|
لماذا نظرتُ بارتياح لعملية تسليم لبنان ابن القرضاوي إلى الإمارات!؟؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 06:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
((هذا موقفي بكل وضوح وصراحة)) ******** لو كنتُ بنفس عقلي وينفس نفسي وبنفس فكري الذي كنتُ عليه كمعارض ثوري وجذري عربي إبان كنتُ معارضًا لنظام القذافي وللديكتاتورية في العالم العربي ودعوتي لتوطين وتمكين الديموقراطية لكتبتُ الآن مقالة عاطفية عصماء أدين فيه ما قامت به لبنان بتسليم ابن القرضاوي كمعارض مصري اسلامي للإمارات وربما منها لمصر، بل ولكنتُ أعتبرت ابن القرضاوي ((مناضلًا عربيًا عظيمًا من الطراز الأول!!!)) بل ومن الممكن لكنتُ مضيت بعيدًا في موقفي الثوري الرومانسي في الدفاع عنه ولأعتبرته ((بطلًا من أبطال المشروع الديموقراطي العربي))!... لكن الموقف الآن اختلف كثيرًا!!
فعقلي وأنا في هذا العمر وبعد كل هذه التجارب الكبيرة ولدغات العقارب المريرة التي حدثت لي ولنا ولهم وسط معمعة ثورات الربيع العربي الهوجاء التي لم يكن لها مشروع حضاري وسياسي واضح ومعلوم ومفهوم ولا كانت لها قيادة حكيمة ورشيدة..... تلك الثورات الشعبية (الحالمة) التي تم ذبحها وافشالها وسط كل ذلك الصراع الجنوني الأناني على قيادة الثورة وقياد الدولة الجديدة بين النخب السياسية العربية ((المراهقة)، وخصوصًا بين الاسلاماويين والعلمانويين، بمشروعاتهم (الطوباوية) وطموحاتهم السلطوية، ضف لهذا صراع المكونات الاجتماعية والمناطقية في ظل التخلف الحضاري والوطني العميق الذي تتخبط فيه الدولة العربية، وخصوصًا ذات الانظمة الجمهورية الفاسدة والفاشلة!!، فبعد كل هذه التجارب الكبيرة والخطيرة والكثيرة والمريرة وصلتُ إلى قناعة جازمة أن ((المجتمعات العربية بالفعل غير جاهزة للديموقراطية بعد))، ليس بسبب ((التخلف الحضاري والثقافي)) لشعوبنا كما يدعي البعض أو بسبب ((الفيتو الغربي)) على اقامة ديموقراطية في بلداننا كما يدعي البعض الآخر بل لأن ((النخب السياسية العربية)) نفسها سواء كانت اسلاماوية أو علمانوية أو بين بين هي نخب سياسية ((مراهقة)) وغير راشدة للأسف الشديد!!... فهذه التجارب التي عشناها بمرارتها أثبتت لنا عقم فكر هذه النخب كما أثبتت لنا أنها هي ذاتها نخب (متخلفة) وليست جاهزة بعد - عقليًا ونفسيًا وفكريًا وأخلاقيًا وثقافيًا - لقيام ديموقراطية حقيقية راشدة ومستقرة أو حتى لاقامة أنظمة جمهورية حقيقية غير مزيفة! ، إنها في حقيقة حالها هي الوجه الآخر للأنظمة العربية السياسية والأمنية بكل سيئاتها وربما أسوأ !! هذه هي الحقيقة المرة التي جعلتني أعيد حساباتي ومشروعي لتمكين وتوطين الديموقراطية في عالمنا العربي الموبوء بالفساد والاستبداد!.. وهو السبب ذاته الذي جعلني أنحاز إلى مشروع العودة للملكية البرلمانية (الليبرالية) (شبه الديموقراطية) في ليبيا لتكون هي ((الخطوة الصحيحة والرشيدة الأولى)) لتمكين وتوطين الديموقراطية في ليبيا - في ظل الملكية البرلمانية (شبه الديموقراطية) العميقة - عبر الأجيال والعقود ولو بعد 200 سنة وهي مدة غير كبيرة في عمر الشعوب والمجتمعات بل وقد استغرق تمكين الديموقراطية في الغرب قروناً وأجيالًا ولم يصل لمحطة الديموقراطية حتى تشبع بما يكفي من ((الليبرالية))!!... فلا يمكن تصور وجود ديموقراطية في أي بلد بدون وجود الحد اللازم والضروري من ((الليبرالية))!.. فهذه الخطوة تظل الخطوة الصحيحة نحو ذلك المشروع والحلم العربي الكبير في بلد كليبيا... هذه هي قناعاتي التي تولدت في عقلي ونفسي بعد كل هذه التجارب المريرة والكبيرة!!
لهذا السبب وبسبب نظرتي الجديدة - التي ولدت مع تجارب الثورات العربية - لهذه النخب السياسية العربية الفاشلة والقاصرة والموتورة - خصوصًا لرفاقي القدامى في المعارضة الاسلاماوية والوطنية الليبية، أي للاسلاماويين وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين - وجدتني أنظر لهذا التصرف الصبياني السخيف السفيه الذي قام به ابن القرضاوي - ومن سوريا - كتصرف أخرق وأحمق وسفيه أساء للثورة السورية كثورة محلية وطنية وأساء لهذه السلطة الجديدة وأحرجها - وفي هذه الظروف الحساسة للنظام السوري الجديد المحسوب على الحركة الاسلاماوية الوطنية السورية بتجربتها الجديدة التي تبدو - حتى الآن حسب خطابها وتصرفاتها الظاهرة - كما لو أنها تميل إلى التزام خط ((الليبرالية الاسلامية العربية)) لا خط ((الأصولية الأسلاماوية السلفية أو الاخوانية)) كأساس فكري للدولة!
إنه تصرف صبياني أخرق وأحمق آخر ينتمي بكل تأكيد للتصرفات الرعناء والهوجاء والخرقاء الكثيرة في الاتجاه الاسلاماوي ((المصري)) وكذلك ((الليبي)) على وجه التحديد، وهي التصرفات الانتحارية والصبيانية الحمقاء التي جنت على الثورة وعلى حلم الديموقراطية في مصر وفي ليبيا، فهذا الصنف من الاسلاميين الصبيانيين الخرقى والحمقى - وهم يشكلون الاغلبية في الحركة الاسلامية المصرية والليبية للأسف الشديد - هو صنف يجيد التهريج والتهييج الاعلامي وخلق الفوضى وزعزعة الاستقرار وبالتالي تخريب أي ثورة وأي تجربة ديموقراطية دون أن يكون لديهم ((بديل حقيقي ورشيد)) للأنظمة العربية التي يريدون اسقاطها !!.
لهذا ولكل هذه الأسباب وجدتني أنظر إلى عملية تسليم ابن القرضاوي - وبسبب هذا التصرف الأخرق والأهوج - والمسيء للثورة السورية والمحرج للقيادة السورية الجديدة ذات التوجه الاسلاماوي الوطني السوري والتي نرجو أن تتخذ من ((الليبرالية الاسلامية)) قاعدة فكرية للدولة لا (الأصولية) - بإرتياح ليكون عبرة ً لمن يعتبر من جهة ويكون درسًا آخر - وللمرة المليون - للاسلاميين الحمقى خصوصًا في مصر وليبيا والذين جنت تصرفاتهم الهوجاء وحماقاتهم وضيق أفقهم كثيرًا على ثورات الربيع العربي وحلم توطين الديموقراطية في العالم العربي!!.
فبعد كل هذه التجربة الفاشلة والمريرة لثورات الشارع العربي وللحلم الديموقراطي العربي لا يمكن - وضع هنا مليون خط تحت كلمة ((لا يمكن)) - القبول بمثل هذه التصرفات الحمقاء والهوجاء سواء من الاسلاميين أو غيرهم ويجب أن يكون هذا هو موقف الاتجاه الاسلامي العربي ((الليبرالي)) الاصلاحي الجديد والرشيد، والذي بات يدرك أن التغيير الحقيقي والجاد في العالم العربي لا يكون إلا من خلال بوابة ((الاصلاح الفكري والثقافي والأخلاقي)) وليس ((الثورات الشعبوية الهوجاء)) أو ((الانقلابات العسكرية)) ومنها بوابة لا ((اصلاح الخطاب الديني والسياسي)) وحسب بل - وقبل هذا - ((إصلاح فكرنا الديني والسياسي)) بل والذهاب إلى ما هو أبعد وأعمق من خلال ((اصلاح طريقة فهمنا للاسلام)) من خلال إعادة الاعتبار للعقل المسلم لكي يضبط ويغربل النقل والتراث الديني بغربال عقلاني منهجي صارم بل وتجديد وتحرير فقهنا للاسلام عقيدة وشريعة بروح عقلانية تحررية تجديدية مستنيرة أي بروح ليبرالية اسلامية تفرق بشكل واضح بين ما هو ((ثوابت)) وما هو ((متغيرات)) من الاسلام، وبين ما هو ((قطعي الثبوت والدلالة)) وبين ما هو ((ظني الثبوت)) و((ظني الدلالة)) ، وبين ما هو (( اسلام النص القطعي الثبوت والدلالة)) و((اسلام التاريخ))، وبين ما هو (اسلام القرآن) و(اسلام الطوائف والمذاهب والفرق الاسلامية)، وما بين ما هو ((كلام الله ورسوله)) و((كلام واجتهادات وتطبيقات البشر)) بل وبين ما هو ((احكام وتشريعات دينية ثابتة)) من كلام وتصرفات ((محمد)) كنبي ومبلغ للوحي وما هو تصرفات واجتهادات سياسية له في زمانه ومكانه باعتباره الحكام والخليفة وأمير المؤمنين في تلك الحقبة بملابساتها وظروفها الخاصة والتي قد لا تتكرر أبدًا....... إذا لم نفهم بشكل واضح ودقيق وبفقه عميق وعقل واعٍ هذه الفروق فلن نعرف طريقًا للتجديد الديني الاسلامي الجاد والحقيقي وبالتالي لن نعرف الطريق إلى النهوض بمجتمعاتنا واصلاحها بشكل عميق ورشيد .... وهذا هو موقفي الحالي الفكري والسياسي بعد كل هذه التجارب الكبيرة والمريرة في العالم العربي والاسلامي وبعد تجاوزي لسن الستين وقد قضيت هذا العمر منذ كنت في السادسة عشر مشغولًا بالهم الوطني والقومي العربي العام وخصوصًا هم مسألة ((النهضة)) في بلادي ليبيا وفي العالم العربي ككل متأثرًا من حيث الأصل بالاتجاه العربي الاسلامي ((الليبرالي)) مع أنني تورطت في بعض محطات عمري - وفي سنين الغضب العربي الشبابي - بالخط الاسلاماوي الاصولي الطوباوي ودون التورط في الانضمام لأي تنظيم من تنظيمات الاسلام السياسي والحمد لله رب العالمين، لأجدني لاحقًا، وحتى قبل ثورات الربيع العربي، قد أخذت في اجراء مراجعات فكرية عقلية ذاتية انتهت بالعودة إلى محطتي الفكرية الأساسية الأولى أي للخط الفكري الأصيل الذي بدأتُ منه، أي للخط ((العربي الاسلامي الليبرالي)) الذي كان هو الخط العربي الاسلامي لمشروع النهضة العربية الذي أعقب حقبة الاحتلال والاستقلال منذ بدايات القرن العشرين والذي ضاع منا وعنا وضعنا عنه وسط ضجيج وصراخ ايديولوجيات شمولية وأصولية وشعبوية هوجاء ((قومجية)) و((اسلامجية)) و((اشتراكجية))، وتحت أحذية حكم العسكر!.......فبعد كل هذه التجارب الكبيرة والكثيرة ولدغات كل هذه العقارب المريرة للعالم العربي لا يمكن الاستمرار في كل هذا العبث المدمر!!.. لا يمكن لعاقل عربي قومي أو وطني أن يستمر في هذا الطريق الانتحاري والمسدود!! ولن يكون حاله عندئذ إلا حال من يصر على أن يحشر أصبعه في جحر العقرب كل يوم ثلاث مرات دون أن يتعظ أو يتعلم!! أخوكم العربي/ البريطاني المحب
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرع/الجولاني! تبدل استراتيجي إيديولوجي أم مرحلي تكتيكي؟
-
عن الحملة الاعلامية على جمهورية السيسي عقب سقوط جمهورية الأس
...
-
الليبرالية الإسلامية هي الحل، لا الأصولية الدينية ولا الأصول
...
-
الشيء المؤكد فيما يجري في سوريا ؟
-
هل سيكون للشخصية السورية الهادئة والذكية دور في نجاح التغيير
...
-
لا الاندلس ملك للمسلمين ولا فلسطين ملك لليهود!!
-
التصحر الفكري والأدبي العالمي ونهاية التاريخ!!
-
قصيدتي (المهاجر) مقروءة ومسموعة
-
من الجمهورية الطرابلسية لجماهيرية القذافي، ليبيا رحلة فشل مز
...
-
الجمع بين الرأسمالية والاشتراكية يعني نظام العدالة والكفالة
...
-
يا ليت لنا (قائد عربي ومسلم) بشدة ودهاء وقومية هذا (النتن يا
...
-
اللهجة العربية العامة الجديدة ودور اللهجات القطرية الغالبة ف
...
-
موقفي كعربي وليبرالي مما يحصل لحزب الله!!
-
إلصاق تهمة المثلية بالليبرالية لا يختلف عن الصاق تهمة الارها
...
-
الخطوط العريضة للحركة الليبرالية العربية الاسلامية كمشروع لل
...
-
سبعة أصناف من الناس لا أثق فيهم!؟
-
الأناركية وحلم القضاء على الأنترنت!؟
-
خواطر في شروط النهضة: التربية والتعليم؟
-
الحلحله !!؟؟
-
ماذا تفعل لو كنت بمكان السنوار أو بمكان النتن ياهو!!؟
المزيد.....
-
بصورة تنُشر لأول مرة ورسالة مؤثرة.. الأمير ويليام يشيد بالأم
...
-
لبنان.. إليسا ونانسي وراغب أول المهنئين لـ -فخامة الرئيس-
-
حريق يستعر في هوليوود وأوامر بإخلاء إلزامي.. حرائق لوس أنجلو
...
-
المعطيات الأخيرة عن حرائق الغابات في لوس أنجلس الأمريكية
-
تعهد بـ-منع التآمر- على الأنظمة العربية.. أول كلمة لجوزاف عو
...
-
جوزاف عون.. نظرة على سيرة الرئيس الرابع عشر للجمهورية في لبن
...
-
تقرير أمريكي عن خسارة إيرانية -ثقيلة- وضربة -قاصمة- لطهران ف
...
-
هاربين تُدهش العالم بمسابقة النحت على الجليد: لوحات بيضاء سا
...
-
زاخاروفا ساخرة: متى سيعرض زيلينسكي مساعدته في إطفاء حرائق كا
...
-
-نتنياهو عرض إسرائيل للخطر-.. أسلحة بالجيش المصري تثير قلق ت
...
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|