|
وصية وحيد حامد للمصريين (2)
محمد حمادى
كاتب رأى حر مصرى
الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 20:14
المحور:
الادب والفن
حينما نتحدث عن الإبداع والجرأة في الكتابة يتصدر اسم الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد المشهد كأحد أبرز صناع السينما والفن المصري والعربي بأعماله التي أثرت في وجدان الملايين، كما نجح في تصوير الواقع كما هو دون تزييف أو تجميل بل كان مرآة تعكس المجتمع وتقدم رؤى تنبؤية لأحداث شكلت جزءا من تاريخ مصر السياسي والاجتماعي. واستكمالا لما بدأناه فى المقال السابق ، نتذكر معا بعض من كتابات كاتبنا الكبير وحيد حامد . (....أخاف عليك يا وطنى من قبائل الغجر المنتشرة فى ربوعك.. هؤلاء الذين لا يعرفون الانتماء وإنما هم دائماً وأبداً أُجراء حياتهم قائمة على الخطف واللعب بالثلاث ورقات وترقيص القرود.. هؤلاء هم الزمرة الفاسدة الساخطة والرافضة والمناوئة فى كل الحالات.. يشكون من الحر فى برد الشتاء ويشكون من البرد فى حر الصيف.. لا يُقدّرون الأمور بقدرها.. ولا يعرفون العدل أو الإنصاف وإنما لديهم عدوانية كأنهم الإبر فى أشجار الشوك.. ويملكون طبع العقارب المشبع بالقسوة والغدر.. كل واحد فيهم يتحرك وفوق ظهره ذنب سام.. لأنهم فُطروا على الكراهية منذ النشأة.. كل شىء عندهم قابل للبيع حتى المقدسات والثوابت.. ينشرون الزيف والكذب.. ويمارسون الضلال علناً.. الحقيقة التى يؤمنون بها هى استقرار «دولارات» العمالة فى أيديهم.. والمدهش حقاً أنهم يعتبرون أنفسهم ثواراً ومعارضين..! الثائر والمعارض الحق هو من يحمل قضاياك يا وطنى ويناضل من أجلها بالرأى السديد والحجة القوية والرفض المطلق لكل ما هو خاطئ وضار، وعندما يكون الرفض غير كاف عليه أن يقاوم.. أما أن تشمت قبائل الغجر فى وقوع كارثة طبيعية ضربت أجزاء غالية من أرض الوطن وكانت خسائرها هائلة، فهذا أمر لا يقبل عليه إلا كل غجرى خائن.. هذه المصائب تحدث فى كل بلاد الدنيا ونتائجها متشابهة والأحوال الجوية السيئة تضرب المنطقة كلها والضحايا والخسائر هناك أيضاً وبنفس القدر ولكنهم كـ«الأبراص» يرقصون حول وهج النار المشتعلة.. من الذى يفرح أمام أى كارثة أو مصيبة حلت بالبلاد..؟ قبائل الغجر هذه لا يعنيها أن يكون الاقتصاد المصرى قوياً أو ضعيفاً، أن يرتفع سعر الجنيه المصرى أو يهبط.. لأن مواردهم بالكامل تأتيهم من الكارهين لمصر ولأهلها.. ولا يمكن أن يعتبروا أنفسهم مواطنين مصريين.. بل هم حاملو بطاقات إقامة.. أخاف عليك يا وطنى من الذين يقبضون من أجل إيذائك. ولأننا ندرك أن هذه الجماعة، منذ النشأة في عام ١٩٢٨ وحتى يومنا هذا، قد نجحت في تكوين اقتصاد قوى قائم على مشروعات تجارية في مختلف الأنشطة.. صناعية.. زراعية.. وصولاً إلى المستشفيات والمدارس وحتى الصناعات الصغيرة.. وهى بالطبع تضم الآلاف من الموظفين والعمال والتى حرصت الجماعة أن يكونوا جميعاً من الإخوان، وبالتالى فهم لا يستطيعون الإفلات من قبضة الجماعة سواء بحكم مبدأ «السمع والطاعة» أو بسبب المصالح الأساسية والأرزاق شديدة الارتباط بالجماعة حتى صارت بالتدريج دولة خفية داخل الدولة لها كياناتها جيدة التنظيم والفاعلية وتعمل بنسبة قليلة ظاهرة، ونسبة كبيرة أكثر فاعلية تعمل تحت الأرض. لا أريد أن أكون من الأوباش الذين يقبلون بالسمع والطاعة وألغى عقلى، أو أكون حيواناً يسير على قدمين خلف الحيوان الأطول قروناً.. ولكنى أعلم أن آفة الدولة هي حقاً الإعلام.. قنوات تنافق في وقاحة وقنوات أخرى تبث السم في العسل وتزرع الإحباط وتحبط الهمم وتصدر شحنات اليأس.. وعليه فإن قنوات النفاق تعمل في غير صالح الوطن وقنوات بث السم في العسل تعمل في غير صالح الوطن.. وجميعهم لا يعنيهم الوطن إلا بقدر ما يأخذون منه.. وعلينا أن نعلم جميعاً أن شرف الإنسان يكمن في تمسكه بالحق والعدل، ومواطن مثلى من الصعب عليه أن يتم خداعه أو يتم تضليله بالكذب. أسوأ أمراض النفس البشرية هو التدين الكاذب.. وهناك من يكذب فى دينه عن عمد، أى أنه يكذب ويعلم أنه يكذب ويستمر فى خداع الناس بإظهار التقوى والورع، ولا مانع من أن يضيف من تلقاء نفسه بعض المبالغات حتى لو كانت لا تتفق مع صحيح الدين، ولكن لأن الأمر كله خدعة متقنة وكذبة مفضوحة، فإن هذا النوع من التدين يتحول تلقائيًا إلى فسق وضلال وفجور، وهذا النوع من البشر يتواجد ويتكاثر فى القطاع الوظيفى، حيث إن إظهار التقوى والإيمان العلنى المبالغ فيه فى ظن البعض أنه يبعد عنهم الشبهات أو يمنحهم حصانة ضد أى اتهام.. هؤلاء إذا دخلت إلى مكاتبهم وأثناء عملهم وجدت شاشة التليفزيون وهى مثبتة على إحدى محطات القرآن الكريم والقارئ الشيخ مستمر فى التلاوة، ولكن دون إنصات أو تدبر لمعنى الآيات الكريمة، لأن المسؤول منصرف تمامًا إلى حديث تليفونى أو مناقشة أمر من أمور العمل، وليس هذا فقط، وإنما للآيات القرآنية والمختارة بعناية والمختارة معانيها بكل دقة إلى جانب سجادة الصلاة التى تحتل رأس مقعد فى مكان ظاهر، حيث يراها كل زائر مع الإكثار بالصلاة على رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. الثابت والصحيح والموثق أن جماعة الإخوان هى فى الأصل فكرة استعمارية عملت إنجلترا على تنفيذها ومنحتها الرعاية والحماية بقصد شق الصف وحدوث انقسام يمنع توحد الأمة ويزرع بذور الخلاف الدينى والمذهبى وأيضاً السياسى ليكون الهدف النهائى أن تظل مصر المحروسة ضعيفة وممزقة، وتظل تابعة ومستكينة وتعمل على خدمة الاحتلال.. وهكذا نشأت الجماعة، واستمرار وجودها كان مرهوناً بحماية المستعمر لها الذى أحكم سيطرته على الوطن بفعل خدماتها.. ولم يكن الأمر مقصوراً على ذلك وإنما كانت هناك أهداف أخطر وأكبر وهى تكبيل مصر بسلاسل حديدية حتى لا تعرف النمو أو التطور وتخضع خضوعاً كاملاً للفكر الدينى الصحراوى الذى يرفض أى تطور حضارى بما فى ذلك العلم نفسه، وذلك ما كان يريده الغرب لمصر.. وعليه فأنا أعجب أشد العجب من الذين يرون فى مساندة أوروبا وأمريكا للجماعة والدفاع عنها أمراً غريباً.. الجماعة هى الابنة غير الشرعية والفاسقة التى أنجبها الاحتلال الإنجليزى ليتزوجها الاستعمار الأمريكى الذى ورث الاستعمار الإنجليزى، وصارت إنجلترا هى الوصيفة.. ولا يغيب عن ذهن أى مجتهد أن الخروج الكاسح للشعب المصرى وإقصاء الإخوان كان الضربة القاضية للمؤامرة الأمريكية على الوطن العربى كله لا على مصر وحدها.. وعليه فإن الهزيمة لم تكن للجماعة وحدها وإنما أصابت الرعاة الداعمين لها الذين انهارت كل خططهم العدوانية تجاه شعب مصر وغالبية الشعوب العربية، وبالتالى فإن ما نراه من الغرب ليس بالأمر الغريب أو المستبعد..!! إن حماية الجيش للشعب الذى هو منه مسألة وطنية خالصة لا تقبل النقاش والمزايدة مهما خرج علينا قوادو السياسة بكل الادعاءات الباطلة التى تعمل على هدم هذه الحقيقة الثابتة والتى تحرص عليها كل القوى الوطنية التى لم تتلوث عقولها، وليس معنى هذا أننا نريد للجيش أن يحكم البلاد، ولكننا نريده أن يحمى البلاد حتى تختار من يحكمها حكماً مدنياً لا دينياً ولا عسكرياً.. وهذا الأمر لا تريده جماعة الإخوان ولا التيار الدينى بكامله ودعونا من الطبطبة وتقبيل أرنبة الأنف لأن النار تحت الرماد.. ولأننى لا أستهين بقوة الجماعة بل أستهين بالذين يقللون من شأنها.. لأنها على مدار الأربعين سنة الماضية وهى دولة قائمة فى الخفاء، وتمتلك كل مقومات وعناصر الدولة الفعلية.. اقتصاد الجماعة أقوى من اقتصاد الدولة وإن كان يصغره فى الحجم، ويكفى أنه غير محمل بالديون.. والاستثمارات فى الداخل لتشمل المصانع والمزارع والمستشفيات والمدارس والعقارات وتجارة المواد الغذائية وشركات الصرافة وأيضاً السياحة وحتى المطاعم على سبيل المثال وليس الحصر.. ولها فى الخارج استثمارات متنوعة ومتعددة وعليه فإنه لا يوجد إخوانى عاطل فى صفوف الجماعة، ولذلك لا أندهش إطلاقاً لرؤية المظاهرات الإخوانية التى لا تنقطع، فالعاملون خلف هذا الاقتصاد بداية من المصنع الكبير وحتى دكان البقالة وكشك السجائر وصولاً إلى عربة الفول هم قوة ضاربة فى الجماعة ولا يمكن أن يتخلوا عنها لأن حياتهم ومعيشتهم مرهونة بحياة الجماعة، ومؤسساتها الفاعلة.. والذين يقدرون أفراد الجماعة بنصف المليون أو أكثر قليلاً يعيشون الوهم.. أيضاً تملك الجماعة القوة المسلحة والمدربة على القتال لإيمان الجماعة الشديد بأهمية القوة فى فرض الإرادة، وها نحن نرى بأعيننا دون أن يحكى لنا أحد.. توسعت الجماعة وانتشرت وزرعت الخلايا النائمة فى كل مكان.. كما أنها تملك جهاز المخابرات الخاص بها.. ولها رجالها فى الإعلام وفى السلك الدبلوماسى، كما أنها زرعت أفرادها فى الدول العربية والأجنبية. ونعود إلى الفريق عبدالفتاح السيسى والإشكالية القائمة الآن.. هو بالنسبة للجماعة وأنصارها ومحبيها وداعميها مطلوب ميتاً، والتيار السلفى بالتأكيد ليس من أنصاره وإن زعم غير ذلك.. «كده على بلاطة» وفى أى لحظة يمكن أن ينتفض ضده، أيضاً الرجل ليس على هوى كل السادة الذين يخططون لخوض معركة الرئاسة، نظراً لوجود احتمالات قوية بأن يخوض المعركة.. وقد يقول قائل إنهم عدة أفراد وأقول إن لهم أنصاراً ومؤيدين لا يمكن إنكارهم أو التقليل من شأنهم.. وهم جميعاً يعلمون أن «السيسى» سيكون المنافس القوى والذى يخشى منه، وهؤلاء فريقان.. فريق لا يريده رئيساً ولا حتى وزيراً ويرجو له الاختفاء، وفريق يرى استمراره وزيراً للدفاع لأن الضرورة تقتضى ذلك، وقد قالوا فى الأمثال لا تناقش الأحمق لأن الناس لن تعرف من هو الأحمق ومن هو العاقل.. الجيوش فى كل بلاد الدنيا تتطور وتجدد نفسها فى كل المجالات ولا تظل ثابتة على حالها.. وتبقى لدىّ جملة أخيرة أتوجه بها إلى الفريق عبدالفتاح السيسى.. قدرك أيها الرجل أن تكون بطلاً.. أو شهيداً.. وأنت الذى أقسم على النصر أو الشهادة.).
حصل وحيد حامد على العديد من الجوائز المرموقة منها جائزة النيل عام 2012 وجائزة الدولة التقديرية وجائزة الدولة للتفوق في الفنون وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي وجائزة الفارس الذهبي من إذاعة الشرق الأوسط ، وفى الثاني من يناير2021 غادر وحيد حامد عالمنا عن عمر ناهز السادسة والسبعين عاما تاركا إرثا فنيا وثقافيا سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
ملحوظة : المقال ماخوذ من المصادر الاتية: مقال أخاف عليك يا وطنى بقلم وحيد حامد مقال أسباب الحزن بقلم وحيد حامد مقال كلهم فى النار بقلم وحيدحامد مقال علمنى حبك أن أحزن بقلم وحيد حامد مقال المتأسلمون بقلم وحيد حامد
#محمد_حمادى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصية وحيد حامد للمصريين -1-
-
حكاية شفيقة ومتولى برؤية صلاح جاهين
-
أيام طه حسين من الظلام إلى النور
-
نصر أكتوبر العظيم بين الماضى والحاضر
-
ملامح الشخصية الصعيدية فى أدب نجيب محفوظ
-
اليوبيل الذهبى لنصر أكتوبر العظيم
-
كاهنة فرعونية من أصول بريطانية عاشت فى الصعيد !
-
25 يناير 2011
-
وعى المصريين ضد مؤامرات الفتنة والتخريب عبر التاريخ
-
المولد .. جزء من الهوية الثقافية والفنية المصرية
-
نصر أكتوبر المجيد .. ودموع الهزيمة فى عيون وقحة
-
الموسيقار بليغ حمدى من الصعيد إلى العالمية
-
أزمة سد النهضة .. كيف ومتى ستنتهى ؟
-
ثورتا 23 يوليو و30 يونيو .. والجمهورية الجديدة
-
ذكرى ثورة 30 من يونيو المجيدة .. ثورة شعب .. ومستقبل وطن
-
لماذا لم تعد مصر الإحتفال بذكرى عيد الجلاء ؟!
-
مبادرات تيسير تكاليف الزواج
-
مجىء العائلة المقدسة إلى مصر قبلة للمسيحيين فى العالم
-
الحوار الوطنى وبناء الجمهورية الجديدة
-
جمهورية المستريحين !
المزيد.....
-
مصر.. حقيقة فيديو سقوط محمد رمضان من على المسرح ودفاع نجيب س
...
-
فيلم -حقيبة سفر-.. الاختيار بين المقاومة والخيانة
-
رفض تعطيل الحكم على ترامب بقضية الممثلة الإباحية
-
الجزائر.. تبون يستحدث جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة العر
...
-
-الجحيم- يعطل ترشيحات الأوسكار.. -نيران- على أبواب هوليود
-
ترك بصمة كبيرة.. وفاة سيد الأغنية المغربية الزجلية (صور)
-
من قارورة عطر إلى ركام مغطى بالبارود.. أطلال بمدن الأشباح ال
...
-
مشاهير السينما والموسيقى يفقدون منازلهم في الحرائق التي تهدد
...
-
الفنانة عزة أبو ربعية تحكي عن تجربتها مع الثورة والإعتقال وا
...
-
مصر.. سقوط محمد رمضان من على المسرح.. ما حقيقة الفيديو المتد
...
المزيد.....
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
المزيد.....
|