أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - الكرد السوريون وخطاب المهادنة: مراجعة تاريخية وواقع معاصر















المزيد.....

الكرد السوريون وخطاب المهادنة: مراجعة تاريخية وواقع معاصر


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 08:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إبراهيم اليوسف

لا يثق الكرد في سوريا بأي خطاب مهادنة بعد قرن ونيف"1920-2025" من الخديعة التي رافقت تأسيس الدولة السورية وحتى يومنا هذا. منذ اللحظة التي أُعلن فيها أن سوريا ستكون "بلداً لكل السوريين"، تم تجاهل الهوية الكردية بصورة ممنهجة، ولم يُسمح للكرد بالمشاركة الحقيقية إلا إذا تنكروا لهويتهم القومية وتقمصوا هوية قومية عربية، كما الحال في تركيا. وحتى من التزم بهذا الشرط- في سوريا- فهو لم يُستثنَ من الإقصاء والملاحقة، مهما بلغ مناصب عليا كالرياسة أو قيادة الحكومة، حيث ظلت الهوية الكردية عامل إقصاء دائم.

ثقة الكرد بين الأمل والخذلان

حقيقة، إن الكرد هم الأكثر تصديقاً للآخر، لكنهم في الوقت ذاته الأكثر اصطداماً به. تجلت هذه الحقيقة في الأنظمة السابقة التي استهدفت الكرد تاريخياً بممارسات قمعية ممنهجة طمست حقوقهم. وكذلك في بعض ساسة المعارضة الذين أعلنوا دعمهم للكرد نظرياً، بينما تناقضت أفعالهم مع أقوالهم. كما أن ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي أسهموا في تأجيج العداوة بين الكرد وشركائهم من خلال خطابات تحريضية، إما علنية أو مغلفة بالمراوغة.
المعارضة بين الوعود والخذلان
لقد انقسمت المعارضة السورية إلى واجهتين بارزتين: المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني السوري وكانت لي خلال الفترة ما بين 2011 و2012، تجربة شخصية امتدت لعام كامل في المجلس وأمانته العامة. تم إنجاز بعض الخطوات المهمة، من قبل تعاون فريقنا، آنذاك، مثل تثبيت حق الكرد دستورياً واقتراح تسمية الدولة المستقبلية بـ"الجمهورية السورية". لكن هذه المكتسبات، التي جاءت نتيجة حوار وجهد كبير، كانت قصيرة العمر. سرعان ما تبخرت بفعل الضغوط الخارجية والتلاعب السياسي، وعلى العكس من الحالة العراقية، التي احترمت المعارضة التزاماتها التي وُقعت في مرحلة ما قبل سقوط نظام صدام حسين، لم تلتزم المعارضة السورية بوعودها للكرد، مما كشف عن ازدواجية واضحة في التعامل مع الحقوق الكردية.


