كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 10:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بات من المسلم به ان قواعد الخصومة المتعارف عليها بين الشعوب والأمم لم يعد لها وجود في العراق. .
حتى في العصور الجاهلية الغابرة كانت لديهم قواعد وضوابط وأصول وسياقات ثابتة، متعارف عليها بين الاعداء وبين المتناحرين. بل كانت لديهم أربعة اشهر يحرم فيها القتال، ثلاثة متتالية (ذو القعدة وذو الحجة ومحرم)، ويأتي شهر (رجب) منفصلاً. ثم جاءت الدولة الأموية فكانت اول من انتهك تلك القواعد عندما ارتكبت أبشع مجازرها في الأشهر الحرم وفي الأماكن المقدسة. .
اما الآن فلا قدسية لتلك الأعراف ولا احترام للمواثيق والضوابط الأخلاقية. . السياسيون في العراق لديهم عشرات الطرق للانتقام من اقرب المقربين اليهم، فما بالك لو كانوا من الخصوم والمناوئين والمعارضين لهم. لديهم سلاح الذباب الإلكتروني الذي تجاوز الحدود، وكسر القيود وراح ينسج الاتهامات بخيوط الكراهية، ويلفقها ثم ينشرها بقصد التشويه والتسقيط، ولديهم الدعاوى الكيدية الملفقة التي لا تخطر على بال اخبث خلق الله. .
قديماً كانت مواثيق الخصومة تنير منصات الشرف. ويقدسها النبلاء والفرسان، الذين لا يطعنون خصومهم في ظهورهم، فما ان يصاب الخصم ويسقط من جواده، أو يداهمه المرض، أو يصبح قعيد الفراش حتى يصبح فى ذمة الطرف الآخر، فلا يقربه ولا يؤذيه ولا يهينه. لكنهم يستخدمون الآن كل أدواتهم الدونية للتشويه والنيل من العدو والصديق، وغالبا ما يتناسون (الزاد والملح). .
أما أغرب ما شاهدته بعيني فهو الاستهداف الشخصي الذي لا مبرر له، غالبا ما يأتي الاستهداف بقصد الاستبعاد والإزاحة، وكان الله في عون الشخص المستهدف الذي يفضحون أسراره، ويرمونه بالإفك، ويلحقون به الاذى، ويتناسون كل موقف جميل قدمه لهم. وقد يصل بهم الاستهداف الشخصي إلى الانتقام الأعمى، وهو أعمى حقاً، وكم دفع السياسيون في العراق ثمن هذا الانتقام، وكم ذهب في طريقه من ضحايا، فقد شوهوا صورة الأبرياء والمسالمين، وتعاظمت لديهم شهوة الانتقام، فصارت لا تهدأ ولا تركن لعقل ولا حق ولا قانون. .
لا ادري كيف غاب عن اذهان هؤلاء ان شرف الخصومة يعطيهم منزلة رفيعة بين قومهم، فذاكرة المجتمعات لا تحفظ فضائل قومهم فقط، بل تحفظ فضائل الخصوم وتحترم عزة نفوسهم، وترفعهم عن الدون وسفاسف الخلافات. والعكس بالعكس، فعندما يتعامل السياسي بوضاعة مع أبناء جلدته فإنه يفقد مكانته بينهم، ولن يحترمه احد. .
كلمة اخيرة: الشهم في الود شهم في الخصومة، ولا خير في ثور إذا خاصم نطح. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