التذكير بمؤامرتي الهجوم الكيمياوي في سوريا

سعد السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8223 - 2025 / 1 / 15 - 21:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

من الاحداث التي جرت في سوريا خلال حربها الاهلية هي الهجمات الكيمياوية المزعومة بالغازات السامة في غوطة دمشق. إن من سيبحث عنها في شبكة المعلوماتية سيجد معلوماتا فقط حول الهجوم الثاني الذي جرى عام 2018. بيد ان ما لن يجده إلا العارفين به هو الهجوم الاول الذي جرى سنواتا خمسا قبل هذا. وهو الهجوم الذي توجد معلوماتا اقل بكثير عنه كونه قد جرى فضح امره من قبل شرفاء الاعلام الغربي. وهو ما لن يظهر اي شيء لدى البحث عنه إلا بعد بتحديد سنة حدوثه. ووصفنا الصحفيين بالشرفاء هو لان ما قاموا به قد فضح الاساليب الغربية لاخضاع شعوب المنطقة وفرض الفوضى في بلدانها بحجة وجود انظمة دكتاتورية مستبدة متسلطة عليها. بينما حقيقة الامر تتعلق بضمان امن الكيان الصهيوني.

وكنا قد دخلنا في خلاف مع الاعلام الهولندي العام المرئي في العام الآنف وقتها استنادا على معلومات المقالة التي نشرناها قبلها بشأن الهجوم الاول وبسبب ظهور اصواتا اخرى مشككة بالرواية الغربية، وحيث لم يكن يريد هذا الاعلام ان يحيد عن تلك الرواية. واستمر هذا الوضع حتى بعدما ظهرت بعض الحقائق على موقع الويكيليكس كما سنرى ادناه.

وقد ذهبنا نبحث في هذا الموقع عن معلومات حول الهجوم الثاني الذي كالهجوم الاول اتهم بالمسؤولية عنه النظام السوري السابق حيث وجدنا في الموقع الكثير منها. وتفاصيل هذا الموضوع الموجودة على الصفحة الرئيسية للموقع باللغة الانكليزية حيث عنوان الصفحة الحاوية على المعلومات المتعلقة به هي ما سنورد اهم ما جاء فيها هنا بعد ترجمته. ويبدو لنا من التفاصيل الواردة بان اعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ربما قد تعرضوا لضغوط لاجل تغيير النتائج التي توصلوا اليها لخدمة الاجندات الغربية. وهو ما كان الروس يرددونه حينها.

نضع ادناه باختصار محتوى الوثيقة الاخيرة التي وضعت على الموقع الآنف والمعنونة " دوما - إصدار الجزء الرابع " بتاريخ 27 كانون الاول 2019. وفيها سنعرض الوثائق الاهم فقط من ما معلن فيها. تقول هذه الوثيقة:

(اليوم، ينشر موقع ويكيليكس المزيد من الوثائق الداخلية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيما يتعلق بالتحقيق في الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما في نيسان 2018.

إحدى الوثائق هي رسائل متبادلة عبر البريد الإلكتروني بتاريخ 27 و28 شباط بين أعضاء بعثة تقصي الحقائق المنتشرة في دوما ومسؤولين كبار في المنظمة الآنفة. وتتضمن هذه رسالة إلكترونية من سيباستيان براها رئيس هيئة مكتب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يطلب فيها إزالة تقرير هندسي من إيان هندرسون من السجل الآمن للمنظمة:

"يرجى إخراج هذه الوثيقة من ارشيف سجل الوثائق... ويرجى إزالة كل الآثار إن وجدت، لتسليمها/ لتخزينها/ أو لأي غرض آخر من هذا الارشيف".

كانت النتيجة الرئيسية التي توصل إليها هندرسون الذي تفقد المواقع في دوما وأسطوانتين تم العثور عليهما في موقع الهجوم المزعوم، هي أنه يرجح انهما قد وضعتا هناك باليد بدلاً من إسقاطهما من طائرة أو مروحية من على ارتفاعات عالية. وقد تم حذف نتائجه من التقرير النهائي الرسمي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن حادثة دوما.

وتتضمن وثيقة أخرى صدرت اليوم محضر اجتماع عقد في 6 حزيران 2018، حيث أجرى أربعة من موظفي المنظمة الآنفة مناقشات مع "ثلاثة علماء سموم/علماء صيدلة، وآخر في كيمياء المواد السامة والتحليل الحيوي" (جميعهم متخصصين في الأسلحة الكيميائية، وفقا للمحضر).

وكان الغرض من هذا الاجتماع مزدوجا...

"(....) وكانت النقطة الثانية هي "استخلاص آراء الخبراء من خبراء السموم الشرعيين بشأن الأعراض التي تم رصدها والإبلاغ عنها لدى الضحايا المزعومين".

وبشكل أكثر تحديدا، "...ما إذا كانت الأعراض التي لوحظت لدى الضحايا متوافقة مع التعرض للكلور أو غاز الكلور التفاعلي الآخر."

