أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية














المزيد.....


حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8226 - 2025 / 1 / 18 - 00:43
المحور: كتابات ساخرة
    


في لحظة تقترب من الكوميديا السوداء، وقف مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، ليخاطب صفا من الكراسي الفارغة في مؤتمر صحفي يفترض أنه منصة للتواصل مع وسائل الإعلام والشعب. هذا المشهد الغريب، الذي بدا وكأنه مقتطع من مسرحية ساخرة، يعكس واقعا سياسيا أكثر عبثية مما قد يتخيله المرء. فبدلا من مواجهة الصحافيين أو الرد على استفسارات المواطنين، وجدت الحكومة نفسها أمام جمهور من الصمت المطلق والكراسي الجامدة، وكأنها قررت أن تستبدل الشعب بمقاعد لا تستطيع التصفيق أو الاعتراض.

إن صورة الحكومة وهي تخاطب كائنات خشبية غير واعية تختزل واقعا أكبر من مجرد غياب الصحافيين عن مؤتمر صحفي. إنها رمز صارخ لحالة العزلة السياسية التي وصلت إليها حكومة أخنوش، والتي يبدو أنها باتت عاجزة عن بناء جسور التواصل مع المواطنين. في هذا المشهد، تتحول الكراسي إلى استعارة بليغة لجمهور صامت، غير مكترث، وربما فاقد للأمل في أن تكون هناك جدوى من أي خطاب حكومي.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما الذي يدفع حكومة يفترض أنها منتخبة من الشعب إلى مخاطبة الفراغ؟ هل هو فقدان الثقة في قدرتها على إقناع الشارع؟ أم أن الجمهور، بدوره، قرر إدارة ظهره لهذه الخطابات التي لم تعد تقدم حلولا حقيقية لمشاكله اليومية؟

في ظل هذه المفارقة الساخرة، يبدو أن الكراسي قد أصبحت الجمهور المثالي: لا تسأل، ولا تعترض، ولا تقاطع. لكن حتى الكراسي، برمزيتها الجامدة، قد تعكس رسالة غير مباشرة للحكومة، وهي أن الصمت، في بعض الأحيان، قد يكون أبلغ من أي خطاب. فغياب الجمهور الحقيقي ليس مجرد تفصيل هامشي، بل هو مؤشر على أزمة عميقة في العلاقة بين السلطة والمواطنين.

من الواضح أن الحكومة بحاجة إلى وقفة مع ذاتها، ليس فقط لتقييم سياساتها، بل أيضا لتدارك هذا الانفصال الواضح عن الشارع. ربما كان من الأفضل لها أن تضيف بعض اللمسات الساخرة إلى هذا المشهد العبثي، مثل وضع وسائد مزخرفة على الكراسي أو حتى استقدام دمى متحركة تظهر تفاعلا افتراضيا. على الأقل، كانت هذه الخطوة ستضفي شيئا من الحركية على مشهد يفيض بالجمود.

في نهاية المطاف، الكراسي لا تنتخب، ولا تتظاهر، ولا تعبر عن استيائها، بل تبقى جالسة في صمت مطبق، تماما كما يفعل الكثير من المواطنين في ظل أوضاع سياسية واقتصادية متأزمة. لكن الفرق هنا أن المواطنين، على عكس الكراسي، يمتلكون القدرة على التغيير إذا ما استعادوا الثقة في العملية السياسية. وحتى يحدث ذلك، سيظل مشهد الحكومة وهي تخاطب الكراسي الفارغة رمزا لمرحلة من العزلة والسخرية، ودليلا على الحاجة الماسة إلى مراجعة شاملة لنهجها في إدارة البلاد.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -سيرك الدماء: حين تتحول الحرب إلى عرض عبثي تصرخ فيه الأمهات-
- -النجم الشعبي: حين يصبح التحكيم أشبه بجلسة شاي في عرس شعبي-
- ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبل ...
- أسكاس أمباركي 2975 : عندما يصبح العبث سياسة رسمية
- -انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة: سلام مرتقب أم استراحة محارب ...
- حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية
- -النار التي أحرقت جنون العظمة: من كاليفورنيا إلى غزة.. حين ت ...
- نبيل عيوش، وأوسكار المغرب: عندما يصبح -الكل يحب تودا- أسوأ م ...
- بدون فلتر *** ليبيا: قهوة ورصاص مع لمسة من الموت
- بدون فلتر *** أحلام الطفولة: حين تسخر الحياة من طموحاتنا وتع ...
- -منطقة الساحل: منافسة أم فرصة للتعاون؟ المسألة التي طرحتها ج ...
- لطيفة أحرار: خطوة جريئة أم مشهد من مسرحية؟
- -عندما يصبح لعب الأطفال مأساة سياسية: هل من يوقف هؤلاء؟-
- -من 2025 إلى 2026: خريبكة تختار فوضى الزمن في خطوة نحو العصر ...
- -بدون فلتر *** ديك رومي بين التين الشوكي: ملحمة عبثية في كرم ...
- -من الهجاء إلى الاعتذار: تأملات كاتب في العام الجديد-
- -عبد اللطيف وهبي في محكمة الضحك: من وزير للعدل إلى بطل كوميد ...
- بن سالم الوكيلي: رحلة إلى العالم الآخر... حيث المراجعات الكو ...
- - من دار الدنيا إلى دار الآخرة: لقاء غير متوقع مع عبد اللطيف ...
- -مدونة الأسرة المغربية: فوضى القوانين بنكهة الفكاهة!-


المزيد.....




- الشاعر والكاتب وفائي ليلا ضيف برنامج حكايتي مع السويد
- بعيدا عن الأفلام.. كاميرون دياز تتحدث عن أفضل فترات حياتها
- عاجل..وفاة الفنان فكري صادق وموعد صلاة الجنازة عليه اليوم
- وفاة الفنان المصري الكبير فكري صادق (صورة)
- وفاة عرّاب السينما الأميركيّة ديفيد لينش
- أغنية -Sigma Boy- الروسية تدخل قائمة Billboard الشهيرة
- فنانة رقمية سعودية تتخيل ما سيبدو عليه العيش داخل كهوف العلا ...
- مصر.. الفنانة نيرمين الفقي ترصد مكافأة مالية لـ-قاتل الكلاب- ...
- صدمة في بوليوود.. فنان هندي شهير يتعرض للطعن أثناء ردعه متسل ...
- الفنان السوري باسم ياخور يتحدث عن موقفه من العودة إلى سوريا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية