أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - نقد قضايا فلسفية معاصرة















المزيد.....


نقد قضايا فلسفية معاصرة


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 08:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العقل والتفكير
الانحياز للعقل دوما يجعل من كل شيء مادة. وتصبح مقولة هيجل صحيحة لاول وهلة قوله كل ماهو عقلي واقعي وكل ماهو واقعي عقلي. ولما كان من خصائص المادة الامتداد والشمولية يصبح كل ما يحس به العقل هو مادة. وهذا الاستنباط خاطيء بدليل ان كل الاحاسيس الداخلية التي يتلقاها العقل من جسم الانسان هي ايعازات اشباع بيولوجية غرائزية وليست مادة. عليه تكون مقولة هيجل كل ماهو واقعي عقلي ناقصة من حيث لا يمكن تعميمها على كل مدركات العقل بخاصة في مدركاته لمواضيع الخيال فهي ليست واقعية.
هذا المعنى يجعل الفيلسوف الفرنسي لامتري يذهب وجوب ارجاعنا ميتافيزيقا الروح للمادة. ويدين لامتري الفيلسوف الالماني عالم الرياضيات المتديّن لايبنتيز قوله وجوب ارجاع المادة الى روح. مرجعية لايبنتيز تلتقي مرجعية باسكال محاولتهما تطويع المفاهيم الفلسفية لتبعية اللاهوت المسيحي. والاكثر غرابة أن كليهما باسكال ولايبنتيز غير تطرفه اللاهوتي يصنفان على انهما فيلسوفان وجوديان يتبعان الفلسفة الوجودية الغربية.
بضوء مستجدات اختراع الفلسفة لمبحث التحول اللغوي ونظرية المعنى وتصبح فلسفة اللغة الفلسفة الاولى بعد الهجوم الكاسح على مبحث الابستمولوجيا وازاحتها عن طريقها تماما منتصف القرن العشرين. قادت فلسفة اللغة اختراع نظرية السقوط في مركزية خيانة اللغة للمعنى وبالتالي أصبح تضليل العقل واردا جدا في عجزه التعبير اللغوي عن مدركاته لغويا تعبيرا صادقا.
لو نحن بضوء ما مر ذكره نحاول الوصول الى الحقيقة حول خيانة اللغة للمعنى نجد ان منطق تفكير العقل يقودنا الى ان خطا العقل بالتفكير يسبق خطا اللغة في التعبير. وخيانة اللغة للمعنى لا تسبق خيانة العقل للفكر. تضليل العقل لا يكون في تعبير ازدواجية خيانة اللغة للمعنى. بل في تضليل الحواس للعقل في تزويده بانطباعات اولية غير حقيقية ولا صادقة وقتية زائلة على حد تعبير ديفيد هيوم ما يجعل تشتيت تفكير العقل في التعبير اللغوي قاصرا في الالمام الكامل بمدركاته. هيوم اعتبر تجيير الانطباعات الاولية الصادرة عن احساسات العالم الخارجي كخزين معرفي للذهن هراءا والمعوّل عليه الافكار التي مصدرها العقل.
لو اجرينا مقارنة فسلجية وظائفية في الفرق بين العقل والذهن فنجد العقل هو مرادف بيولوجيا المخ. اما الذهن حتى وإن التقى بخاصية التفكير والوعي العقلي الا انه يبقى افتراض غير عضوي.
اسبينوزا والوجودية
يبدو أن اسبينوزا كان له تاثيرا قويا على الفلسفة الوجودية التي جاءت منتصف القرن العشرين. ويمكن القول ان تاثير اسبينوزا على الوجودية بعد قرنين من الزمان على ظهور الوجودية الحديثة كان اكثر نضجا من تاثير فلاسفة وجوديين انفسهم عاصروها او مهدّوا لبزوغها. فالوجودية حين قالت (الوجود يسبق الماهية) لم تسلم تلك المقولة من التشكيك بها رغم ان للعبارة مرجعية ثابتة في الادبيات الماركسية باختلاف مع الوجودية ان الماركسية انكرت وجود ماهيات او جواهر مستقلة او دفينة في الاشياء والموجودات في حين اجازت الوجودية لاحتمالية وجود الماهيات بالاشياء والموجودات في المقدمة يأتي الانسان انه ذات تمتلك ماهية مفروغ منها..
