أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة














المزيد.....

مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8224 - 2025 / 1 / 16 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لأول مرة في عمر سورية الحالية الذي تجاوز القرن ببضع سنوات، تسقط السلطة الحاكمة من خارج جهاز الدولة نفسه. ولأول مرة تتحطم الدولة السورية، ويتلاشى الجيش والأجهزة الأمنية، ولا يبقى للنظام السابق أي ركيزة في المجتمع السوري، لا من فئات شعبية ولا من جهات سياسية أو غيرها. الحال أن نظام الأسد، في تنفيذه الفعلي لوعده بإحراق البلد خلال العقد المنصرم، إنما كان يحرق كل ما يصله بالمجتمع السوري وبالعالم أيضاً، ويهيئ لكل من سيخلّص البلاد منه، مقبولية أولية مضمونة. وفي هذا الكثير مما يفسر الهدوء الذي تلا سقوط نظام الأسد، وهو ما يخفف الضغط على السلطة الجديدة ويوفر لها فرصة جيدة للانفتاح على المجتمع، فرصة ينبغي أن لا تضيع، وهذا لا يتوقف فقط على السلطة الحديثة العهد، بل وعلى المجتمع بمختلف قواه أيضاً.
من العلامات المميزة للتحول الذي حصل في سورية، أن غالبية جمهور الموالين السابقين (نقصد المنحازين في موقفهم العام لصالح نظام الأسد خلال الصراع المفتوح) رحبوا بسقوط النظام. لا حاجة للقول إن المحرك الأساسي لهذا التبدل ليس هو رغبة الجمهور بالوافدين الجدد أو قناعته بأفكارهم، بل هو الإفلاس التام لنظام الأسد على كافة المستويات، وتحوله إلى عبء على جمهوره كما على سوريا كلها. ينطبق هذا على نسبة كبيرة من غير الموالين، نقصد أن فرحتهم تنبع من خلاصهم من الأسد وليس لأن هذا الخلاص جاء على يد إسلاميين، وهو ما لا ينبغي أن يخطئ هؤلاء في قرائته، فيعتقدون أن الفرحة السورية الغامرة هذه تعادل قبولاً بأفكارهم.
بعد الاستقطاب الحاد الذي شهدته سوريا في السنوات السابقة، تجد نفسها في حالة لا تتكرر كثيراً في التاريخ، وهي وجود موقف عام موحد، وقبول شعبي كامل بضرورة تجاوز النظام السابق، ليس فقط بشخوصه ورموزه وركائزه، بل الأهم بمعناه، بما يتضمن من تركيبة فاشلة من القمع والفساد والمافيوية والانغلاق الأناني. السوريون يريدون البدء من جديد دون النظر إلى الخلف، مزودين بدرس جوهري هو أن التراجع أمام السلطات لا يزيدها إلا فرعنة على المحكومين، وأن السلطات لن تحترم حقوق محكوميها ما لم يحترموا هم أنفسهم حقوقهم.
ما يحلم به السوريون لم يعد مستحيلاً، وقد دفعوا ثمنه غالياً، وعبروا عنه في مظاهراتهم الأولى، إنه بناء دولة عامة وليست مستعمرة للسلطة القائمة، أن تكون السلطة مجبرة على احترام المسافة التي تفصلها عن الدولة، فلا يتطلب تغيير السلطة تحطيم الدولة كما جرى. يحلم السوريون أن يشهدوا الصورة السلمية التي سلم فيها رئيس وزراء نظام الأسد السلطة لشخص آخر، دون أن يكون في خلفية هذه الصورة أهوال وفظائع وأنهار من الدم.
نعتقد أن الدور القيادي المركزي الذي تلعبه هيئة تحرير الشام وزعيمها، إضافة إلى تأثيرات خارجية أميركية وتركية أساساً، جنّب سوريا خطرين كان يمكن أن يفسدا كل شيء، الأول هو المجازر الانتقامية، والثاني هو صراع الفصائل. صحيح أن كل مرحلة انتقالية تكون محفوفة بالمخاطر، ولكننا نعتقد أن الخطر الحقيقي على المرحلة الانتقالية اليوم لا يأتي من خارجها، أي لا يأتي من إمكانية هجوم مؤثر لقوى من خارجها بغرض استعادة وضع سابق بشكل ما، بل يأتي من احتمال تفجر التركيبة الانتقالية نفسها، سواء بسبب فشل حل مشكلة الفصائل، أو الفشل في لجم شهية الثأر وفرض الذات التي تبدو واضحة أكثر عند العناصر غير السورية، وكلما نزلنا في السلم القيادي. النجاح في تفادي هذه المخاطر المباشرة أمر أساسي للانتقال إلى دولة متوازنة، على أن هذا لا ينبغي أن يحجب عنا الخطر الذي لا يقل أهمية وهو "نجاح" المرحلة الانتقالية في إعادة بناء النظام السياسي المغلق على الطريقة السابقة.
