محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية
(Mohaemd Saad Khiralla)
الحوار المتمدن-العدد: 8227 - 2025 / 1 / 19 - 00:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الترجمة العربية من مقالي عن مصر و المنشور أمس في العدد الورقي من صحيفة جيروزاليم بوست،و أعيد نشره اليوم على
الموقع الإلكتروني للجريدة بعنوان" "خطواتي العشر لإنقاذ مصر من مصيرٍ كارثيّ" عناوين 👇
يحذر الكاتب من أن مصر قد تصبح حديقة خلفية لتركيا، وتنضم إلى الحديقة الخلفية السورية.
وإذا لم تتخذ هذه الخطوات فإن مصر تتجه نحو مصير كارثي يفوق كل تصور عقلاني. ( نص المقال 👇)
هل تسير مصر على خطى سوريا ؟ هذا السؤال يتزايد طرحه في مراكز الأبحاث والمنتديات الحوارية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.
أما في مصر فقد أصبح هذا الموضوع حديث الساعة، أو بالأحرى الموضوع الأكثر تداولا في المناقشات.
اشتدت حدة النقاش بعد أن دعا أحمد المنصور، المقاتل السابق في هيئة تحرير الشام - القوة الرئيسية التي اطاحت بالرئيس السوري بشار الأسد - إلى الاحتجاجات في مصر.
ونشر منصور، الذي أسس "حركة ثوار 25 يناير "، عدة مقاطع فيديو يهدد فيها الرئيس المصري، بينما يروج لوسم انتشر على نطاق واسع: "جاك الدور يا دكتاتور"، ملمحا إلى أن الرئيس المصري سيلقى نفس مصير الأسد.
من هو أحمد منصور؟
أحمد منصور من مواليد الإسكندرية وينتمي إلى قبيلة السادة العواضية في سوهاج بصعيد مصر، غادر مصر للانضمام إلى جيش الفتح في سوريا، حيث كان مسؤولاً عن التخطيط والإشراف، ثم انضم إلى هيئة تحرير الشام لكنه استقال بعد سقوط نظام الأسد في دمشق.
وتروج منصات جماعة الإخوان المسلمين على نطاق واسع لسيرته الذاتية، وتصوره كشخصية بطولية يجب الاقتداء بها. لكن التحليل الدقيق لخطابه يكشف عن ولاء واضح للأيديولوجيات الجهادية المتطرفة، وتعد جماعة الإخوان المسلمين بمثابة مصدر إلهامه الفكري الأساسي.
وتأتي هذه الدعوات الاحتجاجية التي أطلقتها حركته وسط تصاعد السخط العام في مصر بسبب سياسات الحكومة، وهو ما يعكس التوترات السياسية والاجتماعية المتزايدة.
انتشرت في الآونة الأخيرة أنباء عن اعتقال المنصور في سوريا، وأكد بيان من الحساب الرسمي للناطق باسم الحركة حازم المنصور على موقع تويتر نبأ الاعتقال،و أن زعيمهم اختفى مع عدد من مرافقيه الثلاثاء، وكانوا في طريقهم، بدعوة من الأمن العام، للقاء وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة، الذي كان قائداً لزعيم الحركة على جبهات القتال السورية.
وأكد البيان على أواصر النضال والدم المشترك بين الأشقاء المصريين والسوريين، كما أكدوا على حرصهم على عدم التسبب في أي حرج لأشقائهم السوريين في علاقاتهم الدولية، وطالب البيان بالإفراج الفوري عن منصور.
ولم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي من الجانب السوري.
ويقول كبار الإعلاميين في جماعة الإخوان المسلمين إن تسليم منصور إلى مصر سيكون خيانة للتضحيات التي قدمها المقاتلون في الثورة السورية، وأن مثل هذا العمل سيكون خطأ لا يغتفر لو حدث.
ملاحظة :أحمد الشرع هو زعيم ما "تسمى بالثورة السورية" والرجل الذي يسيطر حاليا على كل شيء داخل سوريا، وإذا تم اغتيال منصور فإن ذلك سيعطي بعض رجال الشرع مبررا للثورة عليه.
"الأزمة في مصر: استياء شعبي "
ومن أبرز أسباب الغضب الشعبي نشر صور تظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي داخل القصر الرئاسي الجديد في العاصمة الإدارية الجديدة.
وأثارت هذه الصور غضبا واسع النطاق بسبب حجم القصر الضخم الذي يفوق البيت الأبيض عدة مرات. ويضاف هذا القصر إلى 25 قصرا وفيلا ومنتجعا مرتبطا بالرئاسة، كلها بنيت قبل تولي السيسي للسلطة.
ورغم هذا، لا تزال القصور والمنتجعات والفيلات الرئاسية الجديدة تُبنى وكأن مصر من أغنى دول العالم. ومن الجدير بالذكر أن السيسي برر هذه الإنشاءات ذات يوم بتصريح شهير: "أنا أبني قصوراً رئاسية، وسأستمر في بنائها ــ ليس من أجلي، بل من أجل مصر"، وكأن مصر نفسها طالبت بمزيد من هذه القصور أو استفادت منها.
إن هذا الغضب يزيد من سنوات من الإحباط بين المصريين، وخاصة بعد أن علموا أن رئيسهم - الذي يدعو في كثير من الأحيان إلى التقشف - يستخدم طائرة بوينج 747-8i "ملكة السماء" الفاخرة للغاية، وهي واحدة من أغلى الطائرات الرئاسية في العالم.
إن جوهر الأزمة المصرية يكمن في مؤسسة عسكرية فقدت دورها الوظيفي بالكامل، فقد قمعت السياسة، واحتكرت الاقتصاد، واستولت على كل الموارد. ونتيجة لهذا أصبحت مصر الآن من بين أدنى الدول في العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل.
كما أن المؤشرات المتعلقة بالتعليم والرعاية الصحية وحقوق السكن والعدالة القضائية وحرية الصحافة والحريات المدنية ودور المنظمات غير الحكومية منخفضة بشكل مثير للقلق. وتشير التقارير إلى أن السجون المصرية تحتجز ما لا يقل عن 70 ألف سجين سياسي، بعضهم اعتقل لمجرد الإعجاب بمنشور على فيسبوك أو تويتر.
وفي الوقت نفسه، بلغ الدين المحلي 13 تريليون جنيه مصري (257 مليار دولار)، في حين يقترب الدين الخارجي من 154 مليار دولار.
ومن الجدير تسليط الضوء على أهمية الاستماع إلى أصحاب المصلحة البارزين في الشرق الأوسط، مثل زعيم المعارضة المصرية هشام قاسم ــ وهو سياسي ليبرالي وناشر لا يزال داخل مصر وهو من أنصار السلام.
وتجلت خطورة الأزمة الاقتصادية في ديسمبر/كانون الأول 2024 عندما كشف محمد الإتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، عن خروج نحو 2360 شركة من السوق المصرية خلال النصف الأول من العام.
ويرجع خبراء اقتصاديون هذا الخروج إلى عدة عوامل، منها صعوبة تحويل الأرباح بسبب النقص الشديد في الدولار في البنوك المصرية، وارتفاع تكاليف الاقتراض، والركود التضخمي.
هل تنجح دعوة منصور الاحتجاجية؟
إن احتمالات نجاحه ضئيلة. فحركته تفتقر إلى الأدوات والآليات الأساسية اللازمة للتعبئة الميدانية الفعالة. ومن المرجح أن تنضم هذه الدعوة إلى قائمة طويلة من المبادرات التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين على مدى العقد الماضي، والتي لم تخدم سوى تعزيز النظام العسكري الاستبدادي. ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه الدعوات إلى زيادة الاعتقالات والقمع.
ولكن على الرغم من الفشل المحتمل لمحاولة منصور، فإن الدعوات المستقبلية قد تنجح مع تنامي الغضب الشعبي يوما بعد يوم. والسؤال ليس ما إذا كان الانفجار سوف يحدث أم لا، بل متى سيحدث.
ماذا يعني نجاح دعوات الاحتجاج في 25 يناير؟
وهذا يعني أن مصر قد تصبح بمثابة حديقة خلفية لتركيا، وتنضم إلى الحديقة الخلفية السورية. ولابد أن نأخذ في الاعتبار أن عدة آلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المصرية المقيمين في تركيا حصلوا على الجنسية التركية، وبالتالي تضاعف ولاءهم لدولة الخلافة المزعومة و"خليفتها" رجب طيب أردوغان.
إن هؤلاء الأفراد أقل اهتماماً بمستقبل مصر من اهتمامهم بإحياء الطموحات العثمانية في ثوب جديد من أجل المشروع الإسلامي الأكبر والهيمنة العالمية. وهذه النقطة المحددة لم يتم تناولها من قبل، (وأردت ضرورة توثيقها.)
هل تستطيع مصر تجنب الانهيار؟ نعم، ولكن بشرط تنفيذ الخطوات التالية على الفور:
1. إعادة الجيش المصري إلى ثكناته، وإلغاء التجنيد الإجباري، وإصلاح المناهج العسكرية بما يخدم الإنسانية.
2. ضمان انسحاب الجيش فورا من السياسة والاقتصاد.
3. وضع الجيش تحت إشراف مدني صارم من خلال قوة شرطة وطنية.
4. إصلاح القضاء وضمان استقلاله.
5. الإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي الذين لم يشاركوا في أعمال العنف أو يحرضوا عليها.
6. إطلاق إصلاحات ديمقراطية حقيقية تتيح للشباب المشاركة في صياغة مستقبل البلاد.
7. فتح المجال العام بشكل كامل وضمان الحريات المدنية وحرية الصحافة وعمل المنظمات غير الحكومية دون قيود.
8. إبعاد المؤسسات الدينية عن الحياة العامة وحصر دورها في الإرشاد الروحي فقط.
9. استعادة شعور المصريين بملكية موارد وطنهم، وضمان أن يشعر كل مواطن بأنه شريك في حماية الوطن والحفاظ عليه.
10. تفكيك خطاب الكراهية الموجه ضد اليهود والإسرائيليين في المناهج التعليمية والمؤسسات الدينية. لقد حان الوقت للتوقف عن ممارسة التناقضات.
وتقدم الدولة المصرية نفسها للعالم وكأنها ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، بينما تقوم مؤسسات الدولة في نفس الوقت بالتحريض ضد الإسرائيليين ليل نهار، وهو ما يشحن المجتمع بطاقة الكراهية والعداء.
وإذا لم تتخذ هذه الخطوات فإن مصر تتجه نحو مصير كارثي لا يمكن تصوره. وأختم مقالي بكلمات مارتن لوثر كينج الابن الخالدة: "إن الظلم في أي مكان يشكل تهديداً للعدالة في كل مكان".
#محمد_سعد_خير_الله (هاشتاغ)
Mohaemd_Saad_Khiralla#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