ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سادَ العامة ، وفي مقدّمتهم أنصافُ المثقفين التفكيرالأحادي ، فَيَرونَ جميع الأشياء وحتى الحياة أسوداً أو أبيضاً ولا غير ذلك .
إبتداءً أريدُ أن أقولَ لهؤلاء أن الأسودَ والأبيضَ عبارتان إعتباريتان في الألوان ، فليسَ هناك لونٌ أبيض ٌ أو لونٌ أسودٌ في المنطق العلمي . فالأبيضُ علمياً هو ناتجٌ عن إمتزاج ألوان الطيف الشمسي بعضُها ببعض بينما الأسودٌ حالة غيابُ ألوان الطيف الشمسي .
بادرت قوّات الإحتلال ، قبل غزوها العراق إلى طرح الشعار المشؤوم أن الشعب العراقي هم شيعةٌ وسُنّةٌ وأكراد ، وكان الغرض من ذلك إستغلاله في إطار مبدأ ( فرّق تَسُد ) . وبعد الغزو وما تلاهُ من خطوات مدروسة تَسَلّقت قمم المسؤوليات شخصيّاتٌ كان ديدنُها التأكيد على ما أراده الغزاة في فرض الفرقة ، في جميع تصرّفاتهم و نشاطاتهم ، ولم تقصّر في القيام بهذه المهمة الفئات التي رفعت شعار المقاومة بل أنها كانت أكثر صراحة ً وأكثر عنفاً . ها وقد قاربنا أن نطوي السنة الرابعة منذُ بدء الإحتلال ولكن مع الأسف الشديد فقد أصبحت لغةُ الفرقة الطائفية والعرقية هي السائدة في أي جدل يدور بين إثنين ، وأي تصريح أو بيان أوريبورتاج أو مقالة . كلّ طرف يرى رأيهُ وحقّهُ ونشاطهُ أبيضاً وكل ما يتعلّق بالطرف الآخر أسوداً . ولا أحد يرى الحياة بألوان الطيف الشمسي الأصيلة .
لا شكّ أنّ وسائل الإعلام قد ركّزت على أنشطة الطائفيين والعنصريين حتى صوّرَتهم وكأنهم يمثلون كامل المجتمع العراقي ، فهم إمّا بيضٌ أو سودٌ ، وكانت نشاطات القيادات السياسية تَصُبّ في نفس المجرى بدءاً بعمليات القتل والخطف والإغتيالات على الهوية وإنتهاءً بالتهجير وتصفية المواقع لصالح الأبيض أو الأسود حسبما يراهُ المُسيطرون على تلك المواقع بواسطة أزلامهم أو ميليشياتهم .
إنّ نبضَ الشعب العراقي الذي وحّدَ أبناءه في مزيج جميل من كل الشرائح العرقية والدينية والطائفية عبر آلاف السنين لا يمكن أن يرضى بما خطط له الغزاة وما يفعله البعضُ من القادة السياسيين الذين أوكلت إليهم مهمة تكريس الفرقة . إن الشعب العراقي ليس أبيضاً أو أسوداً بل أنّه يمثلُ ألوان الطيف الشمسي الزاهية ، وإنّ من يدعون لغير ذلك ليسوا من هذا الشعب ، وسيأتي اليوم الذي يُلفظون كالنواة أو يُستأصلون مثلَ وَرَم ضار . وللتأريخ لغة لا يفهمها المتَجَبّرون ودروسُهُ عبَرٌ ورَدعٌ . وقديماً قيلَ ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ) .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