تعمل القوى الإسلامية للسيطرة على مفاصل الدولة ولاسيما أجهزة القوة فيها، يجري ذلك أمام السوريين دون اعتراض يذكر وذلك لإدراكهم الحاجة، في الظروف الحالية، إلى وجود قوة عامة منظمة تحمي من انفلات العنف الذي يخشاه الجميع. هذه الحاجة المفهومة اليوم، تنطوي على أهم المخاطر التي تواجه تحقيق حلم السوريين، ذلك لأنه سيكون بمقدور الإسلاميين بعد ذلك، إذا أرادوا، ولا غرابة في أنهم يريدون، عرقلة، أو الالتفاف على ما لا يرضون عنه من مخرجات أي مؤتمر وطني ممكن. ليس هذا لأنهم إسلاميون، بل لأنهم سلطة. أي جماعة سياسية في الحالة التي هم عليها الإسلاميون اليوم، سيشكلون الخطر ذاته. ربما كان ثمة خطر إضافي في حالة الإسلاميين، ذلك لأنهم إطلاقيون في تصوراتهم أكثر من غيرهم، وتظهر لديهم هذه العلة أكثر كلما التمسوا القوة في أنفسهم أكثر.
ما جرى في سورية يحمل ملامح انقلابية. في السنوات الأخيرة، اعتبر بعض المعارضين السوريين أن تعبير "النظام السوري" بات يعني كامل التركيبة السياسية التي استقرت في سوريا وتشمل ليس فقط سلطة الأسد، بل أيضاً السلطات التي نشأت في سياق انكماش مساحة سيطرة الأسد. على هذا يمكن وصف ما جرى على أنه انقلاب من داخل "النظام". من عادة الانقلابيين أن يستولوا على الدولة بوعود عالية، ثم، حين يمكنون لأنفسهم، يخونون وعودهم ويواجهون المجتمع بالدولة إذا ما تحرك المجتمع للدفاع عن نفسه في وجههم. في العموم، ى نخطئ إذا عرفنا الاستبداد على أنه خيانة. المستبد يخون المجتمع في استخدام الدولة التي يفترض أنه مؤتمن عليها، لمصالحه الخاصة وضد المجتمع.
لذلك، ورغم إقرارنا بأهمية تحصين المرحلة الانتقالية من المخاطر التي ذكرناها (صراع الفصائل على السلطة، وتفشي نزعة الثأر العمياء سياسياً)، يحق لنا، بل ينبغي علينا، أن نقلق من احتمال أن تتجه سيطرة الإسلاميين على الدولة إلى أن تكون سيطرة نهائية، لا ينفع معها سوى ما نفع مع سيطرة الأسد. تجارب الإسلام السياسي السابقة (التي خسرت الحكم مثل السودان، والتي لم تخسره بعد مثل إيران) تقول لنا الكثير مما قد يفيدنا. الاطمئنان لا يأتي من تكرار القول إن سوريا ليست أفغانستان مثلاً، وإنه لا يمكن أن يحكمها الإسلام السياسي، الاطمئنان يأتي من الفعل اليومي الذي يثبت أن سوريا ليست أفغانستان.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مظاهرات السوريين العلويين
- هل انتصرت الثورة في سوريا؟
- الموالون وتلاشي نظام الأسد
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة
- انتصارات إسرائيل الخاسرة
- عن اللوثة الطائفية في سوريا
- التكيّف مع الاحتلال
- تحول حزب الله من المقاومة إلى الردع
- نحن والاحتجاجات في إسرائيل
- عن انقسام عقيم يلازم السوريين
- أفكار في النقاش السوري العام
- سأبقى أذكر ذلك المساء المختلف في السجن
- غزة، التنافر بين الحق وتمثيله
- دروس قاسية تنتظر الفرنسيين
- القضاء الدولي، مقايضة شعوب بأفراد
- لا تقاطع مخبراً في السجن
- عن التوثيق ومنصة الذاكرة السورية
- الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية
- جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا


المزيد.....




- بعد رفضها الامتثال للأوامر... ترامب يجمّد منحًا بأكثر من 2.2 ...
- أوكرانيا تعلن القبض عن أسرى صينيين جُنّدوا للقتال في صفوف ال ...
- خبير نووي مصري: طهران لا تعتمد على عقل واحد ولديها أوراق لمو ...
- الرئيس اللبناني يجري زيارة رسمية إلى قطر
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف
- الرئيس اللبناني: 2025 سيكون عام حصر السلاح بيد الدولة ولن نس ...
- ابنة شقيقة مارين لوبان تدعو وزير الخارجية الفرنسي لتقديم است ...
- نتنياهو يوضح لماكرون سبب معارضته إقامة دولة فلسطين
- في حدث مليوني مثير للجدل.. إطلاق أول سباق عالمي للحيوانات ال ...
- بيان وزارة الدفاع الروسية عن سير العمليات في كورسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة