أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة تكشف















المزيد.....

هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة تكشف


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عادت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتثير الجدل مجددًا، حين أعلن عن توجه سياسي يقضي بمنع المتحولين جنسيًا من المشاركة في المسابقات الرياضية النسائية، مع تعهده بجعل عمليات التحول الجنسي “نادرة جدًا”. إن هذه التصريحات، التي لاقت دعمًا من قاعدته المحافظة، كشفت عن الفارق الكبير بين مفهوم السلطة في الديمقراطيات الغربية ونظم الحكم في الشرق، حيث تُفهم تصريحات القادة غالبًا على أنها قرارات مطلقة لا جدال فيها.

في الولايات المتحدة، نظام الحكم مصمم بحيث يحدّ من سلطات الرئيس، مهما بلغت شعبيته أو جرأته. فترامب، رغم شخصيته المثيرة للجدل وخطابه الشعبوي، لا يستطيع تمرير سياسات كهذه بسهولة. فالسلطة القضائية تمثل حاجزًا أساسيًا أمام أي قرار يخالف القوانين الفيدرالية أو الدستور. فالمحكمة العليا، على سبيل المثال، سبق أن أصدرت حكمًا في عام 2020 يضمن حقوق المثليين ويحميهم من التمييز في أماكن العمل، استنادًا إلى قانون الحقوق المدنية لعام 1964. إن هذا الحكم يؤكد أن أي محاولة من ترامب لتمرير قرار ينتهك حقوق المثليين ستواجه تحديات قضائية قد تصل إلى إلغائها.

إلى جانب القوى القضائية والتشريعية، يلعب القطاع الحقوقي في الولايات المتحدة دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق المثليين. هناك العديد من المنظمات الحقوقية التي تضع حقوق هذه الفئة على رأس أولوياتها، مثل “منظمة حقوق الإنسان” (Human Rights Campaign) و”اتحاد الحريات المدنية الأمريكية” (ACLU). إن هذه الجمعيات تتمتع بنفوذ كبير، ليس فقط على صعيد الرأي العام، بل أيضًا في التأثير على صناع القرار. فهي تقدم الدعم القانوني، وتشارك في حملات توعية، وتنظم احتجاجات تهدف إلى مناهضة أي قوانين قد تهدد حقوق المثليين. إن هذه المنظمات تستخدم شبكة ضخمة من المحامين والمناصرين لإثارة الوعي بقضايا حقوق الإنسان، الأمر الذي يضع أي محاولة للحد من حقوق المثليين في مواجهة معارضة قوية. وتستطيع هذه الجمعيات أيضًا الضغط على الحكومة من خلال وسائل الإعلام والمشاركة في النقاشات القانونية لضمان الحفاظ على الحقوق التي اكتسبها المثليون على مر السنين.

ومن ناحية أخرى، يلعب الكونغرس ومجلس الشيوخ دورًا رئيسيًا في التشريع. إن القوانين الفيدرالية في الولايات المتحدة لا يمكن أن تمر إلا بموافقة هاتين الغرفتين، وهو ما يعني أن أي مشروع قانون يهدف إلى تقويض حقوق المتحولين جنسيًا سيواجه نقاشًا محتدمًا وربما معارضة قوية، ليس فقط من الديمقراطيين بل أيضًا من بعض الجمهوريين الذين يؤمنون بحرية الفرد.

ولا يمكن إغفال دور الصحافة والإعلام في هذا المشهد. إن الإعلام الأمريكي، بما يمتلكه من قوة وتأثير، لن يسمح لمثل هذه القضايا بالمرور دون نقاش واسع. فوسائل الإعلام، كما هو معروف، في الولايات المتحدة تمثل سلطة رابعة، تحاسب المسؤولين وتؤثر على الرأي العام. إن أي قرار أو تصريح مثير للجدل من الرئيس سرعان ما يصبح موضوعًا لتحليلات نقدية، وقد يخلق حراكًا اجتماعيًا يعوق أي محاولة لفرض أجندة مخالفة للقيم الديمقراطية.

في الواقع، يبدو أن أقصى ما يمكن لترامب فعله هو تحريك النقاش السياسي والمجتمعي حول هذه القضايا. فقد يحاول دعم سياسات تهدف إلى تحقيق تمثيل رياضي “عادل” بين الجنسين، مستندًا إلى بعض الدراسات العلمية التي تشير إلى وجود فروقات بيولوجية بين الجنسين قد تؤثر على الأداء الرياضي حتى بعد التحول الجنسي. إن الجدل العلمي في هذا المجال لم يُحسم بعد، ولكن الفكرة الأساسية التي يمكن أن يسعى ترامب لدعمها هي إيجاد معايير جديدة للمشاركة في الرياضة تراعي هذه الفروقات دون إقصاء المتحولين جنسيًا بشكل كامل.

إن اللوبي الذي يدافع عن حقوق المثليين في الولايات المتحدة يعد من بين أقوى وأهم القوى السياسية في البلاد. إن هذا اللوبي يضم عددًا من الجماعات المؤثرة التي تعمل على ضمان حقوق الأفراد المثليين في مختلف المجالات، بدءًا من التعليم والوظائف وصولًا إلى قضايا الزواج والمساواة في الحقوق. من أبرز هذه الجماعات “التحالف الوطني للمثليين والمثليات” (National LGBTQ Task Force)، والتي تسعى إلى دفع السياسات العامة نحو مزيد من الإدماج والمساواة. إن قوة هذا اللوبي ليست مقتصرة على الجانب الاجتماعي فقط، بل تمتد إلى دوائر الحكم والسياسة، حيث يتمتع أفراده بنفوذ قوي في الكونغرس ومجالس الولايات، مما يعزز قدرتهم على التأثير في السياسات الوطنية. كما أن عددًا من المسؤولين المنتخبين في الولايات المتحدة، سواء على مستوى الولايات أو الفيدرالي، يُعرفون بتأييدهم الشديد لحقوق المثليين ويعدون من أبرز حلفاء هذا اللوبي في العمل السياسي.

من خلال هذا العرض، يتضح أن الديمقراطيات الغربية تعتمد على توازن دقيق بين السلطات يحد من انفراد أي مسؤول بالقرار. هذه الديناميكية تمنع تركيز السلطة وتتيح للمجتمع تصحيح أي انحراف محتمل. في المقابل، يميل الكثيرون في الشرق إلى الاعتقاد بأن تصريحات رؤساء الدول الغربية تُترجم فورًا إلى سياسات نافذة، وهو تصور خاطئ يستند إلى تجاربنا مع أنظمة تمنح القادة سلطات واسعة تجعلهم في كثير من الأحيان فوق القانون.

ولعل أفضل مثال على ذلك هو محاولة ترامب خلال ولايته الأولى تمرير قرار حظر دخول مواطني دول إسلامية معينة إلى الولايات المتحدة. إن هذا القرار، المعروف إعلاميًا بـ”حظر المسلمين”، قوبل بتحديات قضائية أدت إلى إلغاء بعض بنوده وتقييد نطاقه بشكل كبير. فهذه الواقعة تعكس بوضوح أن الرئيس الأمريكي، مهما بلغت سلطاته، لا يستطيع تجاوز القيود التي يفرضها النظام الديمقراطي.

إن المجتمعات الغربية، رغم عيوبها وصراعاتها الداخلية، تمتلك أدوات فعالة لضمان التوازن بين السلطة والحرية. إن تصريحات ترامب بشأن المثليين ليست سوى مشهد من مشاهد الصراع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه هذه المجتمعات، ولكنه في الوقت ذاته دليل على حيوية النظام الديمقراطي الذي يمنع تركز السلطة في يد واحدة.

