أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دولية لحماية التنوع الديني والثقافي”















المزيد.....


-المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دولية لحماية التنوع الديني والثقافي”


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 16:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المسيحيون في سوريا: إرث حضاري عريق



يُشكّل المسيحيون في سوريا جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني، وقد لعبوا دورًا محوريًا في تاريخ البلاد منذ اعتناق المسيحية في القرن الأول الميلادي. تعتبر سوريا واحدة من المراكز الأولى التي احتضنت المسيحية، حيث يُعتقد أن القديس بولس تحول إلى المسيحية في دمشق، ومن هنا انطلق لنشر رسالته في العالم. كما تُعد مدينة أنطاكية، الواقعة شمال سوريا، من أقدم البطريركيات المسيحية وأحد المراكز الهامة لتاريخ الكنيسة.
هذا الدور الديني تَرافق مع مساهمات سياسية وفكرية وثقافية مهمة. فالمسيحيون في سوريا، من مختلف الطوائف، أسهموا في بناء الدولة الحديثة وترسيخ مفاهيم التعايش والسلام. ومن بين الشخصيات البارزة التي لعبت دورًا تاريخيًا محوريًا نذكر فارس الخوري، السياسي البارز ورئيس الوزراء السابق، الذي جسّد بقيمه وعمله نموذجًا للقيادة الوطنية العابرة للطوائف.



مدينة معلولا: رمز الإرث المسيحي

تقع مدينة معلولا في ريف دمشق وتُعد واحدة من أبرز معاقل المسيحية في سوريا. تشتهر بكونها من الأماكن القليلة في العالم التي ما زال سكانها يتحدثون اللغة الآرامية، لغة السيد المسيح. تضم معلولا العديد من الأديرة والكنائس التاريخية مثل دير مار تقلا ودير مار سركيس، التي تعكس تاريخًا عريقًا من الروحانية والفن المعماري.

رغم كل هذا الإرث، عانت معلولا خلال الحرب السورية من هجمات الجماعات المتطرفة التي دمرت بعض المعالم التاريخية واختطفت راهبات من دير مار تقلا، ما أثار استنكارًا عالميًا. تُجسد معلولا اليوم رمزًا للتحدي والإصرار على الحفاظ على التراث المسيحي في مواجهة العنف والتطرف.



دور المسيحيين في نهضة سوريا

لعب المسيحيون دورًا كبيرًا في النهضة الثقافية والسياسية السورية خلال القرنين الماضيين. كانوا في طليعة من عملوا على تطوير التعليم والصحافة، وساهموا في تأسيس المدارس والمراكز الثقافية. يُذكر أن أول صحيفة في سوريا، وهي صحيفة “حديقة الأخبار”، أسسها رزق الله حسون، وهو مسيحي دمشقي.

في السياسة، كان المسيحيون في طليعة من دعموا الاستقلال السوري. فارس الخوري مثال بارز لهذا الالتزام الوطني؛ حيث مثّل سوريا في المحافل الدولية، وأظهر قدرة على توحيد السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.

أما في المجال الأدبي، فقد أبدع الأدباء المسيحيون مثل ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران، الذين كانوا جزءًا من “الرابطة القلمية”، في إثراء الفكر العربي بأعمال أدبية وفلسفية تحمل قيم التسامح والإنسانية.



التحديات الراهنة للمسيحيين في سوريا

مع اندلاع الحرب السورية في عام 2011، واجه المسيحيون تحديات وجودية غير مسبوقة. أدى تصاعد العنف وسيطرة الجماعات المتطرفة على بعض المناطق إلى تهديد وجودهم، خاصة في المدن التي كانت تحتضن مجتمعات مسيحية كبيرة مثل حمص وحلب والرقة.

تشير التقديرات إلى أن عدد المسيحيين في سوريا تراجع بشكل كبير بسبب الهجرة القسرية والاضطهاد. كما تعرضت الكنائس والأديرة للتدمير، مما ألقى بظلاله على التراث الثقافي والروحي الذي شكل جزءًا من هوية سوريا.



*المبادرة اليونانية لحماية المسيحيين

في مواجهة هذه التحديات، أعلنت الحكومة اليونانية عن خطة لدعم 600 كاهن أرثوذكسي يوناني في المهجر، بهدف حماية المجتمعات المسيحية في سوريا والمنطقة الأوسع. تأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية لتعزيز الدور اليوناني في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث أصبحت المسيحية الأرثوذكسية مهددة بسبب التحولات الجيوسياسية والصراعات الطائفية.

وفقًا لصحيفة “بروتو ثيما” اليونانية، تتضمن المبادرة توفير رواتب وتأمينات ومعاشات تقاعدية للكهنة الذين يعملون في ظروف صعبة. هذه الخطة تهدف إلى تعزيز الحضور الأرثوذكسي، خاصة في سوريا، التي أصبحت مركزًا للصراع الديني والسياسي.



البعد الجيوسياسي للمبادرة


لا تقتصر المبادرة اليونانية على البعد الديني، بل تحمل أبعادًا جيوسياسية مهمة. فهي تأتي في وقت تحاول فيه روسيا توسيع نفوذها في إفريقيا عبر الكنيسة الروسية، ما يهدد البطريركية اليونانية في الإسكندرية. كما تهدف المبادرة إلى مواجهة التحديات الناتجة عن سقوط نظام بشار الأسد وصعود الجماعات المدعومة من تركيا، التي جعلت المسيحيين أكثر عرضة للخطر.
إضافة إلى ذلك، تعكس المبادرة رغبة اليونان في تعزيز “القوة الناعمة” عبر دعم المجتمعات الأرثوذكسية في المهجر وحماية التراث الثقافي والديني.



أهمية التواجد الكنسي في المهجر

تلعب الكنيسة الأرثوذكسية دورًا محوريًا في حياة المجتمعات اليونانية والمسيحية في المهجر. فهي ليست فقط مكانًا للعبادة، بل تُعتبر مركزًا لتعليم اللغة والثقافة اليونانية وربط المغتربين بوطنهم الأم.

في سياق الحرب السورية، أصبح دور الكنيسة أكثر أهمية في توفير الدعم الروحي والمادي للمسيحيين الذين تعرضوا للتهجير والاضطهاد. وبالتالي، فإن دعم الحكومة اليونانية للكهنة الأرثوذكس يعكس التزامًا بحماية التراث المسيحي وتعزيز الصمود في وجه التحديات.



مسؤولية عالمية نحو حماية التنوع

إن التحديات التي يواجهها المسيحيون في سوريا تتطلب استجابة عالمية. يجب أن تتكاتف الجهود الدولية لتوفير الدعم والحماية لهذه المجتمعات، وضمان بقائها في أراضيها التاريخية. فالمسيحيون في سوريا ليسوا فقط جزءًا من التراث الديني، بل هم ركن أساسي في التعددية الثقافية التي تُميز الشرق الأوسط.

تُعد المبادرة اليونانية خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست كافية وحدها. يجب أن تُعزز بمبادرات دولية تُركز على إعادة إعمار المناطق المتضررة، وحماية المعالم الدينية والتاريخية، ودعم الحوار بين الأديان لتعزيز التعايش والسلام.



ختاماً إرث يستحق الحماية

وهنا ندعوا الى التكاتف والوحدة وتعقل وأهمية الخطاب الوطني والحوار بين أبناء سوريا والإعتراف بأن سوريا بلد متعدد القوميات والأعراق وبتالي لا يحق لأحد أن يلغي أحد أو يعيد كتابة التاريخ كما يريد هو إن الكورد والأشوريين والسريان والأرمن وحتى العرب جميعهم أبناء سوريا و إن المسيحيين في سوريا، بتاريخهم العريق وإسهاماتهم الحضارية، يُمثلون جزءًا لا يتجزأ من الهوية السورية. حماية هذا الإرث ليست مسؤولية المسيحيين وحدهم، بل هي مسؤولية الجميع.

المبادرة اليونانية تسلط الضوء على أهمية التضامن الدولي في حماية المجتمعات المهددة. لكنها أيضًا تذكرنا بأن السلام والتعايش هما السبيل الوحيد للحفاظ على التنوع الثقافي والديني الذي يجعل من سوريا نموذجًا فريدًا للحضارة الإنسانية.



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الفتنة القادمة من منغوليا: سقوط غابة السلام-
- “سوريا بين مطرقة الجهادية وسندان اللامركزية: فرصة ضائعة أم أ ...
- الخوف الذي يهدد وجود الأقليات في سوريا: الكورد ، الآشوريون، ...
- “توقف واقرأ جيدًا: الاستقلال حقٌ مشروع وليس انفصالًا يا هذا”
- الثورات العربية: هل حققت الديمقراطية أم أعادت إنتاج الاستبدا ...
- العنصريةُ في الإعلام العربي: إسكات الأصوات الكوردية وتهميش ا ...
- -السجادة السحرية، الضبع الخسيس، والحمار البسيط صراعٌ على الس ...
- الضباع والثعالب: قصة وادي الأحلام المغدور
- بعد سقوط النظام: سوريا بين العدالة والانتقام
- دراسة بحثية : الربيع العربي في الشرق الأوسط تداعياته الإقليم ...
- قرية على شفا الهاوية
- كوباني: رمز المقاومة وضحية التعريب المتعصب
- الخيرات المفقودة: العراق وسوريا بين الفساد وسوء الإدارة والف ...
- لم أقترف ذنباً لأنني ولدتُ كورديا
- من سجن الغربة إلى وطن الحرية: حكاية عشر سنوات في السويد
- المهاجرون السوريون: رحلة المعاناة بين الغربة والعودة
- أرقام مثيرة حول أحتياطي النفط في سوريا
- ‏“سوريا: الاستقلال الثاني ومعركة إعادة بناء الهوية والنظام ا ...
- الكورد في سوريا: تاريخ عريق ومستقبل ثابت رغم كل محاولات الإق ...
- 12 مليون سوري على شفا المجاعة أزمة إنسانية تتفاقم وسط صمت دو ...


المزيد.....




- استعدادًا لـ-مهرجان الربيع-.. شاهد كيف تزيّنت الصين بأضواء س ...
- لوكاشينكو يحقق فوزًا كاسحًا في انتخابات بيلاروسيا وسط انتقاد ...
- ما مدى نجاح اتفاقيتي وقف إطلاق النار بلبنان وغزة مع إسرائيل؟ ...
- الصليب الأحمر يشدد على حماية المرافق الحيوية في السودان
- مصر.. تحرك عاجل في مجلس النواب بعد تصريحات ترامب بشأن تهجير ...
- رئيس وزراء أوكراني سابق: زيلينسكي مثال نموذجي للإدارة الاستع ...
- استدعاء السفير المولدوفي إلى وزارة الخارجية الروسية
- جنرال إيراني: حصلنا على مقاتلات سو-35 الروسية
- لافروف يبحث مع نظيره الإماراتي الوضع في سوريا وفلسطين
- الحرارة في موسكو تسجل درجة قياسية لشهر يناير منذ 111 سنة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دولية لحماية التنوع الديني والثقافي”