|
العراق بين سندان الحياد المعلن ومطرقة العقوبات الامريكية
مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8230 - 2025 / 1 / 22 - 10:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(العراق بين سندان الحياد المعلن ومطرقة العقوبات الامريكية)
ترددت في الفترة الأخيرة، سواء في الصحافة العراقية والعربية والأمريكية، أو بالتصريحات عراقيا وعربيا وأمريكيا؛ أن الولايات المتحدة في صدد إحداث تغييرات في العملية السياسية في العراق، كما درج على تسميتها منذ احتلال العاصمة بغداد، وتطالب الولايات المتحدة الأمريكية، الحكومة العراقية بحل الحشد الشعبي والفصائل الأخرى؛ وإلا فإنها ستتحرك ضدها، واستند هذا إلى ما قدمه محمد الحسان الممثل الدولي في العراق؛ من شروط لنجاح العمل السياسي في العراق، واعتبرها عدد من الصحافيين والكتاب إملاءات أمريكية، باسم الأمم المتحدة. الشق الثاني من هذا الترويج المقصود؛ أن أمريكا، خصوصا أن إدارة ترامب المقبلة ستعمل بطريقة أو بأخرى على تغيير الأوضاع في العراق، أو تغيير العملية السياسية ورؤوسها في العراق، ولم تستبعد الصحافة أو الآراء؛ العمل العسكري، بواسطة الكيان الإسرائيلي. بصرف النظر، عن الفساد الذي استشرى في الإدارات المتعاقبة طيلة أكثر من عشرين عاما، إلا أن الواجب الوطني والشرف الوطني، ومصالح الوطن في لحظة تاريخية ومفصلية وخطيرة على وحدة العراق؛ تستدعي تركيز القائمين على إدارة الشأن الوطني؛ على استقلال العراق وسيادته، اللذين يعوزهما الكثير والكثير جدا؛ ليكونا كاملين من دون أثلام هنا وهناك، ما يقود إلى فوضى في اتخاذ القرارات، وإضعاف جسد العراق، بالفساد والتخندق المناطقي والفئوي؛ الذي ينتج هويات فرعية تحل محل الهوية العراقية الجامعة لكل العراقيين، لا يأتي هذا التركيز إلا بتمتين الجبهة الداخلية وتحصينها؛ من خلال الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي، بتحميل الخطاب الثقافي وأيضا السياسي، لغة الوطن الواحد لكل مواطنيه، وترسيخ وتجذير المؤسسات القانونية، التي يعوزها الكثير من القوة واستقلالية القرار، والاستجابة للتغييرات والتحولات في العالم، وفي المنطقة العربية وجوارها؛ وانخراط الكتل والأحزاب التي تتصدر العمل السياسي، أو العمل السياسي الحكومي في العراق، أو غيرهم ممن كانوا في صلب العمل السياسي، وما زالوا، في هذا التغيير. هؤلاء كلهم، من الواجب الوطني والأخلاقي عليهم ان يبدأوا التفكير الجدي والممنهج ببرنامج عمل للإصلاح والتغيير الحقيقيين، في محيط إقليمي ودولي آخذ في التغيَر والتحَول؛ وتطبيقه على أرض الواقع، لا مجرد خطط من دون ان تأخذ طريقها للعمل والتنفيذ. العراق بات بحاجة ماسة إلى التغيير الداخلي، تفكيرا وتخطيطا وإجرائيا، بروح وعقل وتفكير عراقي صرف، على قواعد وأعمدة الاستقلال التام والكامل في القرار، سواء كان في السياسية الداخلية أو الخارجية، أو في الاقتصاد بشقيه التجاري والمالي. العراق بلد له، تأريخ موغل في القدم فهو وطن الحضارات بتاريخه الممتد عبر آلاف السنين، والتي لا تقل عن ثمانية آلاف سنة، فكيف لبلد او لوطن بهذا العمق الحضاري أن يرضخ للإملاءات الخارجية. التغيير من الخارج ما هو إلا احتلال جديد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، مع انه لن يحدث أبدا، لكن مع افتراض أن له حظا في الوجود، أقول مع هذا الافتراض؛ كيف لنا كعراقيين أن نقبل ونروج ونفرح وربما ننتظر.. أقصد البعض من العراقيين وهم أقل من القلة؛ أن تعود لنا أمريكا بطائراتها ودباباتها لتدنس أرض الحضارات مرة أخرى، بعد أن داست آلاتها العسكرية أديم أرض الرافدين في ربيع عام 2003. أغلب الحديث يدور حول حل الحشد الشعبي، كمطلب أمريكي. إن الحشد الشعبي لن يحل أبداً، لكن هنا ينبثق سؤال من صلب واقع العراق المعيش المكتظ بالإرادات المتباينة وما نتج عنها سابقا وينتج عنها حاليا من مخاطر على وحدة العراق هو، هل حل الحشد الشعبي يخدم وحدة العراق؟ أم حله يشكل خطرا كبيرا على وحدته؟ مهم ومهم جدا، وله خطورة بالغة على حاضر ومستقبل العراق؛ إن رضخ المسؤولون للإرادة الأمريكية، على فرض أن هناك مطلبا أمريكيا بهذا الاتجاه، حسب المصادر الصحافية. أشك في حقيقة وجود مثل هذا الطلب أمريكيا، إذا كان هذا الطلب حقيقيا؛ فإنه طلب يخفي وراءه الكثير من الخطط الأمريكية، وهي وبكل تأكيد لصالح أمريكا وليس لصالح الشعب العراقي، ويهدد وحدته في الذهاب إلى إقامة الأقاليم على طريقة إقليم كردستان المستقل، الذي هو شكلي أو بروتكولي ضمن جغرافية العراق. الولايات المتحدة تتحدث بصورة مستمرة عن أنها تحارب الإرهاب في أي مكان كان على أرض المعمورة، مع أنها هي أكبر دولة للإرهاب الدولي؛ سواء بغزوها واحتلالها للدول المستقلة، أو في دفع تيارات من الهواء المحمل بأوكسجين الحياة في جسد الإرهاب في أي مكان كان، حين تقتضي مصلحتها ذلك؛ أو في مشاركتها للجرائم الصهيونية في غزة، وعلى مسمع ومرأى كل العالم، وكل العالم الإسلامي وكل الانظمة العربية في أوطان العرب. عليه فإن كل ما تقول به أمريكا أو تفرضه أو تنصح به ما هو إلا لمصالحها وليس لمصلحة الشعب والوطن؛ وإنها لا تكتفي بالنصح، بل الإجبار على التنفيذ بطريقة او بأخرى؛ واول هذه الطرق أو الطريقة الوحيدة في البعض من الدول التي لا ترضخ لها؛ هي العقوبات القاسية كما هو حاصل مع إيران، وما تزال تهدد به إيران في المقبل من الأيام. هنا تكمن الخطورة على العراق؛ لأن هذه العقوبات إن تم تجديدها بقسوة على إيران؛ ستكون لها تداعيات على العراق بشكل أو بآخر. من المهم في هذه الحالة إن هي حصلت؛ أن تتصرف الحكومة العراقية، بحكمة وحنكة، ومناورة سياسية واقتصادية وتجارية ومالية؛ وتدير العملية، أي تداعيات العقوبات القصوى على إيران؛ بطريقة مستقلة تماما عن أي تأثير أو ضغط أو إغماض عينيها، عن الاختراقات التي ستحصل كتحصيل حاصل ضغط الواقع؛ لأن امريكا سواء كان رئيسها ترامب، أو غيره تمتلك أوراق ضغط لا يستهان بها؛ وهي المال العراقي المتأتي من صادرات العراق النفطية، التي يتم إيداعها في البنك الفيدرالي الأمريكي، الذي يكاد يكون الممول الوحيد لخزينة العراق. إن التغير السياسي في العراق الذي تلوح به أمريكا؛ من خلال الصحف الأمريكية، والبعض من أعضاء الكونغرس، ومن أقلام عراقية؛ ليس حل الحشد الشعبي، لأنه جزء من المنظومة الأمنية والعسكرية العراقية، بل، ربما الفصائل المسلحة الأخرى، كما قال المالكي في مقابلة له مؤخرا مع إحدى القنوات الفضائية. لكن الأهم، بل هو الأساس في التوجه الأمريكي أو أمريكا ترامب في المقبل من الأيام في سياستها نحو العراق؛ هو التجارة والمال والاقتصاد، وعلاقة كل هذا مع إيران، التي كما يقول الإعلام الامريكي والبعض من طاقم إدارة ترامب؛ إن أمريكا في صدد التحضير في العودة إلى العقوبات القصوى على إيران؛ لإجبارها على التفاوض في ما يخص برنامجها النووي، والصاروخي، وطبيعة علاقتها في فضائها الاقليمي..
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا الجديدة..
-
خطوات الى المجهول
-
الشرق الاوسط الجديد..مشروع امريكي اسرائيلي
-
سوريا الجديدة..فلسطين..هل هناك طبخة تعد لهما في القنوات الخل
...
-
قراءة في كتاب الحرب للكتاب الامريكي بوب وود بورد/ 2
-
قراءة في كتاب الحرب لبوب وود بورد
-
الحكومة التي تمثل الشعب؛ لايمكن ان تشكل تهديدا لإسرائيل
-
لماذا فشلت الدول العربية..
-
لماذا سقط النظام السوري سقوطا دراماتيكيا ومذهلا؟
-
قوى الإرهاب: وكلاء ليسوا احرا في قرار الحرب والسلم
-
تريكا، الكيان الاسرائيلي، امريكا: هم الداعمون للإرهاب بكل اش
...
-
اسرائيل نتنياهو: التخادم بين نتنياهو وحكومته العنصرية؛ قد لا
...
-
مؤتمر القمة العربية الاسلامية الثانية: يفقتر الى الاجراءات ا
...
-
امريكا ترامب: حلحلة الصراع
-
امريكا ترامب: اشهار واستظهار فاشية امريكا
-
الكيان الاسرائيلي: دولة دور او لها دور استعماري
-
خيرا السلام مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، ليس خيارا للسلام، ب
...
-
عبد الله اوجلان..هل يدبن الارهاب، ويطالب الشعب الكردي التركي
...
-
امريكا- اسرائيل: يقتلان ولا يقاتلان
-
حرب الاجرام الصهيوني في فلسطين ولبنان.. ربما لاتنتهي قريبا
المزيد.....
-
اندلاع حريق جديد في جنوب كاليفورنيا.. والسلطات تعلن نسبة ما
...
-
تداول تصريح قائد الجيش الإسرائيلي بعد استقالته عن قتال إيران
...
-
القوات الروسية تحرر بلدة جديدة في خاركوف شرق أوكرانيا
-
عملية عسكرية إسرائيلية في جنين ومخيمها، ما أهمية المخيم في ا
...
-
ماذا نعرف عن مدينة جنين ومخيمها؟
-
الوحدة الشعبية يتقبل التعازي بالقائد الوطني الكبير أبو أحمد
...
-
عاصفة -نوستالجيا 90/80- تنتقل إلى محكمة مصرية
-
كاتس: عملية جنين قد تشكل تحولا في استراتيجية الجيش الإسرائيل
...
-
روسيا.. ضبط محاولة تهريب نحو 750 من قرون الأيل المحلي المدرج
...
-
-سيد طوفان الأقصى- على ركام منزل السنوار (صور)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|