أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف














المزيد.....


نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8216 - 2025 / 1 / 8 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


مازالت الصورة التي تناقلتها وكالات الأنباء في بداية عام 2016 مطبوعة بذهني مع مرور كل تلك السنين عليها، كان نعش رجل الأعمال الإيطالي ريناتو بياليتي مسجى في الكنيسة للصلاة عليه، بيد أن دورق قهوة “موكا إكسبريس” المصنوع من الألمنيوم كان هو النعش! ما يجعل من يشاهد الصورة يسأل عما إذا كان الذي يصلى على جثمانه هذا الإيطالي أم قطعة الألمنيوم المثمنة؟
كانت تلك وصية بياليتي رجل ماكينة موكا للقهوة، أن يوضع رماده في داخل هذا الاختراع الناجح. غير أن ما يمكن أن نسميه التطور التكنولوجي يدفع قسرا اليوم هذا الدورق إلى رفوف المتحف وإنهاء عصر كامل من تحضير القهوة كمعادل للطعام البطيء والأخلاقي، والذي يطبخ ويقدّم ويتم الاستمتاع به بما يكفي من الوقت لتذوّق مكوّناته. وتقديم بدائل أجهزة كبسولات القهوة السريعة التي تصادر مشاعر الاحتفاء بإعداد القهوة بتأن والتمتع بتحضيرها ونكهتها معا.
ومع أن هذا المقال لن يقف في وجه أجهزة كبسولات القهوة السريعة، فإنه لا يوجد شيء بريء في كل الذي يحصل، ثمة خدعة مستمرة نتقبلها بقناعة وكأنها صحيحة.
احتفي بدورق موكا لأنه يراد له أن يموت ويتحول إلى قطعة ذكريات في المتاحف العالمية بعد نجاح تسويقي بيع منه مئات الملايين من القطع.
القصة التاريخية لهذه القطعة مثيرة أكثر من فيلم سينمائي، وعندما يتعلق الأمر بعالمنا العربي كان نجاح موكا مغاربيّا بحكم الجغرافيا والتقاليد القريبة من إيطاليا فيما بقي المشرق عربيَّ القهوة أو تركيّا ولم يرحب كثيرا بدورق الألمنيوم المثمن!
لم يكن بياليتي هو مخترع ماكينة موكا. بل إن هذا الشرف يعود إلى والده ألفونسو، الذي ابتكر في عام 1933 ماكينة صنع القهوة التي تسمح للإيطاليين بتحضير قهوة الإسبريسو في منازلهم. وكانت ماكينة موكا ذات التصميم المثمن المستوحى من فن “الآرت ديكو” مصنوعة من الألمنيوم، لأن موسوليني حظر استيراد الحديد المقاوم للصدأ لصالح الألمنيوم “المعدن الوطني”.
عرض ألفونسو بياليتي اختراعه في الأسواق المحلية، وحقق نجاحا كافيا، حيث باع حوالي 10000 ماكينة سنويا في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية. لكن ريناتو كانت لديه أفكار أكبر. في عام 1946 قام بتفكيك ماكينة والده، وأعاد اختراعها بجهاز موكا إكسبريس في حملة إعلانية في الصحف والمجلات والإذاعة، إلى أن وصلت في النهاية إلى شاشة التلفزيون.
كانت هذه الحملة ناجحة بشكل مذهل. فبعد فترة وجيزة، تلقى مصنع بياليتي 1000 طلب يوميا. وبعد الانتقال إلى مصنع جديد في عام 1956، بدأت الشركة في إنتاج 18000 قطعة يوميًا، أو أربعة ملايين قطعة سنويا. وعلى مدار الستين عاما التالية، وفقًا للشركة، تم بيع أكثر من 200 مليون ماكينة قهوة دوليا.
في السنوات الأخيرة، أضافت الشركة نسخة كهربائية وأخرى من الحديد المقاوم للصدأ، بالإضافة إلى نسخة تستخدم نظام الضغط لإنتاج طبقة رغوية في الأعلى.
كذلك تحولت ماكينة موكا وهذا المشروب البيتي إلى رمز وطني في إيطاليا يتساوى في قيمته مع سيارة فيات. كما أصبحت موكا إكسبريس رمزا للحداثة الإيطالية. ويمكن العثور عليها في مجموعات متحف الفن الحديث؛ بما فيها متحف التصميم في لندن.
تصنع موكا قهوة مركزة باستخدام ضغط البخار. حيث يملأ الجزء السفلي بالماء، ثم تضاف القهوة المطحونة إلى الفلتر الموجود في وسط الدورق. ومع تسخين الماء، يدفع البخار مسحوق القهوة، ما يترك القهوة الجاهزة في الجزء العلوي.
لكن دوارق موكا التي تتمتع بمظهر تاريخي وحنين يجذب شاربي القهوة المنزلية، يراد لها اليوم أن تكون من إرث الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بقهوتهم البيتية المحضرة بلمسة حسية وليست بتكنولوجيا باردة!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أسوأ من التخمين السياسي
- الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي
- فيروز لولا فيلمون وهبي
- ابتذال المحلل السياسي
- غرائزية ترامب وماسك تصبح “الحنجرة العميقة”
- ترامب يدخل السياسة قسرا للبيوت العربية
- لندن ترفع القبعة لأوركسترا عمانية
- هل سحقت رجولة إيران الجيوسياسية؟
- أصحاب كاظم الساهر
- كم صوتًا ستجمع تايلور سويفت؟
- اقتباس لا ينتهي من أورويل
- من يترقب الحرب العالمية الثالثة؟
- مشاهير المنصات يمسكون بالهراء
- بلير خرقة مبللة بالنفط وليس مصنع مُثل
- أين تتجه أخلاقيات الصحافة؟


المزيد.....




- د. بدور الفالح: ترجمة الموروث ليست مجرد نقل كلمات... إنها مس ...
- مهرجان العراق لأفلام الشباب يطلق مسابقة المنحةلدعم مشاريع أف ...
- الفنانة إليسا تهاجم نائبة لبنانية بسبب الانتخابات الرئاسية
- السينما في ياقوتيا
- بين البنيوية الشكلية والتداولية.. دراسة تحليلية للإشاريات ال ...
- بنزيما يوجه رسالة باللغة العربية بعد تأهل الاتحاد إلى نصف نه ...
- -لعبة الحبار- الأكثر مشاهدة في تاريخ -نتفليكس-
- سوريا ولبنان يتصدران ترشيحات الجائزة العالمية للرواية العربي ...
- -أنا ست مصرية أصيلة-.. الفنانة داليا مصطفى ترد على أنباء طلب ...
- رفض طلب ترامب بشأن -قضية الممثلة الإباحية-


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف