|
طوفان الأقصى 464 – الرئيس اللبناني الجديد – إسفين أميركي في محور المقاومة الضعيف
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 04:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
ليونيد تسوكانوف دكتوراه في العلوم السياسية، مستشرق، مستشار مركز الأبحاث السياسية وكالة REGNUM للأنباء
9 يناير 2025
بعد عدة سنوات من الفراغ السياسي، انتخب البرلمان اللبناني رئيساً جديداً للبلاد. وتولى المنصب القائد العام السابق للجيش اللبناني، جوزيف عون. وقد حل محل نظيره، العماد ميشال عون، الذي ترك المنصب في أكتوبر 2022.
"عون الثاني"، كما تسميه بعض المواقع المحلية مازحة، يعتبر مخلوقاً من صنع واشنطن و"أداة حية" يخطط البيت الأبيض من خلالها لحل الأزمة المطولة في الشرق الأوسط.
المحاولة رقم 13
منذ أكثر من عامين، يعيش لبنان حالة من الأزمة – الاقتصادية والسياسية. بعد تقاعد العماد ميشال عون، اجتمع أعضاء البرلمان اللبناني أكثر من اثنتي عشرة مرة للتوافق على ترشيح خليفة له، لكن التناقضات وراء الكواليس في كل مرة حالت دون التغلب على الفراغ في الحكم.
كما أضيفت بعض التعقيدات بسبب حقيقة أن الرئيس يُنتخب من بين المسيحيين الموارنة وفقًا للميثاق الوطني الذي تم تبنيه في عام 1943. ويشغل منصب رئيس الوزراء دائمًا سني، ورئيس مجلس النواب شيعي.
ويتم ذلك من أجل تحقيق التوازن بين الصورة العرقية الطائفية المتنوعة في لبنان ومنع البلاد من الانزلاق إلى فترة أخرى من التفتت. وعلى الرغم من أن المسلمين شغلوا منصب رئيس الوزراء خمس مرات على الأقل، إلا أن أحدًا لم يجرؤ على زعزعة توازن القوى تمامًا.
بحلول فبراير 2023، تم تشكيل "القائمة النهائية" للمرشحين لمنصب الرئيس. وبالإضافة إلى القائد العام جوزيف عون، تضمنت القائمة مدير فرع صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، جهاد أزعور، والنائب السابق صلاح إدوارد حنين.
لكن عون سرعان ما أصبح الزعيم غير الرسمي، خاصة بعد أن حظي ترشيحه بدعم علني من قبل رجل السياسة اللبنانية الثقيل، زعيم حزب المردة المسيحي من يمين الوسط، سليمان فرنجية. وبتخليه عن طموحاته الرئاسية لصالح عون، أعطاه ذلك أفضلية جدية في السباق.
لم يتمكن عون، حتى باعتباره المرشح الحقيقي الوحيد لمقعد الرئاسة والزعيم المطلق لـ "القائمة النهائية"، من الفوز إلا في المحاولة الثانية. ففي الجولة الأولى، لم يحصل إلا على 71 صوتاً برلمانياً من أصل 86 صوتاً مطلوباً. أما بقية النواب فقد قدموا أوراق اقتراع بيضاء (وهو ما يرمز إلى التعبير العلني عن عدم الثقة في المرشح) أو أتلفوها.
وفقط الدورة الثالثة عشرة وضعت نهاية للسباق الرئاسي المطول ــ ولكن هذا لم يقلل من الخلافات السياسية.
توازن المصالح الهش
بما أن جوزيف عون يعتبر شخصية ذات توجه غربي، فمن المتوقع أن لا يلقى تعيينه في منصب الرئاسة استحسان القوى الموالية لإيران. فقد قدم الحزبان الشيعيان حزب الله وأمل أوراق اقتراع بيضاء بشكل واضح، مؤكدين بذلك احتقارهم لـ "الشخصية المؤيدة لأميركا".
وتصرف التيار الوطني الحر، الذي يرأسه عون الأول (ميشال عون)، على نحو مماثل. ولكن في حالة التيار الوطني الحر، فإن العداء تجاه القائد العام مرتبط بتركيزه المفرط على التعاون مع السعودية. فاللبنانيون، ليس من دون سبب، يعتبرون السعوديين منافسين إقليميين لهم ويشككون في "التدخل المفرط" للرياض في شؤون البلاد. وبهذا المعنى، تصرف التيار الوطني الحر والأحزاب الشيعية كحلفاء تكتيكيين.
ولكن واشنطن تمكنت من التغلب على مقاومة معارضي عون بسرعة كبيرة. وعلاوة على ذلك، فإن الرهانات كبيرة على شخصية القائد العام.
إن الولايات المتحدة تعول على أيدي عون ليس فقط لإضعاف نفوذ إيران في دولة عربية واحدة، بل وأيضاً لدفع لبنان نحو "الوفاق" التدريجي مع إسرائيل وفقاً لسيناريو مفيد لواشنطن؛ محاولة دق إسفين في "محور المقاومة" الضعيف.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن عون يستند في خطابه إلى أطروحات "لبنان للبنانيين" و"الجيش سند للبلاد"، فإن إنهاء المواجهة مع تل أبيب قد يُقدَّم باعتباره مساهمة في الأمن القومي وخطوة نحو التطبيع الكامل للعلاقات، حتى مع الأخذ في الاعتبار أن وضع لبنان باعتباره "دولة معادية" منصوص عليه في القانون الإسرائيلي.
بمعنى ما، قد يكرر الرئيس اللبناني الجديد مسار الرئيس المصري أنور السادات، الذي كان أول من قرر تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، بالرغم من عدم استحسان الرأي العام. وفي مقابل مثل هذه الخطوات، تكون واشنطن مستعدة لمضاعفة الاستثمارات في مؤسسات الدولة اللبنانية والاقتصاد.
إن ظهور جوزبف عون على الخريطة السياسية في لبنان يصب جزئياً في مصلحة إسرائيل.
خاصة وأن القائد الأعلى السابق سبق أن لعب مع تل أبيب، شاء أم أبى، لإبطاء انتشار القوات الحكومية في جنوب البلاد أثناء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. واستغلت القوات الإسرائيلية بدورها تأخير بيروت وعززت مواقعها على الخطوط المحتلة، مما أجبر وحدات حزب الله على التراجع إلى عمق أكبر داخل الأراضي اللبنانية.
والآن أصبح جوزيف عون مستعداً للمضي قدماً والسعي إلى نزع سلاح الميليشيات الشيعية. وفي أول تصريح له، ألمح إلى نيته السعي إلى "الحق الحصري للدولة في حمل السلاح"، وهو ما يشير إلى الرغبة في الحد من النشاط العسكري لحزب الله وحلفائه.
ولقد حظيت النوايا الطموحة للقائد الأعلى السابق بدعم من كبار المسؤولين الإسرائيليين، وعلى وجه الخصوص وزير الخارجية جدعون ساعر.
من ناحية أخرى، ونظراً للاستقطاب الشديد في المجتمع اللبناني، فإن مبادرات عون قد تؤدي إلى التأثير المعاكس. ذلك أن تقييد حرية عمل القوى الشيعية، إلى جانب التقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة، قد يؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية الداخلية، وهو ما قد يدفع القوى "المستاءة" من نتائج الانتخابات الأخيرة إلى تغيير ميزان القوى لصالحها.
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 463 – كيف ستقضي إسرائيل على قناة السويس؟
-
طوفان الأقصى 462 – قناة بن غوريون في صيغة جديدة
-
طوفان الأقصى461 – ظلال السابع من أكتوبر - الهدوء السياسي في
...
-
طوفان الأقصى 460 – لماذا لا يخاف الحوثيون، على عكس غيرهم، من
...
-
طوفان الأقصى459 – -الكاردينال الرمادي- الإيراني: لم يكن لدين
...
-
طوفان الأقصى 458 – لقد انهار التوازن في الشرق الأوسط تمامًا
...
-
طوفان الأقصى457 – أين روسيا من سباق المشاريع الجيوسياسية في
...
-
طوفان الأقصى 456 – المناورة التركية في سوريا ستكلف تركيا الك
...
-
طوفان الأقصى 455 - حول مستقبل -محور المقاومة- في الشرق الأوس
...
-
طوفان الأقصى 454 – 2024 قلبت الشرق الأوسط رأسا على عقب
-
طوفان الأقصى 453 – خبراء المجلس الروسي للشؤون الدولية يلخصون
...
-
طوفان الأقصى 452 – السلطة الجديدة في دمشق تريد الحفاظ على عل
...
-
بوتين – جردة حساب ل25 عاما من الحكم
-
طوفان الأقصى 451 – من يتحمل مسئولية الإبادة الجماعية في غزة؟
-
طوفان الأقصى 450 – هل دارت الدوائر على اليمن؟ - ملف خاص
-
طوفان الأقصى 449 – السلطة السورية الجديدة – مواطن القوة والض
...
-
ألكسندر دوغين - الترامبية، البراغماتية، ونهاية العولمة الليب
...
-
طوفان الأقصى 448 – الإكتئاب الجيوسياسي
-
طوفان الأقصى 447 – تغيير السلطة في سوريا وعبء القوى العظمى
-
طوفان الأقصى 446 – د. جوزيف مسعد تحت النيران
المزيد.....
-
-قريبون جدًا لكننا بعيدون-.. جيك سوليفان يعلق لـCNN على مدى
...
-
الصين: انطلاق موسم الصيد الشتوي في بحيرة بوستن.. مزاد واعد و
...
-
زيلينسكي مستعد لمقايضة أسرى كوريا الشمالية واستخبارات بيونغي
...
-
ما وراء استراتيجية أردوغان المزدوجة تجاه الأكراد؟
-
كايا توضح شروط أوروبا لرفع العقوبات عن سوريا
-
نائبان لبنانيان يعلنان انسحابهما من الترشح إلى رئاسة الحكومة
...
-
-رفض عرضنا بغرور-.. زيلينسكي يصعد لهجته ضد رئيس وزراء سلوفاك
...
-
كندا ترسل 60 رجل إطفاء للمساعدة في إخماد حرائق كاليفورنيا
-
روسيا تحتل المرتبة الثالثة بين القوى البحرية الرائدة حول الع
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرة تم إطلاقها من اليمن
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|