كينونة الموجود هي في المتعيّن المادي (الجسم) او شكل الشيء في صفاتهما الخارجية لكل منهما.. خطأ الوجودية المتناقض انها في غالبية مباحثها اعتبرت الماهية او الجوهر موضوعا للعقل وليس سيرورة ذاتية استبطانية دفينة لا يدركها العقل. بينما نجد اسبينوزا ذهب الى اختلاف جوهري متضاد مع الوجودية في اعتباره اولا الماهية ليست موضوعا للادراك العقلي وهو صحيح تماما. وثانيا اعتبر الماهية هي الخصائص للصفات الخارجية للموجود وهو خطأ سقط فيه ليس في التماهي مع الماركسية لكن باختلاف جوهري صادم للماركسية قوله اننا بدلالة الجوهر ندرك الوجود وبذلك ضرب الماركسية بمقتل في مقولتها الوجود يسبق الفكر وانكرت الماهية بالموجودات.
الوجودية لاحظت اسبينوزا يقول : الجوهر الكلي التام الالهي الذي لا يدركه العقل يسبق موجودات الوجود في الطبيعة وفي عالمنا الخارجي. هذا الجوهر الكلي الالهي حسب مذهب وحدة الوجود لدى اسبينوزا فقط وليس لدى الصوفية عامة هو جوهر موزع في موجودات الطبيعة وفي موجودات واشياء العالم الخارجي.
لذا والكلام لسبينوزا الفكر الالهي هو الذي يعطي الماهية اسبقية على الوجود سقوطه في ميتافيزيقا طوباوية. طبعا في عدم بذل ادنى تعب او مراجعة نجد اسبينوزا سقط مرتين في الميتافيزيقا الاول اعتباره الماهية في الموجودات هي التجزيئات الموزعة على الاشياء وكائنات الطبيعة من ضمنها الانسان. الثاني اعتباره الماهية الكلية الالهية بدلالتها نفهم الوجود. لسبب اذا سلمنا ان الخالق يمتلك ماهية فهذا تشييء له مرفوض في ادبيات اللاهوت والاديان. وتدارك اسبينوزا هذا الخلط حين تراجع وقال اننا لا ندرك الجوهر اوالماهية بالاشياء وموجودات الطبيعة ومن المحال ايضا ادركنا الماهية في الوجود الالهي وبذلك ارجع مذهب وحدة الوجود الى الميتافيزيقا كليّة.
وجودية سارتر لم تعط الموجود الانساني قيمة حقيقية واعتبرته طارئا على الوجود. على العكس من هيدجر الذي اراد في كتابه (الكينونة والزمان) اضفاء قيمة لانطولوجيا الانسان بدلالة الماهية والخصائص البيولوجية والصفات الخارجية وما يتعالق بها من الحرية والارادة والفعل. الوجود والاصح الموجود الذي هو الانسان لدى سارتر جوهره حرية مطلقة لا تحدها الكينونة الانطولوجية التي هي معطى موجودي طبيعي.
من المهم الاشارة الى ان مبدأ مذهب وحدة الوجود سواء في الصوفية عامة او لدى اسبينوزا خاصة نجد الوجودية لم تتعامل معه كمبحث فلسفي يستحق الاهتمام. ولم تذهب على أن الماهية لم تتعامل مع الوجود بتفسير منطقي يعطيها خاصية اكثر ممما تمتلكه في حقيقتها.
هذا الخلط في تفسير الماهية في الوجودية يجعلنا نوقن تماما العكس الصحيح انه من العبث الحديث عن موجود انساني لا يمتلك ماهيته. ومقولة سارتر (حقيقة الانسان انه موجود بلا جوهر) خطأ فلسفي اولا وثانيا يتعارض مع افكار سارتر اعتباره ماهية الانسان تصنيع ذاتي مستمر مدى الحياة وليس موضوعا ناجزا مستقلا للعقل. الانسان موجود ليس بصفاته الخارجية ولا الجسمانية فقط بل هو موجود في امتلاكه ماهية خاصة به وليست موضوعا لادراك.
من أبرز الاشكاليات التي شتت الفكر الفلسفي في الوجودية هو انها لم تعط لا الوجود ولا للماهية استقلالية معرفية فلسفية بل اكتفت القول ان كل شيء يناقض كل شيء والوجود الانساني هو الحرية. كما وجعلت من الوجود في ذاته خال من الموجودية الحتمية. عليه يكون الانسان عالم مغلق على نفسه موجود طاريء.
الفلسفة والحياة
من الحقائق التي لا ينفع معها نقاش مجد يقود لقناعة هو ان الفلسفة تجريد منطقي لا يلتزم حياة الانسان الي هي مصنع الحيوية البشرية على حد تعبير بيردائيف.. اكثر الهجمات شراسة على الفلسفة منطلقها الذي ذكرناه في عدم التزام الفلسفة بالانسان بمعنى ليس الانسان مبحثا فلسفيا بل الانسان كموجود يتقدم موجودات كل الوجود بخصائصه الذاتية. الانسان في مركزيته التي عبر عنها بروتوغوراس حوالي 400 سنة قبل الميلاد (الانسان مقياس كل شيء). لم تأخذ به لا الوجودية ولا البنيوية ولا جميع الفلسفات التي هاجمت كل معطيات الحداثة والعلوم في عصرنا.
معروف ان ماركس له مقولة شهيرة تقول: اكتفى الفلاسفة تفسير العالم واهملوا المطلوب مهمة واهمية تغييره. ما جعله يترك الفلسفة بما هي خاصية المنطق التجريدي اللغوي والاتجاه نحو دراسة الاقتصاد السياسي الذي بدوره اتخذ الصفة الايديولوجية السياسية الاشتراكية.. من المسلم به ان تاريخ الفلسفة كاملا لم يلتزم حياة الانسان فهي توازي الواقع ولا تقاطعه. النموذجان العصريان لهذا المنطلق هما بول ريكور في التاويلية وجاك دريدا في التفكيكية .
ومن الصعوبة مناقشة الافكار الوجودية او غيرها من الفلسفات بغير منطق الفلسفة اللغوي. فلغة الفلسفة تجريد يوازي العلم والحياة. قد يتداخل معهما في جزئيات لكنه يختلف بمفارقة عنهم مفتوحة النهايات التنظيرية. الفلسفة نسق لغوي منطقي تجريدي لا هو بالعلم ولا هو ايديولوجيا سياسية. ولا هو يندرج في خانة الاجناس الادبية. هي ضرب من القول يدعى الفلسفة.
والفكر في الفلسفة الوجودية فكر منفلت قائم على محاولة خلق توليفات من المتناقضات التي تجعل من وقائع الحياة مقلوبة تماما فيها الانسان ضائعا اين هو وما هو المطلوب منه واين الصح من الخطا جميعها علامات استفهام مفتوحة على اجابات ليس لها نهاية من اليقين حتى المصنوع فلسفيا.
في مقارنة سريعة نجد الوجودية فسفة ونزعة متطرفة في مرجعية الاتكاء على حربين عالميتين في قرن واحد وخروج انسان منهما محطم النفسية مشبع بآلام الكوارث والخراب والموت المجاني الموزع في كل مكان من اوربا الى اليابان شرقا وامريكا شمالا..
كان هجوم الوجودية وتلتها البنيوية على العقل بما هو منهج تبنى منهج العلم اكثر من الفلسفة لضرورات تاريخية واقعية. كان فرصة ذهبية القول كل شيء مضاد لكل شيء. الثوابت التي تبنتها تفكيكية دريدا بعد افول نجم الوجودية نهاية عقد الستينيات من القرن العشرين جعلت من الفلسفة قطوعات بحثية تعنى بالهوامش في تغييب اصل النص بعد استنفاد مباحث الوجود والابستمولوجيا ومباحث الاكسيولوجيا ذلك البريق من الاهتمام.
الروح او الفكرة لدى هيجل
يصف جيل ديلوز الروح او الفكرة هي الحدس الابتدائي وليس كما قال بها هيجل على انها الروح المطلقة او العقل الكلي التي تحكم العالم والكون باجمعه. كما ردد هيجل ان ما هو خارج ادراك الفكرة الكلية الجامعة الشاملة لايبقى هناك ما يستحق البحث عنه وادراكه. كما تاثر جورج مور بمفهوم الروح المجرد عن المادة في اعتباره الروح خبرة مخزنة بالذات التي تعطي الروح طابعها الكوني الميتافيزيقي. حين تجعل خبرة الذات الروحية هي صفة تطبع الكون بالروحانية.
وللرد على هذه الافكار:
- المادة او الموجود من غير الانسان هي المدركات التي تسبق الوعي الادراكي بها ايا كانت وسيلته.
- الفكرة او الروح لدى هيجل في عبارته (العقل الكلي الذي يحكم الكون والعالم والطبيعة ولا يوجد اسمى منه) انما المقصود منه الله . وغموض تعبير هيجل انه يجد في الله وحدة وجود كلية ولم يستطع توضيح فكرته هذه سوى اسبينوزا حين قال كل شيء في الله, والله بكل شيء.
وحدة الوجود عند كل من اسبينوزا وهيجل هو ليس مذهبا صوفيا لاهوتيا ودينيا محلقا خارج الطبيعة. دليل ذلك ان هيجل يعتبر الروح المطلق التي تحكم الطبيعة والكوني هي (عقل) متعال يقع ما فوق كل شيء يدركه الانسان ام لم يدركه. ومطلق الروح او العقل عند هيجل هو الكلي الجامع. بينما اطلق اسبينوزا عليها انها الروح الكلية الجامعة (الجوهر) الازلي اللانهائي التام. الموزع الجواهر بكل شيء لكنه ليس جوهرا يدركه العقل. انه الجوهر الالهي الذي يجعل كل الموجودات في الطبيعة والعالم الخارجي تحمل دلالة وجوده لكن من غير قابلية الانسان ادراكه لا بالصفة ولا بالماهية. صفات المدركات الخارجية هي جواهر صفاتية الهية يمكننا ادراكها كصفات ولا يمكن ادراكنا لها كجواهر اي ماهيات في الموجودات.
اما عبارة جيل ديلوز الروح او الفكر- مصطلح هيجل - هو الحدس الابتدائي فهي نوع من الصوفية الممتزجة بوحدة كلية ادراكية واحدة. وهي حدس روحاني معلق متعال تراسنتداليا لا تستطيع وضع اقدامها عن ارض الواقع. فتفقد بذلك الوسائل التي تكون بها طريقة صوفية متفردة.
راسل والجوهر العقلي
كتاب راسل ( تحليل العقل) اصدره عام 1921 حاول فيه ان يهدم النظرية التقليدية القائلة بوجود جوهر عقلي قائم بذاته. او وعي منفصل مستقل يكمن فيما وراء الادراك الحسي, والتذكر, والادراك.
تعود النظرية التقليدية الفلسفية القائلة بوجود جوهر عقلي قائم بذاته الى ديكارت الذي صاغها بوضوح شديد معتمدا الثوابت التالية :
- العقل جوهر ماهيته التفكير
- العقل جوهر معرفي ابستمولوجي
- العقل جوهر خالد يلازم خلود النفس
ما عدا الفقرة الثالثة الفقرتان الاولى والثنية صحيحة علميا. اما بخصوص الوعي المنفصل المستقل الذي يكمن وراء الادراك الحسي والتذكر والادراك العقلي كما ورد في عبارة راسل فهي عبارة لا يدركها المنطق العلمي ولا الفلسفي للاسباب التالية:
- الوعي هو وسيلة العقل ادراكه الاشياء والموجودات وموضوعات المخيلة. ومن المتعذر وجود وعي مستقل عن ارادة ومدركات العقل.
- الوعي خاصية عقلية وليس خاصية (تذكرية) فالاستذكار لوقائع حدثت بالماضي هي خاصية الذاكرة المرتبطة بالمخيال الشعوري. والوعي في هذه الحالة يكون لا زمني.
- لا يوجد وعي يكمن خلف تغييب الادراك العقلي. مثل هذا الوعي الذي يلغي وصاية العقل عليه يكون بمثابة هراء لغوي لا دليل على امكانية حضوره.
- الوعي هو موضوع العقل وليس موضوع لما يدركه من اشياء وموجودات وموضوعات خيالية.
يقول راسل اذا اردنا للفلسفة ان تكون مبحثا موضوعيا نهدف منه فهم العالم وليس مجرد تفسيره بعيدا عن التزام حياة الانسان فلن يكون للاخلاق اي دور في نطاق مثل هذا المبحث النظري المجرد. وسعى راسل استبعاد الاخلاق بتعميم من دائرة البحث الفسفي الصرف. الحقيقة لا يمكن ضمان ان تكون الاخلاق كما يرغبها راسل في المجتمعات البشرية لا سابقا ولا حاليا ولا مستقبلا. الانسان منذ بدء وجوده انثروربولوجيا كان يسعى لتوكيد انسانيته في الاخلاق ولم يفلح.
لا شك ان الفلسفة ليست مهتمة بالتزام حياة الانسان وفهم الحياة من اجل تغييرها وليس هدف تفسيرها فقط كما اراد ماركس. تعبير راسل هذا الذي لم يطلع عليه ماركس بالتاكيد ورفضه قبل قرن من الزمن على مقولة راسل الذي زار الاتحاد السوفييتي والتقى ستالين. في مقولته التي ثبتناها سابقا ان مهمة الفلسفة والعلماء والمفكرين هو فهم الحياة من اجل تغييرها لا من اجل تفسيرها. وحين سئل عن موقفه تجاه الفلسفة النفعية الذرائعية (البراجماتية الامريكية ) المخالفة لوجهة نظره تهرب من الاجابة الفلسفية ليقول البراجماتية فلسفة نذلة وخسيسة. علما ان الذرائعية الامريكية هي اقرب للعلم التجريبي منه لتجريد الفلسفة. في اعتمادها صواب وصحة الافكار النظرية هو في عبورها فلترة التجريب العلمي والتطبيق الميداني بالحياة.
الحقيقة التي لا مزايدة عليها ان الماركسية كانت بالمحصلة النهائية ايديولوجيا سياسية قابلة للتطبيق من وجهة نظر التاكيد على صراع مصالح الطبقات. مثلها كانت البراجماتية بالمحصلة النهائية هي ايديولوجيا العقيدة الراسمالية التي ايضا لا تكتفي كما هي الماركسية في التنظير النظري المتسق ما يدخل تلك الافكار تجربة الاختبار في التطبيق. ويوجد قول لسامرز حين كان رئيسا لجامعة هارفارد التي تخرج العباقرة اني آخذ بخمسة اسطر قابلة للتطبيق في تحقيق المنفعة ولا آخذ بمجلدات من الكتب السردية التنظيرية.
حين نعت راسل الفلسفة الذرائعية الامريكية بالفلسفة النذلة الخسيسة كان حكمه عليها اخلاقيا بمنظوره الشخصي هو وليس بالمنظور الاخلاقي القيمي مجتمعيا الذي يسود المجتمع. بغض النظر ان النظام الراسمالي قبل اجراءات المراجعة والتصحيح عيه لم يكن لا انسانيا لدرجة الخسة والنذالة التي وصمها راسل بها وحكومته اقصد بريطانيا تعمل بها. من وجهة نظر شخصية بي اجد ان متغيرات الحياة نتيجة العوامل الذاتية والموضوعية هي التي قادت الايديولوجات وليس العكس. الايديولوجيا هي قهر الواقع في تطويعه دوغمائيا قسريا على استيعابها له.
