|
هل سيكون الشرق الاوسط الجديد تركيا ام اسرائيليا ام للسعودية رأي اخر؟
هاني الروسان
(Hani Alroussen)
الحوار المتمدن-العدد: 8230 - 2025 / 1 / 22 - 12:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس مهما ما يحدث في سوريا اليوم بقدر ما قد يحدث في غيرها على غرار هذا الذي يبدو وكانه لا يتفق مع كل ما مضى خلال العقد المنصرم الذي اعقب ثورات الربيع العربي وتصدرت المشهد فيه حركات الاسلام السياسي التي لم يثبت بعد فيما اذا كان ذلك مجرد صدفة، ام نتاج موضوعي لواقع سياسي شجعت واشنطن على تغلغله السياسي والمجتمعي منذ الغزو السوفييتي لافغانستان عام 1979، بعد ان كان سلاحها الامضى في التصدي لموجات الانتشار الشيوعي التي اجتاحت المنطقة بعد نجاح ثورة بلاشفة موسكو وتثبيت دعائم دولتهم كلاعب دولي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، اما انه كان نتاج تخطيط مسبق وعن وعي امريكي لاستدامة مبرارات تدخلها وفقا للصورة التي تكون عليها مصالح الولايات المتحدة. ولكن بغض النظر عن اي الاحتمالات هو الاصح، فان الاسلام الذي يشكل عقيدة ودين الاغلبية المطلقة لسكان الاقليمي ولما يتمع به كبقية الاديان من جاذبية وقوة تأثير بين اتباعه سيبقى البيئة الخصبة للعمل على تخليق رأي عام سياسي فاعل وربما حاسم في الصراعات المحلية والدولية باعتباره اداة، هذا فضلا عن بعض فصائله ذات الاصول الفقهية العقيدة المتنوعة التي ترى بتصحيح هذا الطرح او ذلك السلوك، فرض يمليه عليها ايمانها وتفسيرها. لذا من المستبعد ان نسجل وجود حقبة تاريخية من حقب الصراع السياسي الممتد لا يكون المكون الديني احد اطرافها، وان الفارق الوحيد بين هذه الفترة او تلك يكون فقط على مستوى حجم الدور وتأثيره ان على صعيد الفترة ككل او الحيز الجغرافي حيث ستبقى اهداف الصراعات الجيوسياسية هي المتغير الاكثر تحديدا من بين المتغيرات الاخرى في تديد حجم هذا الدور وتداعياته. وعلى الرغم من الفشل والهزائم التي منيت بها تجارب حركات الاسلام السياسي الا ان ذلك اقتصر ايضا على مستوى التأثير، وان مصيرها لم يكن كمصير مكونات الحركات القومية او اليسارية او الثقافية الاخرى التي تضاءلت الى حدود الاندثار وخاصة على مستوى شدة التأثير في تفاعلات اقطاب الصراع على السلطة والنفوذ، لاسباب مختلفة على رأسها طبيعة الديناميات الداخلية لهذا المكون التي تتصف بمرونة فائقة تسمح لقوى الاستخدام بتطويعها بسهولة وسرعة وفقا لاهدافها الخاصة بها. وهو ما ينعكس على سرعة ظهورها مجددا بعد كل نكسة تصاب بها. وان كانت استراتيجيات الاحتواء الامريكي - التي لم تكن الا اعادة تجديد لنفس استراتيجيات بريطانيا العظمى - التي اقتضت بعد الغزو العراقي للكويت القضاء على المشروع القومي للبعث العراقي لحساب اطلاق اليد الايرانية في الاقليم لاعتبارات تتعلق بمعيقات طائفية واخرى قومية ستحول دون انتشار النفوذ الايراني بنفس السرعة التي كانت ستكون عليها سرعة مشروع البعث العراقي، فضلا عن تحويل منطقة الخليج العربي الى منطقة لسباق التسلح يستفيد منها بصورة اساسية مجمع الصناعات الحربية الامريكي، هي الاسباب الرئيسية والمباشرة لانتشار وتوسع تأثيرات الاسلام الشيعي الذي اتخذ من البوابة الفلسطينية معبرا له بعد انهيار قيم النظام العربي قبل ان يمتلك هامشا خاصا به اصبح مصدر تهديد للمصالح الامريكية والنفوذ الاسرائيلي، وانه صار من الضروري اعادة النظر بحجم وطبيعة تأثيرة والحد من مخاطره. وقد كان هجوم السابع من اكتوبر للعام 2023 وتداعياته هو الفرصة المناسبة لمراجعة استراتيجيات الاحتواء التي بقيت قائمة منذ اسقاط النظام العراقي واطلاق يد ايران في المنطقة والعودة الى احياء فكرة الشرق الاوسط الجديد التي كانت قد حاولت احيائها من قبل وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، في أثناء حرب 2006 حين قالت أن آلام هذه الحرب هي:" الولادة القاسية للشرق الأوسط الجديد" وهو نفس التعبير الاسرائيلي الذي استخدمه شمعون بيرز في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" الذي صدر 1996، والذي قيل حينها انه اعادة ترجمة لاطروحة المؤرخ الأميركي الصهيوني، برنارد لويس، التي ضمنها بمقالة له نشرت في «فورين أفيرز» في عام 1992 بعنوان «إعادة التفكير في الشرق الأوسط»، والتي حولها جورج بوش الابن إلى سياسة رسمية للإدارة الامريكية وتبعه في ذلك ما يسمون بالمحافظين الجدد.. واليوم وبعد ان نجحت اسرائيل وبدعم مطلق من الولايات المتحدة بتوجيه ضربات قاصمة للنفوذ الايراني، الذي بات مهددا بالقضاء عليه نهائيا بتدمير البرنامج النووي واسقاط النظام هناك بدأت واشنطن بالتخلي عن استراتيجية الاحتواء عن طريق الاسلام الشيعي والانتقال للاسلام التركي بقيادة حزب العدالة والتنمية الذي يقف على رأسه مجموعة من القوميين المتدينين في مقدمتهم اردوغان الذين لم ولن يمانعوا في العيش والتعايش المشترك مع اسرائيل وتقاسم النفوذ الاقليمي معها، رغم ان هذه الاخيرة التي تخلت هي الاخرى عن استراتيجية المحيط بعد انهيار النظام العربي، وانها تمتلك عديد الاوراق التي تمكنها من القيام بلعبة مزدوجة حيث من ناحية ستستفيد من النهج الامريكي الجديد بتوسيع نطاق تطبيعها مع الدول العربية وخاصة السعودية والتوسع بتعميم السلام الابراهيمي من ناحية، ومن الناحية الثانية تفعيل ما اسماها جدعون ساعر بحلف الاقليات ضد الاكثريات الذي قدم له شرحاً ضافياً في كلمته خلال حفل تسلّمه لمنصبه خلفا لكاتس، عندما دعا لإقامة حلف أقليات مع الأكراد والدروز في الإقليم تمهيدا لتمددات جعرافية قد تطال اراضي عدد من دول الجوار ودول جوار الجوار ويمنح اسرائيل تفوقا اقليميا لعشرات السنين. ولكن في مقابل كل ذلك يبقى الاهم وهو الموقف السعودي من كل ما يجري وكيف ستتعامل مع مثل هذه الاستراتيجية الامريكية التي اصبحت اكثر ترجيحا، وهل ان السعودية ستتولى قيادة ابنظام العربي وفق شروطه الموضوعية والتي اهمها تنفيذ حل الدولتين، وهل سيكون بمقدورها اقناع اسرائيل بذلك والدخول معها في شراكة امنية اقليمية تقودها اسرائيل وتعمل من خلالها على التصدي لمحاولات مد النفوذ التركي داخل الاقليم، اما انها ستكتفي بنفس الدور الذي مارسته خلال فترة التمدد الايراني، وتقوم بالتعاون مع اسرائيل على مستويات اقل للاستفادة من فترة الفراغ التي سيتركها الانشغال الاسرائيلي بحلف الاقليات ضد الاكثريات. لا شك ان الوقت ما زال مبكرا لاجابات قاطعة حول هذه الاسئلة وغيرها، الا ان ذلك لا يمنع من التأكيد على ان المنطقة تستعد لمرحلة شديدة الحساسية، وان بعض من مؤشراتها بدأت بالظهور حيث يتم بين ليلة وضحاها وباسرع من المتوقع اخذ تهديدات ترامب على محل الجد ويجد نتنياهو وشلة اليمين المتطرف معه ينصاعون لانجاز اتفاق مع حماس لم يعد مستبعدا معه ومع اناطة قيادة استراتيجية الاحتواء الجديدة لتركيا من تغيرات ذات طابع نوعي. هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة
#هاني_الروسان (هاشتاغ)
Hani_Alroussen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيكون الاسلام التركي بديلا امريكيا عن الاسلام الشيعي؟
-
سقط الاسد عندما اسقط شرط الاستمرار في مواجهة اسرائيل
-
هل اقتربت امريكا من اتخاذ قرار الهجوم على ايران ؟
-
ما يحدث في سوريا قد يكون خطيرا وجدير بالمتابعة
-
هل سيكون الاستثمار التركي في لجظة سوريا الراهنة مجديا ؟؟.
-
بعد التردد في المواجهة: سيكون سقوط النظام السوري خطوة ما قبل
...
-
لحماية حزب الله فاننا نختلف مع نعيم قاسم
-
احتمالات انتهاء الحرب وولادة اسرائيل الثالثة
-
لماذا تعمد الشيخ نعيم قاسم عدم الربط الصريح بين لبنان وفلسطي
...
-
لن يكون ترمب فلسطينيا او عربيا او ايرانيا.
-
ترامب-الجديد-: استراتيجية بيع القوة وتغيراسس التحالفات الدول
...
-
التسريبات الامنية: بناء اسرائيل الجديدة والسيطرة على الاقليم
...
-
السياقات الترجيحية لرد اسرائيلي حاسم
-
المواجهة الايرانية مع اسرلئيل والولايات المتحدة بين خطابين
-
اسرائيل في الاستراتيجية الامريكية: من قيادة تحالف امني اقليم
...
-
هل ما زالت امام ايران فرصة ؟؟؟
-
دول الاعتدال العربي ووهم الاهمية: التوقيع على فصل الجبهة الش
...
-
الصاروخ اليمني واعادة طرح الاسئلة
-
الرد الايراني بعد البيان الامريكي القطري المصري
-
الرد الايراني لن يكترث بمتلازمة الحرب الاقليمية
المزيد.....
-
مهندس ألماني يحطم الرقم القياسي لأطول إقامة تحت الماء!
-
القدس.. مواجهات بين المستوطنين وقوات الشرطة
-
روسيا.. نتائج عمليات تطهير سواحل إقليم كراسنودار
-
غواصون يفحصون مياه البحر الأسود في منطقة تحطم ناقلتي النفط
-
تعزيزات عسكرية إسرائيلية جديدة تتجه نحو مدينة جنين ومخيمها
-
ستة عوامل قد تكبح خطط ترامب خلال ولايته الثانية
-
كيف صار الفرعون المصري محمد صلاح -تعويذة- لليفربول؟
-
إندونيسيا: استئناف البحث عن مفقودين جراء الانهيارات الطينية
...
-
معهد سيبري يُحذر من تعاظم دور الأسلحة النووية في التوترات ا
...
-
كيف تؤثر قرارات ترامب على البيئة والمناخ عالمياً؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|