وكتب أعضاء فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن "الرسالة الرئيسية المستفادة" من الاجتماع كانت

"أن الأعراض التي تم ملاحظتها كانت غير متسقة مع اعراض التعرض للكلور ولم يتم تحديد أية مادة كيميائية أخرى واضحة قد تكون سبب الأعراض".)

هذا هو باختصار ما جرى نشره على موقع الويكيليكس حيث يرى بان الحقائق هي غير ما جرى نشره والترويج له في الاعلام العالمي.

وبشأن الهجوم الاول العام 2013 فهناك ايضا قد جرى اطلاق الاكاذيب بشأنه بهدف تحميل النظام السوري السابق مسؤولية حدوثه. وكان الغرض المرتجى من كل العملية هو توفير الذريعة كالهجوم اللاحق اعلاه لعمليات قصف جوي غربية لاضعاف ذلك النظام ولتمهيد الطريق لقوات المعارضة المسلحة من دحر جيشه. وكنا قد قمنا بنشر المقال الذي كتب بشأن الموضوع في المواقع العراقية في ايلول العام 2013 بعد ترجمته من اللغة الانكليزية. لن نقوم بعمل اي تقديم له، فالمعلومات الواردة فيه واضحة. إذ اننا سنعيد نشره هنا بعد الفقرة هذه ونترك للقراء حرية الاستنتاج والتعليق. الجدير بالذكر هو ان الصحفييَن ديل غافلاك ويحيى العبابنة اللذان كانا قد اجريا التحقيق الصحفي ونشرا ما وجداه في ذلك المقال قد تعرضا لحملة شعواء من قبل الاعلام الامريكي الخاص في عهد الرئيس اوباما الذي كان داعما للارهاب كما هو معروف من مقالات لنا سابقة، وذلك لتجروئهما نشر الغسيل القذر لما كان يحاك ضد سوريا ولافشالهما للحملة الدولية عليها. وهو ما ادى بالصحفية غافلاك الى محاولة التملص من تحقيقها الصحفي وذلك بادعاء نشر اعتراض على موقع الصحيفة التي نشرت مقالها زعمت فيه انها لم تكن من قام بنشر التحقيق ! ويمكن مراجعة التفاصيل على الشبكة.

ادناه المقال الذي نشرناه مترجما العام 2013 للصحفييَن الآنفين الذي قد نشر اصلا على موقع (انفورميشن كليرينغ هاوس) بتاريخ 30 آب لنفس تلك السنة، والذي كان بعنوان "سوريو الغوطة يقولون ان الجيش الحر وبدعم من السعودية هو وراء الهجوم الكيمياوي".

في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التدخل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد سوريا عقب الاستخدام الذي جرى الاسبوع الماضي للأسلحة الكيميائية ، ربما اخطأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في تحديد الجاني.

فقد اشارت لذلك مقابلات اجريت مع السكان في دمشق والغوطة ، وهي ضاحية من ضواحي العاصمة السورية ، حيث قالت وكالة منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية بان ما لا يقل عن 355 شخصا قد لقوا حتفهم الأسبوع الماضي مما يعتقد أن يكون غاز الأعصاب.

فقد اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ، وكذلك جامعة الدول العربية نظام الرئيس السوري بشار الأسد بتنفيذ هجوما بالأسلحة الكيميائية استهدف المدنيين بشكل رئيسي . وتتمركز سفن حربية أمريكية في البحر الأبيض المتوسط لغرض شن ضربات عسكرية ضد سوريا عقابآ لها لتنفيذ هذا الهجوم. ولا تهتم الولايات المتحدة وغيرها بالتدقيق بأي دليل مغاير مع تصريح وزير الخارجية الامريكية جون كيري الاثنين ان ذنب الأسد " هو حكم... واضح للعالم".

ومع ذلك ، فمن العديد من المقابلات مع الأطباء وسكان الغوطة ، والمقاتلين المتمردين وأسرهم ، تبرز صورة مختلفة. يعتقد الكثيرون أن بعض المتمردين قد استلموا أسلحة كيميائية عن طريق رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان. وهم المسؤولون عن تنفيذ الهجوم بالغاز.

"جاءني ابني قبل اسبوعين يسأل عما كنت اتصور انها كانت الأسلحة التي كان قد طلب منه حملها، " يقول أبو عبد المنعم والد احد المتمردين الذي يعيش في الغوطة.

وقال عبد المنعم ان ابنه و12 اخرين من المتمردين قد قتلوا داخل نفق يستخدم لتخزين الأسلحة التي يأتي بها مقاتل سعودي معروف باسم ابو عائشة الذي كان يتولى قيادة كتيبة القتال. وقد وصف الأسلحة بكونها " ذات هيكل شبيه بالأنبوب " بينما كان البعض الآخر مثل " قنينة غاز ضخمة. "

وقال سكان الغوطة ان المتمردين يستخدمون المساجد والبيوت للنوم في حين يخزنون أسلحتهم في الأنفاق .

وقال عبد المنعم ان ابنه واخرين قد توفوا خلال هجوم بالأسلحة الكيميائية. في نفس ذلك اليوم ، أعلنت جماعة متشددة باسم جبهة النصرة التي ترتبط بتنظيم القاعدة ، من أنها سترد بالمثل من خلال مهاجمة المدنيين في قلب مناطق نظام الأسد في اللاذقية على الساحل الغربي لسوريا.

وقد شكت مقاتلة اسمها ك قائلة "انهم لم يخبرونا عما تكون هذه الاسلحة أو كيفية استخدامها. " لم نكن نعرف أنها أسلحة كيميائية. ولم نكن نتخيل أنها كانت كذلك ". وقالت محذرة "عندما يمنح الأمير بندر تلك الأسلحة إلى الناس ، فانه يجب ان يمنحها لأولئك الذين يعرفون كيفية التعامل معها واستخدامها ".

يقول ج وهو قائد معروف من الغوطة ، "كنا نتسائل بشدة عن هذه الأسلحة. وللأسف ، فقد تعامل بعض المقاتلين مع الأسلحة بشكل غير صحيح وتسببوا بحصول التفجير".

الأطباء الذين عالجوا ضحايا الهجوم الأسلحة الكيميائية حذروا الذين يجرون المقابلات من طرح أسئلة حول عمن تكون بالضبط الجهة المسؤولة عن الهجوم القاتل.

أضافت مجموعة أطباء بلا حدود الإنسانية ان المتطوعين الذين يقومون بمساعدة 3600 مصاب قد ذكروا أنهم أيضا عانوا من أعراض مشابهة منها زبد في الفم وضيق في التنفس وتشنج وتشوش في النظر. ولم يكن الفريق قادرا على التحقق بشكل مستقل من هذه المعلومات.

وقد ذكر أكثر من عشرة متمردين في مقابلات أن رواتبهم تأتي من الحكومة السعودية.

التدخل السعودي

في مقال نشر مؤخرا لمجلة بزنس إنسايدر، اوضح المراسل جيفري انجرسول الدور الخاص للأمير بندر بن سلطان في عامين ونصف من الحرب الأهلية السورية . ويعتقد العديد من المراقبين بان بندر مع علاقاته الوطيدة مع واشنطن ، كان في صميم التحريض للحرب الامريكية ضد الأسد .

يشير انجرسول إلى مقال نشر في صحيفة ديلي تلجراف البريطانية عن محادثات سرية بين روسيا والسعودية زاعما ان بندر قد عرض على الرئيس بوتين نفطا رخيصا مقابل التخلي عن الأسد. تعهد الأمير بندر بحماية القاعدة البحرية الروسية في سوريا حال سقوط نظام الأسد ، لكنه ألمح أيضا الى هجمات إرهابية شيشانية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في روسيا إن لم يكن هناك اتفاق، " كما كتب انجرسول.

"أستطيع أن أعطيكم ضمانا لحماية دورة الالعاب الاولمبية الشتوية العام المقبل. فنحن من يتحكم بالمجموعات الشيشانية التي تهدد أمن الألعاب " حيث يزعم بان بندر ابلغ الروس .

كتب انجرسول ايضآ "جنبا إلى جنب مع المسؤولين السعوديين ، يزعم بان الولايات المتحدة قد أعطت رئيس المخابرات السعودية الضوء الاخضر لإجراء هذه المحادثات مع روسيا ، التي لم تكن مفاجئة ". واضاف ب " ان بندر قد تعلم في مدارس أميركا وكليتها العسكرية ، وكان سفيرآ سعوديآ مؤثرآ للغاية في الولايات المتحدة ، وان وكالة الاستخبارات المركزية تحب هذا الرجل كثيرآ ".

ووفقا لصحيفة الاندبندنت البريطانية ، فان استخبارات الأمير بندر هي أول من اتى بمزاعم استخدام غاز السارين من قبل النظام الى انظار الحلفاء الغربيين في شباط / فبراير.

وقد كان بندر يدفع قدما الهدف الأعلى للسياسة الخارجية السعودية ، كما تذكر وول ستريت جورنال ، الذي هو هزيمة الأسد وحلفائه الإيرانيين وحزب الله. وتحقيقا لهذه الغاية اقنع بندر واشنطن لدعم برنامج لتسليح وتدريب المتمردين من قاعدة عسكرية مخطط لها في الأردن .

على الرغم من أن السعودية رددت رسميا أنها تؤيد متمردين معتدلين ، ذكرت الصحيفة أن " الأموال والأسلحة يجري ضخها إلى المتطرفين منهم ، وذلك ببساطة لمواجهة نفوذ الاسلاميين المدعومين من قطر ".

من المهم أن نتذكر أن الأسد اتهم باستخدام الغازات السامة ضد المدنيين من قبل. ولكن في تلك المناسبة ، فقد استنتجت كارلا ديل بونتي مفوض الأمم المتحدة على سوريا بان المتمردين لا الأسد ، ربما كانوا هم المسؤولين عنه.

#سعد_السعيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات