|
معاداة الصهيونية ومعاداة السامية
فؤاد الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 13:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة : فؤاد الصفار اليمين المتطرف المؤيد للاسرائيل أذا كانت العنصرية التي تستهدف اليهود جريمة ، فلا يمكن أدانة الرأي الذي يتمثل في انتقاد اسرائيل والسياسات التي تنتهجها حكومتها ،ومع ذلك منذ 7 اكتوبر/تشرين الاول 2023 ، استمر الاتجاه نحو دمج المفهومين " معاداة الصهيونية ومعاداة السامية " تكررت الصياغة الملتبسة لهذا المفهوم في أوربا وامريكا الشمالية حتى غدا حقيقة : ستكون معاداة الصهيونية تجسيدا معاصرا لمعاداة السامية وسيكون من المناسب مكافحتها على هذا النحو . وانه " الشكل المعاد اختراعه من معاداة السامية" وعلى مدى عقود من الزمن ، استخدم القادة الاسرائيليون هذا الإتباس لأسقاط أي انتقاد لسياساتهم وخاصة بعد 7 تشرين الاول/اكتوبر 2023. هذا الموقف هو ناتج عن جهل وسوء نية، لنأخذ الجهل التاريخي اولا ، معاداة الصهيونية التي ولدت في بداية القرن العشرين تبنتها ولفترة طويلة الليبرالية اليهودية الاوربية وابرز مثقفيها ، من سيموند فرويد الى البرت اينشتاين مرورا بحنة ارنديت ، وكانوا يشعرون بالقلق ازاء اقامة دولة يهودية على ارض مأهولة بالسكان بالفعل. قبل النازية كان عدد كبير من اليهود الاوربيين مندمجين مع مجتمعاتهم ، حيث يذكرون في الاول أنهم فرنسيون ، المان ، نمساويين ، دون انكار هويتهم الدينية . الجانب الاخر من معاداة اليهود للصهيونية في هذه الفترة هو الاتحاد العام للعمال اليهود في ليتونيا ، بولندا وروسيا ، ما يسمى " البوند" الذي طالب بالاعتراف بالقومية الثقافية اليهودية داخل البلدان التي فيها اغلبية يهودية ، قبل أن تضع الابادة الجماعية النازية نهاية لوجود " الارض اليديش" معاداة عربية قديمة لليهودية لم تتطور معاداة الصهيونية العربية إلا من خلال امتداد " ييشون " البيت اليهودي في فلسطين . لقد انطلقت مع انشاء دولة اسرائيل عام 1948 ، والتطهير العرقي الذي رافقها ، لم يكن أحد يفكر بوصم معاد للصهيونية بانه معاد للسامية ، حنى لو كان من الواضح أن معاداة اليهودية القديمة الموجودة في العالم العربي قد اعيد تدويرها لتصبح معاداة للصهيونية بين جزء من سكانه . اليوم هناك عدة انواع من معاداة الصهيونية : الراديكالية ، التي تنكر وجود اسرائيل وهناك الواقعية والتي تدعو الى العودة الى حدود 4 يونيو/حزيران 1967 ، واخرى تؤيد الدولة ثنائية القومية أو الوحدة التي ستكون لجميع المواطنين بغض النظر عن دياناتهم . معاداة الصهيونية هو موقف سياسي يرفض التفوق اليهودي على فلسطين الانتدابية السابقة ، على عكس معاداة السامية فهي عنصرية خالصة تستحق الشجب والادانة . (مارين لوبان أعلنت مفاجأة في 30 مايو/أيار 2024، >) سوء النية إذن ، لان العصر الحالي أدى الى احياء التناقض اللفظي ، وهو الصهاينة المعادون للسامية ، محققا نبوءة تيدور هرتزل ، في عمله التأسيسي للصهيونية واقامة دولة اليهود ( 1896)، أكد هرتزل " أن أعداء معاداة السامية سيكونون أصدقاؤنا الاكثر أمانا والدول المعادية للسامية سيكونون حلفائنا " وبما أن اليهود كانوا في نظرهم غير قابلين للاندماج ، فقد وافق العديد من المعادين للسامية ، في عشرينيات القرن الماضي على فكرة اعادة تجميعهم في دولة خاصة بهم ، مما يجعل من الممكن التخلص منهم . (اسابيع قليلة تفرق بين انشاء دولة اسرائيل في مايو 1948 ، وبين انتصار الحزب الوطني في جنوب افريقيا والتي طبقت الفصل العنصري ورغم تعاطفهم مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية ،إلا ا-ن قادتها أقاموا علاقة وثيقة مع اسرائيل ، وقام وزير خارجية اسرائيل موشيه شاريت بزيارته الاولى الى بريتوريا عام 1950 ،رقم عقوبات الامم المتحدة ) تفاقم النزعة القومية الرافضة لأي تعايش مع الاخر ، المقصود الفلسطينيون ، فأن الصهيونية التي تهمين اليوم في اسرائيل وجدت هذا النوع من الحلفاء ، الدول التي تحكمها كراهية الاجانب ولها سجل ثقيل في معاداة السامية ،وافضل مثال على ذلك هو المجري فيكتور اوربان ، واصبحت الاحزاب اليمينية المتطرفة الغربية بين افضل المؤدين لليمين الاسرائيلي .وهم يشتركون مع الصهيونية المعاصرة في تمجيد نقاء الارض والدم ورفض الاخر . اما الفئة الثانية فهم ورثة التقليد الصهيوني الطويل ، ويشكل البروتستانت الانجيليون المؤيدين وبشكل كامل لإسرائيل ، باسم الاعتقاد الوهمي الذي بموجبه يجب اعادة توحيد جميع اليهود في الارض المقدسة ، ثم تحولهم بشكل جماعي الى المسيحية ، حتى يتمكن الانبياء من تنفيذ مهمتهم . اليمين الاسرائيلي عزز علاقاته مع هؤلاء الحلفاء المتحمسين ،الذين يزدادون قوة وخاصة في الولايات المتحدة ، وعلى العكس من ذلك ،فهو يشوه سمعة اليهود المناهضين للصهيونية ، الذين تزداد أعدادهم منذ المذبحة التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في غزة ، وهذه أمور خطيرة لأنها دليل حي على أن معاداة الصهيونية ومعاداة السامية ليسا مترادفين بأي حال من الاحوال ، ولكن الاكاذيب تموت بشدة ، خاصة عندما يتم الحفاظ عليها عن عمد . صوفي بيسيس – لو موند دبلوماتيك –ديسمبر/كانون الاول 2024
#فؤاد_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابو محمد الجولاني ، الزعيم الاسلامي الذي اسقط بشار الاسد
-
المهنة : رقابة مؤيدة لإسرائيل ..... اعداد : فؤاد الصفار
-
-نحتاج الى تحرك خارجي - الالاف الاسرائيليون يطالبون بفرض عقو
...
-
بعد مجزرة رفح ، اليسار الفرنسي يضغط على ماكرون -- اعدد: فؤاد
...
-
- صندوق العار- دعم الشرطي الذي قتل الشاب نائل
-
اسرائيل: حذار’’ البيت يحترق’’ رينية باكمان -ترجمة واعداد : ف
...
المزيد.....
-
مهرجان برازيلي سرّي يعود تاريخه إلى أكثر من 300 عام.. ما قصت
...
-
متحدث الجيش الإسرائيلي يعلن التصدي لصاروخ أُطلق من اليمن.. و
...
-
-دعا للتوقف عن سياسات الاستقواء-.. سعد الحريري يعلق على تسمي
...
-
مخاوف في سوريا من انتشار الأسلحة بين الفصائل والأفراد
-
داخل إمبراطورية شي إن: من المصانع الصينية لأكبر شركة ملابس ف
...
-
احتفالات بسيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني الاستراتيج
...
-
جيروزاليم بوست: من بورقيبة إلى بن علي.. علاقات سرية بين تون
...
-
CNN: القوات الروسية تتقدم في جبهات القتال وأوكرانيا تتخلى عن
...
-
روسيا.. اختبار دواء جديد لعلاج العقم لدى الرجال
-
أبو ترامب الفلوريدي يعيد العبودية إلى العلاقات الدولية
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|