|
أخبار طازجة من إعداد وبرمجة المطبخ العربي الحديث!
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كم هائل من الوجبات الدسمة، وعروض مغرية من الوجبات السريعة رخيصة الثمن ، وقليلة التكاليف، وصفات متنوعة من المحشي والمقلي والمشوي، تعج بها الصحف العربية المختصة بالمطبخ السياسي العربي، وما عليك كقاريء ومتصفح سوى الاختيار لما يفتح شهيتك الصباحية مع قهوتك بالحليب أو سادة ...وكله حسب ذوقك...سكر قليل أو سكر زيادة، لكن الأفضل هو على رائحة الخبر المفلفل ، والمعجون أو المعلب بكثير من البهارات الشرقية. زعفران إيراني يخرج لتوه من أفران الباسيج ..وينتج ويحضر في معامل صدرية أو مهدية أو بدرية...وكله سوقه ماشي على سنة ورمح..فالسوق رائجة والبضاعة مطلوبة وأفضل وأوسع الأسواق الاستهلاكية متوفرة بغزارة الطلب، حتى أنه يتفوق على العروض والخدمات المقدمة من أطراف أخرى ومصانع ومنتجات من بلدان مجاورة ومنافسة...فالسوق العراقية تعتبر من أحسن وأفضل الأسواق تصريفا وبلعا، لكل أنواع المنتجات والفبركات المطبخية للمعامل العربية والعالمية...خاصة الأمريكية منها ...حيث يمكنك تناول همبرغر أمريكي يصنع في الفلوجة ، أو في ديالى ...أو في بغداد والموصل، أو كركوك والسليمانية..وخذ نموذجا أرفع وأجمل يقدم ساخناً ...مسخماً..من الأعظمية أو الكاظمية..ويصلك ملفوفا ومغلفا بكلبشة أو جنزير هدية متواضعة من الضاحية الصدرية.. أو بسكويت بريطاني مغطس بطبقة من شوكولا الزفت البترولية مهربة أو معدة في أقبية وزارة الداخلية.. حضرت خصيصا في حواري البصرة أو الفاو قرب الحدود الكويتية ....دون أن تنسى أن الشيوخ والأسياد قرأوا عليها تعاويذهم وأحجياتهم التبريكية، لتصبح حلالا زلالا ..مذبوحة على الطريقة الإسلامية.. ويمكن أن تكون قد مرت بطريقها المتنقل وتصنيعها الأحدث ..بأطوار كربلائية ..أو مسحت عليها أيدي رجال القاعدة اللادنية...لتمنحها قدسيتها التاريخية...وشرفها البطولي في حربنا المقدسة ضد الغزاة والحفاة ..ضد أهل المطابخ ..الوطنية...بل العربية...فكل الساعين للتغيير هنا...يريدون مطبخا حلالا ..إسلامي الصنع بوجهين لعملة واحدة ...شيعية كانت أم سنية...لكن التعبئة على الدوام ...تحمل بصمتها المحلية..وتخفي انجرافها نحو الأذواق الفارسية..حتى لو غلفت...بصناديق الموز ...أو التفاح... لا للغش ولا للتمويه، بل لفتح الشهية!!..وإطلاق العنان للخيال الإجرامي ، ولتصوير العنف الإنساني ومدى قساوته ووحشيته وتفضيله لمطابخ الحقد والثأر وأقبح العادات في نفوس افتقرت للثقافة الإنسانية... وفارقتها لغة الحضارة والحوار البشرية..ولن تكتفي المنتجات البديعة الطازجة بجمال تعليبها وتغليفها ورقي الجودة والاتقان الفني المبدع في صوره الخرافية ،لعودة أنواع منقرضة بشريا وتاريخيا إلى الظهور ..أي عودة أحفاد ( الهانيبعلية)، ناهيك عن مقدرتها على الانتشار السريع، فقد ضاهت كل القدرات التكنولوجية في الحداثة للدول المتقدمة والمتطورة في العلوم الاقتصادية ا! واخترقت كل الحسابات العالمية بغزوها السريع لأسواق مجاورة...حتى الأسواق الصغيرة والفقيرة لم تسلم من حب التقليد ، ولا من القدرة على التهديد والتجديد في لغة الأسياد والعبيد...فأصابتها عدوى التتنافس، في أسواق القردة والخنافس... فهاهو السوق الفلسطيني الصغير رغم فقره المدقع الكبير...لكنه مسلح بأفضل أنواع الطناجر القتالية...عفوا القتلية...ولم تعد الفلافل الفلسطينية توجه قذائفها الخلبية للعدو، لأنها تعرف سلفا وخاصة المطبخ الحماسي ( نسبة لحماس) ، بأن فتوش صواريخ القاسم والآر بي جيه المحشو محليا بالخرق ومسامير الزيتون الغزاوية، لن تكون ذات فائدة ولن تؤتي ربحا حين تصدر إلى إسرائيل العبرية، فالسوق الإسرائيلي يتفوق في جودته الإنتاجية ولا يمكنه أن ينافسها، فعاد أدراجه للأسواق المحلية، واكتفى بسوق غزة ورفح ورام الله والقدس الشرقية، وربما يتمدد قليلا إلى أسواق شقيقة عربية... فانحصر التنافس بين المنتج الفتحاوي والحماسي...والبقية مجرد فراطة مصانع متناثرة تشتري موادها الأولية من رأسي المال الأهم..في الصراع على السوق الربحية، والمبارزة في حصول كلا منها على ربح أكبر ...لدرجة أنك تستيقظ كل يوم على اختراع لطبخة خاصة بالأطفال الرضع ..أو بالمرأة المسلمة المؤمنة ...ليزيد تقربها من الباري والتحاقها به وبجنته بطريقة أسرع وأفظع....وهناك أيضا طبخات تخص العجزة...ممن لا يستطيعون التحرك بسهولة والاختباء ببراعة وفحولة.. من وجه الغزو المطبخي ...بنوعيه نادر الاختصاص..ومن يدري فأحدهم يستخدم زعفرانا نوويا طهرانيا، والآخر يصر على المحلي والعربي السابق في الكار والمراس في الأخذ بالثار.....وكلاهما يدعي أن مطبخه أكثر جودة وكرمه يفوق جده حاتم الطائي بسخائه في ذبح الأضاحي...وتقديمها من فقراء فلسطين قرابينا ..للقضية .... ومن ثم سيأخذك طعم الخبر في العمود الأول من الصفحة الأولى في صحيفتك الصباحية المفضلة، سواء ألكترونيا أو ورقيا لا يهم... فالأخبار التي تتلقفك حتى في الإذاعات الصوتية ...تفتح شهيتك اليومية وتدلق أمعاءك من جوفك ...في أقرب سطل تعده خصيصا لبدء صباحاتك العربية...وستجد لديك بعض الشجاعة وقليل من البراعة لتنتقل عيناك إلى العمود الثالث..هاربا بروحك المتعبة ليلا بين أقنية الجزيرة والحرة والعربية .وصحافتها المستقلة التقية!.. ومسائك المحبب مع الوجه الصبوح للسيد القاسم مثلا وفذلكاته وحركاته وتدليسه وانتقاله بسهولة من فرقعات البالونات اللادنية والظواهرية إلى تلميع الدور الإيراني وصاحبه السوري، ثم نراه مؤخرا يتدارك انبطاحاته وصولاته ثم انزلاقاته وجولاته.. ليدخل في رتق وترقيع الوجوه المصفرة خوفا وهلعا من النووي الإيراني وخطورته التي صحا لها متأخرا حين انكشف الغطاء عن البير بعد اقتلاع ضرس الأمير !!!. تنتقل ببصرك المنهك إلى عمود مجاور جغرافيا وذهنيا..تريد أن تسمع أخبار الوطن ...تبحر نحو بيروت المصابة والجريحة...لكن جرحها النازف بفعل إسرائيلي ...يعود لينفتق عن دمل وطني يعبث وينخر حتى العظم ويهدد الجسد كله بوباء دموي ... يطبخ تارة في المطبخ الدمشقي، وأخرى في المطبخ الطهراني..وثالثا تحاول الكبسة السعودية تلافي الأمر برز مفلفل بقليل من النفط المبارك مكياً ومدنياً....رغم أن مساعي المطبخ المصري لم تتوقف..بكل ما فيها من طعم الملوخية بالفراخ أو بالأرانب المعلبة في الجامعة العربية ..مع مهارة طباخها..وحذاقة مختارها سيد الطباخين العرب السيد عمرو موسى.. وكل مقدراته بحشي الباذنجان والكوسى..لكن المازا اللبنانية ..عافت نفسها ..فالقاهرة عاجزة عن مجاراة الأذواق الزحلاوية في أطراف الشوف وعاليه ..حتى تصل إلى الجنوب من النبطية إلى ... الكبة البعلبكية ..والطرابلسية والبيروتية..فأهل لبنان ...أصحاب أذواق متنوعة ومتغيرة ومتقلبة وعندهم 18 مطبخ . وتاريخهم الحديث والقديم ...يحمل بصمات أشهر معمل ومسلخ....فكيف لعمرو موسى المسكين أن يستطيع إرضاء الأذواق؟..وكيف للكبسة السعودية أن تتفوق وترضي؟!.. يتشابهون إلى حد ما بهذا التنوع الذوقي بجيرانهم وأخوتهم السوريين، لكن هؤلاء الأخوة جاءهم ذات يوم على ظهر دبابة من علمهم مطبخا واحدا بنكهة لا تتغير وقلب لهم مرغمين كل ما تعلموه وتفننوا فيه عبر تاريخهم الطويل .. ولسانهم الحلو الجميل...من فنون الطبخ الحلبية والدمشقية..فعمد إلى إفقارهم..فبالفقر وحده تحكم الأمم وتحدد الأذواق..فلم تعد حاستهم الذوقية تعرف سوى طعم المطابخ العسكرية...يأكلون قصعاتهم ...بكل ما تحمله من شوربا...علبت وصنعت...في أقبية مخابراتية..وعلى نار القوانين الطوارئية..بكهرباء الكراسي الألمانية، والتهم المفبركة ..