عائد زقوت
الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 08:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تضع الحرب أوزارها بعد، ولم يفق الشعب من أهوال الفقد والألم، ولم يندمل جرحه النازف، ولا زالت النفوس حائرة تائهة في جنباتها بين أمواج الاستفهامات لماذا، وكيف ومتى، وأين، في سياق مواجهة الأزمات التي عصفت ولا زالت تعصف في الحالة الفلسطينية من كل حدب وصوب والتي تهدد كيانه السياسي، ليس فقط بسبب مخططات الاحتلال وإنما تعود للذات الوطنية الفصائلية والقيادية وتراجع دورها القيادي، والذي بدوره فتح الأبواب على مصارعها للاصطفافات الاقليمية، التي مدَّت يدها لإعادة تشكيل الوعي الوطني عبر أدواتها الاعلامية التي ما انفكت عن استغلال الحالة الفلسطينية المتراخية للعبث فيها.
وفي خضم هذا الواقع الضبابي الذي يُخيّم على المشهد في غزة، تطل علينا من جديد آلة الحرق والطَّرق والصَّهر لتوظيف حكايا الصمود الشعبية والصبر على القهر والعذابات التي عاشها أبناء الشعب الفلسطيني خلال خمسة عشر شهرًا من الويل والتبور، في تحريك عواطف الدهماء من الناس كجسر للمرور لفرض رؤيتها المؤسطرة، وكأنّ صاحبها لم يكتف بما حلَّ بفلسطين وأهلها، أطلت بهَرَجِها الخفي العظيم دون أن تقدم شيئًا خفيًا أو عظيمًا لا ماضيًا ولا حاضرًا، إلا أنه يحمل في طياته العظيم من الخفايا.
حقًا إنه أخفى رسالة تقديس الأحداث والشخصيات، ورسالة التقييد في إطار المكان والزمان، حقًا إنه أخفى العظيم الذي يحمله للأخرين باسقاط العقل كمعيار ومرجعية لما يتم قبوله أو رفضه، وأعظم خفاياه تدجين العقول وبقائها في أسر الأساطير والحكايا كي لا تكون سيفًا يقطع كل حبال الكهنوتية في جميع أشكالها ومسمياتها عبر رحلتها مع الزمن.
ما خفي حقيقة إنه عظيم وأعظم وبكل المشتقات فرسالته دعوة صريحة لقطع الطريق على العقل كي لا يُودِّع الحكايا والأساطير ويتجاوز تقديسها إلى نقدها بشجاعة بدلاً من التبرير، واعتماد العقل لإعادة تشكيل الحاضر وصناعة المستقبل.
ما سطَّره الشعب الفلسطيني من صمود يستدعي الوقوف استعظامًا له، لا استقصارًا لإدراكه وعقله، والكف عن الولوج به في طريق الانحدار إلى أسفل السافلين من خلال الاستمرار في قراءة المشهد قراءة اجتزائية تلبيسيّة بغرض الوصول إلى غايات حزبية مقيتة، وأخرى دفينة لهذا الطرف أو ذاك.
#عائد_زقوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