بالنسبة لنا في الشرق، من المهم أن نتعلم من هذه التجربة لا من خلال نقلها كما هي، بل من خلال استلهام روح التوازن التي تحكمها. وعلينا أن نتوقف عن إطلاق الأحكام السريعة على واقع لا يشبه واقعنا، وأن نسعى لفهم الديناميكية التي تحكم المجتمعات الحية التي تتوازن فيها السلطات بطريقة تمنع أي فرد، مهما كان منصبه، من التحول إلى ديكتاتور.

قد يكون من الممكن أيضًا أن تشمل إدارة ترامب مستشارين أو مسؤولين ينتمون إلى المجتمع المثلي أو المتحول جنسيًا، إذا كانت هذه التعيينات تتماشى مع مصلحته السياسية. فمنذ توليه منصب الرئيس في ولايته الأولى، شهدت الولايات المتحدة تعيينات لمثليين في المناصب الحكومية الرفيعة، ورغم مواقفه المثيرة للجدل تجاه قضايا المثليين، فإنه قد يسعى لتعيين شخصيات من هذا المجتمع إذا كان ذلك يخدم أجندته السياسية. ولكن، من المؤكد أن مثل هذا القرار سيواجه تحديات كبيرة، سواء من داخل الحزب الجمهوري أو من المعارضة الديمقراطية، نظرًا لتباين المواقف السياسية داخل الأحزاب الأمريكية.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ابتلاء العقل وابتلاء الواقع: قراءة في حريقين… وعقلين
- في عالم متغير: نحو نظام عالمي جديد بين التحديات والطموحات
- العقل العربي بين قيود الماضي وأحلام المستقبل
- الحضارة الغربية بين القيم والانتقادات: رؤية متوازنة
- من هزيمة المغول إلى كسر أوهام الشرق الأوسط الجديد: مصر مقبرة ...
- المستقبل في ظل الاعتماد على الروبوتات: العالم بين الابتكار و ...
- لماذا ينتظر العقل الجمعي العربي والإسلامي انهيار الحضارة الغ ...
- العقل الديني واستغلال الكوارث: بين الادعاء والحقيقة
- مجدي يعقوب: أيقونة الإنسانية والعلم في مسار نحو نوبل وجامعة ...
- الأسرى في ظلال الكهف: رحلة العقل من القيود إلى النور
- العقل المسلم بين تأكيد القناعات الذاتية والوقوع في فخ الأخبا ...
- العقل العربي بين الشماتة والكوارث: قراءة في الانهزام الحضاري
- أصداء الرعب: كيف تتحطم الأمم تحت وطأة الديكتاتورية
- العرب والمسلمون بين أسطورة الماضي وسراب الحاضر
- الإنسان المغترب: قراءة في فكر إريك فروم وأبعاد الاغتراب في ا ...
- انتظار الحلول الغيبية: هروب من الواقع أم أمل زائف؟
- ما الذي يدفع العقول المتعلمة إلى رفض العلم لصالح الوهم؟
- احترام الأديان والتعايش السلمي: رؤية نقدية لسلوكيات تسيء للإ ...
- سوريا على مفترق طرق: تساؤلات حول انهيار الجيش وتحديات المرحل ...
- فرحة بمرض نتنياهو أم هروب من مواجهة الواقع؟


المزيد.....




- محمود الخطيب شهد على العقد.. لحظات مؤثرة من عقد قران ليلى زا ...
- مغني راب شهير يسخر من نفسه ضاحكًا في المستشفى بعد شلل جزئي ف ...
- الأردن: إحباط -مخططات لإثارة الفوضى- عبر تصنيع صواريخ وطائرا ...
- عاصفة ترابية تضرب دول الخليج (فيديوهات)
- أبناء الحيامن المتنافسة !
- أبرز ما جاء في تصريحات المشاركين في مؤتمر لندن حول السودان
- -بلومبرغ-: واشنطن ترفض إدانة الضربة الروسية لاجتماع قيادة قو ...
- في ذكراها السنوية الثانية: من ينقذ المدنيين من الحرب السودان ...
- أمير قطر يعقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس السوري في الديوان ...
- مقاطعة سومي.. طائرات مسيرة روسية تدمر قوات المشاة ومعدات أوك ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة تكشف