن مشهد دعم مرموش، كما يغيبون عن دعم محمد صلاح، بل يتصيدون له الأخطاء وينتظرون أي هفوة لتشويه نجاحه. إن هذه الفئة لم تُظهر أبدًا روحًا وطنية حقيقية، إذ اختزلوا الانتماء في ولائهم لأيديولوجياتهم فقط، بينما الشعب المصري بمختلف أطيافه يثبت دائمًا التفافه حول كل نجاح وطني.
إن هذا التفاعل الكبير مع نجاح رياضي يعكس ظاهرة نفسية جديرة بالتحليل. فالشعب المصري، الذي يواجه تحديات في مختلف المجالات، يرى في نجاحات مثل تلك التي حققها مرموش وسيلة للتأكيد على أن المصري قادر على تحقيق الإنجازات متى أُتيحت له الفرصة. إن هذه النجاحات تملأ فراغًا نفسيًا، وتعطي دفعة معنوية يحتاجها الناس في مواجهة الصعوبات اليومية، مما يجعلهم يحتفون بمثل هذه الأحداث بشكل استثنائي.
من هنا، تظهر أهمية العمل على اكتشاف المواهب المصرية في مراحل مبكرة، ورعايتها بشكل علمي ومدروس. كما يجب تيسير اختراق اللاعبين المصريين للساحة الأوروبية، لأن الاحتراف في أوروبا هو البوابة الحقيقية لصقل المواهب ورفع مستواها للمنافسة على الصعيد العالمي. فنجاح أمثال مرموش وصلاح ليس محض صدفة، بل نتيجة لوجود بيئة احترافية داعمة في الخارج. علينا أن نتعلم من هذه التجارب، وأن نبني نظامًا رياضيًا يمكن المواهب المحلية من التطور والوصول إلى المحافل الدولية.
إن نجاح لاعب كرة قدم مثل عمر مرموش يمكن أن يكون حافزًا لدعم النجاح في مجالات أخرى. المصريون الذين دعموا زويل ويعقوب والباز، هم أنفسهم من دعموا صلاح ومرموش، وهم مستعدون لدعم أي مصري يحمل اسم بلده عاليًا، سواء في العلم أو الفن أو الرياضة. هذا الترابط بين المجالات يبرز دور الرياضة في تعزيز الهوية الوطنية، وفي تقديم صورة مشرقة عن مصر للعالم.
وأخيرًا، لا يمكن تجاهل وجود أصوات في الإعلام المصري تقدم تحليلات سطحية عن كرة القدم، مما يشوه صورة النقاش الرياضي. إن هؤلاء المحللين الذين يستحقون لقب “جهلاء بجدارة” يجب أن يُفسحوا المجال لمن يمتلكون رؤية فنية وعلمية حقيقية، لأن النجاح في كرة القدم يحتاج إلى قراءة عميقة وتخطيط استراتيجي، وليس إلى مجرد أحاديث لا تغني ولا تسمن من جوع.
في الختام، إن نجاح عمر مرموش ليس مجرد لحظة رياضية عابرة، بل هو رسالة أمل وإلهام للشعب المصري بأكمله. إنه تأكيد على قدرة المصري على تحقيق المستحيل عندما يجد البيئة المناسبة. ولعل هذه اللحظة تكون دعوة لإعادة النظر في كيفية اكتشاف المواهب ورعايتها، ليس فقط في الرياضة، بل في كل مجالات الحياة.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في غياهب الغيبوبة العقلية: من يستفيد من تغييب الوعي؟
- هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة ت ...
- بين ابتلاء العقل وابتلاء الواقع: قراءة في حريقين… وعقلين
- في عالم متغير: نحو نظام عالمي جديد بين التحديات والطموحات
- العقل العربي بين قيود الماضي وأحلام المستقبل
- الحضارة الغربية بين القيم والانتقادات: رؤية متوازنة
- من هزيمة المغول إلى كسر أوهام الشرق الأوسط الجديد: مصر مقبرة ...
- المستقبل في ظل الاعتماد على الروبوتات: العالم بين الابتكار و ...
- لماذا ينتظر العقل الجمعي العربي والإسلامي انهيار الحضارة الغ ...
- العقل الديني واستغلال الكوارث: بين الادعاء والحقيقة
- مجدي يعقوب: أيقونة الإنسانية والعلم في مسار نحو نوبل وجامعة ...
- الأسرى في ظلال الكهف: رحلة العقل من القيود إلى النور
- العقل المسلم بين تأكيد القناعات الذاتية والوقوع في فخ الأخبا ...
- العقل العربي بين الشماتة والكوارث: قراءة في الانهزام الحضاري
- أصداء الرعب: كيف تتحطم الأمم تحت وطأة الديكتاتورية
- العرب والمسلمون بين أسطورة الماضي وسراب الحاضر
- الإنسان المغترب: قراءة في فكر إريك فروم وأبعاد الاغتراب في ا ...
- انتظار الحلول الغيبية: هروب من الواقع أم أمل زائف؟
- ما الذي يدفع العقول المتعلمة إلى رفض العلم لصالح الوهم؟
- احترام الأديان والتعايش السلمي: رؤية نقدية لسلوكيات تسيء للإ ...


المزيد.....




- العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
- بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4 ...
- احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر ...
- العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة ...
- رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
- مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا ...
- انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
- إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
- رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا ...
- مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بهجت العبيدي البيبة - مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجتماعية