علاء هادي الحطاب
الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 13:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
د. علاء هادي الحطاب
يبدو أن صناعة المحتوى التافه باتت تجد لها سوقاً رائجة بين متصفحي ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أصبحت أتفه مقاطع الفيديو تحقق أعلى المشاهدات، بينما الموضوعات الفكرية والثقافية التي تضيف معارف لمعارفنا وأفكاراً لأفكارنا، تجدها قليلة المتابعة والتفاعل معها إلا من قبل المختصين بها.
ما لفت انتباهي هو انشغال تلك المواقع ومتابعيها بأخبار زواج وطلاق هنا وهناك لشخصيات معينة في تلك المواقع، حتى بتنا نعرف كم مرة تزوجت فلانة وكم مرة انفصلت، بل ونعرف كل ملابسات زيجاتها المتعددة منذ بدء العلاقة حتى الاقتران ومن ثم الطلاق، وهكذا بتنا نعرف تفاصيل حياتهم في كل يوم بدءاً من تناولهما الفطور حتى نومهما في وقت متأخر، بتنا نعرف ماذا يأكلون في وجبة الغداء، وهل الملح زائد في الطعام أم أكلها "ماصخ"، حتى عندما يختلفون بشأن عدد ملاعق السكر في استكان الشاي.
لا أعرف لماذا يجتهد بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي لنشر كل مفردات حياتهم الزوجية والعائلية الخاصة، لماذا يجب أن نعرف لحظات خصوماتهم العائلية، لماذا يجب أن ينشروا " عركاتهم" المفتعلة في أغلبها على تلك المنصات، ومن ثم يعتبون وينزعجون من تعليقات المتابعين إذا كان بعضها سلبيا؟
الحياة الزوجية المفروض أنها تقع ضمن دائرة الحياة الشخصية والتي لها أسرارها من سعادة وشقاء، إذ كل علاقة زوجية تمر بفترات من الفرح والحزن، وهذا أمر طبيعي، ومن الطبيعي جداً أن يحافظ الزوجين على أسرار تلك العلاقة فيما بينهم، فمنذ أشهر ومنصات التواصل تنشغل بالزيجات الجديدة وكذلك الانفصالات بين مشاهير وجدوا أنفسهم في تلك المنصات، بل أن تلك المنصات من أوجدتهم وجعلتهم يشغلون حيزاً مهماً في مادتها.
نعم هذه الظاهرة لا تتعلق بالعراق فحسب، بل أنها باتت تغزوا حياة العالم كله، لكنها حتماً بدرجات متفاوتة من حيث التلقي بين جمهور وآخر، تبعاً لثقافاتهم واهتماماتهم، لكن أن يصل الأمر في أن يصبح الشغل الشاغل بين عدد كبير من متابعي ومتصفحي تلك المنصات هو فقط مفردات زواج وطلاق بعض مشاهيرها، فهذا مؤشر على مستوى عالٍ من التفاهة بين طرفي الناشر والمتابع، إذ بات يكمل أحدهما الآخر مسلسل طويل من التفاهة في سبيل " الطشَّة " فاعلاً أو مفعولاً مؤثراً أم متأثرا.
#علاء_هادي_الحطاب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