أزاد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8226 - 2025 / 1 / 18 - 04:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع سقوط نظام بشار الأسد، انكشفت تفاصيل مروعة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها ضد الشعب السوري طوال فترة حكمه. وثائق رسمية، مقابر جماعية، وأدوات التعذيب التي تُركت كشواهد على سنوات طويلة من القمع، جعلت السوريين أمام مسؤولية البحث عن العدالة والمساءلة، وهي مهمة تبدو شاقة في ظل إرث نظام استبدادي جعل من القضاء أداة للترهيب بدلاً من العدالة.
العدالة المؤجلة
من أبرز التحديات التي تواجه السوريين اليوم هو العدد الكبير من الضحايا والمفقودين، إذ تشير التقارير إلى أن نحو 136 ألف شخص ما زالوا في عداد المفقودين. وبينما تعهدت القوى السياسية التي أطاحت بالنظام بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم، تبرز أسئلة حاسمة حول مدى قدرة القضاء السوري على التعامل مع هذا الحجم الهائل من الانتهاكات، خاصة وأن المؤسسات القضائية كانت لفترة طويلة خاضعة لسيطرة النظام.
إصلاح النظام القضائي
يعد إصلاح النظام القضائي ضرورة ملحة قبل الشروع في أي محاكمات. يجب أن يشمل هذا الإصلاح بناء الثقة في الشرطة والقضاء، وتدريب كوادر قادرة على التعامل مع الجرائم المرتبطة بحقوق الإنسان. كما أن إنشاء محاكم خاصة لمعالجة الجرائم الكبرى قد يكون خطوة ضرورية لضمان تحقيق العدالة في وقت مناسب.
المخاوف من الانتقام
إحدى العقبات الرئيسية التي تواجه السوريين هي خطر الانتقام الشعبي الذي قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات الطائفية والمجتمعية. مع التقارير التي تتحدث عن حالات قتل انتقامية، تبدو الحاجة ملحة للإسراع في تطبيق العدالة كوسيلة لمنع تكرار العنف. أي تأخير في هذه العملية قد يُفاقم مشاعر الغضب ويؤدي إلى خلق صراعات جديدة تعرقل استقرار البلاد.
العدالة من أجل المصالحة
تحقيق العدالة ليس مجرد مطلب قانوني، بل هو مفتاح المصالحة الوطنية. يحتاج السوريون إلى معرفة الحقيقة، ليس فقط لمحاسبة المذنبين ولكن أيضًا لتضميد جراح مجتمع عانى طويلاً من القمع. كما أن المجتمع الدولي مطالب بدعم هذه الجهود، سواء من خلال المساعدة التقنية أو توفير منصات للمساءلة، مثل المحكمة الجنائية الدولية.
خاتمة
بين العدالة والانتقام، يقف السوريون على مفترق طرق تاريخي. إعادة بناء سوريا لن تكون ممكنة دون تحقيق العدالة التي تُعيد الثقة بين مكونات المجتمع وتؤسس لدولة قائمة على سيادة القانون. يبقى السؤال: هل سيتمكن السوريون من طي صفحة الماضي والبدء في بناء مستقبل يتسم بالسلام والاستقرار؟
نُشر هذا المقال استنادًا إلى تقارير إعلامية دولية تسلط الضوء على تحديات العدالة في سوريا بعد سقوط النظام.
#أزاد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