والمعدة لكل من خرج وتذوق ورفع صوته مطالبا بما سمعه وقرأ عنه وعرفه من أبيه أو خاله وجده..من تاريخ حافل بمطابخ سياسية ذات وجوه متنوعة في مدنيتها وحضارتها في المطبخ السياسي..فيصبح بين ليلة وضحاها وقودا وحطبا للطبخ العسكري...الذي يفلح في طبخ الوطن داخليا...بزيادة الفلفل الأحمر حتى الحريق واللهيب لأمعائه وأحشائه ولسانه وفكره...فيصمت عقودا ويتوقف عن النطق.. سنيناً ..خاصة أمام تساؤل أطفاله عن دروس يتلقونها...طلائعية وشبيبية..رسوم وصور تطالعه صباح مساء وهتافات عليه ترديدها كالببغاء..يبتهل لربه ويرفع يديه بالدعاء..على من سرقوا قوته ويسرقون منه المذاق والكساء...لكنه يعلن الرضا والقبول ...وينتظر قرع الحروب والطبول ..حتى يعود الجولان وتتحرر الوهاد والوديان...من اسكندرون إلى الأهواز وحدود عراقستان لهذا سارع أخي المواطن بإغلاق صحيفتك واتكل على الله..خذ نفسا عميقا...عميقا حتى يتوقف نفسك عن الشهيق والزفير...فمن مثلك لا يرضى بعيشة البعير..الموت أرحم والهروب عند الشدائد نوع من المرجلة..وأنت بتاريخك الماضي سيد الرجال..وأفضل حل لهذه الأحوال...التوقف عن القراءة والمتابعة والإضاءة...الأمية ثم الأمية والجهل خير من القتل...أهل الصحافة مساكين وأحوالهم من أحوالنا عالقة في البهدلة وغارقة في الأوحال والطين...يبحثون عن خبر ويهللون للفرج...لكنه لا يأتي ولا يطرق أبوابهم...وكي يهربون من أقدارهم...يبحرون في سفن أمريكية ويوجهون تهمهم ويصبون غضبهم على بوش وزبانيته..فهو سر البلاء..رغم أن عنده الداء والدواء، لكنه يحيل المنطقة للخراب والدمار بسياسته المطبخية العرجاء...إذن تزاوجوا وتوالدوا..ناموا ولا تستيقظوا...ولتكن نومتكم أبدية...دون صحف وأخبار وربما تستيقظوا يوما كما استيقظ أهل الكهف...فتكون الأمور قد تبدلت..خيرا أم شرا لا يهم...لكنكم ستكتشفون دون عناء أو تعب..أن أمتكم انقرضت وختم على كهوفكم."هنا كانت تعيش أمة العرب ".
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدالة نموذجية!
-
خطورة الدور الإيراني في المنطقة على اوضاع العربية
-
نحن والتغيير
-
بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاقة الحوار المتمدن
-
هل هو النقد ياسيد جمال الغيطاني، أم الجهل والحسد؟
-
نداء من أجل إطلاق سراح الشباب المعتقل في السجون السورية
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة - المرأة العراقية ن
...
-
نعزيك يا لبنان ونعزي أنفسنا بك
-
المرأة ستكون صانعة القرارات الدولية في المستقبل القريب
-
يا معارضة..الوطن يغرق، من سينقذه؟
-
الموت العربي الرخيص
-
أين أقف؟
-
في كل الحروب.......المرأة ........هي من يدفع الثمن
-
المواطن السوري بين قبضة النظام، والسياسة الدولية في المنطقة
-
العراق بين المحتل والوطني!
-
بيني وبين الشيطان...بينه وبين الله
-
هل تقرر الانتخابات الأمريكية سياسة المنطقة في شرقنا الأوسط؟
-
نعيش دفئاً ونموت اشتعالا
-
كيف يرى العرب والمسلمون قضية الاندماج في الغرب؟
-
من يقف وراء إشعال الصراع بين حماس وفتح؟
المزيد.....
-
نخب -صداقة العمر-..4 صديقات يُعدن إحياء صورة لهنّ بعد 35 عام
...
-
السعودية تتقدم على مصر ودولة عربية تلحق بهما.. ترتيب القوة ا
...
-
-الكتاب الأبيض-.. استثمارات الصناعة العسكرية والدفاع في أورو
...
-
اليوم العالمي للنوم: إليك خمس نصائح إن فعلتها في الصباح تمنح
...
-
كالاس: واشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إل
...
-
علاج بطعم الموت لمدة 10 دقائق
-
مصري يدخل موسوعة غينيس ويحطم رقما جديدا خلال صيامه
-
عاصفة مدمرة في كاليفورنيا (فيديو)
-
المجلس الوطني الكردي يرفض الإعلان الدستوري السوري المؤقت
-
أرمينيا وأذربيجان تتوصلان إلى -اتفاق سلام- بعد نحو 40 عاما م
...
المزيد.....
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|