لماذا تخل أصدقاء بشار الأسد عنه ؟

محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 10:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هل خان بوتين بشار الأسد ؟ وهل خانته ايران ؟ الجواب على كلا السؤالين هو لا . لقد اتفقت جميع وكالات الانباء العالمية ان القوات السورية لم تكن لديها الرغبة في القتال , وانه من غير المعقول ان يحل الجيش الروسي او الإيراني محله لوقف زحف عناصر هيئة تحرير الشام نحو دمشق. دخلت القوات المعارضة أولا حلب متحمسة ولكن قابلها جيش سوري غير متحمس للدفاع عن المدينة فتدحرجت الأمور وبدء تتساقط المدن الواحدة بعد الأخرى . روسيا وايران كانا يعرفان قبل اشهر من سقوط دمشق بان هيئة تحرير الشام كانت تتحضر للهجوم , الا ان القيادة السورية براسة بشار الأسد لم تتحرك لرفع همم قواتها المنهارة او اطلاق مبادرة تغيير, تجمع السوريين .ففي حديث مع وكالة صينية , ذكر وزير الخارجية الإيراني جواد عراقجي "كنا على علم منذ أشهر بأن الجماعات المعارضة والمناهضة للحكومة السورية تُعيد تنظيم صفوفها للقيام بعمليات عسكرية، وقد نقلنا هذه المعلومات إلى الحكومة السورية، كما علمنا أن روسيا قدمت معلومات مشابهة للرئيس بشار الأسد". وأضاف "رغم توقعاتنا بحصول تحركات عسكرية، فإن التطورات حدثت بسرعة كبيرة بشكل لم يكن متوقعًا، ولم يتمكن الجيش السوري من المقاومة كما كان متوقعًا. حتى الرئيس بشار الأسد نفسه لم يكن يتصور أن يكون أداء الجيش بهذا الشكل".
والحقيقة التي لم يتحدث عنها الوزير الإيراني هو ان قادة الجيش كان ليس لهم الرغبة في قتال المعارضة , حيث ان الانهيار الاقتصادي والسياسي للنظام بدء ينخر عظام المواطن السوري بما فيهم القوات المسلحة السورية وكانوا راغبون بتغيير النظام , خاصة وان نار فشل بشار في إدارة الدولة السورية بدأت تحرق اقرب المقربين له . الشعب السوري كان يريد التغيير, ولم يسمح ان تفوته الفرصة حتى ولو كانت هذه الفرصة تتحقق على يد مسلحو هيئة تحرير الشام .
وهذا ما كان يقلق القيادة الروسية , حيث جاء في تصريح لوزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف , ان " الإطاحة السريعة بالأسد كانت نتيجة عجزه عن معالجة المشاكل الاجتماعية في البلاد ", وأضاف قائلا " ان أسباب تدهور الوضع كان عجز الحكومة السابقة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان وسط الحرب الاهلية الممددة" .
روسيا دعمت النظام السوري طيلة العشر سنوات الماضية , ولكن كان من شروط الدعم هو ان ينفتح بشار الأسد على جميع مكونات شعبه , وان ينظر الى شعبه بعين واحدة , فلا يظلم مكون على حساب مكون اخر ولا مذهب على حساب مذهبا اخر . وكانت تتخوف من اندلاع حرب أهلية من سوء تصرفه في أي لحظة . ولكن لما لم ترى القيادة الروسية تغيير في سلوك القيادة السورية , جنحت بدعم التغيير حتى وان كان على يد هيئة تحرير الشام , وهو السبب الذي أدى بالقيادة الروسية بأقناع بشار بترك البلد , وعدم " إعطاء أي أوامر للجيش والأجهزة الأمنية بمواجهة التنظيمات المسلحة للمعارضة السورية ". وهذا ما كشفه وزير الخارجية الروسي لافروف بان " الرئيس السوري بشار الأسد غادر البلاد بعد مفاوضات مع اطراف الصراع و اعطى تعليمات بضرورة تناقل السلطة سلميا".
وتأكيدا الى ما ذهب اليه وزير خارجية روسيا بان بشار لم يتخلى عن السلطة طوعيا , وانما جابه برفض روسي قاطع هو ما افاد به مدير مكتبه الإعلامي السيد كامل صقر , بان روسيا لم تستجب لطلبت الأسد باستخدام قاعدة حميميم لنقل مساعدات عسكرية إيرانية للجيش السوري بعد سقوط حلب . كما وان بشار حاول الاتصال بالرئيس الروسي بوتين " على مدار 3 أيام سبقت 8 كانون الأول يوم سيطرة المعارضة على دمشق".
قضية اسقاط الأسد تذكرنا بقضية اسقاط نظام صدام حسين , وهي ان النظام الديكتاتوري مهما استخدم من قوة لقمع مواطنيه , ومهما كثرت ازلامه وصفق له , ومهما مال الى طائفة دون اخر , فان نهايته هو الفشل والاندثار . العراق كان محميا من قبل أمريكا والغرب , ونظام سوريا كان محميا من روسيا , ولكن ضمانة الدول الكبرى لا تبقى طويلا اذا عرفت هذه الدول ان مصالحها قد تتضرر في حالة استمرارها على الحماية , خاصة عندما تكون شعوب الحكومات المحمية رافضة لحكوماتها وان هذا ارفض يزداد يوما بعد يوم .
لقد ترك صدام حسين العراق وهو منقسم , فقير , ويعاني جبل من المشاكل الاجتماعية والثقافية , ولولا الخيرون منه لتقسمت البلاد الى مائة مقاطعة كل مقاطعة يحكمها شيخ عشيرة او رئيس حزب , وحتى بعد عشرين عاما على التغيير ما زال المواطن العراقي يعاني الكثير من مخلفات ذلك النظام .
بشار أيضا ترك البلد مهشم وفقير بسبب ديكتاتورية نظامه , وتقريبه افراد من مذهبه واقصاء اخرون , وبعد كل هذا جنى الهزيمة وعيش الغربة والكراهية في قلوب ربما الملايين من السوريين . وليس هذا وحده , وانما جنى على أبناء مكونه الذي لم يستفد من نظامه اكثر من 1% , فاصبح أبناء طائفته هدفا للغاضبين على بشار , كما اصبح اهل تكريت في العراق هدفا للغاضبين على صدام حسين . انها سنة الله . يا ليت حكامنا الاحياء يأخذوا العبر من الحدثين وان ينتبهوا الى شعوبهم لا الى من يحميهم , لان الحماية لا تستمر في ظل رفض المحكومين للنظام . شاه ايران كان قبل ذلك , انتهى المطاف به ان يموت ويدفن في مصر بعد ان رفضت أمريكا حتى منحه فيزه دخول لها.

#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات