أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في الحالة الكردية














المزيد.....

سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في الحالة الكردية


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنا


سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في الحالة الكردية



إبراهيم اليوسف


لطالما شكّلت ثنائية: الأقلية والأكثرية أحد المفاهيم المحورية في الفقه السياسي والقانون الدولي، لكنّ هذه الثنائية قد تتحول إلى أداة للظلم والإقصاء إذا أسيء استخدامها. إد إنه في بعض الحالات، تصبح الأكثرية العددية وسيلة للهيمنة على قوميات أو جماعات تعيش فوق ترابها التاريخي. وتعد الحالة الكردية في إيران، تركيا، سوريا، والعراق نموذجًا حيًا لإبراز الإشكاليات العميقة لهذا المفهوم.
الأقليات القومية قبل رسم الخرائط
ومن المعروف أنه عندما تكون الأقلية عبارة عن قومية تعيش على أرضها التاريخية، فإن توصيفها كأقلية يصبح اختزالياً. ففي مرحلة ما قبل تأسيس الخرائط الحديثة، كانت هذه الجماعات قوميات مستقلة ذات تاريخ وجغرافيا وهوية خاصة. حيث إن الكرد، على سبيل المثال، هم شعب قديم يعيش فوق أرضه منذ آلاف السنين، لكن رسم الخرائط وفق مصالح الدول الكبرى، كما حدث بعد اتفاقية سايكس بيكو 1916، حولهم من قومية تاريخية إلى أقلية ضمن حدود دول حديثة.

الأكثرية التي تحوّلت إلى أقلية

من هنا، فإنه قد تصبح الأقلية، التي يُفترض أنها منتمية لوطنها الأم، أكثرية في جوهرها إذا ما نظرنا إلى هويتها القومية وشمولها للأرض التي تسكنها. لكن التجزئة السياسية وتقسيم الوطن، كما حدث مع كردستان، أدّت إلى تجزئة هذا الشعب وتحويله إلى أقليات في أربع دول رئيسية. إذ إنه في سوريا، على سبيل المثال، يشكل الكرد شريحة كبيرة في جغرافيتهم، لكن سياسات الإقصاء والتهميش جعلتهم يُعاملون كأقلية بلا حقوق قومية. وفي العراق، وعلى الرغم من التغيرات السياسية بعد عام 2003، لا تزال حقوق الكرد عرضة للتهديد بسبب الصراعات مع المركز في بغداد.



صناديق الاقتراع ليست الحل

إن الدعوة إلى جعل صناديق الاقتراع معياراً لمنح الحقوق القومية تبدو مغالطة في حالة الكرد. فالمعارضة السورية، على سبيل المثال، طرحت هذا المبدأ قبل سقوط نظام الأسد، متجاهلة أن النظام نفسه أسس لسياسات محو الهوية الكردية منذ عقود. ولا يمكن لمبدأ الأغلبية العددية أن يكون حلاً عادلاً عندما تكون هناك سياسات منظمة لتذويب هوية قومية وإلغاء وجودها.
ومن أبرز الأمثلة على السياسات الممنهجة لتغيير التركيبة الديمغرافية ما حدث في سوريا مع مشروع الحزام العربي في الستينيات. عندما قامت السلطات السورية بتهجير آلاف العائلات الكردية من أراضيها في مناطق الجزيرة، واستبدلتهم بعائلات عربية بهدف إحداث تغيير ديمغرافي يخدم السلطة المركزية. بالإضافة إلى ذلك، فقد نفذت الدولة الإحصاء الجائر لعام 1962، والذي جرد مئات الآلاف من الكرد من جنسيتهم السورية، محرماً إياهم من الحقوق الأساسية كالتعليم والعمل.

القانون الدولي والحالة الكردية

إذا كان مفهوم الأقلية صالحاً في بعض الحالات وفق القانون الدولي، فإنه يصبح محل نقد في الحالة الكردية. الكرد ليسوا مجرد أقلية تقطن مناطق متفرقة داخل دول متعددة؛ بل هم شعب له تاريخه وجغرافيته وثقافته التي تعرضت للتهميش والطمس عبر سياسات منهجية. إن القانون الدولي نفسه يعترف بمبادئ تحظر التهجير القسري، التغيير الديمغرافي، ومحو الهوية الثقافية. ومع ذلك، فإن هذه المبادئ لم تُفعّل لحماية الكرد، رغم أن الانتهاكات بحقهم موثقة دولياً. فعلى سبيل المثال، وثقت المنظمات الدولية عمليات التهجير القسري في عفرين بعد سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا عليها عام 2018، حيث تم تهجير السكان الكرد وإسكان عائلات من مناطق أخرى مكانهم.

في سياسات المحو القومي

تشمل سياسات محو القومية الكردية في الدول الأربع: التهجير القسري: كما في الحزام العربي وعفرين،و طمس اللغة والثقافة حيث مُنع التعليم باللغة الكردية وتجريم استخدامها في الحياة العامة، بالإضافة إلى حالةعدم الاعتراف القانوني بالكرد، وتهميشهم الكرد دستورياً، كما في الدستور التركي الذي لا يعترف بهم كقومية مستقلة. ناهيك عن سياسات التغيير الديمغرافي من خلال توطين جماعات أخرى في المناطق الكردية بهدف إضعاف وجودهم التاريخي.



عود على بدء: في التضليل المصطلحي
أجل، ظهرت مصطلحات كثيرة مثل "المواطنة"، و"الأقلية"، و"الأكثرية"، واستخدمت في سياقات عديدة لا تخلو من التضليل والتشويش، بغرض شرعنة الظلم أو تغطية الحقائق. هذه المصطلحات، التي قد تكون ذات دلالات إيجابية أو محايدة في فضاءات أخرى، جرى توظيفها بعيداً عن معانيها الحقيقية فيما يتعلق بالحالة الكردية، لا سيما في سوريا. فالكرد، الذين يعيشون فوق أراضيهم التاريخية، أُجبروا على أن يُنظر إليهم كأقلية ضمن منظومات سياسية وجغرافية قامت على رسم الخرائط بمعزل عن الحقائق الديمغرافية والحقوق القومية. وبالتالي، فإن استخدام هذه المصطلحات يصبح في هذا الإطار أداة لطمس الهوية الكردية، وشرعنة السياسات الإقصائية التي تستهدفهم، لأن مصطلح الأقلية، رغم صلاحيته في سياقات معينة، لكنه لا يعبر عن الواقع الكردي الذي يعاني من تهميش قومي وديمغرافي موثق وممنهج. إذ تحتاج الحالة الكردية إلى معالجة خاصة تأخذ في الاعتبار حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والعيش بكرامة فوق أرضها التاريخية.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الأعلام السورية: من الاستقلال إلى الوحدة وما بعدها نحو ...
- بين فرحة الكرد وأصدقائهم: الرئيس مسعود بارزاني وتدشين مرحلة ...
- أخوة الكرد والعرب في سوريا: تاريخ مشترك ومسؤولية مصيرية
- حزب الملايين: كيف اختفى خلال ساعات؟ الأسدان الكبير والصغير أ ...
- اختلال المعايير: استتفاه الكبائر واستعظام الصغائر
- ما بعد سقوط الأسد: إعادة قراءة المشهد السوري
- بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى
- في توصيف القيادة المطلوبة: رؤية في ضوء التاريخ والواقع
- التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية ...
- الكرد السوريون وخياراتهم: واقع معقد وآفاق مفتوحة
- ثقافة العنف بين إرث السلطة ودوامة الحرب2/2
- تشكيل الحكومة المؤقتة: خيارات خاطئة وتحديات المصالحة والبناء ...
- مفاهيم تُعيد إنتاج الاستبداد: قراءة نقدية في رؤى المرحلة
- التطرف بأشكاله: حرب مفتوحة على الكُرد وبيان من 170 كاتباً-1
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى السيد أحمد الشرع
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى الشرع
- الإرث الدموي في سوريا: كيف نعيد بناء المجتمع؟1/2
- سوريا بين الماضي والحاضر: أي مستقبل نريد؟ في إطاراستعادة وطن ...
- سوريا المتناثرة بين ثورتين: هل تحتاج كتابة الدستور ثلاث سنوا ...
- صمت المثقف السوري: محاولة قراءة في موقف النخبة من التحولات ا ...


المزيد.....




- بعد رفضها الامتثال للأوامر... ترامب يجمّد منحًا بأكثر من 2.2 ...
- أوكرانيا تعلن القبض عن أسرى صينيين جُنّدوا للقتال في صفوف ال ...
- خبير نووي مصري: طهران لا تعتمد على عقل واحد ولديها أوراق لمو ...
- الرئيس اللبناني يجري زيارة رسمية إلى قطر
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف
- الرئيس اللبناني: 2025 سيكون عام حصر السلاح بيد الدولة ولن نس ...
- ابنة شقيقة مارين لوبان تدعو وزير الخارجية الفرنسي لتقديم است ...
- نتنياهو يوضح لماكرون سبب معارضته إقامة دولة فلسطين
- في حدث مليوني مثير للجدل.. إطلاق أول سباق عالمي للحيوانات ال ...
- بيان وزارة الدفاع الروسية عن سير العمليات في كورسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في الحالة الكردية