أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة لغة العشاق .














المزيد.....


مقامة لغة العشاق .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


مقامة لغة العشاق :

لاتزال تفتنني عبارة توصيف التصوف الإسلامي القائلة بأن التصوف هو لغة الأرواح في درجتها الأسمى , يقول أحد المتصوفة بدون الحب نسير نحمل أجسادنا وكأننا نحمل جثة , وقد قرأت ان الشّاعرُ العاشق مبتلى بالابتلاءات كلّها , منخطف لا حضور له بين الخلق , إنه الباكي أبداً بين يدي ربّه, يتلمّس طريقهُ كالضّرير مخافة أن يلحظ عماه أحد , فلا بدّ أن تعمى يا صاحبي كي ترى بقلبكَ ما لا يراه الآخرون , ولا بدّ أن تصمّ أذنيْك عن كلّ شيء كي تسمع ما لا يسمعه الآخرون وتحبل منهُما بالكلمة المُقدّسة , ويرى ابن القيم ان العشق يهذب النفوس , ويرقق الطباع , ويصلح الأخلاق .

(( مذ رأيتك ولدت من رحم عينيك , أتذكرك عند اول نظرة , ساحرة كأنك قصيدة جاهلية نظمها ابن ابي سلمى بعد ان بلغ من الكبر عتيا , عابثة بالقلب كغزل ابن ابي ربيعة , عذبة كبيت لأبي نواس , آخذه بتلابيب القلب كرثاء ابن الرومي ابنه الأوسط , تكللك هاله من الحكمة كقصيدة للمتنبي , كان فيك شيء لا اعرف حتى اللحظة كيف اصفه , يشبه تدفق شيء جديد لا نعرفه من قبل , نقضم بحذر , ثم لما يسحرنا الطعم لا يعود بإمكاننا ان نتوقف )) .

قرأت حوارا مع الدكتور خزعل الماجدي حين سأله المقدم : في رواية تحكي سيرة المتصوف العلامة محيي الدين ابن عربي إسمها ( موت صغير) يقول فيها أن ديوان ترجمان الاشواق , الذي كتبه ابن عربي , كان لحبيبته ومعشوقته نظام , لكنه بعد ان فُضح هذا الحب تحول الى عشق الله , وكذلك علاقة الرومي مع معلمه شمس التبريزي , ماذا تقول في تلك الحالات التي تمر مع المتصوفة وكيف تقيّمها وتصفها ؟ , فأجاب الدكتور خزعل الماجدي : هذا صحيح جداً لأن مبدأ التصوّف هو العشق والشوق , وسواء كان العشق بشرياً أم إلهياً فإنه يحرّك الروح باتجاه المعشوق , خصوصاً اذا لم يكن هناك اتصال جسدي , ويزداد الضمأ والشوق كلما كان الجسد بعيداً عن الإتصال , وحين يمتنع الإتصال نهائياً بين العاشق ومحبوبته , يتماهى العشق بينه وبين الله , ولذلك لانستغرب قول ابن عربي المعروف (( الطريق إلى الله يمرّ من خلال المرأة )) .

أقتطع من حوارات الدرويش ألآتي :
(( قلت :- أي الشهوات أخطر يادرويش؟
قال :- غيبة في مخلوق ... ونظر الى حرام ... وغرور يصحبه رياء .
فقلت :- وماهو الرياء يادرويش ؟
قال :- التزين للناس من أجل الناس .... وهو قلب مقلوب عن الاخلاص .
قلت :- وهل ينقلب القلب يادرويش
قال :- نعم إذا إنشغل بالناس عن رب الناس )) .

في حوار تخيلي بين عمر الخيام والشاعر القزويني , يمكن أن نتناول موضوع غموض الرب والفهم البشري له , يمثل هذا الحوار استكشافًا لفلسفة التصوف والفكر الديني , وكيف يتفاعل الإنسان مع مفهوم الألوهية , يقول عمر الخيام: (( يا صديقي , تأملت كثيرًا في مفهوم الرب , وفي كل مرة أجد نفسي أمام بحر من الغموض , هل يمكن للعقل البشري المحدود أن يفهم هذا اللامحدود ؟ نحن نرى إشاراته في الطبيعة , في النظام الدقيق , في الجمال , وفي الفوضى , لكن , هل هذه الإشارات كافية لفهم حقيقته؟ )) , فيرد الشاعر القزويني : (( يا عمر, هذا السؤال قديم قِدَم الزمن نفسه , لطالما سعى الإنسان لفهم الألوهية من خلال العقل والمنطق , وكذلك من خلال الروح والقلب , هناك من يرى الرب في كل شيء , وهناك من يراه بعيدًا عن كل شيء , لكن ما نتفق عليه جميعًا هو أنه غامض , لا يمكننا الإحاطة به بالكامل )) , فيعاود عمر الخيام السؤال : (( نعم , هذا الغموض هو ما يجعل الألوهية ساحرة ومرعبة في الوقت ذاته , نحن نبحث عن معناه في الكتب المقدسة , في الفلسفة , وحتى في النجوم , ربما نرى جزءًا منه في العلم , حيث تكشف لنا الاكتشافات عن عظمة الكون وترتيبه , ولكن , هل هذا يقربنا فعلاً من فهم حقيقته , أم يزيد من غموضه؟ )) , ليرد الشاعر القزويني قائلا : (( ربما نكون نحن البشر نميل إلى تبسيط الأمور لفهمها , نحاول وضع الألوهية في قوالب نعرفها ونفهمها , لكن الرب يتجاوز كل هذه القوالب , إنه أكبر من أن يُحتوى في كلمات أو أفكار , إنه يُدرَك بالقلب قبل العقل , وبالإيمان قبل المعرفة )) .

قرأت نصا لشاعرة مولوية تقول فيه : (( بين جسرين قريبين التقينا وعلى أكتافنا عِدلٌ من الرُّمَّان مفروطٌ , بحبّات من القلب عجيباتٍ , كما البلَّور , لا يُعصرن في آنيةٍ , يلمع من أطرافهن النُّور شمساً وغماما , ما انتبهنا حين سال الماء من تحت بساط الرُّوح بوح ,
وبين جسرين بعيدين , غريبين عن الأضواءِ , موصولين بالأشجارِ, مهموسين بالأسرارِ , لا يفصل أنفاسهما جُرفٌ , ولا هُدْب يغطي نَعَسَ الليل بأحداقهما , صرنا قريبين , انحنينا مثل غصنينِ , التوت أطرافُ أضلاعِهما كي يحتمي بينهما برعم حبّ رضع الزَّهر وناما )).

لا أحد يُطيق نيرانَ العشق وأنواره , ولا امتحاناته الكبرى , والكلّ يدّعي العشقَ ويكتب عنه , وما ذاق طعمه أحد , إنّه مرٌّ كالعلقم في بداياته وحلو كالشّهد في نهاياته , ونار حارقة وبرد زمهرير في الآن نفسه , وما احتواه فؤاد إلّا وأصبح ذا صلاة حارقة , ما وقف خلفه أو أمامه أحد إلّا صُعق وصُرع , نسأل الله السلامة لنا ولكم أيّها العُشّاق .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة
- مقامة الحلو و المر .
- مقامة العنكبوت .
- مقامة المدمي .
- مقامة البرد .


المزيد.....




- جسد شخصيته في فيلم -الشبكة الاجتماعية-.. جيسي أيزنبرغ لا يري ...
- مع ختام معرض الكتاب.. متى يعلن وزير الثقافة واتحاد الناشرين ...
- لوحات 18 فنانا مصريا تشارك في معرض لوحة في كل بيت بأتيليه جد ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صالح العويل
- إيرادات فيلم الدشاش في السعودية 2025 في الأسبوع الأول بعد ال ...
- المنافسة تشتعل.. أوفر 10 أفلام حظا للفوز بجوائز الأوسكار 202 ...
- الموصل تنهض من رماد: السوداني واليونسكو يشهدان إحياء روح الم ...
- ليبيا تطلق استراتيجية رقمية لنشر الثقافة والإبداع
- دمشق التي تغادر زمن الوجع والمرارة
- منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !! ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة لغة العشاق .