الفلسفة البراجماتية التي اعتمدت الانسان راس مال الحياة. فهي نجحت في دول اوربا الراسمالية على صعيد التقدم العلمي ورفاهية الاستهلاك وتذويبها الفوارق الطبقية بين طبقة الراسماليين وطبقة العمال والمزارعين والكسبة وهو ما ذكره هربرت ماركوزة قبل انهيار الاتحاد السوفييتي القديم الذي خالف التوجه الاشتراكي الشيوعي في تغليبه اولوية مصالح المجتمع على متطلبات احتياجات الفرد هو اثمن راس مال. رب معترض يقول تجربة الصين المحسنة عن ايديولوجيا تجربة الاتحاد السوفييتي المنحل هي خير مثال على ان تغييرات الحياة تسحب وراءها ايديولوجيا السياسة. وهو ما نبّه له هربرت ماركوزة قوله صراع مصالح الطبقات في المجتمعات الراسمالية لم تعد قائمة لتكون حجر الاساس في تقويض النظام الراسمالي حين قام بتحديد ساعات العمل وتامين التعليم والضمان الصحي والتقاعد والمشاركة بالارباح وغيرها ماجعل النظام الراسمالي يتطاول على النظام لشيوعي على انه مجتمع الوفرة وتحقيق الحياة الكريمة للفرد والمجتمع لكن يبقى رغم كل هذه الهالة من المكتسبات للفرد والمجتمع في النظم الراسمالية تبقى تلك المجتمعات تكريس لا انساني في تجذير التفاوت الطبقي وافشاء نزعة الاستهلاك الآني في نسيان تحقيق الوجود الانساني الحقيقي للانسان.



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطوعات فلسفية :عرض تحليلي نقدي
- التحول اللغوي ونظرية المعنى
- شيء عن فلسفة اللغة
- كينونة الموجود في الفلسفة الوجودية
- جبرييل مارسيل الوجود الانساني بين الذات والجسم
- افكار وجودية عرض نقدي
- لماذا اصبح الايمان بالله ضرورة!؟
- المعرفة المعطى الفطري والخبرة المكتسبة
- الوعي والخيال
- الوعي بين النفس والوجود (1)
- الارادة الوعي القصدي والموضوع
- القوانين الطبيعية والانسان
- قراءة في رواية معطف احفاد السيد غوغول
- مالبرانش وحدة الوجود والايمان
- شوبنهاور وبؤس الفلسفة
- تحقيق الوجود بالتفكير
- اثنتان وثلاثون شذرة فلسفية
- الوعي في متناقضات فلسفة الظواهر
- الموضوع الوعي القصدي والصدف الغفل
- طبيعة الادراك في الفلسفة


المزيد.....




- خوفا من -انتقام- ترامب.. بايدن يصدر أوامر عفو بحق ميلي وفاوت ...
- شاهد.. المليارديران إيلون ماسك وجيف بيزوس يتبادلان أطراف الح ...
- -بفضل جهوده-.. تيك توك تشيد بترامب بعد عودة المنصة لمستخدميه ...
- أولا بأول.. مراسم تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة ...
- المغرب يرفع ميزانية الدفاع إلى 13 مليار يورو بما يعادل 10 با ...
- ما تداعيات موافقة مجلس النواب المصري على مراقبة الاتصالات؟
- ليلة دون قصف ولاخوف.. الفلسطينيون يتنفسون الصعداء مع بدء سير ...
- الرفيق رشيد حموني يطالب بالتحقق من معطيات تتعلق بتدبير شراكة ...
- جنود الحظ العاثر
- ما أهم ما يميز تنصيب دونالد ترامب؟


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - نقد قضايا فلسفية معاصرة