أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - قطوعات فلسفية :عرض تحليلي نقدي















المزيد.....


قطوعات فلسفية :عرض تحليلي نقدي


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 11:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1. هيجل وطبيعة العقل الجدلية
من خلال مقولة انجلز الدوغمائية ماركسيا اعتباره (قوانين الطبيعة) تعمل بشكل جدلي ديالكتيكي ذاتي بعيدا عن رغائب الانسان. قول انجلز هذا يوقعنا بمأزق ليس سهلا علينا التخلص منه. ماهي العلاقة التي تربط بين قوانين الطبيعة الثابتة وقوانين الديالكتيك المتغيرة؟. الاسبقية في التحكم بالطبيعة والمادة والتاريخ هي لمن؟ هل هي لقوانين الطبيعة ام لقوانين الديالكتيك؟.
أم هما متكاملان في التحكم بالمادة والتاريخ والانسان. لا يمكننا القول ان قوانين الطبيعة(الثابتة) هي نفسها قوانين الجدل الديالكتيكي (المتغيرة) وهما يعملان بخصائص ذاتية باختلاف خواص قوانين الطبيعة هي قوانين فيزيائية ثابتة. بينما قوانين الجدل الديالكتيكي هي قوانين تحكم التاريخ في سيرورة متغيرة ليست ثابتة. في تخطئتنا عبارة انجلز نقول قوانين الطبيعة العامة ثابتة فيزيائيا ولا تدخل في علاقة جدل ديالكتيكي مع ظواهر او قوانين هي من صنع علاقة الانسان بالطبيعة.. الديالكتيك المادي الجدلي في قوانينه الثلاث انما يقوم على ركيزة التضاد التي تحكمهما وتجمع بينهما المجانسة النوعية الواحدة زائدا الحركة الدائمية الدائبة لطرفي التضاد الجدلي. التضاد محكوم بزوال ما يسمى طرف السلب ليخلي الطريق امام الطرف الايجابي ان ياخذ دوره في استحداث الظاهرة الثالثة الجديدة نتيجة التضاد بين سالب وموجب.
هذا الخلط الذي بدأه انجلز قوله طبيعة قوانين الطبيعة محكومة بالجدل الديالكتيكي أوقع هيجل بخطا فلسفي فادح قوله (طبيعة العقل جدلية بالفطرة البايولوجية للانسان). وهذه الطبيعة الجدلية للعقل هي التي تحكمنا في تحليل كل مظاهر المادة والحياة والتاريخ بقوانين الجدل الثلاث. اولا وحدة وصراع الاضداد, ثانيا تحول الكم الى كيف (نوعي), وثالثا قانون نفي النفي.
اعتقد انزلاق انجلز قوله قوانين الطبيعة هي ذات خصائص ديالكتيكية لا موجب الوقوف لتفنيد خطأها فهي ولدت ميتة بدوغماية فجّة واضحة.
اما بخصوص مقولة هيجل التي لا تقل ابتذالية فلسفية دوغمائية عن مقولة انجلز في مقولته طبيعة العقل الديالكتيكية بالفطرة هي التي تملي وتخلع على التاريخ والمادة طبيعتهما الجدلية المادية الديالكتيكية.
طبيعة العقل جدلية بايولوجيا بالفطرة هراء وخرافة فلسفية اطلقها هيجل. ولا يمكن لطبيعة العقل الجدلية هذه حسب تعبير هيجل ان تخلع على تفكيرنا ان كل شيء يتوجب تحليله ودراسته وفق منطق الديالكتيك. قوانين الجدل يحكمها التغيير الحاصل بكل شيء محكوم بالحركة والسيرورة المتقدمة فهي لا تلتقي قوانين الطبيعة الفيزيائية العامة الثابتة.
خصائص العقل البيولوجية تقوم على اشباع حاجات الجسم الغريزية والمكتسبة عن المحيط والمؤثرات الموضوعية والمعرفية التي مصدرها العالم الخارجي الطبيعة وموجوداتها. وتبقى علاقة اشباع الذات او العقل لمفاهيم اكسيولوجية مثل القيم والعواطف والغرائز الفطرية وغيرها تدخل في باب علاقة العقل بالجسم.
من المحال ان يشتغل العقل في جانب واحد من خصائصه المتعددة كي نقر بسذاجة مقولة هيجل العقل ذو طبيعة جدلية. ومن غير المنطقي ولا من المعقول ان تكون جميع عقول الناس مبرمجة طبيعيا بالفطرة في الخاصية الديالكتيكية.
فالفكر الصادر عن عقل شخص يفكر تفكيرا ماديا جدليا. لا يمكننا العثور على عشرات بل مئات وملايين العقول التي يجمعها خاصية الديالكتيك كطبيعة عقلية كما يرغب هيجل نمذجة العقول في بعد واحد من التفكير.
من جنبة اخرى ليس بمقدور العقل تخليقه واقعة الديالكتيك المادية. فالديالكتيك قانون محكوم بظروف موضوعية متغيرة وليست ثابتة وهي اشتراطات تحدث بمعزل عن تدخل ارادة الانسان بها. وطبيعة الجدل في العالم الخارجي هو الذي يجعل التفكير العقلي جدليا يكون ثانويا على الجدل الحاصل في الواقع ما يجعل الفكر الجدلي متماهيا تابعا لجدل الواقع في الاسبقية الاستقلالية عن الفكر.
من جانب آخر فالديالكتيك هو خاصية واقعية بينما الفكر الجدلي خاصية تجريدية لذا يكون من الصعب جدا تمرير مقولة هيجل طبيعة الفكر الجدلي للدماغ او العقل هي التي تملي الجدل الديالكتيكي على الواقع. لا يوجد جدل كما ذهب له ماركس على صعيد الفكر يسبق ويحكم الواقع جدليا في جل تجلياته وظوهره. الواقع لا يحكمه الجدل في كل الاوقات كما ولا هو حادث حاصل بارادة ذاتية للانسان في تحقيق رغائبه. الجدل في حال حصوله في التاريخ والمادة يكون مستقلا نهائيا عن تلبية رغائب الانسان. نعم ترافق عملية الجدل الحاصلة وقائعيا عوامل موضوعية مساعدة في مهمتها تسريع انجاز عملية الديالكتيك.
2.الفكر والواقع
إذا كان هناك خاصية ينفرد بها الفكر تراسندتاليا (متعاليا) على الواقع فهي أنه يتطور ويتغير أسرع من التغييرات ألحادثة في واقع الحياة المادية وعالم الاشياء من حولنا في الطبيعة, بمعنى الفكر يدرك الموجودات بالوصاية العقلية عليها بما يجعل من هذا الاخير(الواقع بموجوداته) تابعا للفكر الذي يتقدمه في نفس الوقت الذي لا يمكن القفز من فوق حقيقة أن الواقع المادي للاشياء هو مصدر إلهام الفكر وسابق عليه وليس العكس. فالفكر لا يصدر من فراغ أي بلا موضوع مادي يدركه حسيّا او موضوع خيالي سابق عليه .
تبدو مفارقة متناقضة حين نقول الفكر يتقدم الواقع المادي في التقاطع مع/ والخروج على النظرة المادية ونسقط في تعبير مثالي حين نجد الافكار تجر الواقع وراءها على الدوام, في حين الحقيقة أن الواقع في موجوداته المستقلة أنطولوجيا هو محرك الفكر المحايث لذلك الواقع ماديا جدليا السابق على الفكرالمنتج لاستثارة وعي الادراك العقلي,, والأفكار في الوقت الذي تدخل جدليا(تكامليا معرفيا) مع موجودات الاشياء فهي تسابقها من أجل تغييرها وتطويرها بعد معرفتها وإدراكها عقليا, وتتطور هي ذاتيا أيضا بعلاقتها الجدلية مع تلك الموجودات. العلاقة بين المادة والفكر تكامل معرفي لكليهما في التقدم والتطور. لا يتطور الواقع من دون فكر نظري ولا يتقدم الفكر النظري بدوره من دون علاقته الترابطية بالواقع.
والافكار التي تحاول تغيير الواقع جدليا متخارجا مع موجوداته تتطور هي الأخرى في جدليتها المتعالقة بها.فوجود الشيء أو الموضوع المستقل ماديا أو خياليا يعالج من قبل الذهن فكريا في العقل البايولوجي قبل الأفصاح عن وجوده المادي في عالم الاشياء بواسطة تعبير اللغة عنه كموجود في العالم الخارجي او موضوعا متخيّلا. الموجود يسبق الفكر لكنه لا يلزم العقل إدراكه.
الموجودات في العالم الخارجي لا قدرة لها الإفصاح عن نفسها دونما الإدراك العقلي لها والتعبير الفكري لغويا عنها. وكذا نفس الحال مع المواضيع المصنّعة خياليا. فنحن نفهم الصمت تفكيرا إستبطانيا داخليا ذاتيا ولا نفهمه تعبيرا لغويا تواصليا صوت ومعنى دلالي. صمت اللغة في ضروب الفنون والادب تواصل إيحائي تكون فيه لغة التعبير في حالة كمون مفهومي المعنى بمعزل عن خاصية ملازمة الصوت للغة.
وهذا يختلف عن صمت الانسان وإمتناعه التعبير عن تفكيره باللغة المكتوبة أو بالكلام في حال إدراكه أن لا فائدة من التعبير اللغوي . وتاكيد ذلك في تعبير لوفيدج فينجشتاين قوله حين نعجز التعبير بوضوح يكون الصمت أجدى.
ليس الواقع الوجودي للاشياء هو الإنعكاس الميكانيكي في تعبير الفكر واللغة عنه, وأنما الموجود بعد إدراكه حسّيا وعقليا يتم تخليقه ثانية بالعقل بما يطلق عليه كانط مقولات العقل. والاشياء التي يعمل العقل على تطويرها ينعكس هذا التطور الواقعي على الافكارالتعبيرية عنه فتتطور هي ايضا. بمعنى أن الواقع الذي يتطور بفاعلية الفكر يقوم هو الآخر بتطوير (ذاته) واقعيا ماديا ليبقى الفكر يتقدم الواقع في تخليقه له على الدوام ولا يتقدم عليه في أسبقية وجوده على الفكر..
3. عن اللغة ومصطلح ما فوق اللغة
ما فوق اللغة مصطلح فلسفي له ثلاثة تشعبات :
الاول يطلق عليه الميتالغة بمعنى الفهم السبراناتيكي للغة الذي يعتمد الذكاء الصناعي في الريبوت وغير ذلك من تكنولوجيا متطورة. ويطلقون على هذه الميتالغة اللغة المافوق اللغة المتقدمة المتعالية ترانسدتاليا التي تتحدث عن لغة اخرى ادنى منها. مشتركات اللغات في غير صفات النحو والقواعد الذي يشكل هوية لغوية خاصة بكل لغة لا تمكننا من دمج تلك اللغات مع بعضها في وضع قواعد نحوية مشتركة تجمعها. هذا ما حاوله موريس هيرمان سكينر في نظريته السلوك اللفظي ونعوم جومسكي في التوليدية اللغوية.
الثاني ان مافوق اللغة هو اللغة التواصلية التي لا تحكمها ضوابط النحو والقواعد والصرف وغيرها. فهي لهجة فطرية خاصة بجماعة او قوم اكتسبت صفة هوية يتكلمها ويتواصل بها قوم من الاقوام., ولم تكتسب اللهجة ضوابط المصطلح المتفق عليه على انها لغة خاصة تمتلك كل ضوابط وقواعد اللغة الخاصة بقوم من الاقوام او امة من الامم.
شرط اللغة هو المصطلح المتفق عليه في تثبيت نحوها وقواعدها الخاصة بها كي تمتلك هوية لغوية لقوم من الاقوام او مجتمع من المجتمعات. اما اللهجة او الكلام الشفاهي فهو وسيلة تواصل مجتمعية لا تمتلك قواعد ونحو لغة مدوّنة كما نجده عند الاقوام البدائية التي لم تكن تعرف التدوين والكتابة الصورية او الحروفية المتقدمة.
الثالث ان ما فوق اللغة هي اللهجات التواصلية لدى اقوام بدائية لم تكن تعرف التدوين. هذه اللهجات من الممكن ان تكون ما فوق لغة لكنها لا تمتلك الابجدية الحروفية المصطلحية المتفق عليها لتكون بعدها لغة تمتلك هوية خاصة بها.(تراجع مقالتنا ما فوق اللغة في العربية على كوكل وعلى نافذة نبأ العراقية).
الانسان يتكيف مع الطبيعة عندما يجد تفكيره لا يتعدى عالم ما يدركه حسيا. هل يعي الانسان تكيفه مع الطبيعة بارادة ووعي منها ام ان تكيّف الانسان مع تقلبات بعض ظواهر الطبيعة هي استجابة فطرية غريزية لديه؟.
الاحتمال الذي اميل اليه ان تطور ذكاء الانسان هو الذي اعطاه معنى التكيّف مع تقلبات ظواهر الطبيعة الذي رافقه انقراض انواع عديدة من الكائنات الحية من حيوان ونبات وبعض من سلالات بشرية تعود الى مراحل عصور تطور الانسان انثروبولوجيا. من حيث ان منهج دارون في اصل الانواع والبقاء للاصلح يعتمد تطور انثربولوجيا تاريخ الانسان وليس تطور الغرائز والفطرة البايولوجية للانواع في الطبيعة فقط.
نظرية داروين تقاطع في بعض حلقاتها حقائق العلم كما تقاطع ميتافيزيقا السرديات الدينية الكبرى. كما تقاطع الماركسية الحاضنة الاولى لافكار داروين. القوى الذاتية لتطور الانواع وبقاء الاصلح هو ناتج املاءات الطبيعة على الكائنات الحية. الطبيعة وبيولوجيا الانواع المرتكز الاساس في الداروينية.افضل الكتابات الفلسفية هي غير الزوبعة التي تثيرها بل هي النبيذ المعتق الذي خمّرته الاعوام الطويلة ليصبح بعدها تذوقا نخبويا فريدا.
اعجاز العقل يكمن في تفكيره اللغوي الصوري. بمعنى آخر العقل لا يفكر بالفكر المجرد الانفصالي عن الابجدية اللغوية فهذا محال. تفكير العقل ابجدية لغوية صورية صامتة وليس فكرا تجريديا متحررا من ابجدية اللغة. الفكر داخليا في (الجسم) وخارجيا في ادراكه العالم وموجودات الطبيعة والحياة هو لغة لها معنى محدد لموضوع. وهنا اعيد عبارة منسوبة للفيلسوف الاميركي سيلارزهي قمة ما توصلته فلسفة اللغة قوله ( الوجود لغة). وهي تاكيد اننا لا ندرك اي شيء بالفكر وحده مجردا عن ملازمة الابجدية اللغوية له. وجود المادة ادراك لغوي للانسان وحضور مستقل في الطبيعة لا يمتلك التفكير ولا ملكة التعبير عن نفسه.
تفكير العقل صمتا لا يلغي ابجدية اللغة الصورية صوتا ومعنى كما هي في تعبير اللغة الصائتة عن مدركات العقل من الاشياء والمواضيع في العالم الخارجي. والفكر الذي يعمل على تطوير واقع الاشياء إنما هو الآخر يتطور في مجاراته تطورات الواقع ومجاوزته لتلك التطورات في تعاليه عليها بإستمرار... وفي الفرضية الخاطئة التي تقود الى نتيجة خطأ أيضا هي في إعتبار عملية إدراك الانسان للاشياء هو في سعيه مطابقة قوانينه المستحدثة لديه مع قوانين الاشياء في وجودها المادي المستقل قبل إدراكها وهو إفتراض وهمي غير حقيقي ولا يمكن الانسان فهم وتنظيم عوالمه الحياتية بهذا التنميط من التفكيرالسلبي مع إدراكاته لعوالم الاشياء في وجودها الطبيعي..
بل الادراك الحقيقي أن تدخل الاشياء المدركة مع الفكر في تكامل معرفي ثنائي متبادل يكسبهما كلاهما التغيير والتطور وبغير هذا الفهم معناه نفي أن يكون هناك فائدة من وعي الانسان لموجودات الطبيعة وإستحداث رؤيته وقوانينه الخاصة بها ..ألنتيجة التي يحرزها الفكر بالنهاية من هذه العملية هو أن تكون قوانين الفكر هي قوانين الاشياء في الواقع... بمعنى أصبح ما نمتلكه عن الاشياء من أفكار نتيجة مدركاتنا لها هو وحده الذي يعطي وجودها الحضوري الواقعي في حياتنا. مطابقة تفكيرنا للواقع لا يلغي حيازة الفكر خاصية تغيير ذلك الواقع.
تفكير العقل في وعيه القصدي لا يسعى مطابقة صحة افكاره مع مدركاته الواقعية بل في محاولته وضع تنظيرات فكرية في تغييرها. العقل الانساني يبحث عن الاجابة لماذا ندرك الاشياء؟ وليس كيف ندركها.؟
إن العقل وحده له الأسبقية في تحديد الوجود والفكرالمتعالق معه أن يكون ماديا أم مثاليا. واللغة تكون في هذه الحالة وعاء الفكر في تحديد نوع الوجود المادي أو المثالي المفصح عنه بتعبير اللغة. في عالم صنع الانسان لحياته في كل مناحيها بعلاقته بظواهرالطبيعة ومواضيعها, بمعنى أن وجود عالم الاشياء سابق على أدراك الانسان لها انطولوجيا, وتنظيم الانسان لوجود عالم الاشياء هو الحافز الاساس لأدراكه تلك الموجودات, والعامل الأهم أنه ينّظم مدركاته للاشياء التي هي بالنتيجة تنظيم حياته ووجوده, والفكر الانساني لا يعمل في فراغ وجودي مادي أوفي فراغ غير موضوعي متخيّل من الذاكرة ولا في تجريد ذهني يلغي مؤثرات علمية ومعرفية عديدة في فهم وبناء الحياة الانسانية...
اللغة والفكر لا يحضران سوّية الا في محاولة تنفيذ ايعازات مصنع الحيوية العقلية بالاخبار الادراكي العقلي عن موضوع جرى التفكيربه ذهنيا واكتملت مهمة اعادة الوعي من العقل الى عالم الاشياء كفكرجديد بلغة جديدة وليس كوجود سابق مستقل في عالم الاشياء قبل ادراك العقل له.العقل لا يخلق موجودات الحياة القبلية بالفكر بل يخلق وسائل فهم وتفسير وعي تلك الحياة في إعطائها قيمة منظمة تخدم الانسان وتقدمه .
ايعازات العقل الارتدادية الانعكاسية الصادرة عنه بتوسيط الوعي والواردة اليه بواسطة منظومة الجهاز العصبي المرتبطة بالدماغ في تخليقه لمواضيع جرى تفكيره بها انما تتم في تنفيذ اللغة او غير اللغة ايعازات العقل في اعادة الموضوع المفكّر به من العقل الى امكانية ادراكه في العالم الخارجي بفهم جديد عما كان عليه قبل ادراك العقل له, في توّسله اللغة التي هي الفكر ولا فرق بينهما في التعريف المادي او التجريدي بالموضوع في وجوده المستقل في عالم الموجودات الخارجي بعد تخليقه عقليا.الوجود الادراكي الحسي او العقلي المستقل هو وجود فكري لغوي كما هو وجود مادي مستقل في عالم الاشياء ايضا.
كل خارق لقوانين الطبيعة معجزة لا يستطيعها كل البشر ولا يتم ادراكها عقليا لتصبح وجودا بذاته. يمكن التسليم بها ايمانا قلبيا فقط. المنفعة او مبدا اللذة الابيقورية وفي الفلسفة البراجماتية الاميريكية هي جوهر انساني فطري غريزي .اي انها لا تحتاج اشتراط فلترتها التجريبية العملانية في تاكيد نفعها من عدمه كما تذهب له الذرائعية الامريكية.
المنفعة غريزة انفرادية يعزز انتشارها انها تعيش ضمن مجتمع. والمنفعة معرفة وسلوك تلازم الانسان كمثل تقاسيم وجهه. اعمال الانسان طيلة حياته هي سعي محموم مرتكزه برمجة الانسان لعقله من اجل تحقيق منفعة انفرادية من حيث طبيعة الانسان كائن إنتفاعي نفعي معا. والتضحية من اجل الاخرين ضرورة ملزمة وليس ارادة ذاتية متحررة. وحين يحب رجلا امراة على سبيل المثال انما يحبها بدافع اشباع لذته ومنفعته الغريزية وليس تلبية رغائب المرأة في العملية الجنسية.. القليل الذين يفكرون ممارسة العلاقة الحميمة تنتفي فيها السلطة الذكورية التسلطية على الارادة الانثوية المستضعفة. الحل في التكافؤ فقط.
عالمنا المعاصر اصبح مفهوما متفقا عليه يقوم على ثلاثة ركائز هي :اولا الشعور الواقعي هو أنه عالمنا الحقيقي الذي نحياه ولا يشترط ان يكون افضل العوالم كما ذهب له لايبنتيز في القرن الثامن عشر. كما لا يوجد عالما مثاليا لا ندركه هو الاسمى من عالمنا الذي نعيشه كما ذهب له افلاطون ونيتشة وبعض فلاسفة الوجودية. الركيزة الثانية لم يعد امام العالم التراجع عن منجزات العلم الواجبة التكيف معها لذا يكون العقل البوصلة الحقيقية الوحيدة في محاولة معرفتنا موضع اقدامنا. الركيزة الثالثة التفكير الصارم بعدم جنوح النزعات التدميرية والحربية بدل ترسيم مستقبل متعايش بسلام يحتضن الجميع بوئام المعيش بسعادة..
لم يعد امام عالمنا اليوم التعويض عن تازمات الحياة المتوالية في سلسلة متناسلة من الكوارث سوى دخول واقعنا الحقيقي بخطاب نافذ جريء. الخطابات الانانية الضيقة التي تلهث وراء الاستهلاك النخبوي لم تعد صالحة لعالمنا اليوم فقد انتهى زمن القضم من حافات تجسير العلاقات الانسانية وتراجع تاثيرها. اعتقد مقولة بروتاغوراس "الانسان مقياس كل شيء" صالحة الاستعمال.
من جملة فلاسفة عديدين انكروا العقل الانساني يبرز في الفلسفة الغربية المعاصرة الاسكتلندي ديفيد هيوم ليتبعه زميله الانجليزي جلبرت رايل 1900- 1976 الذي قال باصرار عنيد ليس هناك عقلا ولن يكون مستقبلا ابدا. الوعي هو الوسيلة الادراكية العقلية لفهم الواقع وتغييره. ولا علاقة جدلية بين الوعي والواقع, الوعي تجريد عقلي تصوري لا ينتجه الواقع. بل هو توسيط نقل مقولات العقل عن مدركاته الواقعية.



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحول اللغوي ونظرية المعنى
- شيء عن فلسفة اللغة
- كينونة الموجود في الفلسفة الوجودية
- جبرييل مارسيل الوجود الانساني بين الذات والجسم
- افكار وجودية عرض نقدي
- لماذا اصبح الايمان بالله ضرورة!؟
- المعرفة المعطى الفطري والخبرة المكتسبة
- الوعي والخيال
- الوعي بين النفس والوجود (1)
- الارادة الوعي القصدي والموضوع
- القوانين الطبيعية والانسان
- قراءة في رواية معطف احفاد السيد غوغول
- مالبرانش وحدة الوجود والايمان
- شوبنهاور وبؤس الفلسفة
- تحقيق الوجود بالتفكير
- اثنتان وثلاثون شذرة فلسفية
- الوعي في متناقضات فلسفة الظواهر
- الموضوع الوعي القصدي والصدف الغفل
- طبيعة الادراك في الفلسفة
- شذرات فلسفية نقدية عن اللغة


المزيد.....




- أوكرانيا تنشر فيديو لجنديين من كوريا الشمالية اعتقلتهما في م ...
- الشرع يعلن موقفه من فتح الحدود بين لبنان وسوريا ويحدد أهم مل ...
- الشرع يستقبل ميقاتي ويؤكد على عمق العلاقة بين سوريا ولبنان
- بعد تغريدة آل الشيخ.. إعلامي مصري يحذر من -لجان- ويستشهد بمث ...
- تايوان تسجل أدنى معدل ولادات في تاريخها خلال العام 2024
- مصر.. الداخلية تنفي صحة رسالة صوتية منسوبة لأحد مسؤوليها في ...
- موقع عبري يتحدث عن ضربة جديدة سيتلقاها -حزب الله- ليس من إسر ...
- ضغوط أوروبية على منصات التواصل
- وزير جزائري سابق يرد على الحملة الفرنسية ويوجه رسالة قاسية إ ...
- تفاصيل جديدة عن إحباط محاولة تفجير مقام السيدة زينب جنوب دمش ...


المزيد.....

- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - قطوعات فلسفية :عرض تحليلي نقدي