|
بلد الحضارات يحكمه القطاء
صادق جبار حسين
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 16:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العراق مهد الحضارات وأرض التاريخ العريق الذي شهدت أرضه نشوء أولى المدن وظهور أولى القوانين وانطلاق شرارة الفكر الإنساني يعيش اليوم أسوأ مراحله تحت حكم نخبة من السياسيين ورجال الدين الذين جعلوا من الدين وسيلة لتحقيق مصالحهم الشخصية ومن الوطن ساحة للتبعية الإقليمية خاصة لإيران . فبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 دخلت البلاد في مرحلة إنهيار سياسي واجتماعي لم يشهد مثلها الا في أيام الغزو المغولي مع غياب مؤسسات الدولة وضعفها وسيطرة المليشيات على الساحة ومراكز القرار وجد رجال الدين الشيعة فرصة للهيمنة على المشهد السياسي بحجة تمثيل الطائفة وحماية المذهب الشيعي . لكن ما حصل فعلاً هو أستغلال الدين كاغطاءً لتمرير أجندات سياسية واقتصادية ترتبط بإيران مباشرة ، والعمل على تدمير ما تبقى من هيكل الدولة العراقية لأغراض تخدم مصلحة إيران بالذات . وممن ساهموا بشكل مباشر وكبير في تدمير العراق وربطه بتبعية بغيظة بإيران هم أولآ : السيستاني: ذلك الصمت الذي يثير التساؤلات حيث عُرف المرجع الديني علي السيستاني بمكانته الروحية الكبيرة داخل المجتمع الشيعي ورغم أنه أتخذ مواقف ضد العنف في بعض المراحل ألا أن صمته المتكرر أمام فساد الحكومات المتعاقبة التي كان هو جزءاً من شرعيتها عبر " الفتاوي الدينية " التي ساندت وأوصلت السياسيين الشيعة إلى سدة الحكم أثار غضب الشعب العراقي . فالسيستاني دعم العملية السياسية التي قادها فاسدون ومجرمون بشكل مباشر في بداية تكوين الحكومة العراقية بعد سقوط نظام البعث ، وكانت نتيجتها أن أصبح العراق دولة فاشلة تتصدر قوائم الفساد العالمي . أكثر من ذلك كان السيستاني مساهماً في تعميق الطائفية ، حين أصدر فتوى " الجهاد الكفائي" لمحاربة داعش الذين ادخلتهم العراق حكومة المالكي ليكون مبرر لخلق مليشيات الحشد الشعبي الذي تحول لاحقاً إلى قوة خارجة عن سيطرة الدولة ومرتبطة بشكل كامل بإيران وتتلقى أوامرها منها . ثانيًا : مقتدى الصدر : الإصلاح المزعوم مقتدى الصدر الذي ورث نفوذ والده محمد صادق الصدر قدم نفسه كقائد شعبي يدافع عن حقوق الفقراء لكنه لم يكن إلا جزءاً مهم من النظام السياسي الفاسد في العراق . الصدر يتنقل بين المعارضة والموالاة بشكل مسرحي مكشوف وساذج يرفع شعارات الإصلاح بينما يغض الطرف عن فساد تياره وميليشياته "سرايا السلام". الصدر كان مسؤولاً عن تعزيز الطائفية من خلال محاربة الطوائف الأخرى من سنة و مسيح ومعارضين من الشيعة وتهجيرهم والاستيلاء على ممتلكاتهم أولا بمليشيات جيش المهدي ثم تحولها لمايعرف بسرايا السلام ، كما عزز روح الطائفية عبر خطابه المتناقض وعمل جاهدًا على إضعاف الدولة عبر ميليشياته التي لم تلتزم بالقانون أبدآ . بل أكثر من ذلك حيث دخل في تحالفات مع جهات فاسدة مما جعله شريكاً في خراب العراق رغم محاولاته الظهور بمظهر المنقذ و المصلح والمعارض لتدخل إيران في الشأن العراقي ثالثًا : قيس الخزعلي : ذراع إيران في العراق قيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق" المثال الصارخ للعمالة لإيران ، الخزعلي قاد ميليشيات مسلحة لعبت دوراً أساسياً في تدمير النسيج الاجتماعي العراقي ، عبر عمليات القتل والخطف وزعزعة الأمن في المدن العراقية . الميليشيات التي يقودها الخزعلي حولت العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وإيران وعمليات التطهير العرقي بحق السنة والمسيح و الاستيلاء املاكهم . و بينما يعاني العراقيون من الفقر والبطالة تستحوذ هذه الميليشيات على الثروات وتفرض الإتاوات على المشاريع والموارد في ظل حماية سياسية توفرها قوى مرتبطة بإيران من قادة وبرلمانيين وحتى وزراء . ثالثًا : عمار الحكيم : المصالح العائلية أولاً عمار الحكيم وريث آل الحكيم ورث كا نضيره مقتدى نفوذ أبيه واسم عائلته ، يستغل الخطاب الديني والسياسي للترويج لنفسه كقائد وطني لكنه في الحقيقة جزء من شبكة فساد مترامية الأطراف حيث ان الحكيم وأسرته حولوا مكانتهم الدينية إلى وسيلة لجمع الثروات وأصبحوا جزءاً من المنظومة التي نهبت العراق وخيرته . تحت غطاء "المجلس الأعلى الإسلامي" شارك الحكيم في تثبيت النفوذ الإيراني في العراق مما جعل البلاد أكثر تبعية وأقل قدرة على إدارة شؤونها بشكل مستقل بعيدًا عن التدخل الإيراني . رابعًا : بشير الباكستاني : عنوان التبعية المطلقة . بشير الباكستاني المرجع المستورد من الخارج أصبح رمزاً للتبعية لإيران بفضل دعمه المستمر للسياسات الإيرانية في العراق أثبت أن ولاءه ليس للعراق وشعبه بل لولاية الفقيه في طهران . الباكستاني وغيره من رجال الدين غير العراقيين استغلوا نفوذهم لتبرير السياسات التي أنهكت العراق والعمل على تعميق الطائفية التي أبقت البلاد في دوامة من الصراعات المدمرة حيث بفضل هؤلاء الخونة أصبح العراق الذي يُعد من أغنى دول العالم بالنفط والثروات الهائلة يعيش اليوم تحت وطأة الفقر . حيث ان الحكومات المتعاقبة بدعم من رجال الدين أهدرت المليارات من أموال العراق في صفقات فساد لصالح الطبقة الحاكمة ومن يدور في فلكها من المنتفعين والطفيليات من سياسين ورجال الدين ووهب المليارات من أموال العراق وشعبه الى إيران . لقد أضعف التدخل الديني إستقلالية المؤسسات العراقية مما جعلها أدوات لتنفيذ أجندات حزبية وطائفية لها أهداف موضوعة ومحددة الغرض منها تدمير وأضعاف العراق . فأصبح العراق ساحة نفوذ إيرانية حيث لا يتم اتخاذ أي قرار مهم دون موافقة طهران سواء في السياسة أو الاقتصاد وحتى القوانين التي تخص المجتمع على سبيل المثال قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يهدف الى تدمير المجتمع العراقي من خلال تدمير أهم ركيزة فيه وهي الأسرة . عمل تدخل رجال الدين الشيعة الى تدهور الخدمات على كافة المستويات و الأصعدة حيث جميع البنية التحتية منهارة في العراق والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم في حالة يُرثى لها بسبب الفساد المستشري والمحاصصة الطائفية . الشعب العراقي يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن هذه النخبة السياسية والدينية ليست سوى أدوات لتدمير البلاد أضعافه لأغراض تخدم مصالح دول على رأسها إيران . وما المظاهرات التي بدأت في 2019 وما تلاها من احتجاجات تُظهر أن العراقيين لن يصمتوا طويلاً على هذا الواقع . العراق بلد الحضارات لن ينهض إلا بقيادة وطنية حقيقية تؤمن بوحدة الشعب ومصلحة البلاد بعيداً عن تأثير رجال الدين الذين أثبتوا أنهم ليسوا سوى خدم لأجندات خارجية وتحقق مصالحهم الشخصية على حساب مصالح الوطن والمواطنين .
#صادق_جبار_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوضى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق : فساد وانحدار القيم
...
-
الارهابي الذي أصبح بطل
-
جند السماء الفرصة التي ضاعت
-
بين صدام والأسد : دكتاتورية صدام حسين وعائلة الأسد : مقارنة
...
-
ماذا لو خرج المهدي المنتظر ؟
-
ثمن سقوط الأسد
-
رجال الدين وشيوخ العشائر السرطان الذي يجب أستئصاله قبل أي تغ
...
-
حكومة العتاكة و بنات اليل
-
يقاطعون الكنتاكي ويركبون التاهو: ازدواجية المقاطعة في العراق
-
العمامة رمز الجهل والتخلف والظلم
-
أقتحام البرلمان : مسرحية جديدة من تأليف وإخراج مقتدى الصدر
-
ملابس منى زكي الداخلية أهم من معانات العرب
-
الجيش العراقي ماضيًا عظيم و مستقبل مجهول
-
العدالة العرجاء في العراق
-
إنتهت مسرحية محرم في العراق
-
هل الحشد حامي الأعراض ام مصالح ايران
-
تمثال المنصور سبب خراب العراق
-
يطالبون بتحرير فلسطين ويجردون الفلسطينيين من حقوقهم
-
يتألم للأغراب ولا يتألم لأبناء البلد الذي آواه
-
مقتدى الصدر سيد التناقضات
المزيد.....
-
رغم الاعتراضات.. مجلس النواب العراقي يقر قانون الأحوال الشخص
...
-
أعضاء حلف الناتو مطالبون بزيادة الإنفاق الدفاعي
-
الحرب في أوكرانيا: ما هي خطة ترامب لإنهاء النزاع؟
-
وزير الخارجية السعودي في بيروت.. أول زيارة لمسؤول سعودي رفيع
...
-
أسرار المتعاونين مع النازيين في هولندا.. حقائق صادمة تتكشف ب
...
-
سقوط النظام ينعش آمال لاجئي الزعتري بالعودة إلى سوريا
-
لافروف وفيدان يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية والأزمة الأوكر
...
-
الخارجية الروسية: بعض تصرفات إدارة بايدن ليست أخطاء بل جرائم
...
-
زاخاروفا تصف تصريحات زيلينسكي في دافوس بأنها -هوس المخدرات-
...
-
ميزات جديدة في-واتس آب-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|