خطاب ناشطي وسائل التواصل: بين التزييف والتحريض

يتخذ بعض ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في تعزيز الخلافات، ويتبعون نهجين رئيسيين: الأول معادٍ صريح يرفض وجود الكرد بشكل علني ويدعو إلى محوهم، والثاني مراوغ يدعي قبول الكرد كمواطنين، لكنه ينكر عليهم حقوقهم القومية والثقافية. النموذج الثاني أكثر خطورة؛ لأنه يعتمد على خطاب موجه بحرفية، يظهر الود ظاهرياً لكنه يروج لإقصاء الكرد عملياً. يستخدم هؤلاء الناشطون خطاباً مزدوجاً، يدعون من خلاله إلى "العيش المشترك" بينما يعملون على محو الهوية الكردية بطرق ملتوية. يدعون أنهم "ضامنون" لحقوق الكرد، بينما يسعون عملياً إلى تقييد هذه الحقوق.
النموذج الثاني أكثر خطورة؛ لأنه يعتمد على خطاب موجه بحرفية، يظهر الود ظاهرياً لكنه يروج لإقصاء الكرد عملياً. يستخدم هؤلاء الناشطون خطاباً مزدوجاً، يدعون من خلاله إلى "العيش المشترك" بينما يعملون على محو الهوية الكردية بطرق ملتوية. كما أنهم يدعون أنهم "ضامنون" لحقوق الكرد، بينما يسعون عملياً إلى تقييد هذه الحقوق، ناهيك عن بعض هؤلاء مصاب بعقدة تورم الذات إذ يتوهمون انهم من أسقطوا بشار الأسد وأن قيادة الإدارة الجديدة في دمشق إنما هي طوع أيديهم وأن الكرد في انتظار أي بريق تفاؤل يظهر من قبلهم، من دون أن يدركوا أن قضية- الشعب الكردي في سوريا- أكبر مما يرون، ويريدون، ويضمرون من مواقف مدمرة لكل الروابط الوطنية.
من هنا، نجد تجلي واقع عدم الإنصاف في موقف هذا النموذج من القوى الكردية المسلحة التي تضم في صفوفها مقاتلين من مختلف المكونات السورية. فعلى الرغم من وجود انتهاكات لهذه القوى – التي ندينها إذا مست المدنيين – إلا أن لها إيجابياتها التي لا يمكن إنكارها: مقاومة داعش التي يحاول هؤلاء تقزيمها، ومنهم من كان ذا خطاب موارب متساوق مع داعش، بل ينهج عملياً وفق رؤيته من الآخر، غير المذعن، لاسيما الكردي. ومع ذلك، يتم تضخيم هذه الانتهاكات وإغفال انتهاكات الفصائل الأخرى، الأشد فظاعة، بما فيها تلك المدعومة من قوى خارجية كتركيا.
إذ إن جميعنا يعلم أن تحتل تركيا اليوم أجزاء واسعة من الأراضي السورية، بدءاً من كيليكيا واللواء، وصولاً إلى عفرين، وسري كانيي، وتل أبيض، دون أن يُذكر ذلك في خطابات هذا النموذج التحريضي. بدلاً من ذلك، فإنه يتم التركيز على تشويه صورة القوى الكردية التي تقاتل دفاعاً عن حقوق الكرد ووجودهم.
هذا الخطاب لا يكتفي بتسويغ الاحتلال التركي، بل يذهب إلى حد التشكيك بوجود الكرد وحقهم في أرضهم، محاولاً تقويض كل جهد كردي للدفاع عن هويتهم القومية. إذ يتمثل هذا السلوك في مهاجمة كل من ينادي بحقوق الكرد، وتشويه صورة القوى التي تحاول حماية مناطقهم من الاحتلال والفصائل الإرهابية، والاستباق إلى مطالبة رمي سلاح الطرف- السوري- في المناطق الكردية سلاحه، قبل توافرشروط بناء الدولة والشراكة، والتأليب عليهم، بما يدعو إلى خلق إبادة بحق الكرد وغيرالكرد في-قسد- إذ إنه في الحرب، ليس من طرف لم يرتكب الانتهاكات، وتعد ازدواجية التعامل واضحة، بأنها تأتي في إطار ارتكاب الجينوسايد بحق الكرد.
إن كل خطاب يدعو إلى تأزيم العلاقة بين الكرد والعرب وغيرهم من المكونات الأخرى في سوريا مرفوض ومدان، بغض النظر عن مصدره، سواء كان كردياً أم عربياً أم كان ينتمي لغيرالطرفين، لأن المرحلة القادمة تتطلب منا جميعاً التحلي بالحكمة ونبذ أي دعوات للاقتتال الداخلي بين شركاء الوطن السوري. كما أن بناء مستقبل مشترك يستدعي الوقوف في وجه خطابات التحريض، والعمل على ترسيخ أسس العدالة والمساواة.
أجل. إن خطاب المهادنة الحقيقي لا يقوم على المراوغة أو التضليل، بل على الاعتراف الكامل بحقوق الكرد وخصوصيتهم القومية والثقافية. فالكرد ليسوا بحاجة إلى وعود خادعة أو كلمات معسولة، بل إلى شراكة حقيقية تُبنى على الاحترام المتبادل والعدالة. ومستقبل سوريا، إن كان مشرقاً، فلا بد أن يكون قائماً على أسس التعددية والاعتراف بجميع السوريين على اختلاف مللهم ونحلهم، من دون استثناء.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية من المملك ...
- سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في ...
- تاريخ الأعلام السورية: من الاستقلال إلى الوحدة وما بعدها نحو ...
- بين فرحة الكرد وأصدقائهم: الرئيس مسعود بارزاني وتدشين مرحلة ...
- أخوة الكرد والعرب في سوريا: تاريخ مشترك ومسؤولية مصيرية
- حزب الملايين: كيف اختفى خلال ساعات؟ الأسدان الكبير والصغير أ ...
- اختلال المعايير: استتفاه الكبائر واستعظام الصغائر
- ما بعد سقوط الأسد: إعادة قراءة المشهد السوري
- بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى
- في توصيف القيادة المطلوبة: رؤية في ضوء التاريخ والواقع
- التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية ...
- الكرد السوريون وخياراتهم: واقع معقد وآفاق مفتوحة
- ثقافة العنف بين إرث السلطة ودوامة الحرب2/2
- تشكيل الحكومة المؤقتة: خيارات خاطئة وتحديات المصالحة والبناء ...
- مفاهيم تُعيد إنتاج الاستبداد: قراءة نقدية في رؤى المرحلة
- التطرف بأشكاله: حرب مفتوحة على الكُرد وبيان من 170 كاتباً-1
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى السيد أحمد الشرع
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى الشرع
- الإرث الدموي في سوريا: كيف نعيد بناء المجتمع؟1/2
- سوريا بين الماضي والحاضر: أي مستقبل نريد؟ في إطاراستعادة وطن ...


المزيد.....




- حماس ترفض الاقتراح الإسرائيلي وتقول إن تسليم سلاح المقاومة - ...
- -بلومبرغ-: واشنطن تُعرقل إصدار بيان لمجموعة السبع يُدين الهج ...
- ما الذي يحدث في دماغك عند تعلم لغات متعددة؟
- الأردن يعلن إحباط مخططات -تهدف للمساس بالأمن الوطني- على صلة ...
- أبو عبيدة: فقدنا الاتصال مع المجموعة الآسرة للجندي عيدان ألك ...
- في سابقة علمية.. جامعة مصرية تناقش رسالة دكتوراة لباحثة متوف ...
- الإمارات تدين بأشد العبارات -فظائع- القوات المسلحة السودانية ...
- ديبلوماسي بريطاني يوجه نصيحة قيمة لستارمر بخصوص روسيا
- الحكومة الأردنية تكشف تفاصيل مخططات كانت تهدف لإثارة الفوضى ...
- -الحل في يد مصر-.. تحذيرات عسكرية إسرائيلية رفيعة من صعوبة ا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - الكرد السوريون وخطاب المهادنة: مراجعة تاريخية وواقع معاصر