اضطراب المعادلات السياسية في سوريا ( 2 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تتزايد الأسئلة حول مستقبل سوريا يوما بعد يوم و هذا دليل على أن المعادلات السياسية التي تتحكم بالمشهد الاجتماعي و السياسي لسوريا تعاني من اضطراب شديد .
أصبح واضحا أن إجابات معظم الأسئلة التي تخص الوضع في سوريا مؤجلة و تنتظر بدأ الرئيس الأمريكي ترامب لمرحلته الثانية في أدارة سياسة أمريكا في 20 من الشهر الحالي .... من هذه الأسئلة :
أولا : تواجه قوات سوريا الديمقراطية " قسد " حاليا خطر الدفن مع اسلحتها تحت الأرض السورية . كما توعد و هدد الرئيس التركي أوردوغان بفعل ذلك إن لم تعلن " قسد " بكامل تشكيلاتها العسكرية استسلامها و تسليم كل اسلحتها للجيش الذي تشكله هيئة تحرير الشام في سوريا الجديدة ... فهل ستسمح إدارة ترامب للقوة العسكرية التركية بتصفية " قسد " و إنهاء وجودها على الأرض السورية ...؟
** قوات سوريا الديمقراطية كانت و لازالت حليف امريكا الموثوق به على الأرض السورية و هي جزء مهم من حلم الأكراد في إقامة منطقة حكم ذاتي على الأرض السورية , و إن هذا الحكم الذاتي هو خطوة مهمة على مسار تأسيس الدولة الكوردية التي من الممكن أن تتشكل مستقبلا من اجزائها الأربعة في أيران و العراق و سوريا و تركيا , لذا من المستبعد جدا تخلي إدارة ترامب عن قوات سوريا الديمقراطية لأسباب عديدة , ليس فقط لأن وجود هذه القوات يشكل دعم لمشاريع امريكا المستقبلية في بناء شرق أوسط جديد بل لأن نشوء دولة كوردية حليفة لإسرائيل سيدعم أمن إسرائيل و يساعدها على إنشاء دولتها الكبرى و إعادة بناء الهيكل على الأرض التي عليها الآن الجامع الإسلامي الذي يسمى اسلاميا بالمسجد الأقصى .
ثانيا : هل ستقبل مصر و السعودية و الأمارات و الأردن , هذه الدول التي يعتبرها الغرب قائدة للاعتدال في المنطقة العربية , بنشوء دولة دينية في سوريا ...؟
** من المؤكد أن كل الدول العربية المعتدلة ستعمل على هدم مشروع أنشاء دولة دينية إسلامية في سوريا , و سيكون لإسرائيل دور مهم في مساعدة هذه الدول في هدم هذا المشروع لأن إسرائيل لن تقبل أطلاقا بوجود دولة تعتمد الإسلام السياسي على حدودها و الذي سيشكل خطرا على مستقبلها .
ثالثا : ما مصير الطوائف و القوميات المستبعدة حاليا من السلطة في سوريا و على الأخص الكورد و العلويين و الدروز و المسيحيين و الصوفية في ظل دولة دينية تحكم كل سوريا لكنها تتبع شريعة إسلام سياسي لطائفة واحدة يصفها الكثير من المتابعين للشأن السوري بكونها شريعة جهادية متطرفة ...؟
** أن لم يتم الإسراع بالتراجع عن مشروع أقامه دولة دينية في سوريا فسيتعرض هذا البلد في احسن الحالات للتقسيم بدعم إسرائيلي مباشر .
رابعا : هل سيتم تصفية التيارات العلمانية و القومية العروبية في ظل نظام سوريا الجديد ...؟
** لا شك أن ما سيحصل في سوريا هو تصفية تدريجية لكل التيارات من غير الإسلام السياسي الحاكم الذي يقوده احمد الشرع .
خامسا : هل ستقوم امريكا و معها حلفائها برفع هيئة تحرير الشام و قادتها و منهم احمد الشرع من قوائم الإرهاب ...؟
** سوف لن يكون هنالك داعي لرفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب لأن هذه الهيئة ستختفي من الوجود الأسمي بعد أن يتم حلها , كما قرر احمد الشرع ذلك , أما رفع شخص أحمد الشرع من قائمة الإرهاب فهذا سيعتمد على سلوكه في المستقبل و درجة تطابق هذا السلوك مع متطلبات مشاريع إسرائيل المستقبلية .
سادسا : هل ستقوم امريكا و معها حلفائها من الدول الغربية برفع العقوبات عن سوريا من ضمنها الغاء قانون قيصر ...؟
** سيرتبط رفع عقوبات أمريكا و حلفائها المفروضة على الدولة السورية على درجة خضوع النظام الجديد في سوريا لمتطلبات المخططات الأمريكية في المنطقة , وفق نهج خطوة مقابل خطوة , لكن في النهاية سيرتبط رفع هذه العقوبات بشكل كلي و شامل بشرط أسقاط نظام احمد الشرع .
سابعا : هل سيتم انهاء وجود القواعد الروسية في سوريا ...؟
** يبدو أن انهاء وجود القواعد الروسية في سوريا هو مطلب أوربي و بالأخص من فرنسا الداخلة في مواجهة قاسية مع روسيا على الساحة الأفريقية , و من المحتمل أن لا يشكل هذا المطلب مسألة ذات اهمية لدى إدارة ترامب القادمة بالإضافة الى أن هذه القواعد لا تشكل أي خطر على إسرائيل , و قد يكون العكس هو الصحيح , فقد تخدم هذه القواعد مستقبلا المشروع الأمريكي الإسرائيلي بإسقاط نظام احمد الشرع لأن إسقاط هذا النظام هو هدف روسي ايضا .
ثامنا : هل سيوافق قادة هيئة تحرير الشام على التطبيع مع إسرائيل لضمان بقائهم في السلطة ... ؟
** كل المؤشرات الظاهرة حاليا تدل على أن إسرائيل ليست مضطرة لقبول نظام أحمد الشرع بجوارها , و قد يكون استبداله بنظام آخر أكثر قابلية للتعاون معها هو حل أفضل لإسرائيل و أمنها .
أن السؤال الذي يقلق شرائح واسعة من الشعب السوري و خصوصا الأكراد و العلويين و الدروز و المسيحيين هو :
هل أن سوريا قد استبدلت نظام ديكتاتوري مستبد بنظام يختلف عنه في نوع الديكتاتورية و الاستبداد ...!

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات