مراثي المدينة القديمة

رحمة يوسف يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 18:34
المحور: الادب والفن
    

رواية للروائية الموصلية غادة صديق رسول، تستعرض أحداث الموصل في حربها مع داعش، الحصار وتحرير جانبي المدينة والمنطقة القديمة تحديدًا، اللافت في أسلوب الكاتبة أنها تربط التاريخ مع وقائع الأحداث التي تناولتها الرواية، وهذا ما أضاف لها متعة خاصة ومزيدًا من التشويق، وجعل للأحداث بعدًا تاريخيًا أعطى للقارئ صورة أوسع من مكان وزمان الأحداث ذاتها، وذلك عبر سرد أحداث تاريخية تتعلق بأهم الأحْصِرة التي تعرضت لها الموصل منذ مئات السنين، منذ عام 1058م، حتى الحصار الأخير هذا، كذلك الربط التاريخي بين القصص الاجتماعية الموثقة تاريخيًا ووقائع الأحداث موضوع الرواية، كقصة عبود أبو القلية وملا أمين الأوتجي، وغيرهم.
أبو مريم نظام الدين ومريم ابنته بطلا الرواية، أبو مريم المفتون بتراث الموصل والانتيكات يحكي لابنته في السرداب عن تاريخ الموصل، ويناقشان الأوضاع التي تمر بهما وبالمدينة، من قتل واعتداء على المدنيين من قبل الدواعش، وقصف المدنيين من قبل قوات التحالف بالخطأ، والجوع الذي يطال المدينة والأبرياء نتيجة الحصار، ومساعدتهما للجياع المحاصرين من المدنيين، وعنصرية الدواعش في مساعدة أتباعهم ولا مبالاتهم تجاه غير المنتميين لهم، أجزم بأن كل ما روته الكاتبة حقيقيًا، فقد عشناه كله وأكثر..، ولم تغفل عن مجزرة الزنجيلي التي راح ضحيتها 350 بريئًا هاربون من الجوع، باحثون عن النجاة، ومجزرة موصل الجديدة التي استشهد فيها 500 بريئًا في غارة واحدة، و2070 بريئًا حكم عليهم بالموت من قبل داعش بداية احتلالهم للمدينة من ضمنهم زوج مريم بطلة الرواية. كذلك حواراتهما كانت تناقش القضايا الدينية ورفضهما للتشدد الذي جاء به داعش، يفهمان الدين بوعي، وحب وانسانية، ويرفضان من انتمى لداعش وانكشفت أقنعته وزيفه ويتمثل ذلك بجارهما الذي كان أهل المحلة يسمونه بيت أبو البركة. نظام الدين وابنته مريم وحوارتاهما في السرداب يمثلان أهل الموصل الأصلاء الذين رفضوا داعش، والذين نالهم الفقد والجوع والرعب والموت..
زوجة نظام الدين التي تنتمي إلى عائلة من عوائل الموصل، والحوارات والجدال طيلة أفصل الرواية مع زوجها نظام الدين، تستعرض من خلالهم الكاتبة أطباع أهل الموصل، والواقع المجتمعي والعلاقات بين طبقاته في المدينة.
اللافت في الرواية كذلك استعمال اللهجة الموصلية في الحوار بين شخصيات الرواية بطريقة خدمت النص، ولم تطغَ على الفصحى، حقيقة أنا لا أرغب باستعمال العامية في النص، ولا أرغب بقراءة الروايات والقصص التي ترد فيها العامية كثيرًا، لكن ورود العامية في الرواية هذه لم يُعِبها، بل أضاف ميزة لها، وظهرت اللهجة الموصلية جميلة للغاية، مثل: (الصور لا تغشعا لبابا، انفجعنا وانكفينا، الانفجار كثيغ قغيب، جا المشعول الجديد، الله ينتقم منو..)
الرواية من الناحية العاطفية حالها كحال الروايات التي تناولت هذه الأحداث، موجعة ومؤثرة، يلحقها قصص أطفال بأقلامهم، يبدو منها أن الكاتبة استعانت بأحداث الرواية أو بعضها من شخصيات حقيقية.
أنصح بقراءتها.

#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات