|
توازن القوى في صالح الدولة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 11:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل المصريون قوم خانعون مستسلمون .. لا يثورون علي الظلم و القهر مثل باقي سكان الارض .. قد يكون هذا صحيحا بين ناس الريف بالمدن الضغرى و القرى و النجوع لانهم يعيشون متفرقين كل منهم يتمسك بقطعة الارض التي يعمل عليها ..و لا يريد أن يحرم منها لأى سبب من الاسباب ..فتستفرد بهم السلطة و تجعله يقدم كل ما بيده .. للجباة و العسكر .. حتي لو أخذوا اطفاله و باعوهم في سوق النخاسة.. و لكنني شاهدت في القاهرة الناس تثور ..و تخرج في تظاهرات و تهتف بحماس و تقاوم رجال الحكومة ..و يقولون أن هذا حدث قبل أن أولد و أثناء طفولتي عدة مرات أثناء مظاهرات 1919 ..و في فبراير 1946 عندما حاصرت قوات الشرطة طلبة جامعة القاهرة فوق كوبري عباس ثم فتحته ليسقط في النيل العديد منهم و يتعرض للغرق .. ومن تشبّث به طلبا للنجاة ضربته هروات الحكومة على أصابعه ليتخلي عن مكانه .. طلبة 1919 الذين أطلق عليهم الإنجليز الرصاص .. و قدموا الشهداء من الرجال و النساء و طلبة 1946 الذى فتح النقراشي الكوبرى عليهم كانوا ينادون بالإستقلال التام أو الموت الزؤام ..و تحرير بلدهم من قبضة المستعمر لا يريدون مجدا أو ثروة أو نفوذا ..و لا يهدفون للجلوس علي دكة الحكم . في صباى .. كانت مظاهرات الخمسينيات تبدأ أيضا من المدارس .. يقف زعماء الطلبة في ارض الطابور .. يهتفون (( اليوم حرام فيه العلم )) ثم يشرحون أسباب .. التظاهر ..و يذهب البعض منهم إلي السكرتارية يأخذ علم المدرسة ..و يخرجون للشارع يهتفون .. يحررون المدارس الأخرى ..و يصارعون قوات الهجانة النوبية التي تركب الجمال ..و تلسوعهم بالكرابيج ..و تبق المظاهرة طول اليوم يتجمع حولها الناس .. تذهب لقصر عابدين أو البرلمان .. و تسب و تلعن المحتل و عملائه . وهكذا كلما عاد الشتاء يذكرنا بما فعله الإنجليز في قوات الأمن بالأسماعيلية 25 يناير 1952 و كيف ثارت الجماهيربالقاهرة تعاطفا معهم .. ثم كيف حرق الفاشيست.. المدينة في اليوم التالي ..عقابا لاهلها علي مظاهراتهم ضد الإحتلال .. لينتهي الأمر بإجهاض الثورة الكامنة ... بإنقلاب البكباشية في 23 يوليو . البرودة المنتشرة مع شهر طوبة تذكرنا بحركة الشباب 21 فبراير 1968 إحتجاجا علي نتائج محاكمات ضباط الطيران بعد الهزيمة .. وكيف تفجر السخط الشعبي الكامن و أدى لبيان 30 مارس و مراجعة النظام لاسس ممارساته. وبالحركة الطلابية 15 يناير 1972 ..بعد خطاب السادات عن عام الضباب و إعتصام الطلبة في قاعة الإحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة .. ومهاجمة المعتصمين ليلا وإعتقالهم بواسطة الامن المركزى .. ثم عندما إستكمل باقي الطلبة للإعتصام في ميدان التحرير تم فضه بالقوة فجر 25 يناير . و مظاهرات 3 يناير 1973، لطلاب جامعة القاهرة كرد فعل على اعتقال قادة وكوادر الحركة الطلابية في الجامعات المصرية ..فخرجوا إلى الشارع يرفعون شعارات عن قضايا الحريات، والعداء لإسرائيل، ثم كيف قمعتهم قوات الأمن المركزي بكلّ قسوة فجر يوم 4 يناير ، و أعلنت الحكومة إغلاق الجامعات لمدة شهر بدعوى إجازة نصف السنة . وبإنتفاضة الخبز 18 و 19 يناير 1977 التي سماها السادات بإنتفاضة الحرامية .. و كان نتيجتها الرجوع عن الأجراءات التي أوصي بها مندوبي صندوق النقد حتي يتم تمهيد الأرض لفرضها قسرا. وقريبا منها إنتفاضة عساكر الأمن المركزى يوم 25 فبراير 1986 من أجل تحسين مستوى حياتهم و أعلان مبارك بعدها حظر التجول. ثم إنتفاضة الشباب في 25 يناير 2011 و التي إستمرت لمدة ثلاثة أسابيع رافعة شعار عيش ..حرية .. عدالة إجتماعية و إنتهت بتمكين القوات المسلحة من الحكم وفرضوا علي الناس كل تعليمات صندوق النقد و البنك الدولي .. فزادت الديون .. و إنخفضت قيمة الجنية .. و تضاعفت أسعار السلع عشرات المرات و دخلنا في متاهات نظام إقتصادى مركب .. يزيد الفقراء فقرا و يراكم الملايين للمليارديرات . مع شهر طوبة وبرده نتذكر هؤلاء الذين إنتفضوا ( في يناير و فبراير ) ..ومن غادرنا منهم موتا أو سجنا أو هربا... و من يعيش اليوم مهزوما ،حزينا ، مكلوما ، متضررا .. في مجتمع مبتلي بالإنفصام و نظام غير قابل للإصلاح . وضع هذه الإنتفاضات جنبا إلي جنب .. ثم الدهشة من صمت الناس لمدة ( 14 سنة ) يهانون فيها من الإختلال في ميزانياتهم ..و يعانون ذل الإحتياج ..و قسوة الصراع من أجل تأمين لقمة العيش .. يجعلنا نفهم بوضوح .. أن الحكومة .. سواء سيطر عليها المحتل ألإنجليزى أو صندوق النقد .. هي أداة القهر التي تفصلنا إلي جبهتين .. أحدهما شلة الأوليجاركية المنتفعة ..تمتلك القوة ..والقانون ..و التشريع ..و الأموال ..و أشرار الناس الذين يخططون لقهر الشعب .. و في بعض الاحيان يرشي رجالهم ضعاف النفوس ليخرجوا للشارع يهتفون بسقوط الديموقراطية أو بقاء القائد المهزوم علي كرسي الحكم .. أو يرقصون أمام لجان الإقتراع ,واضعين البيادة فوق رؤسهم . و علي الجانب الاخر الأغلبية المنتهكة . المتفرقة التي تعاني بشكل فردى ..و لا يجمعها كيان إقتصادى أو سياسي أو إجتماعي , بحيث يسهل قهرها و تمكين الخوف منها و جعلها .. تبصم علي ما يريده من يستخدمونها لتحقيق مخططاتهم للإستيلاء علي السلطة .و الثروة الحكام الاشرار يتعلمون و يحسنون أساليب قمعهم و أدواتهم..أما الشعب الغلبان بسبب غياب الوعي ..و عجز مثقفية عن قراءة الواقع .. فيسلم قيادته لشباب متمردون يكررون نفس الأخطاء و لا يتعلمون. تفرق الناس .. في المدينة و الريف ..و عدم وجود أحزاب أو منظمات تجمعهم .. يجعل الأهداف متضاربة ..و ناسنا يعيشون في جزر منعزلة .. لا تستطيع مقاومة الحكومة التي تحسن أدوات قهرها من بوليس سياسي .. ثم أمن دولة .. يستخدمون قوات يتطور أداؤها .. حتي تصبح محترفة .. تمتلك المدرعات و رشاشات المياة الملونة ..و العصي الكهربائية .. و كاميرات التصوير ..و قاعدة بيانات تحضر الفرد الذى يعبر عن إستيائه من ابعد مكان ..و تسيطر علي إتحادات الطلاب ..و حركتهم في المدارس و الجامعات مانعة عنهم أن يتنفسوا هواء الحرية ..و التمرد و الرغبة في التغيير حتي لو اصبحوا بلطجية و شراديح ..يقهرون بعضهم بعضا . إن الدولة هكذا أقوى من الشعب ..و لقد حرصت في كل العصور علي ضمان هذا التفوق .. بواسطة الإعلام و الدعاية و إستخدام اليات الجيل الرابع من الحروب لإسقاط الناس من داخلهم ,,آوالشرطة و قوات مكافحة الشغب ..و الأمن فإذا ما فشلت فضباط الجيش .. بمدرعاتهم و طيرانهم .. و قناصيهم .. يستطيعون .. أن يؤمنوا البلاد لصالح .. الجالس علي العرش .. و سيبق توازن القوى علي هذا الحال .. حتي تتكون أحزاب الشعب و منظماته المدنية .. تطور برامج إنقاذ .. وتقود بواسطته الناس للتغيير .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلنعيد كتابة ((وصف مصر )).
-
أحداث 2011 هل كانت مدبرة
-
الأخت جيمني
-
يتحكمون.. يكسبون و نحن نعمل
-
درس تاريخ للاطفال
-
هل يعود الأنوناكي لنتعلم منهم الإنسانية
-
هذة العقائد ستذهب لمتاحف الأنثروبولجي
-
الإسلام دين و ليس حضارة لها فن
-
أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ
-
عندما تختفي الجيوش و تترك بلادها للنهيبة
-
الإنكشارية تعيد إحتلال المنطقة
-
الإرهاب الشرقي نمط حياة
-
لازال طريق المقاومة هو الدرب الصحيح
-
لماذا يشترى الخلايجة في سوق غير مشجع
-
البردية المجهولة(كمان و كمان ).
-
سلوك القتلة ..و مفاهيم الفلسفة
-
شخص يجتهد و لكنه ساخط
-
لم تتغيرأهداف الإستعمار ..تغيرت أساليبه
-
corruption.. الفساد
-
ما بعد الموت عند القدماء
المزيد.....
-
هاليفي يعلن استقالته اعترافا بفشل الجيش الإسرائيلي في 7 أكتو
...
-
-ترامب لن يسمح بتدمير خططه الخاصة بالشرق الأوسط الجديد- - في
...
-
قدح لشرب القهوة يباع بسعر قياسي في مزاد علني لغزة في مصر
-
-تشبه التحية النازية-؟.. إيلون ماسك يثير الجدل بإيماءة يده أ
...
-
مخاوف أوروبية من تصاعد النزاع التجاري مع واشنطن في عهد ترامب
...
-
تركيا.. مشاهد من داخل الفندق في مدينة بولو التركية الذي تعرض
...
-
عون: لبنان متمسك باستكمال إسرائيل انسحابها من الأراضي المحتل
...
-
جدل التحية.. ماسك يؤكد أنها تحية بيلامي وليست نازية
-
سفير روسيا في إسرائيل: عشرات الروس موجودون في غزة بعضهم يحتا
...
-
سلطات سوريا الجديدة ترفع رسوم السلع التركية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|