أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - اليهودي في رواية -كوانتوم- أحمد أبو سليم















المزيد.....


اليهودي في رواية -كوانتوم- أحمد أبو سليم


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8220 - 2025 / 1 / 12 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


اليهودي في رواية "كوانتوم" أحمد أبو سليم
هناك أعمال رواية تتماثل بحجمها وأحداثها مع أفلام هوليود، حيث يجد فيها المتلقي كل ما يريده، تعدد الرواة، تعدد الأحداث، تنوع الشخصيات، امتداد الزمن، تخطي جغرافية المكان، وبما أننا نتحدث عن رواية أدبية، فنجدها تستخدم الواقعية، الرمزية، الفانتازيا، كما أن هناك تعدد في صيغة السرد، أنا السارد، تداعي ضمير المخاطب التي جاءت على لسان "ال ...هو/القاروط" الذي يتحدث بتأتأة، بعد أن تعرض لمشاكل أسرية، بمعنى أن "ال ...هو/القاروط" مصاب بحالة نفسية جعلته يتحدث مع نفسه، عن مأساته، ونجد السارد يمنح العدو حرية الحديث، بحيث هناك مساحة جيدة تحدث فيها "بنيامن كوهين" عن نفسه وما يريد فعله، وهذا أعطى المتلقي صورة واضحة عن طبيعة اليهودي وسلوكه، وهناك حضور لافت للمرأة من خلال "هند وياسمين" وإذا علمنا أن الرواية تتحدث عن الفلسطيني وما يعانيه من الاحتلال، وعن المقاومة وكيف كانت ومتى بدأت وإلى أين وصلت، نتأكد أننا أمام عمل روائي متميز على مستوى الشكل الفني الذي قدم به، وعلى مستوى المضمون الذي يحمله.
"بنيامين كوهين"
أن يكون هناك شخصية معادية، وتعطى حرية التحدث وإبداء ما تحمله من أفكار، فهذا يعد ذروة الديمقراطية الأدبية، وهذا يحسب للأدب العربي والفلسطيني، الذي منح العدو حرية الحديث والتكلم، "كوهين" جاء من بولندا إلى فلسطين يحمل مشروعه الخاص ـ الحصول على خريطة الكنزـ منتحلا شخصية "إفرايم آرون" يتحدث بصوته وعن شراسته للحصول على الخريطة التي كانت مرسومة على ظهر طفل "جدعون" ابن ألعيازر: "رحت أرسم الخريطة على مهل، أعتدت رسمها مرتين، ثم أعدت تدقيق كل نقطة فيها، وتأكدت أنها صورة لما هو موشوم على ظهر الطفل، ثم أغرقت البيت بالكاز، سكبته على الأثاث، وعليهما، هو زوجته، وأشعلت النار في البيت، وتركتهما مقيدان يصرخان، ويستنجدان وخرجت" ص82، نلاحظ أن "كوهين" حصل على مراده، وقد تأكد من نقل الخريطة ودقق في رسمها مرتين، ومع هذا نجده يقدم على جريمة القتل وحرق البيت بمن فيه، وهذا يشير إلى طبيعة الإرهاب الذي تأسس عليه اليهودي، فهو لا يتوانى عن قتل ـ وبطريقة وحشية ـ أي شخص بعد أن يحصل على مبتغاه، من هنا نجد "الشابك" بعد أن تحصل على ما يريده من العميل يرميه ككلب على قارعة الطريق، ليلاقي مصيره، أما بالقتل أو النبذ من مجتمعه، فلم يعد لهم به حاجة.
بعد أن أحرق "كوهين" ألعيازر وزوجته، يصاب طفلهما "جدعون" بحروق بالغة تجعله مشوه، ويتم نسب عملية الحرق للعرب، وهذا ما يجعله متحاملا عليهم، فهم من قتلوا والداه حرقا، وهم من أعطاه هذا الوجه البشع، لهذا يريد الانتقام منهم ومن فعلتهم، فكانت متوحشا في تعامله مع الفلسطينيين وقاسيا، رغم أنهم أبرياء من الحرق، وكل ما بثه "كوهين" كذب وافتراء لينجو بفعلته.
لا يكتف "كوهين" بما فعله من حرق وقتل، فنجده وينزلق أكثر في الجريمة، فيفكر بطريقة تخلصه من "جدعون" ـ المفترض أنه ابن أخيه، وعليه حمايته ورعايته ـ: " كان عليّ إذن أن أجد طريقة أتفاهم بها مع ابن أخي المزعوم، جدعون، كي نتقاسم البيت، أو كي أخلص منه البيت، بأية طريقة حتى لو اضطررت إلى إحراقه من جديد" ص165، نلاحظ طريقة تفكير "كوهين" تتمحور حول تكرار الجريمة وإتقانها أكثر، وإتمامها بصورة كاملة، بحيث لا يبقي أحدا من عائلة "العيازر"
"كوهين" خلق الوحش "جدعون" وكونه على الانتقام وبغض كل ما هو عربي، فهم من حرموه من والديه بحرقهما، وهم من جعلوه مشوها، بشعا، متوحشا، فكان شاذا وقاسا ومتوحشا معهم: "حين يشعر بالملل يذهب كي يتسلى في الليل بالعرب، يأخذ معه مجندا أو اثنين، يقتحم بيتا ما، يطرقون الباب بقوة بعد منتصف الليل، ثم يضربونه بأعقاب البنادق، يشهرون بنادقهم في وجوه أفراد العائلة الذين يفيقون مذعورين من النوم، يأمرهم أن يقفوا ووجوههم إلى الجدار، يهددهم بالسلاح، ويضربون الرجال منهم، في محاولة لكسر شوكتهم، وإذلالهم، كي يتمكنوا من السيطرة عليهم، يقلبون البيت رأسا على عقب، يعتقلون الأولاد الذين يشكون بأنهم يلقون الحجارة على الدوريات ويخرجون.
يقول لي أن أجمل شعور هو الشعور الذي يراوده حين يرى الرعب في وجوه الناس...جدعون ينتقم من العرب بالفطرة" ص3770، نلاحظ أن مشكلة "جدعون" ليس للعرب علاقة بها، ومع هذا يتحملون وزرها كاملة، ويدفعون الثمن باهضا، بينما من قام بها يقف متفرجا كاتما شهادته لمصالح شخصية، رغم معرفته بأن من يتعرض للقهر وللظلم هم أبرياء، ومع هذا يبقى "كوهين" صامتا، مخفي الحقيقة ليحقق أهدافه الشخصية.
هذا الموقف يتماثل تماما مع موقف الغرب من محرقة اليهود في بولندا، فالعرب ليس لهم أي علاقة بما حصل فيها، ومع هذا نجدهم يدفعون ثمن تلك الجريمة، وكأنهم هم من قاموا بها.
"كوهين" يتغول أكثر بجريمته، فيخطط مع مجموعة من المقاومين الفلسطينيين على أن يقتحموا بيت "جدعون" ليقتلوه، فهو من يبطش بهم ويرعبهم، وقتله يخلصهم من شره وفيه مصلحة لهم، أما مصلحة "كوهين" فتتمثل في حصوله على البيت، وبما أنه دقيق وحريص على التخلص من أي آثار لجريمة، يفكر بطريقة (مركبة/مزدوجة) يتخلص فيها من "جدعون" ومن قاتليه العرب معا: "ماذا لو خرج جدعون سالما؟ ماذا لو لم يمت؟ ماذا لو اكتشف الأمر؟ ماذا لو ألقي القبض على واحد من الرجال العرب، واعتراف بالحقيقية؟
عليّ إذن أن أضمن موت جميع من في البيت، لا أحد يجب أن يخرج حيا من هناك، وإلا أصبحت مهددا، وقد يتقوض مشروعي إلى الأبد" ص374، طريقة تفكير "كوهين" تتجاوزه كشخص، كفرد، وتقودنا إلى دولة الاحتلال نفسها، وكيف تفكر وتتصرف، فهي تضع مصالحها، مصالح من أوجدوها فوق كل مصلحة، حتى لو أدى ذلك إلى قتل اليهود أنفسهم، فكوهين/دولة الاحتلال يعملون لمصالح أخرى، وما اليهود إلا مجرد أداة تنفيذية، وما أن ينهوا مهمتهم حتى يتم التخلص منهم، فليس لهم بهم حاجة.
إذن كوهين يتجاوز الشخص، الفرد اليهودي ليتماثل دوره مع دور دولة الاحتلال والمهام الموكلة لها.
"كوهين" تثيره "سيما" عشيقة "جدعون" رغم أنها من المفترض عشيق ابن أخيه، ولا يجوز/يصح النظر إليها بشهوة، لكنه يشتهيها ويريدها لنفسه، فهو أحق بها من "جدعون" القبيح المشوه القاسي: "جدعون يراقب ما يجري بصمت، يفهم كل شيء، ويراقب بصمت، يضبطني، كثيرا ما يضبط نظراتي المعلقة بمؤخرتها، أو نهديها العاريين المدليين أمام ناظري وهي تضع شيئا على الطاولة...فجدعون ما عاد صالحا لها، وأنا عمه المزعوم، أرثه في كل شيء، حتى في العشيقة الجميلة" ص404و405، نلاحظ طرقة تفكير "كوهين" الشخصية، فهو لا يهتم سوى بنفسه وبرغباته، ويضع مصلحته فوق كل مصلحة، ولا يحمل أية مشاعر إنسانية أو أخلاقية، فهو مجبول على الأخذ فقط، وليس على العطاء.
تنتهي محاولة التخلص من "جدعون" بالفشل، يصاب بجروح خطيرة، تجعله غير قادر على الحركة، لكنه يرى ويشاهد ويسمع ويعي ما يجري حوله، يمارس "كوهين" الكهل الجنس مع "سيما" الفتية، مما يجعله غير قادر على إشباعها: "في تلك الليلة تناولت كومة من الأدوية كي ألحق بها، وهي تلهث، وتطلب المزيد، حتى جعلتني أنقلب على ظهري عاريا، مذبوحا، ألهث، وهي تتمدد فوق الفراش إلى جانبي، وتعوي مثل أنثى الذئب فقدت صغارها، وتداعب نفسها بإصبع كفها" ص405، وهذا ما جعل "جدعون" يتحرك من سريره ليرى حقيقة الأصوات التي يسمعها، وهنا تكون المفاجأة، عشيقته تمارس الجنس مع عمه المفترض، وهنا يكشف "كوهين" عن حقيقته "لجدعون" الذي أمسى كسيحا الجسد والروح والنطق، فيعامله بوحشيه كما عامله هو طفل: "أمسكت بشعره، شددته، وانفلت دون وعي فيه.
ـ حسنا .. حسنا... أنا لست عمك ، أيها الكلب، أنا من قتل أباك وأمك، وأنا من أحرق بكم البيت، ... أتعرف؟ لست نادما على ذلك أبدا، ولا أعرف أصلا لماذا لا تريحني منك، وتموت؟" ص406.
يحاول "كوهين" التخلص من "سيما" بعد أن اكتشفا مكان الكنز، لكنه يتفاجأ أنها أعدت له موتا قبل موتها، حيث يتم قتله ليعرف أنها تغدت به قبل أن يتعشى بها، لينتهي دوره وأحلامه مع حياته.
إذا ما توقفنا عند الشخصيات اليهودية نجدها شخصيات مجرمة، متوحشة أقدمت على القتل والخداع والخيانة، كحال دولة الاحتلال نفسها، فهي انعكاس لطبيعة دور ونهج دولة الاحتلال التي تمارس القتل، على النفيض من الشخصيات الفلسطينية التي كان العطاء والوفاء مثلها ونهجها في الحياة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسر والأسرى في كتاب -حسن اللاوعي- إسماعيل رمضان
- -إضاءات على رواية المعتقلين الأدباء في المعتقلات الإسرائيلية ...
- الثورة في ديوان -أعرني بعض إيمانك- فكري القباطي
- صلاح أبو لاوي والموت
- السلاسة والوحدة في مجموعة -أسرار خزنة- هدى الأحمد
- أثر القمع رواية -الثانية وخمس وعشرون دقيقة- طايل معادات
- التمرد في كتاب -النهر لن يفصلني عنك- رمضان الرواشدة
- مهدي نصير وتقديم الألم
- جواد العقاد والارتباك - وفي إيابي
- البياض في قصيدة -معراج واسع للقصيدة- سائد أبو عبيد
- الإيجابية في رواية -زمن القناطر- عامر سلطان
- الأخلاق وجمالية الكتابة في رواية -لم أكن أتوقع- راشد عيسى
- الواقع في قصة -الكابوس- مأمون حسن
- فشل حركة التحرر العربية
- سورية الجديدة (4)
- سورية (الجديد) 3
- سورية الجديدة (2)
- سورية
- سامح أبو هنود قصيدة -كن بين شكك واليقين-
- قصائد -أنا وليلى- للشاعر موسى أبو غليون


المزيد.....




- اقبال لافت لاهالي الناصرية في العراق على مسرحية -قيامة الارض ...
- بيلا حديد تشارك صورا مأساوية لمنزل طفولتها المدمر بحرائق لوس ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يقر خططا للانسحاب من غزة
- الممثل الأمريكي ميل غيبسون يتحدث عن -مؤامرة- في حرائق لوس أن ...
- إثيوبيا والصومال يتفقان على استعادة التمثيل الدبلوماسي الكام ...
- مهرجان للفيلم الأمريكي في بغداد السينما ودعوة للشراكة مع الم ...
- زيارة ولاية كارولينا الشمالية مزيج من الجمال الطبيعي والتاري ...
- الجواري والموسيقى.. وجهان لثراء الحياة في قصور الخلافة العبا ...
- استمتع بتجربة رعب جديدة من نوعها.. بعد تحديث تردد قنوات أفلا ...
- ما حقيقة الاعتداء على الفنان السوري عبد المنعم العمايري؟


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - اليهودي في رواية -كوانتوم- أحمد أبو سليم