عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8227 - 2025 / 1 / 19 - 13:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاستبداد ثقافة مجتمعية متجذرة في العالم العربي والإسلامي ومنبعه المنظومة الدينية والتي تجعل من الحاكم شبه إله وتصبغ علية هالة من التقديس بحيث يجرم بصفة قاسية ومشددة إلى حد التحريم التعرض بالنقد والمساءلة للحاكم وكل من له سلطة تراتبيا من الأعلى إلى الأسفل حسب قيمة المنصب. فالحاكم الأوحد مثل الإله في الديانات التوحيدية لا ينتقد ولو أخطأ ومقامه من مقام الرب فهو ممثل لإله السماء على الأرض كحاكم مطلق بأمره تعبده الرعية وتوقره وتطيعه طاعة عمياء وكلمته فوق كل القوانين لا ترد ولا تجادل أبدا ولها أولوية التطبيق والتنفيذ مثل النصوص الدينية وأقوال الأنبياء. فالسلطة في العالم العربي الإسلامي هي سلطة مقدسة وإلاهية لا تخضع للمنطق والمساءلة ولذلك تجنح للمطلق والعبث والفساد فلا أحد يحاسب الآلهة والأنبياء وكلامهم وحي منزل فهم لا ينطقون على الهوى وبهذا أصبح المجتمع العربي الإسلامي خاضعا لسلطة قاهرة ودائمة بالتوريث والتجديد الضمني تحمل ثقافة الاستعلاء والاستبداد والقداسة مستمدة شرعيتها من التراث الديني المتجذر في عقول العوام على مبدأ الطاعة والولاء والتقديس واعتبار النقد والمساءلة والاحتجاج جريمة لا تغتفر ومن وسوسة الشيطان والأرواح الشريرة.فحتى الدول التي لها قوانين وضعية ودساتير لم تغادر التراث الديني المتحكم في عقول الناس بحكم انتشار الأمية ومنطومة التعليم الديني وانتشار المساجد في كل ركن وحومة وعددها يفوق بكثير عدد المدارس والمعاهد والجامعات.فالواقع تتحكم فيه التقاليد بقوة شديدة وما يتفوه به الشيوخ في خطب الجوامع وما يوجد في الكتب الصفراء الفقهية رخيصة الثمن. وهذا يؤثر كثيرا في تصرفات الحاكم والسلطة وكامل المجتمع ويجعلهم في قفص الفكر الماضوي الغيبي والتقليدي القروسطي الذي يتحكم فيه مفهوم المقدس الدي أصبح في حكم المرض النفسي القهري المتسلط على عقول الناس وأصبح من الصعب الفكاك منه والتخلص من سطوته حتى تحولت البيئة العربية الإسلامية إلى بيئة قاحلة صحراوية لا تنتج غير التخلف والاستبداد والقهر المزمن وكائنات ببغائية تردد ما يقوله ويريده الحاكم مثل القطيع من الأغنام أكل وشرب ونوم بلا فعل وإرادة وإبداع معرفي سلمت أمرها لإلاهين واحد يسكن في السماء لا تعرف عنه شيئا وآخر يعيش معهم في الأرض يسمعون عنه الكثير من المعجزات ولا يشاهدوه إلا من خلال حجاب.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