الكوارث الطبيعية والشماتة

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 01:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما وقعت الكارثة الطبيعية في مدينة درنه الليبية والفيضانات المميتة التي تضررت منها مدينة درنة، قامت منظمات إغاثة دولية بارسال مساعدات طارئة جوا، كما قدمت بعض الدول إمدادات ومساعدات أخرى، ومن بين هذه الدول كانت دولة اليونان، التي ارسلت فريقا من المسعفين أرسلته وزارة الدفاع اليونانية التي تحركت بشكل إنساني دون النظر الى جنسية وديانة المصابين والمتضررين من الكارثة.
لكن هذا الفريق الطبي تعرض لحادث سير أثناء توجهه إلى مدينة درنة مما أدى إلى مقتل 5 وجرح 14 وهي الحصيلة المأساوية لحادث السيارة المروع الذي راح ضحيته أعضاء هيئة الإغاثة الإنسانية اليونانية في ليبيا.
ومع تداول اخبار الحرائق واستمرارها بمدينة لوس أنجلوس الامريكية واتساع نطاقها لتطول مناطق كانت بمنأًى عن النيران، امتدت آثار الحرائق إلى المواقع العربية المختلفة ، التي تفاعل جمهورها على نطاق واسع مع الحدث.
وعبّرَ جمهور منصات التواصل الاجتماعي عن مشاعر متنوعة انتابتهم تجاه تلك الحرائق، وتراوحت بين «التعاطف مع الضحايا وحالة الدمار التي اجتاحت لوس أنجلوس»، وبين «الشماتة في الولايات المتحدة نتيجة صمتها تجاه ما يحدث في قطاع غزة».وهو رأى البعض من المتأسلمين الذين اعتبروا أن هذه الحرائق (عقاب من الله)،و أصبحت في نظرهم جزء من البحث عن العدل المفقود،ونسوا ان هذه المدينة التي وقعت فيها هذه الكارثة يسكنها الالاف من العرب والمسلمين، (هناك أكثر من 180,000 ألف شخص من أصل عربي في منطقة العاصمة لوس أنجلوس).
وان هناك نساء واطفال وكبار السن وشباب لا دخل لهم بالسياسة وامور الحروب، وكثير منهم متعاطف مع القضايا الانسانية وخرجوا مرات كثيرة للتضامن مع القضية الفلسطينية، في الجامعات الامريكية وغيرها.
وان حوادث مثل حرائق وزلازل كبرى وقت قبل سنوات في تركيا والجزائر المسلمتين،فهل هو غضب كذلك من الله، وهل الحرائق الكبرى التي وقعت في دولة اليونان المسيحية ويقطنها نحو نصف مليون مسلم، تستحقها اليونان باعتبارها دولة مسيحية تستحق عقاب الله.
ان الإحساس بالظلم تجاه ما تقوم به الإدارة الأميركية، يشعر به كل سكان الأرض في إفريقيا وآسيا وأمريكا الاتينية، لكن لم يعبر اي منهم عن احساسه بالشماتة، بل بمحاولة التخلص من ثقافة ونمط حياة يراد فرضه عليه.
ان مثل هذه الكوارث الطبيعية هي شأن إنساني، يجب ان يظل بعيدا عن اي حسابات سياسية، أو دينية. وهي عبارة عن أزمة بيئية تهدد الطبيعة والحياة البشرية، وهي ليست لغزًا. أسبابها واضحة ومعروفة: ارتفاع درجات الحرارة، الجفاف الممتد، وسوء إدارة الموارد البيئية. هذه الكوارث ليست غضبًا سماويًا، بل نتيجة مباشرة لتغير المناخ الذي يعصف بالعالم.
اما الشماتة فهي انعكاس لرغبة دفينة في معاقبة المختلف، سواء بسبب معتقداته أو نمط حياته.أو بسبب عدم قدرته على الانتصار عليه في ساحات المعارك لانه متفوق عليه علميا وعسكريا.
التضامن الإنساني والعلم هما السلاحان الحقيقيان لمواجهة الأزمات.

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات