أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الجسار - الموت يزورنا مرتين - قصة قصيرة














المزيد.....


الموت يزورنا مرتين - قصة قصيرة


احمد الجسار
كاتب وصحفي

(Ahmed Al-jassar)


الحوار المتمدن-العدد: 8216 - 2025 / 1 / 8 - 20:40
المحور: الادب والفن
    


في قرية صغيرة، محاطة بالجبال والغابات الكثيفة، عاش سكانها بسلام لعقود طويلة. كانت القرية مليئة بالحكايات والأساطير عن زائر غامض يُدعى "الموت"، يظهر مرتين في حياة كل إنسان: المرة الأولى ليقابلهم ويتعرف عليهم، والمرة الثانية ليأخذهم معه إلى العالم الآخر.

- سليمان العطار: رجل مسن يعمل عطارًا، معروف بحكمته ومعرفته بالأعشاب.
- نورا الطفلة اليتيمة: طفلة في العاشرة من عمرها، تتميز بفضولها وشغفها بالحياة رغم أنها فقدت والديها.
- حسان الحداد: شاب قوي البنية يعمل حدادًا، لكنه يحمل قلبًا طيبًا وأحلامًا كبيرة.



اللقاء الأول

في أحد الأيام الغائمة، وبينما كانت السماء تتلون بدرجات الرمادي، ظهر الموت في القرية لأول مرة. لم يكن كيانًا مخيفًا كما وصفته الأساطير، بل بدا كشخص عادي، هادئ النظرات، يرتدي ثوبًا بسيطًا، ويمشي بخطوات ثابتة.

مع سليمان العطار

كان سليمان يعمل في متجره، يرتب الأعشاب ويعد وصفة لامرأة عجوز. دخل الموت متجره بصمت. رفع سليمان نظره، ثم ابتسم:
"أهلاً بك يا زائر الغريب. هل تبحث عن دواء؟"
ضحك الموت بخفوت: "لست بحاجة إلى دواء، يا سليمان. جئت فقط للتعرف عليك."
"أعرف من أنت. لطالما انتظرتك. لكني أرجو أن يكون هذا لقاء تعارف فقط."
أومأ الموت برأسه، وقال: "لا تخف، لن أعود إلا عندما يحين وقتك."

مع نورا الطفلة اليتيمة

كانت نورا تلعب بجانب النهر، تجمع الزهور وتغني بصوت ناعم. جلس الموت على صخرة قريبة يراقبها. عندما شعرت بوجوده، استدارت بفضول وسألته: "من أنت؟"
قال بلطف: "أنا شخص يزور الجميع مرة أو مرتين."
ابتسمت نورا وقالت: "هل تريد اللعب معي؟"
ضحك الموت وأجاب: "ليس اليوم. لكنني أردت فقط أن أراك وأتعرف عليك."

مع حسان الحداد

في ورشة الحدادة، كان حسان يطرق الحديد بقوة، محولًا قضيبًا صلبًا إلى سيف بديع. دخل الموت الورشة، فتوقف حسان ونظر إليه بريبة.
"من أنت؟ وماذا تريد؟"
قال الموت: "أنا عابر سبيل، جئت لأتعرف عليك."
رد حسان بنبرة تحدٍ: "لن أتركك تأخذني أو تأخذ أي أحد من هنا."
ابتسم الموت وأجابه: "ليس هذا وقتك. أنا فقط أزور."

اللقاء الثاني

مرت السنوات، وتغيرت الأحوال في القرية. كان كل من سليمان ونورا وحسان قد نسوا تقريبًا لقاءهم الأول مع الموت. لكن كما هو الحال دائمًا، عاد الموت ليكمل زيارته الثانية.

سليمان العطار
كان سليمان قد بلغ التسعين، يعيش وحده بعد أن رحلت زوجته وأبناؤه عن الدنيا. في إحدى الليالي الهادئة، بينما كان يجلس في متجره يتأمل النجوم من نافذته الصغيرة، دخل الموت مرة أخرى.
"أهلاً بك، لقد عرفت أنك ستعود."
"لقد حان وقتك، يا سليمان. هل أنت مستعد؟"
ابتسم العطار وقال: "نعم، لقد عشت حياة طويلة ومليئة بالمعاني. أرجو فقط أن تكون رحلتي معك هادئة."
مد الموت يده بهدوء، وأخذ روح سليمان دون ألم.

نورا الطفلة اليتيمة
أصبحت نورا فتاة شابة مليئة بالحياة، تعمل معلمة للأطفال في القرية. لكنها كانت تعاني من مرض مزمن لم يعرف الأطباء له علاجًا. في إحدى ليالي الشتاء الباردة، شعرت نورا بوجود مألوف في غرفتها.
"أعرف من أنت. لقد رأيتك عندما كنت طفلة."
قال الموت بحنان: "نعم، وقد جئت الآن لأخذك. لكن لا تخافي، لن يكون هناك ألم."
ابتسمت نورا رغم دموعها وقالت: "كنت أتمنى أن أعيش أطول قليلاً. لكن إذا كان هذا هو قدري، فسأتقبله."
احتضن الموت روحها برفق، تاركًا خلفه سلامًا عميقًا.

حسان الحداد
كان حسان قد أصبح شيخًا كبيرًا، معروفًا بحكمته وشجاعته. في يوم مشمس، بينما كان يعمل في حقله، شعر بظل خلفه. التفت ورأى الموت واقفًا.
"أخيرًا عدت. لقد كنت أظن أنك نسيتني."
ضحك الموت وقال: "لا أنسى أحدًا، يا حسان. لكنك كنت دائمًا محاربًا قويًا، وأردت أن أمنحك وقتًا كافيًا."
قال حسان: "حسنًا، إذا كان هذا هو وقتي، فلن أعارض."
ابتسم الموت وأخذ روحه بلطف، تاركًا أثرًا من الاحترام في الهواء.

لم يكن الموت مجرد نهاية، بل كان بداية لرحلة جديدة لكل من سليمان، نورا، وحسان. ورغم أن سكان القرية شعروا بالحزن لفقدانهم، إلا أنهم تذكروا دائمًا أن الموت ليس عدوًا، بل صديق يأتي في الوقت المناسب ليأخذهم إلى عالم آخر.
هكذا، استمرت القرية في سرد حكاياتها عن "الزائر الغريب"، الذي يزور الجميع مرتين، الأولى للتعارف والثانية لتوديع الحياة.



#احمد_الجسار (هاشتاغ)       Ahmed_Al-jassar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثير الجوائز الأدبية على حركة الإبداع العربي
- القيم الاجتماعية في المعلقات الجاهلية
- كيف يغير الأدب حياتنا؟
- هل الفصحى والعامية تمثلان لغة تقاطع أم لغة تكامل؟
- في الشعر الجاهلي: بين النقد والتحليل لطه حسين
- العقلية السياسية الإسرائيلية: تحليل علمي سياسي
- علم الاجتماع الرقمي وتأثيره على المجتمع العراقي
- حيادية الدولة: مفتاح المساواة والاستقرار للجميع
- الدولة: مفهومها، إدارتها، ومهامها الأساسية
- مخاطر تقييد الحريات الشخصية وتأثيرها على الشعوب
- التحليل السكاني وفقاً للنتائج الاولية للتعداد العام للسكان ل ...
- دور الذكاء الاصطناعي في السياسة الإقليمية
- تاريخ الصراعات في الشرق الأوسط: جذورها وتطورها حتى العصر الح ...
- تطبيقات الإحصاء في البحوث الطبية
- كيف تبدأ رحلتك كمدرب محترف في تخصصك
- تحليل البيانات الإنتخابية
- التحليل الإحصائي للمقتبسات الأدبية
- حرب العراق عام 2003: ندوب عميقة وتداعيات مستمرة
- فهم اللغز المحير وراء فشل الأمم
- تحليل البيانات: سلاحٌ جديدٌ في معركة مكافحة الإرهاب


المزيد.....




- د. بدور الفالح: ترجمة الموروث ليست مجرد نقل كلمات... إنها مس ...
- مهرجان العراق لأفلام الشباب يطلق مسابقة المنحةلدعم مشاريع أف ...
- الفنانة إليسا تهاجم نائبة لبنانية بسبب الانتخابات الرئاسية
- السينما في ياقوتيا
- بين البنيوية الشكلية والتداولية.. دراسة تحليلية للإشاريات ال ...
- بنزيما يوجه رسالة باللغة العربية بعد تأهل الاتحاد إلى نصف نه ...
- -لعبة الحبار- الأكثر مشاهدة في تاريخ -نتفليكس-
- سوريا ولبنان يتصدران ترشيحات الجائزة العالمية للرواية العربي ...
- -أنا ست مصرية أصيلة-.. الفنانة داليا مصطفى ترد على أنباء طلب ...
- رفض طلب ترامب بشأن -قضية الممثلة الإباحية-


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الجسار - الموت يزورنا مرتين - قصة قصيرة