|
ملحمة نصر غزة
فتحي علي رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 8224 - 2025 / 1 / 16 - 20:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تطرح حماس في عملية طوفان الأقصى انها ستهزم إسرائيل عسكريا . ولم يكن المطلوب من حماس او غزة ان تفعل ذلك لأن الكل يعرفون أن جيوش الدول العربية مجتمعة لو قررت مهاجمة إسرائيل لإلحاق هزيمة عسكرية بها فانها ستفشل لأن أمريكا وأوروبا وروسيا لن تُمكٍنها أو تسمح لها بذلك .ولذلك وضع قادة حماس هدفين متواضعين لتحريك السياسة المتعفنة في الشرق الأوسط بعد تقبل الأغلبية العربية مشروع السلام الابراهيمي وتمادي الاحتلال في القدس والضفة الغربية . باختطاف عدد من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين اختطفتهم إسرائيل منذ سنوات بما قد يضع حدا لتمادي قوات الاحتلال . وللرد على ذلك وضع نتنياهو شرطين لوقف العدوان الذي قام به على غزة كرد فعل على ما قامت به حماس . إعادة المختطفين ، والقضاء على حماس .وخلال 467 يوم من القتل والبطش والتدمير لم يحقق هو وجيشه وحماتهم في أمريكا وأوروبا أي منهما . فلم يتركوا مترا واحدا في غزة لم يدمروه ولم ينبشوه ، عبثا ولما أدركوا انهم لو استمروا مئة سنة أخرى ولو مسحوا غزة من الوجود لن يعثروا على المختطفين ولن يحرروهم ولن يقضوا على حماس لأن حماس كفكرة هي متجذرة في الأرض .عندها ادركوا ان لافائدة من الاستمرار بعمليات التدمير والقتل والتي باتت تكلفهم كثيرا من الخسائر المادية والمعنوية . لذلك قام بايدن بانقاذهم من خلال فرض الحل الذي تقدم به سابقا باتفاق حول غزة لوقف اطلاق النار. والذي لم يكن سوى حركة التفافية للتغطية على الفشل والخضوع للشروط الأربعة التي وضعتها حماس لتسليم الأسرى .لذلك لا يجوز لنا ان نبالغ في تقييمنا لما حصل واعتباره هزيمة واضحة لإسرائيل أونصرا حاسما ونهائيا لحماس .فالمعركة كما كانت ماتزال منذ قرن ،وستظل مفتوحة حتى يحقق احد الطرفين نصرا حاسما على الآخر . وإذا كان صحيحا ان الصهاينة وحماتهم دمروا غزة وقتلوا وجرحوا عشرات الآلاف ودمروا مثلهما من البيوت والمنازل والمشافي والمدارس ومراكز الإيواء لكنهم لم يجعلوا فردا واحدا من غزة يرفع الراية ويستسلم ، وظلوا واقفين ورافعين رؤوسهم .عندها وجد الصهاينة وحماتهم انهم لا يقاتلون بشرا عاديين بل نوع من البشر لن يستطيعوا مهما فعلوا أن يركعوه.عندها ادرك الصهاينة وحماتهم أن لا جدوى من الاستمرار بعمليات القتل والتدمير والتي كلفتهم عشرات المليارات ومئات القتلى عبثا ،عدا عن الخسائر النفسية والمعنوية التي اصابتهم على النطاق المحلي والدولي عندها وجدوا انه لابد لهم من الخضوع لمطالب حماس .بما يعني ان حماس وغزة في هذه المعركة هي التي انتصرت . وإذا كان صحيحا ان الثمن الذي قدمته كلا من حماس وغزة وشعبهم كان هائلا لكنه قياسا بالنتائج السياسية والأخلاقية التي تحققت على المستوى الاستراتيجي العام في مواجهة إسرائيل وحماتها ولصالح القضية الفلسطينية كان كبيرا مقارنة بما قدمته شعوب أخرى . فليس أمرا بسيطا ان تفقد إسرائيل صورة الضحية التي عملت عليها طيلة أكثر من مائة عام لاقناع العالم بها . وليس امرا هينا ان تنكشف على حقيقتها كقوة عدوانية وعنصرية وإجرامية يجب ان تعزل وتنبذ على نطاق العالم .وان ُيكتشف ـ أيضا ـ أن كل من دعموها هم مثلها مجرمون وساقطون سياسيا وأخلاقيا . هل كان من الممكن لبلينكن اليهودي وزير خارجية اكبر دولة ان يقول يوما أن من حق الشعب الفلسطيني ان يكون له دولة مستقلة وان يقررمصيره . لولا صمود اهل غزة الأسطوري وبسالته ؟. هل كان من الممكن لزعيم أمريكا والغرب المزعوم انه ديمقراطي ـ رغم ما قدمه هو وعبيده للصهاينة من دعم يفوق ما قدموه لأوروبا في الحرب العالمية الثانية لمواجهة النازية والفاشية .وعلى الرغم من أن كمية القنابل والمتفجرات التي القيت على غزة تفوق ما القي على المانيا في الحرب العالمية الثانيةـ ان يعترف بأنه فشل في تركيع الفلسطينيين عندا أقر بأن من حقهم ان ينعموا بالسلام وأن يقرروا مصيرهم ؟ هل كان من الممكن للصلف والمتعجرف نتنياهو أن يقول "أنه قَبل الاتفاق مرغما " لو لم تكسرغزة وشعبها شوكتة .شعبه ضاج منه وعليه لم يسقطه ، لكن شعب غزة الذي لم يكل ولم يمل رغم الدمار والموت وظل متماسكا ومتلاحما مع قياداته وضع حجر الأساس لإسقاطه وإسقاط كل اليمين المتعجرف في إسرائيل والعالم .هل كان من الممكن لنخب العالم الحرة ان تقف وتتظاهر مع غزة وفلسطين لولا صمود غزة وشعبها وقيادتها الأسطوري . كل انسان موضوعي لابد من أن يعترف بان ما حققته حماس ورفيقاتها وشعبها بصمودهم وتضحياتهم من انتصارات على المستوى الأخلاقي والايديولوجي على الغرب والصهيونية لم يحققه العرب طيلة قرن . قادة حماس انتصروا سياسا وليس عسكريا لأنهم تعاملوا بالأساس ومنذ البداية مع إسرائيل وكل من يقف ورائها معاملة الند للند ، ليس بسبب ما يمتلكونه من قوة مادية بل بسبب ما يملكوه من قوة معنوية . لذلك من حقنا كفلسطينيين ثوريين ان نرفع رأسنا عاليا بما قدمته غزة بقيادة حماس ونقول : تهانينا لغزة ، تهانينا لأبطال غزة في حماس وأخواتها وسواهم . تهانينا لأطفال غزة ، لنسائها لشيبها ، لشبابها ، لأطبائها ، تهانينا لكل من وقف في العالم مع غزة ونصرها . يوم 15 ك 2 ، 2025 يومٌ سيكتب في التاريخ : إنه اليوم الذي انتصر فيه الدم على السيف . اليوم الذي كسرت فيه العين الساهرة المخرز الأسود ؛ اليوم الذي انتصر فيه الحق على الباطل . وبأنه لم يكن نصرا لحماس او غزة او لشعبنا فقط بل نصرا للشعوب المظلومة على الحكام الأنذال .سيكون فاتحة خير على جميع النخب والشعوب التواقة للحرية والعدل والسلام . فتحي رشيد (15 / 1/ 2025
#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملامح المرحلة الجديدة لسوريا
-
حول قرار محكمة الجنايات الدولية
-
الوطن وطني والقضية قضيتي -
-
بؤس ثقافة الهوان
-
مفترق طرق بين الذوبان والتلاشي وبين البقاء والرفعة
-
بايدن وخلط المفاهيم والحقائق
-
محرقة مجمع الشفاء الطبي
-
نزعة العدوان والعنف عند البشر
-
استعادة الشموخ
-
مقاربة بين معاناة غرنيكا ، أوشفيتس ،ماي لاي ومعاناة غزة
-
بين حل الدولتين و الحل الجذري الشامل للقضية الفلسطينية
-
تجرية الصين وتحرير فلسطين
-
المواقف المخزية لحكام ونخب الدول الغربية الفاعلة
-
جوهر قضايا الشرق الأوسط
-
حق الدفاع عن النفس في ميزان الحقوق
-
حزب الله ما بين العقلانية والمقاومة
-
مقاومة حماس في مواجهة إرهاب إسرائيل والغرب
-
غَزًة عِزًة فلسطين
-
الدورالسلبي للجهاديين في الثورات العربية
-
لماذا فشلت ثورات الشعوب العربية
المزيد.....
-
قطاع غزة : ماذا عن مرحلة اليوم التالي في القطاع ؟
-
قطر -الوسيط الأكثر خبرة بالمنطقة- سلكت طريقا شائكا لإبرام ال
...
-
-الملكية- الأردنية تُعلن عودة رحلاتها الأسبوعية إلى دمشق -دو
...
-
محمد بن زايد يستقبل السيسي وهذا ما بحثاه بشأن غزة ولبنان وسو
...
-
بلينكن: إدارة ترامب لعبت دورا -مهما جدا- بمفاوضات وقف إطلاق
...
-
غزة.. متى يأتي ربع الساعة الأخير؟
-
غارات في غزة تسبق تصديق إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار
-
الناتو يعتزم إجراء أكثر من 100 مناورة عسكرية خلال عام 2025
-
واشنطن: زيادة عدد الرؤوس النووية لن تشكل رادعا لروسيا والصين
...
-
واشنطن تفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرها
...
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|